عنوان الموضوع : علاء الدين الخامسة ابتدائي
مقدم من طرف منتديات العندليب

في قديم الزمان، كان في مدينة الإسكندرية تاجر كبير اسمه، علاء الدين، وكان غنيا كثير المال.
وكان له ولدان: أحدهما اسمه مسعد، والثاني اسمه حسان، وكان مسعد أكبر من حسان وأعقل منه وأكثر نشاطا في عمله !
وكبر علاء الدين وضعف جسمه فصار ابنه مسعد يقوم بعمله في التجارة ويبيع ويشتري وظل حسان تلميذا في المدرسة !
ثم مرض علاء الدين وعلم أن أجله قريب فجمع ولديه وقال لهما: " إني يا ولديَ صرت ضعيفا وقد شبعت من الدنيا ولم يبق لي في الحياة إلا أيام معدودة، ثم أموت وأذهب إلى ربي فأوصيكما بالجد في العمل ولا تتخاصما أو تختلفا فإن الخصام بين الأخوين لا يليق وعليك يا مسعد أن تعتني بأخيك حسان فإنه أصغر منك والأخ الكبير في منزلة الأب وعليك يا حسان أن تهتم بدروسك وتطاوع أخاك الكبير فإنه يعرف أكثر مما تعرف ، والآن قد نصحتكما يا ولديَ فأرجو أن تحفظا وصيتي لكي أموت مستريح البال"
ولم يعش علاء الدين بعد ذلك طويلا فم هي إلا أيام معدودة حتى انتقل الى رحمة الله، حزن الولدان كثيرا على موت أبيهما لكنهما تصبرا ورضيا بما قسم الله ، ومضى كل منهما في عمله أما مسعد فإنه ظل يشتغل في تجارة أبيه وأما حسان فإنه ظل في المدرسة، وأخوه ينفق عليه ويعطيه كل ما يطلب.
وذات يوم جاء حسان الى مسعد وقال له:"أعطني يا أخي عشرة جنيهات لأشتري حلتين جديدتين"
فأعطاه أخوه ما طلب لكن حسان لم يشتر بهذه النقود حلتين كما قال لأخيه بل أخذها وترك المدرسة وسافر مع جماعة من أصحابه ليتنزهوا ويتفرجوا في البلاد، فلما انتهت النقود رجع حسان إلى الإسكندرية وليس معه مليم واحد فقابله مسعد بغضب ووبخه على عمله فاغتاظ حسان وقال له: اني حر أفعل ما أريد هل أخذت شيء من مالك؟ فقال مسعد: لا يا أخي إنك لم تأخذ شيئا من مالي ، ولكني أخوك الكبير ويجب علي أن أنصحك، كما يجب عليك أن تسمع نصيحتي فعد إلى مدرستك واهتم بدروسك حتى تتمها ثم افعل بعد ذلك ما تريد، فقال حسان لقد تعلمت ما فيه الكفاية ولست محتاجا إلى التعليم في شيء ولا أريد وظيفة، إن أبي ترك لنا مالا كثيرا فلماذا أتعب نفسي في المدرسة دعني أتنزه وأتفرج في البلاد وأمتع نفسي إنني أملك ما يكفي وزيادة، قتأثر مسعد من كلام أخيه وأخذ يرشده ويعلمه لكن حسان لم يعجبه كلام أخيه فهز كتفه ومشى، وسار حسان على هواه يصرف نقوده في الملاهي ويتنقل بين البلاد ويمتع نفسه بكل ما اشتهى والتم حوله جماعة من الشبان الفاسدين يورزنه على الشر ويحسنون له عليهم من ماله ويسافر معهم من بلد إلى بلد ولا يسمع نصيحة أحد.
واستمر حسان في لهوه ولعبه، لا يشاور عقله ولا يعرف مصلحة نفسه، واستمر مسعد في تجارة أبيه يشتري ويبيع وأمواله تكثر وتجارته تكبر حتى صار من كبار التجار.
وفي يوم من الأيام كان مسعد جالسا في تجارته فجاء أخوه حسان يطلب نقودا كعادته فقال له مسعد يا أخي كل يوم تطلب نقودا هل ظننت أن عندي كنزا من المال لا يفرغ أبدا أليس في رأسك عقل تفكر به.
فاغتاظ حسان وقال انني أطلب من مالي الذي تركه أبي لي، فقال مسعد مالك ها ها أتظن أنه بقي لك شيء من مالك لقد أخذت نصيبك كله فليس لك عندي شيء وهذه تجارتي أنا وحدي ليس لك فيها مليم واحد، سمع حسان هذا الكلام فاحمر وجهه ثم اصفر وأراد أن يتكلم فرأى الشر في عين أخيه فسكت ثم ولى وجهه وانصرف، وفي المساء روح مسعد إلى البيت فخلع ثيابه وجلس ينتظر رجوع أخيه ليتحدث معه وينصحه لكن حسان لم يرجع ومضى الليل كله ولم يرجع حسان إلى البيت فاشتغل قلب مسعد وقلق على غياب أخيه وظل ينتظر عودته طول النهار فلم يعد فزاد قلقه وأرسل إلى أصحابه يسألهم عنه فلم يدله أحد على مكانه ...
ومضى يومان وثلاثة أيام وأربعة وأسبوع وأسبوعان وشهر ولم يرجع حسان ولم يعرف أحد أين ذهب.
وحزن مسعد حزنا شديدا وأخذ يبحث عن أخيه في كل مكان ويسأل عنه في كل بلد ولكنه لم يدر أين اختفى، ومضى شهران وحسان غائب ومسعد في هم وقلق وذات يوم ذهب مسعد إلى تجارته فوجد على مكتبه رسالة فتناولها وقرأ على غلافها فعرف خط أخيه ففضها بسرعة ثم قرأ: أخي العزيز...
" انني في خجل منك وقد ندمت أشد الندم لأني لم أسمع من قبل نصائحك الغالية وقد عرفت الآن أنك تحبني حقا ولكني كنت طائشا لا أميز ما ينفعني مما يضرني فلم أفهم إلا بعد فوات الأوان، لقد سافرت إلى بلاد بعيدة من غير أن أخبر أحدا بخبري، وسأجتهد في البحث عن عمل أكسب منه معاشي ولن أرجع إلى الإسكندرية مرة ثانية إلا بعد أن أغتني ويصير معي مال كثير كما كان فإني لا أطيق أن أعيش فقيرا بين معارفي وأصحابي، وقد كتبت إليك هذه الرسالة لتطمئن، ولكني لا أريد أن تعرف مكاني. والسلا م عليك يا أخي العزيز"
قرأ مسعد هذه الرسالة ثم أخذ يقلبها بين يديه ليعرف من أي بلد جاءت فلم يعرف فسأل خادمه من الذي أحضر هذه الرسالة فقال الخادم لا أعرف يا سيدي إنه رجل غريب حضر في الصباح وقال لي سلم هذه الرسالة لسيدك فإنها أمانة ثم مشى.
تحير مسعد حيرة شديدة واشتد حزنه على فراق أخيه وأخذ يفكر في أمره ولكن بال نتيجة، ومضت سنة وسنة أخرى ولم يعرف مسعد أين أخوه وانقطعت أخبار حسان فلم يعرف أحد مكانه ولم يدر أخوه ماذا جرى له ولم يرسل هو رسالة ثانية.
ومضت سنوات كثيرة ونسي الناس أخبار حسان فلا يذكره أحد إلا أخوه مسعد.
وعاش مسعد وحيدا فريدا ليس له أهل ولا أقارب وأخوه بعيد عنه لا يعرف مكانه ولا يدري متى يلقاه وكان مسعد يسكن بيت كبير على شاطئ البحر له حديقة واسعة وفيه غرف كثيرة وليس معه أحد غير خادمة عجوز تطبخ له طعامه وتنظف له فراشه وتغسل له ثيابه ولم يكن له زوجة ولا أولاد، ومضت عشرون سنة على غياب حسان وكبر مسعد وأبيض شعره فترك التجارة وباع البضاعة وعاش في راحة
وذات يوم جلس مسعد يحسب حسابه ويعد ثروته فرأى أمواله قد بلغت عشرين ألف جنيه.
عèشرين ألف جنيه ماذا يفعل بهذه الثروة الكبيرة وهو شيخ كبير ليس له أولاد ولا أهل ولا أقارب ومن الذي يتمتع بهذه الآلاف المؤلفة بعد أن يموت، في الدنيا كثير من الفقراء والمساكين والأطفال اليتامى لا يجدون جنيها واحد وهذا رجل واحد يملك عشرين ألف ... دارت هذه الأفكار في بال مسعد فخطرت له فكرة فقام فلبس ثيابه وركب عربته وقصد الى درا الحاكم فاستأذن عليه ودخل ثم قال له سيدي لقد جئت أطلب معونتك على عمل خيري، إنني كبرت يا سيدي وليس لي أهل ولا أقارب وعما قريب أموت فلا ينتفع بمالي أحد فخطر لي أن أبحث عن طفل فقير يتيم فأجعله ولي وأربيه وأعلمه وأنفق عليه من مالي حتى إذا هرمت وعجزت عن الحركةوجدته بجانبي يسليني ويوانسني وإذا مت فإنه يرث أموالي ويترحم علي ويدعو لي
فابتسم الحاكم وقال نعم الرأي يا سيدي إنه إحسان عظيم فإذا شئت فتعالى معي إلى ملجأ الأطفال اليتامى فتختار منهم طفلا تتبناه.
بعد ساعتين اثنتين كان مسعد جالسا بجانب الحاكم في العربة ومعه كثير من العب والحلوى والهدايا المختلفة وهما يقصدان الملجأ...
فلما وصلا وزع مسعد على الأطفال ما معه من اللعب والهدايا والحلوى ثم وقفا في الحوش ينظران الأطفال وهم يجرون ويلعبون فرأيا طفلا صغيرا جميل الوجه خفيف الحركة فناداه مسعد وقال له ما اسمك يا بني، قال الطفل اسمي بشير فابتسم مسعد وقال له أترضى يا بشير أن أكون أباك، فتهلل وجه الطفل وقال أكون سعيدا يا سيدي، فانبسط مسعد لجوابه وأخذ بيده ثم قال للحاكم هيا بنا يا سيدي إذا سمحت، مشى الثلاثة يقصدون الباب لكنهم لم يكادوا يخطون بضع خطوات حتى سمعوا من ورائهم صوتا ينادي بشير بشير، فالتفت الطفل والتفت مسعد والحاكم فرأو طفلة صغيرة تجري ورائهم وهي تشير بيدها فوقفوا...
فلما قربت منهم قالت لماذا تأخذون أخي أين تذهبون به؟
فرق قلب مسعد وقال لها أهو أخيك يا بنية؟ قالت نعم يا سيدي وليس لي في الدنيا أحد غيره. فدمعت عين مسعد وتذكر أخاه الذي فارقه منذ عشرين سنة فصعب عليه أن يفرق بين الأخت وأخيها فقال لها لا تحزني يا ابنتي انني لا أريد أن أفرق بينكما فهل تقبلين أن تأتي معنا وأكون أنا أباكما؟ فابتسمت البنت وقالت خذني يا سيدي مع أخي انني لا أطيق أن أفارق أخي فتغرغرت عين مسعد وقال لها وأنت ما اسمك يا بنيتي؟ قالت اسمي فرحة، فاستبشر مسعد باسمها وقال انت فرحة وأخوك بشير أرجوا أن يكون في قدومكما الفرح والبشرى، ثم ركب الجميع العربة إلى قصر مسعد بعدما ودعهم الحاكم وانصرف.
واشترى لهما مسعد ثياب جديدة وجهز لهما غرفة خاصة في القصر ثم نادى خادمته العجوز وقال لها هذه فرحة ابنتي وهذا بشير ولدي فاخدميهما وقدمي لهما كل ما يحتجان إليه فاني أريد أن يعيشا في هذا البيت سعيدين مسرورين ثم دخل إلى فراشه ليستريح وترك الطفلين في غرفتهما.
انبسط بشير وفرحة من إقامتهما في هذا القصر العظيم فخرجا من غرفتهما يتفرجان ويشاهدان حجرات القصر... وكان في الدهرة صور كثيرة معلقة على الجدران رأى بشير صورة معلقة فدهش حين رآها ووقف ينظر إليها وهو مذهول .. وجاءت أخته فوقفت بجانبه تنظر فلم تكد ترى هذه الصورة حتى انفجرت باكية، ورآها بشير تبكي فبكى وسمعت الخادمة بكاءهما فجاءت مسرعة لترى فوجدتهما واقفين أمام الصورة ينظران إليها ويبكيان، فاقتربت منهما تسألهما عن سبب بكائهما فلم يردا واستمرا في البكاء دهشت الخادمة لهذا البكاء الذي لم تفهم سببه وأسرعت إلى سيدها فأيقظته وأخبرته الخبر فجاء مسرعا ليرى ماذا جرى فإذا بشير وفرحة واقفان أمام صورة أخيه حسان فاستعجب لذلك وتقدم إليهما يسألهما عن السبب، فأشار بشير إلى الصورة وقال وهو يبكي إنها صورة أبي. سمع مسعد هذا الجواب فانفتح فمه من الدهشة ولم يصدق فاقترب من فرحة وسألها أهذه صورة أبيك يا ابنتي، فقالت ودموعها تسيل على خذها نعم إنها صورة أبي. استغرب مسعد وأخذ بيد بشير وأخته فأجلسهما على كرسي وجلس بجانبهما ثم سألهما ما اسم أبيكما يا ولدىً قال بشير اسمه حسان، شهق مسعد من العجب وسأل حسان ...؟ ! فأجاب بشير نعم حسان بن علاء الدين. خفق قلب نسعد وكاد يغشى عليه حين سمع اسم أخيه وعاد يسأل الطفل: ولكن أين أبوك فبكى الطفل وبكت أخته وقال لا أدري يا سيدي ولكننا كنا مسافرين في البحر فهبت رياح شديدة وارتفعت الأمواج فانكسر بنا المركب بالقرب من الإسكندرية وسقطنا جميعا في الماء وكان على مقربة منا صياد في قاربه فأسع إلينا بقاربه فأنقذني أنا وأختي لكنه لم يعثر على أبي ثم جملنا في قاربه إلى الإسكندرية فأدخلنا الملجأ الذي رأيتنا فيه يا سيدي ...حزن مسعد حزنا شديدا على م أصاب أخاه وأخذ يسأل الطفل عن قصته وقلبه يتقطع فأجاب بشير: كنا قادمين يا سيدي من بر الشام وكنا نقيم هناك من زمان وكان أبي يتاجر تجارة رائجة ويعيش عيشة سعيدة ولكن أمي ماتت فحزن أبي عليها حزنا شديدا، ولم يطق أن يبقى في الشام بعد موت أمي فاستأجر مركبا وسافرنا في البحر إلى الإسكندرية ولكن المركب انكسر بنا قبل أن نصل وفقدنا والدنا في تلك الحادثة المشئومة كما فقدنا أمنا من قبل. ثم بكى بشير وبكت فرحة فدمعت عين مسعد وطأطأ رأسه يفكر ... وهو يستعجب لهذه المصادفة، وفيما هو كذلك دق الباب ففتحت الخادمة لترى من الطارق فإذا حاكم المدينة قادم يقول لقد جئتك لأمر مهم ...فقال مسعد خير إنشاء الله، قال الحاكم إن الطفلين اللذين أخذتهما من الملجأ ليسا يتيمين إن أباهما حي ولكنه كان مريض في المستشفى فلما خف مرضه جائني اليوم يسأل عن ولديه فقال مسعد بلهفة حسان أخي حسان حي أين هو؟
فاستغرب الحاكم وقال أخوك ما أجمل هذه المصادفة هيا إذن يا سيدي إنه هناك ينتظر في داري فقام مسعد من فوره وذهب مع الحاكم إلى داره ، فما وقع نظره على أخيه حتى أسرع إليه يعانقه ودموعه تسيل على خديه ثم ركب حسان مع أخيه في عربته وروح إلى قصره وكان بشير وفرحة في انتظار أبيهما مسعد فلما طرق الباب أسرعا إلى استقباله لكنهما لم يجدا مسعد وحده بل وجدا معه أباهما حسان وكانا يظنان أنه غرق ومات ... فكان فرحهما لا يوصف.
ثم جلس مسعد وأخوه حسان وابنه بشير وابنته فرحة يقص كل نهم قصته وهو مسرور وكان يوما من أسعد الأيام.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


=========


>>>> الرد الثاني :


=========


>>>> الرد الثالث :


=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========