عنوان الموضوع : لماذا نعظّم شأن "الكرة" إلى حد توقف القلب عن النبض؟ للتعليم الابتدائي
مقدم من طرف منتديات العندليب
إدخال الكرة في الشباك فعل بسيط بالنظر إليه منطقيا وبتجريده من الهالة التي تحيط به، غير أنه أصبح قضية ذات شأن أو أّريد له ذلك في عالم بات كل شيء فيه محل شك لأنه مؤسس على المصالح ولا مكان فيه لحسن النية..
فإدخال الكرة إلى المرمى لم يعد مهمة اللاعبين وحدهم وهم من يبحثون عن الطريقة المثلى التي يصلون بها إلى المرمى ويضعون الكرة في الشباك، بل تعدت هذا الأمر وأصبحت قضية عامة، فالكل أصبح يسعى خلف هذا الجلد المنفوخ بغية إيصاله إلى الشباك، والكل يبقى قابعا في مكانه شاخصا ينتظر دخول الكرة في المرمى، فتجند الدولة بكامل مؤسساتها لهذا الأمر يعطي دلالة واضحة أن كرة القدم خرجت عن كونها لعبة بالمعنى اللغوي والاصطلاحي إلى فضاء أوسع، فلم تعد تلك اللعبة التي يتلهى بها عدد من الناس، ذلك أنها صارت تعبر عن السيادة والشرف وعن حاضر الأمة ومستقبلها، بل صارت حسب تعليق بعض المحللين الرياضيين الهواء الذي تتنفسه الشعوب، بل هي الحياة ذاتها رغم أن هذا الأمر يصل إلى درجة الكفر والعياذ بالله عند العارفين بالشريعة، وصار الجميع لا يتحرج في وصف الكرة بأنها هي الأمل الوحيد في هذه الدنيا، وبالغ البعض في وصفها وكأنها معركة حربية واللاعبون محاربون والمدرب قائد كتيبة يقع على عاتقها حمل راية الوطن خفاقة.
اللاعبون جنود وعليهم هزم الأعداء الذين جاؤوا هم بدورهم مدججين بأسلحتهم الفتاكة التي حضّروها للإطاحة بنا على أراضينا. لقد صار على عاتق اللاعبين مهمة رفع راية النصر وتخليص الأمة من الهوان الذي قد يلحقها تعزيزات أمنية مشددة ومكثفة بعشرات الآلاف من الشرطة والدرك والآلاف من رجال الحماية المدنية ومستشفيات في حالة استنفار قصوى وطائرات حوامة تجوب سماء الملعب والمناطق المحاذية، غلق للطرقات وتعطيل كامل لحركة المرور ورسائل تحفيز وتشجيع ومؤازرة من السلطات العليا، طاقم أمني يوفر الحماية للاعبين وفريق متكامل من أمهر الطباخين وفريق طبي بأحدث الأحهزة.
وفي الجهة المقابلة وفي الكتيبة الأخرى وزراء يصلون إلى المغرب للوقوف على جاهزية العناصر واستعداداتها وتقديم الدعم المادي والمعنوي والتحريض على وجوب النصر مهما كان الثمن والإنفاق رغم أن شعبهم يعيش الفقر المدقع ويحتاج إلى الصدقات والتبرعات حسب ما نقل إلينا، إذ وصل الأمر إلى حد الاستعانة بدولة جارة لتوفير الدعم بغية دحر العدّو وهزمه وتحطيم طموحات شبابه من باب الاستعانة على العدو بالعدو.
أموال تنفق بسخاء وحكومات بالكامل تضبط عقارب ساعتها على وقع مقابلة كروية، تخطيط دقيق وقطاعات مشلولة، خوف وترقب ودموع تذرف وقلوب تخفق وربما تتوقف خوفا من الانهزام، تكتم وحصار على اللاعبين أو بالأحرى الجنود وجواسيس تجلب المعلومات عن الخصم لتشخيص نقاط ضعفه بغية مباغتته، رجال إعلام يراقبون الوضع عن قرب ويمدّون القارئ والمستمع والمشاهد بأخبار المعركة أولا بأول، بكلمات كلها ألفاظ حربية فلم نعد نسمع إلّا جنود ومحاربين ورأس حربة ومقاتل وشجاعة وإقدام وأصابه في مقتل وقذفة صاروخية. وبعد المقابلة قتلى وجرحى ودموع تنهمر وتعزيات ومواساة وقلق وتعب وعذاب نفسي وإحساس بالهوان لمن لم يستطع أن يضع الكرة في المرمى، لقد صار وقع هذه الكلمات على النفوس صعبا.
هذه كلها مظاهر باتت تصاحب رياضة كرة القدم المفترض أنها جسر تواصل بين الشعوب، كما أرادت لها الفيفا إعلاميا وليس واقعيا، ألا يدل كل هذا على أننا في معركة حربية بين دولتين، ألم تفقد الكرة بهذا جماليتها ومتعتها وباتت مصدر كآبة وحسرة وجالبة المآسي إلى الكثير من البيوت، حيث صار عدد لا بأس به من محبي هذا النوع من الرياضة يترك بيته قبل المباراة لكي لا يتوقف قلبه أو يفقد صوابه ويلجأ إلى مكان لا يصله فيه خبر الهزيمة ولم يبق له إلا أن يقول كما قال "جساس" لابن أخته عندما تردد في قتله في حرب البسوس (افعلها وخلصني)، افعلها يا بوڤرة وخلصنا من هذا العذاب لأن الجميع في تلك الليلة لم يعد يهمه التمتع باللعب بقدر ما ينتظر بشغف دخول الكرة إلى مرمى الخصم بأي شكل كان حتى لو أدخلها الحكم أو ساعد في إدخالها الريح على حد قول حفيظ دراجي، ألا يدل كل هذا على أننا نسينا أنفسنا وتجاوزنا المعقول وصرنا مطالبين بالتحكم في مشاعرنا وضبط انفعالاتنا والعودة إلى رشدنا ووضع الأمور في نصابها فلا إفراط ولا تفريط. فيا عرش بلاتير أليس فيكم رجل رشيد...
فاخر لخضر / حاسي فدول ـ الجلفة
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
=========
>>>> الرد الثاني :
=========
>>>> الرد الثالث :
=========
>>>> الرد الرابع :
=========
>>>> الرد الخامس :
=========