عنوان الموضوع : مجموعة مسرحيات للاطفال
مقدم من طرف منتديات العندليب
تقبل الله منكم صالح الاعمال
اليوم جمعت لكم مجموعة من المسرحيات للاطفال
1- مسرحية العصابة
الشخصيات :
الزعيم , عطلان , نحيف , المدير , وشخصيات أخرى ...
المنظر : إضاءة خفيفة على الجانب الأيسر من المسرح , خرابة قديمة , صور لمشاهير في الرياضة والفن , ولوحة كبيرة تتوسط الخرابة كتب عليها ( ابتسم .. هنا عصابة التوت ) .
المشهد : يدخل الزعيم ويظل يدور على نفسه , ويضرب على يديه .
الزعيم : آه .. أنا الزعيم .. أين هذان الغبيان .. أين ذهبا .. هذه إهانة لتاريخي .. أنا الزعيم أخلف الوعد .. إخلاف الوعد من صفات المنافقين .. أعوذ بالله .. أنا أسرق .. أكذب .. لكن أخلف الوعد .. أعوذ بالله .. توت .. توت .. توت ..
( يدخل عطلان وهو يردد النشيد الرسمي للعصابة )
عطلان : إحنا عصابة التوت .. وإللي يجينا بيموت .. إحنا عصابة ..
الزعيم : إحنا عصابة البصل .. يا عطلان ( خصوصاً ) .. أيها المساعد الفاشل .
عطلان : ولماذا ؟ وما كل هذا الغضب .. ( وخصوصاً ) أنك الزعيم ياسيدي ..
الزعيم : أين المسروقات .. التي اتفقنا على سرقتها في الفسحة من حقائب الطلاب ألم نتفق على تشليح حقائب الصف الخامس والسادس أين هي الآن ؟
عطلان : بلى يا سيدي ولكن المعذرة .. لقد كان طلاب النظام يقفون لنا بالمرصاد (وخصوصاً ) .. بعد أن اكتشفوا كثرة حوادث السرقة ( وخصوصاً ) وقت الفسحة .
الزعيم : وأين الثعلب المكار .. المساعد عطلان ؟!
عطلان : – طلاب النظام هذة المرة كانوا أشد حرصاً وذكاءً ( وخصوصاً ) أن معهم المرعب ( عبدالله الكاسر ) بطل الحارة في لعبة الكاراتيه .
الزعيم : ولماذا .. لماذا لم تقدموا لهم رشوة ؟! .. علبة عصير طازجة .. قطعة " سندوتش " .
عطلان : آه .. رشوة .. لقد .. لقد فاتتني هذه يا زعيم .. ( خصوصاً ) أنني . .
الزعيم : ( خصوصاً ) .. ( خصوصاً ) وأين المساعد الثاني .. نحيف ؟
( يدخل نحيف – طالب بدين – ويمسك بيده قطعة سندوتش وهو يردد نشيد العصابة)
نحيف : إحنا عصابة التوت .. وإللي يجينا بيموت ..
الزعيم : أين المسروقات يا سيد نحيف ؟!
نحيف : هاهي ياسيدي قطعة سندوتش فاخر من حقيبة أغنى طالب في المدرسة لم يبقى منه سوى هذه القطعة .. وقد ادخرتها لك يا سيدي ؟!
الزعيم : شكراً ...
نحيف : شبعان أليس كذلك ؟ .. سبقتنا في السرقة .. تفضل يا عطلان ( خصوصاً ) ..
( يتناول عطلان السندوتش )
عطلان : شكراً لك يا صديقي .
الزعيم : ( في غضب ) : هه .. هه .. أين أذهب بوجهي من زعماء المافيا .. يا للعار والشنار زعيم عصابة التوت يخلف الوعد .. ويعجز عن سرقة مجموعة من الحقائب البالية .
نحيف : أي وعد يا زعيم ؟!
الزعيم : لقد اتفقت مع ( أبي شنب ) في الحراج أن آتي له اليوم وبعد العصر مباشرة ببعض المسروقات .. أقصد ببعض المعروضات يبيعها في الحراج .. ويعطيني الثمن نقداً .. ولكن كيف ؟! كيف يمكنني العمل مع مجموعة من الأغبياء ؟ .. الأغبياء .. كيف ؟ توت .. توت .
الجميع : إحنا عصابة التوت .. وإللي يجينا بيموت .. إحنا عصابة التوت ..
عطلان : عندي لك خطة رهيبة .. ومفعولها أكيد ليس مرة ولا مرتان .. بل ثلاث مرات
الزعيم : عجل علي بها قبل أن أجن .. لقد بدأت أفقد توازني .
عطلان : ما رأيك أن نسرق غرفة المدير .. ( وخصوصاً ) .. أن فيها الخزنة وفيها إيجار المقصف .. ( وخصوصاً ) .. أنه أخذ إيجار هذا الشهر ؟! لقد رأيته بعيني ...
الزعيم : والخطة ...
عطلان أنت تدخل لكي تسرق .. وأنا أراقب لك المدرسة .
نحيف : ها .. ها .. وأنا أبلغ عنكم الشرطة .. ها .. ها ...
الزعيم : غبي .
نحيف : دعك منه يا زعيم .. والخطة عندي .. وقد نفذتها .
الزعيم : نفذتها .. ماذا تقصد .. أيها المجنون ؟!
نحيف : البارحة شاهدت لك فيلم الرهينة واليوم نفذته بالحرف الواحد .. واختطفت ولد المدير ..
الجميع : ولد المدير ... !!!!!!!!!
نحيف : نعم وتركت له رسالة تهديد على المكتب إما أن يأتي بفديه اليوم قبل صلاة العصر وإلا سنقتل ولده .. تماماً كما جاء في الفلم .
الزعيم : قتل .. أعوذ بالله .. , وكيف سيعرف المدير بمكاننا ؟
نحيف ( يضحك ) : ها .. ها ... لقد رسمت له كروكياً لموقعنا تركته على مكتبه ..
الزعيم : يا ...
نحيف : ذكي .. قلها يا زعيم .. قلها بسرعة , حتى ترفع من روحي المعنوية ..
الزعيم : بل غبي .. غبي .. لابد أن المدير الان في طريقه الينا .
نحيف : ومعه الفديه مائتي ريال عداً .. ونقداً ( يشير بيديه ) .
الزعيم : بل معه الشرطة .. يا جاهل .
( يبكي ولد المدير ويعلو صوته في المسرح ثم يدخل المدير وخلفه رجال الشرطة..)
المدير : انهم هناك يا سيدي .. هذه العصابة .. أين الولد يا لصوص ..
( وقد أحضروا ولد المدير )
الزعيم : ابنك هذا يا حضرة المدير , لقد أردنا أن نأخذه في نزهة قصيرة .
الشرطي : بل أنتم من سيذهب معنا في نزهة قصيرة إلى ...
عطلان : حديقة الحيوان .
الشرطي : بل إلى حديقة الإنسان ...
المدير : هذه نهاية ما يشاهدونه في الأفلام والمسلسلات يطبقونه هنا ...
الشرطي : نعم .. نعم .. ولا تنس يا سيدي إهمال الوالدين لهما .. وأصدقاء السوء .. وسلسلة الأسباب السوداء .. هيا أمامي .. أمامي .. بسرعة .
( يحتضن المدير إبنه .. ويخرج الجميع والعصابة تردد .. إحنا عصابة التوت ... إللي بيجينا بيموت .. تطفأ الإناره .. تضاء الإنارة على الجانب الآخر ).
المشهد : مكتب الشرطة رئيس المكتب يحرر بعض الأوراق .. يدخل الحارس , يؤدي أمامه التحية ..
الرئيس : نعم .. ماذا هناك ؟!
العسكري : عصابة الأطفال التي قامت باختطاف ابن المدير لقد قبضنا عليهم يا سيدي ..
الرئيس : عصابة أطفال ما شاء الله أين هم ؟!
العسكري : أمرك يا سيدي ..
( تدخل العصابة .. )
الرئيس : ما شاء الله .. عصابة وأطفال .. ما اسمك ؟
الزعيم : الزعيم يا سيدي ..
الرئيس : وأنت ؟!
عطلان : عطلان ( خصوصاً ) ..
الرئيس : وأنت ؟
( يبكي )
نحيف : هيه .. هيه .. أمي أريد أمي .. أريد أبي .
2*- شموس لا تغيب
* الشخصيات:
1 ـ زِرياب : الموسيقار البارع، وهو علي بن نافع، أبو الحسن.
2 ـ جميلة : راقصة وتلميذة.
3 ـ الغزال : شاعر وسفير الأمير عبد الرحمن بن الحكم.
4 ـ إبراهيم :
5 ـ منصور : تلاميذ زرياب يتعلمون أصول العزف والغناء والرقص.
6 ـ سلمى :
7 ـ عبادة : رجل غني سمين ـ جاهل.
8 ـ عفراء : مغنية عبادة ـ سمينة جاهلة تغني دائماً عن الطعام.
9 ـ حمدونة : بنت زرياب ـ موسيقية ومغنية بارعة.
10ـ حسان : رسول الأمير عبد الرحمن.
11ـ ابن ناصح : طبيب ـ وصديق زرياب.
12ـ مروان : فتىً مريض، ابن أبي العباس.
13ـ الأمير عبد الرحمن : أمير قرطبة.
14 ـ أحمد : حاجب المعهد.
15 ـ مجموعة تلاميذ ـ ذكوراً وإناثاً ـ يتعلمون أصول الموسيقا في معهد زِرْيَاب في الأندلس.
**
* إضاءات:
1 ـ هذه المسرحية موجهة للأطفال الذين أعمارهم مابين
(10-14) سنة.
2 ـ تحتفي المسرحية بموسيقار الأندلس العظيم علي بن نافع أبي الحسن، الملقب بـ"زِرْياب".
والزرياب طائر أسود اللون صوته جميل. ولذلك سموا أبا الحسن "زرياب" لسواد لونه وجمال صوته.
3 ـ لا توجد معلومات تاريخية عن سنة ولادة "زرياب" لكنه كان أحد موالي الخليفة المهدي العباسي. لكن المؤرخ الموسيقي الدكتور محمود أحمد الحفني يرى أن ولادة زرياب كانت في عام (160هـ ـ 777م)، فعاصر الهادي، ثم هارون الرشيد في بغداد، وعبد الرحمن بن الحكم في الأندلس.
أما سنة وفاته فهي أيضاً غير معروفة رغم شهرته الفائقة في الأندلس وأوروبا.لكن الدكتور الحفني يقدر وفاته في عام (238هـ ـ 852م)، فيكون قد عاش
(75) خمسة وسبعين عاماً.
4 ـ تقوم هذه المسرحية على حادثة خصومة إسحاق الموصلي مع تلميذه زرياب بعد إعجاب الرشيد به. أما خصومة زرياب مع الشاعر الغزال فهي حقيقة معروفة. وما عدا ذلك من أحداث فهو اختراع وتأليف يستند إلى أعمال زرياب في الموسيقا والغناء والآلات والرقص والملابس والمآكل والمشارب.
5 ـ لا يليق بهذه المسرحية سوى الاحتفالات الموسيقية الغنائية والراقصة. لذلك لابد من أن تكون الاستعراضات ضخمة، خاصة ما يتعلق بملابس المغنين والموسيقيين والراقصين وألوانها، لتعبر عن أجواء الأندلس الرائعة، وعن أساليب التعليم والتدريب في معهد زرياب الموسيقي.
"المؤلف"
المشهد الأول:
المكان : صالة فسيحة، ذات أعمدة، مفروشة بالطنافس والستائر الجميلة الملونة، إنها معهد زرياب، موسيقار الأندلس، تجري في الصالة هذه جميع تدريبات الغناء والعزف، والرقص لطلاب المعهد.
الزمان : ضحوة نهار جميل.
تضج الصالة بالطلاب والطالبات الذين يستعدون للقيام بالتدريب العام، ولذلك نرى راقصين وموسيقيين ومغنّين ـ ذكوراً وإناثاً ـ وهم يلبسون ملابس اختصاصاتِهم ، ويقومون ـ الآن جماعياً بتمارين الليونةِ لأجسادِهم وأصواتِهم، وضبطِ أوتارِ آلاتِهم.
إننا نسمع الآن كثيراً من الأصواتِ الموسيقيةِ والغنائيةِ المختلطةِ والمتداخلةِ، نرى حركات الراقصينَ المتنوعةَ تملأ أرجاء الصالة.
في زاوية ما من مقدمة الصالة يجلس زِرياب على أريكة متوسطة الارتفاع، وإلى جانبه عوده الجميل، وأمامه طاولة متوسطة الحجم فوقها دواوينُ شِعرٍ، وأوراقٌ وأقلامٌ، وريشةُ عودٍ من جناحِ نسر.
إنه ينظر ـ الآن ـ في الأوراق ويتأملها وسط صخب الاستعدادات الفنية.
رويداً، رويداً تتحول الفوضى إلى انضباط ونظام جميلين، خاصة حين بدأ شاب من الطلاب هو "منصور" بالدوران بين رفاقه ينبههم إلى بدء التدريب العام المنظم.
وهكذا تسودُ النغمةُ الموسيقيةُ الواحدة لمجموعة الآلات، ويسود الإيقاع الواحد. ويبدأ الراقصون بضبطِ حركاتِ أجسادِهم في حركةٍ واحدةٍ، وتبدأ الحناجرُ الجميلةُ القوية بالغِناءِ الصدَّاحِ.
وفي أثناءِ كلِّ ذلك كان يَحيى بنُ حكمٍ ـ الملقب بالغزال ـ شاعرُ، وسفيرُ الأميرِ عبدِ الرحمنِ بنِ الحكم، قد تسلل خلسة وراء إحدى الستائر دون أن يُحِسَّ به أحدٌ، ودون إذْنٍ من زرياب ليسمع ويرى من خلفِ الستائرِ ما سوف يقدمه طلاب المعهد.
المجموعة : (تغني)
آهِ يا عيني اسْعفيني(1)
مِنْ سُهادي(2)
وارحميني مِنْ عذابي
في بُعادي
وأَعيديني إلى مهوى فؤادي
إنَّ قلبي ذابَ في حُبِّ بلادي
زرياب : (ناهضاً مصفقاً بيديه دلالة على إيقاف التدريبات، يتوقفون جميعاً، وينظرون إليه لسماع ملاحظاتِه).
بعضُ الغناءِ كانَ حسناً، لكنَّ الرقصَ ما يزالُ يحتاجُ إلى ليونةٍ أفضلَ، وخِفَّةٍ، وأناقةٍ. أَعني، يحتاجُ إلى أنْ يكونَ معبِّراً، خاصةً أنتِ يا جميلة.
جميلة : (وهي تتقدم نحو أستاذها ـ وبصوت ضعيف) آسفةٌ يا سيِّدي فأنا مريضةٌ!!..
زرياب : (بدهشة) ماذا، مريضةٌ؟!!.. (يندفع نحوها ملهوفاً ـ يلمس جبينها بيده، فإذا هو شديد الحرارة) حرارَتُكِ مرتفعةٌ، الآن يجبُ أنْ تَذْهَبي إلى الطبيبِ ابنِ ناصحٍ. (يشير بيده إلى أحد الراقصين) مِنْ فَضْلِكَ خُذْها إلى الطبيب، هَيَّا.
(يتحرك التلميذ وتتبعه جميلةُ وسطَ صمتِ واحترامِ الطلابِ جميعاً. يتابع زرياب كلامه).
أرجوكُمْ جميعاً أن تحافظوا على صِحَّةِ أبدانِكُمْ وأرواحِكُمْ لأنَّنا معاشِرَ الفنانينَ نتعاملُ دائماً مع الجميلِ والحسنِ. ولكي نغنّيَ ونَعْزِفَ ونرقُصَ بشكلٍ عظيمٍ ورائعِ، لابدَّ وأنْ تكونَ أجسادُنا وأرواحُنا سليمةً، معافاةً مِنْ كلِّ مرضٍ أو علّةٍ. هل يشكو أحدُكُمْ عارِضاً ما، سُعَالاً، ضِيقاً في التَّنفُّسِ، آلاماً في المفاصِل ـ أيَّ شيءٍ؟!!!..
(صمت قصير، لا أحد يتكلم ـ يتابع زرياب) أُتابعُ ملاحظاتي على تدريبِكُمْ فأقولُ: أَمّا الغناءُ فعلى حيوَّيتِهِ فإنّهُ يحتاجُ إلى عذوبةٍ، ورقَّةٍ، وحنانٍ لِتَظْهَرَ الأشواقُ صادقةً، دافئِةً، طيبةً.
(يصفق بيديه وكأنه يدعوهم إلى إعادة التدريبات من جديد...)
أعيدوا من فَضْلِكُمْ هذا التدريبَ..!!
**
المشهد الثاني
(فجأة يظهر من وراء الستارة الشاعر الغزال رافعاً صوته، ساخراً، وبذلك يفاجئ الجميع).
الغزال : مهلاً يا أبا الحسن!!
زرياب : (دهشاً) الشاعرُ الغزالُ؟! كيفَ دخلْتَ علينا ومتى؟!
الغزال : أمَّا كيفَ دخلْتُ فقدْ تسلَّلتُ، وأمَّا متى.. فمنذُ اللحظةِ الأولى لتدريباتِكُمْ.
زرياب : لماذا؟!
الغزال : أحببتُ أن أعرفَ كيفَ تُجُرونَ تدريباتِكُمْ على فنونِ الشِّعرِ والغناءِ والعزفِ والرقصِ والتعبيرِ.
زرياب : إذنْ: فقدْ دخلْتَ مَعْهَدَنا مِنْ دونِ استئذانٍ، وهذا مخالٍفٌ لأوامرِ اللهِ.
الغزال : اعذُرْني يا أبا الحسنِ على ذلك، لأنَّ رغبتي في المعرفةِ غلبتَنْي.
زرياب : بهذا عذرناكَ.
الغزال : غيْرَ أنّي أرى شِعْرَ غنائِكُمْ ضعيفاً، سخيفاً، عامِّياً، وبذلكَ متَّعتُ نفسي بعضَ المِتْعَةِ.
زرياب : باللحنِ فقط؟!
الغزال : بلى.. ولكنْ، كأنَّ اللحنَ ليسَ لكَ!!
زرياب : بلْ هو لي. غيْرَ أنَّ فيهِ بِدْعَةً جديدةً.
الغزال : (يبتسم بدهاء) خِفَّةُ الوزنِ، وبساطةُ اللغةِ، وقُرْبُها مِنْ لغةِ الناسِ، وتآلفُ نَغَماتِها، وتقارُبُ مخارج الأصواتِ...
زرياب : أَصَبْتَ أيُها الغزالُ. والشِّعْرُ؟!
الغزال : (بخبث ومكر) كأنكَ لا تحبُ قُرْطُبَة!!
زرياب : (دهشاً من الهجوم المفاجئ).. أنا؟!!!
(يندهش الجميع فتسري همهمات ودمدمات بين الطلاب من كلام الغزال؛ ومن هجومه الجريء على أستاذهم ـ يلتفت الغزال ـ وسط هذه البلبلة ـ إلى الطلاب متابعاً بدهاء وسخرية).
الغزال :أما كنتمْ تغنّونَ هكذا،(يغني بصوت نشاز مقصود)،وأَعيديني إلى مهوى فؤادي؟!!
زرياب : (منزعِجاً؛ رافعاً صوته)، ما هكذا كانوا يغنّون يا غزالُ، ثمَّ إنَّ غناءَنا تمجيدٌ للأرضِ التي وُلِدْنا عليها.
الغزال : (بدهاء) ها هااااا.. قُلْتَها بلسانِكَ!!
زرياب : ماذا تعني؟!
الغزال : إنَّكَ تُحِبُّ بغدادَ أكثرَ مِنْ قُرطُبَةَ!!
زرياب : (مصعوقاً) كلاّ يا غزالُ، كلاّ!!..
الغزال : (بصوت بارد) بغدادُ يا زريابُ طرَدَتْكَ فقيراً مُعْدَماً تحتَ جُنْحِ الليلِ.
زرياب : (بصوت مكتوم) بلْ طَرَدَني إسحاقُ الموْصِلِّيُّ.(3) (صمت قصير) أستاذي!!!
الغزال : لأنكَ غَدَرْتَ بهِ عندَ الخليفةِ هارونَ الرَّشيدِ وَخُنْتَهُ(4)!!!
زرياب : (غاضباً) لم أفعلْ، لم أفعلْ!!
(يبدأ الطلاب بمغادرة الصالة إلى الزوايا، بعضهم يختفي خلف الستائرِ، واضح أنهم لا يريدون أن يسمعوا افتراءاتِ الشاعرِ الغزالِ على أستاذهم وربما لكي يُتيحوا له حريةً أفضلَ للدفاع عن نفسه، فيصرخ بهم زرياب....).
عودوا إلى أماكِنِكُمْ واسمعوا ما أقولُ، فليسَ في حياتي عملٌ يُسِيءُ إلى أخلاقي. (يبدؤون في العودة إلى أماكنهم...).
الغزال : (ببرود) نافَسْتَهُ في الغناءِ والعزفِ، وادّعاءِ العلمِ الواسعِ فسَرَقْتَ منهُ إعجابَ الرشيدِ بهِ!!
زِريابَ : وهلْ تريدُني أن أَدْفُنَ موهِبةً عظيمةً وهَبَني إياها اللهُ سبحانَهُ، فانكشفَ أمري بها أمامَ الرشيدِ؟! ثم كيفَ أسْرُقُ إعجابَ الخليفةِ بهِ وَهو معلمي وأستاذي؟!!!...
الغزال : ألم ترفُضِ العزفَ على عودِ أستاذِكَ؟! أليسَ هذا خيانةً لهُ؟!
زرياب : كلاّ. بلْ فعلْتُ ما فعلْتُ لأنَّ لي عوديَ الخاصَّ.نَحَتُّهُ بيديَّ بما يتناسبُ مع أفكاري الموسيقيةِ، وأحلامي في الغناءِ والتلحينِ المحْدَثْينِ!!
الغزال : (للطلاب) أتسمعونَ.. (لزرياب) هلْ تَعْني أنَّ إسحاقَ كان تقليدياً قديماً، لا يتطورُ في ألحانِهِ وغنائِهِ ولا في آلاتِهِ ومعازِفِهِ؟!..
زرياب : (بثقة) إنْ كنتَ تريدُ ذلكَ فجوابي نعمْ!!.. وأما أنا فلي مَذْهَبِي الخاصُّ.
الغزال : أنتَ إذنْ مِنْ أنصارِ الأميرِ إبراهيمَ ابنِ المهديِّ(5)!!!
زرياب : أليسَ هو أخا هارونَ الرشيدِ؟! أليسَ هو موسيقاراً بارعاً. (لطلابه) اسمعوا يا أبنائي. كان إبراهيمُ بنُ المهدي موسيقاراً مجدِّداً حديثاً، يتطورُ مع تطور الحياةِ الاجتماعيةِ في بغدادَ.
الغزال : (يقاطعهُ) كما يتطورُ شعرُ أبي نُواس(6)، (صمت شبه طويل.. ثم) أليسَ كذلكَ؟!!
زرياب : (بدهشة) كأنّك تهاجِمُ التطورَ في الآدابِ والفنونِ يا غزالُ، وشِعْرُكَ مثلُ أشعارِهِمْ، كيفَ أُصدِّقُ ذلكَ؟!!..
الغزال : أنا أتكلَّمُ عن خِيانَتِكَ لأُستاذِكَ!!
زرياب : (يصرخ) أنا لم أَخُنْهُ وأنتَ تعلمُ ذلكَ. بل هو الذي غارَ منّي وحَسَدَني على إبداعي، ولا أظنُّ أنَّ مُعلمي إسحاقَ كان سيرضى عَنْ اختراعي لعوديَ الخاصِّ بي، ولا عَنْ ألحاني، لأنها ليسَتْ من مدرَسَتِهِ.
الغزال : كانَ يجبُ ولاءً لـهُ، أنْ تُعلِمَهُ باختراعاتِكَ.
زرياب : كان سيرفُضُها، وأنا الذي سَهِرْتُ من أَجْلِهَا اللياليَ، بلْ كان سَيَـ....(ويسكت زرياب فجأة...).
الغزال : كانَ ماذا يا زريابُ؟! هل كانَ سيدَّعِيها لِنَفْسِهِ؟! أتعني أنه كانَ سَيَسْرُقُها؟ أنتَ تَهْذي إذنْ.
زرياب : أنا لا أَهْذي يا غزالُ، مُعلِّمي لم يكنْ في حاجةٍ إلى شهرةٍ، لكنّهُ خافَ على نفسِهِ، واْعلمْ ـ (لطلابه) واعلموا جميعاً أن اختراعاتي أفزعَتْهُ لأنها جديدةٌ لا يعرِفُها هو. لهذا غارَ مِنْ إعجابِ الخليفةِ بي، وحَسَدني. (يضغط على كلماتِه)، وها أنتَ الآن يا غزالُ تشْبه، للأسفِ، أستاذيَ وتغارُ مِنّي وتحسُدُني بسببِ حبِّ الأميرِ عبدِ الرحمنِ بنِ الحكمِ لي وتفضيلِهِ إيَّايَ على غيري!!
الغزال : أغارُ منكَ أنتَ وأنا الشاعرُ الرقيقُ، والسفيرُ الناجحُ؟! يابنَ نافعٍ سأنقلُ لمولانا الأميرِ ما سمِعَتْ أذنايَ مِنْ غناءِ طُلابّكَ ومِنْ صريحِ أقوالِكَ!!
زرياب : اسِمَع إذن يا غزالُ: طلابي ينتظرونَ دروسي وأنتَ تُعطِّلنا.
الغزال : (وقد فاجأهُ كلام زرياب وجرأته) أَتطرُدُني يا زريابُ؟!!
زرياب : (ينادي) منصور!!
منصور : (يسرع ويقف أمام أستاذه) نعمْ ياسيّدي!!
زرياب : (بجفاء) رافقْ شاعِرَنَا إلى البابِ، واحْرَصْ على وداعِهِ.
(لحظات من الصمتِ تمرّ بطيئةً، ثم يندفع الغزال الشاعر مسرعاً نحو باب الخروجِ وفجأة يتوقف، ويلتفت إلى زرياب).
الغزال : ستدفعُ الثمنَ غالياً يا زريابُ. (ويخرج سريعاً لكن منصوراً لا يلحق به، بل يبقى واقفاً في فتحة الباب. صمت بين الجميع وزرياب مطرق برأسه قليلاً).
**
المشهد الثالث
(فجأة، يندفع زرياب نحو عوده، ويعزف بضعة أصواتٍ بسرعةٍ، وينشد بصوت قوي حزين).
زرياب :
أيُّهذا الزَّمانُ أَشْقيْتَ عُمْري
زَاغَ (7) منّي الأمانُ وانْهَدَّ صَبْرِي
يا إلهي، ضِعْتُ مِنْ شَرٍّ وَغَدْرِ
(لقد أدهشَ غناءُ زريابَ بهذا الأداء التعبيريِّ المبهرِ جميعَ الطلاب ـ يتقدم إبراهيم بحذرٍ من زرياب، وكأنه يواسيه).
إبراهيم : كأنَّكَ حزينٌ يا معلمي؟!!
زرياب : بل أنا مقهورٌ يا إبراهيمُ. ولهذا تراني أُغنِّي بصوتٍ قوي ومُلْتَاعٍ كمنْ يستغيثُ لِيَسْمَعَ الناسُ جميعاً.
إبراهيم : هذهِ فائدةٌ عظيمةٌ يا سيِّدي، تجعلُ مِنْ آلامِكَ دروساً لنا؟!!
زرياب : نعم... التعبيرُ عمّا نُحِسُّ ونَشْعُرُ ونعاني بالغناءِ.(يلتفت إلى الطلاب) أليسَ الغناءُ ـ والفنونُ كلُّها ـ تعبيراً عن تجارُبِنا في الحياةِ؟! (صمت.. يعزف زرياب بضع نغماتٍ رقيقةٍ، حزينةٍ لكنها قصيرة.. ويغني، بينما ترافقه بعض آلات الإيقاع...).
مَنْ نصيري مِنْ حَقُودْ
مَنْ مُجيري(8) مِنْ حَسُودْ
مَنْ صديقي في العُهُودْ
مَنْ سميري(9) في أنيني
فاهْدَئِي يَا عَيْنُ إنَّ الغَدْرَ يَفْنَى لا يَسُودْ
إبراهيم : (مشجعاً) اللهُ.. الله.. ما أجملَ هذا الغناءَ في هذا الكلامِ. واللهِ ما علَّمنا أحدٌ كما تُعلِّمنا يا سيِّدي
زرياب : (مسروراً بالمديح): شكراً يا إبراهيمُ، شكراً لكمْ وأرجو أنْ نعودَ إلى دروسِنا.
منصور : (وهو يقفز في الهواءِ من الفرح، يصرخ)، إلى النَّوبة الموسيقيَّةِ.
زرياب : هل أتقنتَها يا منصور؟!
سلمى : (بفرح، تمازح منصوراً)، إنه يتقنُ نوبةَ الملاعقِ والصُّحونِ والطناجرِ.
زرياب : (بدهشة) نوبة الملاعِقِ.. ماهذهِ؟!!
منصور : (مرتبكاً) هيَ.... أعني... (لا يجد كلاماً يقوله...).
زرياب : ماهيَ يا سلمى؟!..
منصور : هيَ يا سيدي لحنٌ للمِتْعَةِ والضَّحِكِ وتفريحِ النَّفْسِ والبدَنِ!! صَدِّقْني!!
سلمى : (تمازح منصوراً) هو في الحقيقةِ لا يُتْقِنُ سوى نوبةِ الملاعقِ والصحونِ!!!
منصور : أنا؟!!!
زرياب : أحقاً يا منصورُ؟!!
منصور : لا ياسيدي، إنهمْ يغارونَ منّي، ويَحْسُدونَني لأنَّني...
زرياب : (يقاطعه بقوة) كفى، كفى..
منصور : (بدهشة) عفواً يا سيدي.
زرياب : (كمن لا يصدق) هل سَمِعْتُكَ تذكُرُ الحَسَدَ والغَيْرَةَ؟!
منصور : (مرتبكاً) نَعَمْ...
زرياب : (غاضباً) لا أُريدُ أنْ أسمعَ هذا الكلامَ هنا أبداً. (يدور بين الطلاب بحماس ظاهر) الأخلاقُ مبدَؤنا والمحبةُ رائِدُنا. فلا حِقْدٌ بيننا ولا كراهيةٌ. هذا هو الفنانُ، إنسانٌ عظيمٌ لأنهُ كريمٌ وعفيفٌ. يسعى وراءَ الجمالِ واللَّطافةِ والرَّهافةِ بصدقٍ ومحبَّةٍ.
منصور : عفواً يا معلمي. إنها زلَّةُ لسانٍ أحْمَقَ!!
زرياب : أعرِفُ ذلكَ، ولكنْ عليكَ أن تعتذرَ لسلمى!!
سلمى : أسامِحُهُ إذا غنَّى لنا نوب
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
ربي يخليلك سعد يا أم سعد، مشكورة
=========
>>>> الرد الثاني :
شكرا جزيلا
نبارك لكم حلول شهر رمضان المبارك ونسأل الله أن يعيننا على صيامه وقيامه
ويكتبنا عنده من المقبولين.
وكل عام وأنتم بخير وبصحة وعافية..
=========
>>>> الرد الثالث :
=========
>>>> الرد الرابع :
السلام عليكم
وكل عام وأنتم بخير وجميع الأمة العربية والإسلامية
شكراً جزيلاً على ترحيبكم بى كعضو على موقعكم المحترم
وجعلنا الله وإياكم من النافعين لإخواننا من بنى الإنسان
فلقد قال صلى الله عليه وسلم
خير الناس أنفعهم للناس
=========
>>>> الرد الخامس :
=========