عنوان الموضوع : ظاهرة الغش في الامتحانات وأثرها على المنظومة التربوية الرابعة ابتدائي
مقدم من طرف منتديات العندليب

ظاهرة الغش في الامتحانات وأثرها على المنظومة التربوية


الغش في الامتحانات الظاهرة التي أضرت بالمتعلم وبسمعة المدرسة والجامعة الجزائريةنظرا لطبيعة وخصائص عملية التعليم وما تفرضه من شروط (نفسية ،صحية، بيداغوجية…) ومن جهد ووقت وطول النفس لضمان النجاح وتحقيق الأمل، أصبح الكثير من المتعلمين في مختلف المستويات الدراسية (من الابتدائي الى الجامعي) يستثقلونها ويستصعبون متطلباتها.

لكن الحاجة الى تقدير الذات وتحقيق المكانة الاجتماعية اللائقة عن طريق التفوق الدراسي جعلت البعض من المتعلمين يقتنع بأن بلوغ ذلك الهدف ليس بالأمر السهل ولا بالأمر المستحيل بل طريقه شاق يستلزم الصبر، المثابرة والاجتهاد فقط.

بينما البعض الآخر يرون بأن تحقيق ذلك الطموح أمرا صعبا للغاية بالاعتماد على القدرات الذاتية، خاصة أولئك الذين ألفوا تدخلات أوليائهم وأقاربهم لانتقالهم من مستوى إلى آخر بطرق ملتوية. لذلك يجدون في الغش والتحايل أهم مخرج للتعويض عن النقص لتحقيق الذات ونيل التقدير ورد الاعتبار من قبل أفراد الأسرة والمدرسة.

وعلى هذا الأساس أصبح مثل هذا السلوك السلبي بمثابة ظاهرة لافتة للانتباه ومنتشرة في كل الأوساط والمستويات التربوية (تلاميذ مدارس وطلبة جامعيين، مراقبين عامين ومفتشين أثناء المسابقات وأثناء امتحانات التقويم المستمر خلال التكوين التناوبي) وبأشكال متعددة ومتنوعة تعبر عن تألق وشغف هؤلاء المتعلمين لتحقيق للنجاح بكل الوسائل وفق القاعدة الميكيافيلية "الغاية تبرر الوسيلة".

وفي ضوء ذلك اخترع المتعلمون عدة شعارات ومقولات تمجد مثل هذا التصرف السلبي مثل: {من نقًل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه} و{من أراد العلى شخر الليالي" من شخير النوم"} وهو تغيير لمنى المقولة {من أراد العلى سهر الليالي}.

وبحكم تجربتي كأستاذ في التعليم الثانوي وتأطيري لدورات تكوينية تناوبية لمستشاري التربية في المعهد التكنولوجي للتربية سابقا بولاية سطيف وكأستاذ جامعي ومشاركتي في حراسة الكثير من الامتحانات الرسمية كالبكالوريا واختبارات التقويم المستمر في التعليم الثانوي والتعليم الجامعي، تمكنت من رصد الكثير من المعلومات حول سلوكيات الممتحنين أثناء الامتحان بناء على الملاحظات الميدانية التي دونتها في مفكرتي الخاصة. وإضافة إلى هذه الملاحظات وفي إطار وظيفتي كمستشار رئيسي للتوجيه المدرسي تمكنت من جمع معلومات حول وسائل الغش ودوافعه عن ريق مقابلات حصص الإرشاد النفسي ـ التربوي مع تلاميذ التعليم الأساسي والثانوي.

ونظرا لخطورة هذه الظاهرة وانعكاساتها على شخصية المتعلمين، سنعالج في دراستنا هذه مفهوم للغش، أنواعه، أهم المؤشرات الدالة على محاولات الغش كما سجلناها ميدانيا، الوسائل الأكثر استعمالا، أسبابه، أخطاره الدراسية والاجتماعية على المتعلم كشخص وكمواطن له دور في المجتمع وانعكاساتها على سمعة ومصداقية المدرسة والجامعة الجزائرية، وبناء على ذلك سنقدم مجموعة الاقتراحات حول كيفية معالجة هذه الظاهرة و الإجراءات الوقائية منها .

وهدفنا من طرح هذا الموضوع في هذا الظرف بالذات الذي يتزامن ومرحلة الامتحانات الرسمية و النهائية هو لفت انتباه المربين والأولياء والمتعلمين من تلاميذ وطلبة والمسؤولين الإداريين في مختلف المستويات المنظمين لمختلف الامتحانات إلى سلبية وخطورة مثل هذه الظاهرة على الحياة المدرسية والجامعية ومصداقية التربية والتكوين وبالتالي التجنب للوقاية منها و محاربتها.

فماذا نقصد بالغش المدرسي؟
هو نوع من التحايل والخداع الذي يستعمله المتعلم (مهما كان مستواه) أثناء الفروض ،الاختبارات والامتحانات والمسابقات للإجابة على الأسئلة التي قدمت له قصد الحصول على نتائج جيدة وضمان النجاح.
فمن خلال هذا المفهوم نستخلص أن مثل هذا الفعل يعتبر سلوكا لا أخلاقيا يمس بآداب التعلم وبمصداقية التعليم

أنواع الغـــش المدرسي:
تتمثل أنواع الغــــش في الحياة المدرسية فيما يلي :
1 ــ الاستعانة بالغير أثناء الامتحانات .
2 ــ مساعدة الحراس( الأساتذة والمعلمين وغيرهم) لبعض التلاميذ على الإجابة .
3 ـ إنجاز الواجبات والتمارين المنزلية من قبل الأهل أو الأقارب والأصدقاء بدل التلميذ نفسه.
4 ــ نقل إجابات الفروض المنزلية عن الزملاء دقائق قبل الدخول الى المدرسة أو أثناء الحصص الدراسية كما هو مشاع.
5 ـ تقديم نقاط وهمية للتلاميذ أو الطلبة في الجامعات لم يحضروا للدراسة أو الامتحانات أصلا.
6 ـ تضخيم نقاط بعض التلاميذ في بعض المواد أو كلها لرفع نسب النجاح .
7 ـ تعمد الغياب بمبرر أثناء الامتحانات للإبقاء على النقطة الجيدة المحصل عليها في الفرض او في امتحانات السداسي الأول بالنسبة للجامعة .
8 ـ تبني دراسات ومذكرات تخرج من جامعات أخرى أو من الأنترنيت مع إحداث بعض التغييرات السطحية عليها وتقديمها على أنها من إنجاز الطالب (خاص بالجامعة).

سكولوجية المتعلم الذي يمارس الغش أثناء الامتحانات:
لفهم سلوك المتعلم الذي يمارس الغش نتناول الأعراض السلوكية التي سجلناها ميدانيا لدى الكثير من تلاميذ التعليم الاكمالي ،الثانوي وحتى الجامعي ما يلي:

1- كثرة الالتفات يمينا وشمالا وعدم الجلوس باعتدال واستقرار .

2- كثرة الحركة وبروز مظاهر القلق والاضطراب على وجه المتعلم وجسمه بصفة عامة .

3- تركيز النظر على الأستاذ أو المعلم الحارس لترقب غفلته والتفاته الى جهات أخرى أو اهتمامه بأمر معين.

4- تعمد إفساد أوراق المسودة و أوراق الامتحان ومطالبة الحراس بتغييرها من حين لآخر وبشكل متكرر بهدف تشغيلهم وتغيير وضعياتهم من خلال تنقلهم بين الصفوف وبالتالي افساح المجال لهم أو لزملائهم للقيام بعملية الغـش.

5- الإكثار من أوراق المسودة في الطاولة بهدف إدراج أوراق مشابهة لها معدة سلفا بينها حتى لا تلفت الانتباه

6- كثرة استفسار الأساتذة أو المعلمين المكلفين بالحراسة حول بعض الأسئلة ، الكلمات غير المفهومة حسب زعمهم أحيانا ، وفي أحيان أخرى حول الوقت لتسهيل عملية الغش.

7- كثرة مطالبة زملائهم بتسليم لهم ( القلم ، المسطرة، الممحاة ، الآلة الحاسبة.. وغيرها ) باذن من الأستاذ أو المعلم الحارس وخلالها تستغل فرصة الاتصال لالتقاط بعض الأفكار ، المعادلات ، القوانين …أو لتمرير بعض الإجابات .

8- التستر وراء الزملاء أو وضع اليد على الخد بشكل يخفي الشفتين من أعين الحراس للاتصال بصوت خافت مع الذين يقربونهم ، وحينما يقترب منهم بعض الحراس يتظاهرون وكأنهم يتكلمون مع أنفسهم .

9- التظاهر بأنهم يفكرون في الاجابة عن طريق النظر الى الحائط أو السبورة الا أن أعينهم بمثابة "كاميرا"مركزة على أوراق زملائهم الجالسين أمامهم لالتقاط بعض المعلومات خاصة في مدرجات الجامعة…

أهم الوسائـل التي يستعملها المتعلمون في الغـــش:
يلجأ الكثير من المتعلمين أثناء الاختبارات إلى عدة وسائل وطرق لتنفيذ عملية الغش وتتمثل في ما يلي:

1- إنجاز وريقات صغيرة توضع في الجيب أو في حافظة الأوراق بشكل يسهل استعمالها واللجوء إليها (وهي الطريقة الأكثر شيوعا).

2- الكتابة على المنديل أو وضع ورقة بداخله ، باعتبار أن إخراج المنديل من الجيب واستعماله لا يشكل شبهة ولا يشكك في نية المتعلم في اعتقاد المتعلم اتجاه الأساتذة الحراس .

3- الكتابة على المقلمة المئزر و الطاولة خاصة ( المعادلات ، النظريات ، القوانين ، التواريخ وحتى الدروس كاملة... وغيرها )

4- طي أوراق صغيرة ووضعها داخل الأقلام لتوظيفها شخصيا أو لتسليمها لزملاء آخرين عن طريق طلبهم له .

5- طي أوراق بشكل دائري وأنبوبي وإلصاقها تحت الطاولة أو الكرسي ليسهل استعمالها .

6- الكتابة على أوراق بيضاء بشوكة الفرجار أو بشيء آخر حتى تبدو وكأنها ورقة بيضاء يمكن الاستعانة بها دون أن يلتفت أحد على أنها مكتوبة .

7- استعمال المفكرة الإلكترونية خاصة بالنسبة للقوانين والتواريخ والمعادلات .
فكل هذه الوسائل وغيرها تتطلب تفكير عميق ، تخطيط وتنسيق دقيقين لإمكانية التحايل والغش دون أن يضبط ، حبذا لو وظف التلميذ هذا الجهد كله في برمجة وتنظيم المراجعة والدراسة خلال السنة لتفادي هذا التصرف السلبي .
أما بالنسبة لمذكرات التخرج والرسائل الجامعية يلجأ الطلبة إلى جامعات أخرى وطنية وأجنبية فيقومون بتصوير نسخ منها وإعادة كتبتها مع إحداث بعض التعديلات حول العينة ومكان إجراء الدراسة وغيرها .

الأسباب التي تــدفع إلى الغــــش :
من أهم الأسباب التي تُعوًد التلاميذ على الغش وتشجيعهم عليه ما يلي:

1- الاختبارات المدرسية ترتكز على الحفظ والاسترجاع للدروس فقط بمعنى أنها تقيس ذاكرة المتعلمين فقط.

2- أن غالبية الأساتذة والمعلمين يحاسبون التلاميذ أثناء عملية التصحيح على مدى وفائهم الحرفي لما قدموه لهم وفق للقاعدة التقليدية "بضاعتي ترد إلى " لذلك نظرا لصعوبة حفظ الكم الهائل من الدروس واستحالتها في بعض المواد لدى الكثير من التلاميذ جعلهم يلجئون إلى التحايل والغش .

3- نقص المراجعة لدى بعض التلاميذ وانعدامها لدى البعض الآخر ولجوئهم إليها في الأيام الأخيرة قبل الاختبار وهو ما جعلهم يجدون أنفسهم أمام حجم كبير من الدروس المتراكمة فينتابهم الشعور بالعجز والصعوبة في مراجعتها وفهمها في تلك المدة القصيرة لذلك يلجأون إلى التكهن والتوقع للدروس المحتملة في الاختبار فيركزون على بعض منها دون أخرى .
ونتيجة للشعور بعدم الثقة بالنفس التي تستولي على الكثير من المتعلمين للأسباب السابقة الذكر أصبح الحل السهل أمامهم هو التفكير في كيفية التحايل والغش لسد النقائص التي يعانون منها .

4- التعلق الكبير بالنقطة ودورها الاجتماعي من خلال التباهي والتفاخر بين الأسر والمتعلمين جعل الكثير من الأولياء يهددون أبنائهم بالعقاب والانتقام إذا لم يحصلوا على أكبر معدل وأحسن النتائج، فيجد المتعلمون أنفسهم مجبرين ومدفوعين إلى عدم الاكتفاء بمجهوداتهم الخاصة بل يلجئون إلى استعمال كل الوسائل التي توصلهم إلى تحقيق النتيجة التي ترضى أوليائهم ولو كانت لا تعبر على مستواهم الحقيقي وما أكثرهم.

5- تساهل بعض الأساتذة والمعلمين مع محاولات الغش وتواطؤ البعض الآخر معهم أثناء حراستهم في الامتحانات والاختبارات خاصة الرسمية منها مثل( امتحانات السنة السادسة أساسي ، شهادة التعليم الأساسي ، البكالوريا وحتى الامتحانات الجامعية والمسابقات الرسمية لمختلف الأسلاك… ).
ولذلك تتحول الحراسة في بعض الأحيان من حراسة التلاميذ إلى حراسة رؤساء المراكز والمشرفين عليها حتى لا ينكشف أمرهم ، والغريب في الأمر أن الكثير من التلاميذ يتباهون ويشكرون هذا النوع من الحراس على مساهمتهم الفعالة ، ويكرهون أولئك الذين يلتزمون بالصرامة ويؤدون واجبهم كما ينبغي . حتى بعض الأولياء يفرحون بذلك ويسايرون أبناءهم في هذا المسعى بل هناك من يوصى الحراس على التساهل لضمان نجاح أبنائهم .
والخطأ الكبير الذي يراه بعض أساتذة التعليم الثانوي خاصة المصححين لاختبارات شهادة البكالوريا الذين اكتشفوا العديد من المرات لحالات الغش لدى الكثير من التلاميذ ، يكمن في تكليف معلمي التعليم الابتدائي بحراسة شهادة البكالوريا دون أن يكون بينهم في بعض المراكز أي أستاذ من التعليم الثانوي حيث أن بعضهم لا يقدر خطر هذا التساهل في الغش ، والبعض الآخر صغير السن وقليل التجربة لا يقدر درجة المسؤولية الملقاة عليه .

6- تشدد بعض الأساتذة في التنقيط بشكل مبالغ ولا علاقة له بالتقويم الموضوعي كوضع حد أدنى للنقطة لا يتجاوز 14/20 مهما كانت إجابات التلاميذ صحيحة 100%. والبعض الآخر يتشدد كوسيلة ابتزاز ومساومة لتحقيق أغراض خاصة مثل ما يحدث في ما يسمى بالدروس الخاصة(حيث حسب بعض التلاميذ والأولياء الذين استجوبناهم في الموضوع يقولون أن أساتذة بعض المواد يعطون نقاط جيدة لزملائهم الذين سجلوا أنفسهم في دروس الدعم التي ينظمها ويحرم الآخرين منها ولو كانوا متفوقين لدفعهم إلى الالتحاق بدروسه الخاصة) . لذلك يجد الطلبة أنفسهم أمام وضع يدفعهم إلى التفكير في الغش كحل ضروري حسب اعتقادهم.

7- العوامل التقنية المشجعة على الغش ما يلي :
أ. الجلوس الثنائي في طاولة واحــدة ( خاصة الفروض المحروسة والاختبارات العادية )
ب. كثافة عدد التلاميذ داخل الحجرة الواحدة بحيث يصعب التحكم فيه ( خاصة الاختبارات التي تنظم في الجامعات ) .
جـ. نقــص عــدد الحـــراس في بعض الأحيان يجعل عملية الحراسة صعبة للغاية خاصة في المدرجات .
د. تكليف أطراف إداريــة أو شبــه إداريـة ليس لديهم تكوين بيداغوجي يؤهلهم لتقدير الأهمية التربوية للامتحانــات .

أخطـــار الغــــش على المستقبل الدراسـي للمتعلم وعلى المنظومة التربوية :

1- على التلاميـــــذ:
تتمثل الانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة على المستقبل الدراسي للمتعلم في ما يلي :
* أنها تشـــوه مستــواه الدراســي الحقيقـي وبالتالي تجعله يغتر بنفسه .
* أن نجاحه في مساره الدراسي مشكوك وغير مضمون نتيجة للصعوبات التي ستواجهه في المستويات العليا التي انتقل إليها نتيجة فقدانه للقاعــدة الأساسية في المواد التعليمية التي درسها .
بدليل أن الكثير من الأولياء يتفاجأون بنتائج أبنائهم حينما تنخفض بشكل ملفت للانتباه ( مثلا من بين الحالات التي عايناها تلاميذ تحصلوا في التعليم الأساسي على معدلات تتراوح بين 14 و 16 /20 في المعدل العام و في المواد الأساسية ( الأدبية والعلمية ) بينما حينما درسوا في التعليم الثانوي أصبحوا يتحصلون على معدلات تترواح بين 7 و 8 /20 سواء في المعدل العام أو في نفس المواد الأساسية السالفة الذكر .
* أنها تنمى في المتعلم روح التكاسل ، التهاون ، وعدم الاجتهاد في الدراسة والاعتماد على الغير و هو ما يجعل سلوكه الاجتماعي والأخلاقي عند سن الرشد وعند تقلده المسؤوليات مهيأ وله القابلية للتحايل والغش بل ستكون أحد أسس حياته بما أنه مقتنع بأنه ليست له القدرات المؤهلة لمنافسة غيره أو لإثبات وجوده وما أكثر هؤلاء في إداراتنا.

2- على المنظومة التربوية:
أما الانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة على المنظومة التربوية تتمثل في:
* تكريس الرداءة و السلبية في العمل التربوي .
* تفاقم ظاهرة ضعف المستوى الدراسي .
* ضعف نسب النجاح وارتفاع نسب التسرب المدرسي و التي تشكل عبئا ثقيلا على المنظومة التربوية من خلال كثافة الأفواج التربوية بسبب ارتفاع نسب الإعادة .
* فقدان السمعة الطيبة والمصداقية للمجرسة والجامعة الجزائرية كما هي عليه الآن .

الإجراءات الوقائيــة والعلاجيــــة لظاهرة الغش :
للتقليل من مفعول هذه الظاهرة ومحاربتها بشكل جذري تستلزم عدة إجراءات تربوية و تنظيمية تتكاثف فيها جهود جميع أطراف الجماعة التربوية (أولياء، أساتذة ومعلمين، إدارة، تلاميذ ومستشاري التوجيه المدرسي على مستوى المدارس ورؤساء الأقسام ومسؤولي الشعب والأساتذة على مستوى الجامعات) وتتمثل هذه الإجراءات فيما يلي :

1- الإجراءات البيداغوجية:
أ. تحسيس وتوعية التلاميذ والأولياء والمربين جميعا بالأهمية التربوية والبيداغوجية للامتحانات والاختبارات ودورها في تقدير المستوى الدراسي ومعرفة جوانب النقص والقوة وتحسيسهم حول خطورة ظاهرة الغش على المستوى العلمي والمهاري والشخصي للمتعلمين.
ب. مساعدة التلاميذ عن طريق تعريفهم بمنهجية واستراتيجية المراجعة من خلال وضع روزنامة للمراجعة المستمرة لجميع الدروس قصد تعزيز ثقتهم بأنفسهم وضمان استعدادهم الدائم لكل الأسئلة والفروض أو الاختبارات .
جـ. تجنب الأسئلة التقليدية التي تعتمد على الحفظ الببغائي للدروس مع الاعتماد على الأسئلة التي تقيس المستويات العقلية الأخرى ( كالفهم ، التحليل ، التطبيق ، التركيب ، الاستنتاج )لتدريب المتعلمين على كيفية توظيف المعلومات التي تعلموها واستوعبوها في حل مشكلات مطروحة.
د. تجنب العقلية التي تلزم المتعلمين التقيد الحرفي بما قدم له من طرف الأستاذ من معلومات وطرق وفق المبدأ الشائع " بضاعتي ترد إلى " بل تعويد التلميذ على الاجتهاد والإبداع في إيجاد الجواب الصحيح والمطلوب حسب مراجعاته ومعلوماته الخاصة{ لأن الفائدة من عملية التعلم ليس تخزين المعلومات واسترجاعها بل كل الفائدة تتمثل في تنمية القدرة على التفكير العلمي والموضوعي و في القدرة على التوظيف للمكتسبات العلمية في حل المشكلات الحياتية والدراسية المتنوعة}.
هـ. وضع سلم تصحيح دقيق لكل أبعاد كل سؤال مع الإجابات النموذجية المحتملة لكل سؤال من أجل الموضوعية في التقييم و السماح حتى للمتعلم بتنقيط نفسه بنفسه.
د. تعويد المتعلمين على إنجاز أعمالهم بأنفسهم ولو كانت فيها صعوبات ،على أن تقتصر عملية المساعدة على التوجيهات والإرشادات حول منهجية العمل فقط لتنمية فيهم روح الاعتماد على النفس(مسؤولية الأولياء في البيت).

2- الإجراءات التنظيميــــة :
أ. إجراء الامتحانات في قاعات الدراسة مع تجنب القاعات الكبيرة والمدرجات بهدف التحكم في عملية الحراسة .

ب. التقليل من عدد التلاميذ في كل حجرة إلى أقصى حد كلما أمكن لنفس الغرض السابق ( 20 تلميذ في كل قاعة على الأكثر ).

جـ. تجنب الجلوس الثنائي والمتقارب بين التلاميذ الممتحنين سواء في الفروض أو الاختبارات أو المسابقات لمنع أي شكل من أشكال الاتصالات المذكورة سابقا .

د. تشديد الحراسة مع ضرورة تفهم حركات وسلوك كل ممتحن تجنبا لسوء الظن والاتهام المجاني لبعض منهم . وأحسن طريقة للحراسة هي تلك التي يكون فيها جلوس الحراس من وراء الممتحنين و السر في ذلك يكمن في أن هؤلاء حينما يعرفون بأن الحارس موجود ورائهم يخافون من الالتفات يمينا أو يسارا لاعتقادهم بأنه يركز نظره عليهم .

هـ. عدم التسامح مع الذين يتساهلون أو يتواطئون في عملية الغش المدرسي .

و. كما يستحسن تنظيم الفروض المحروسة بنفس الكيفية التي تنظم بها الاختبارات الفصلية والرسمية من خلال التنظيم الجيد وتجنيد كل الأطراف حتى تعطى لها المصداقية أكثر.

ز. بالنسبة للغش في المذكرات الجامعية يستحسن وضع بنك معلومات عن طريق جرد وطني لكل الدراسات والمذكرات المنجزة على مستوى شبكة الأنترنيت والأنترانيت للمراقبة الدورية لكل الدفعات الجامعية حتى على مستوى الأقسام مع ضرورة التفكير في كيفية التنسيق والتعاون بين الجامعات العربية والعالمية حول محاربة الظاهرة وعقوبة الغشاشين والمتورطين أو المتواطئين معهم حفاظا على أخلاقيات التكوين الجامعي.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة » [رواه البخاري ومسلم واللفظ له].
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً...وبعد:

لقد ذمّ الله عزّ وجلّ الغش وأهله في القرآن وتوعدهم بالويل، ويُفهم ذلك من قوله تعالى: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينْ . الّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [المطففين:1-3].

فهذا وعيد شديد للذين يبخسون- ينقصون- المكيال والميزان، فكيف بحال من يسرقها ويختلسها ويبخس الناس أشياءهم؟1 إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان.

وقد حذّر نبي الله شُعيب- عليه السلام- قومه من بخس الناس أشياءهم والتطفيف في المكيال والميزان كما حكى الله عزّ وجلّ ذلك عنه في القرآن.

وكذلك حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من الغش وتوعّد فاعله، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على صُبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً. فقال: « ما هذا يا صاحب الطعام؟ » قال: أصابته السماء يا رسول الله. قال: « أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني » وفي رواية « من غشنا فليس منا » وفي رواية « ليس منا من غشنا » [رواه مسلم].

فكفى باللفظ النبوي "ليس منا" زاجراً عن الغش، ورادعاً من الولوغ في حياضه الدنسة، وحاجزاً من الوقوع في مستنقعه الآسن.

إننا يا أخي في حاجة شديدة إلى عرض هذا الوعيد على القلوب لتحيا به الضمائر، فتراقب الله عزّ وجلّ في أعمالها، دون أن يكون عليها رقيب من البشر.

وصدق من قال:

ولا ترجع الأنفس عن غيِّها


ما لم يكن منها لها زاجر


ولا يكن مثلنا في معالجة هذه الظاهرة، وغيرها من الظواهر المدمرة في المجتمع- كمريض بالزائدة الدودية يحتاج إلى مبضع الجراح..فتعمل له كمادات ساخنة عساها أن تخفف الألم.. إن المريض سيموت قبل أن التفيكر في استدعاء الطبيب!!



وإليك يا أخي المبارك وقفات مع ظاهرة الغش بعد ما علمت ما رُتب عليه من الوعيد:

الوقفة الأولى: تعريف الغش:

قال المناوي: "الغش ما يخلط من الرديء بالجيد".

وقال ابن حجر الهيثمي: "الغش المحرم أن يعلم ذو السلعة من نحو بائع أو مشتر فيها شيئاً لو اطلع عليه مريد أخذها ما أخذ بذلك المقابل".

وقال الكفوي: "الغش سواد القلب، وعبوس الوجه، ولذا يطلق الغش على الغل والحقد".

الوقفة الثانية: مظاهر الغش

إن التأمل في واقع كثير من الناس ليجد أنهم يمارسون صوراً من الغش في جميع شؤون حياتهم ومن ذلك:

أولاً: الغش في البيع والشراء:

وما أكثره في زماننا في أسواق المسلمين!! ويكون الغش فيهما بمحاولة إخفاء العيب، ويكون في طرق أخرى كالغش في ذاتية البضاعة أو عناصرها أو كميتها، أو وزنها أو صفاتها الجوهرية أو مصدرها، كما حدد ذلك نظام مكافحة الغش التجاري الصادر بالمرسوم الملكي رقم (45) في 14/8/ 1381 هـ

وإليك طرقاً من مظاهر ذلك على التفصيل:

1- بعض البائعين للفاكهة يضع في نهاية القفص المعد لبيعه الفاكهة أوراقاً كثيرة، ثم يضع أفضل هذه الفاكهة أعلى القفص، وبذلك يكون قد خدع المشتري وغشه من جهة أن المشتري يظن أن القفص مليء عن آخره، ومن جهة أنه يظن أن كل القفص بنفس درجة الجودة التي رآها في أعلاه.

2- وبعضهم يأتي بزيت الطعام ويخلطه ببعض العطور على أن تكون كمية الزيت هي الغالبة وبعضها في عبوات زجاجية ويخرج منها ريح العطر ويبيعه بثمن قليل.

3- وبعض التجار يشتري سلعة في ظرف خفيف جداً ثم يجعلها في ظرف ثقيل نحو خمسة أضعاف الأول، ثم يبيع ذلك الظرف وما فيه، ويوزن جملة الكل، فيكون الثمن مقابلاً للظرف والمظروف.

4- وبعض التجار يخيط الثياب خياطة ضعيفة ، ثم يبيعها من غير أن يبين أن هذا مخيط، بل ويحلف بالله إنه لجديد وما هو بجديد فتباً له!!

5- وبعضهم يلبس الثوب خاماً إلى أن تذهب قوته جميعها ثم يقصره حينئذ ويجعل فيه نشاً يوهم به أنه جديد، ويبيعه على أنه جديد.

6- وبعض العطارين يقرب بعض السلع إلى الماء كالزعفران مثلاُ فتكتسب منه مائية تزيد وزنه نحو الثلث.

7- وبعض التجار وأصحاب المحلات يسعى إلى إظلام محله إظلاماً كثيراً باستخدام الإضاءة الملونة أو القاتمة، حتى يعيد الغليظ من السلع والملابس- خصوصاً- رقيقاً، والقبيح حسناً، زين لهم الشيطان سوء أعمالهم.

8- وبعض الصائغين يخلط مع الذهب نحاساً ونحوه، ثم يبيعه على أنه كله ذهب.

9- وبعضهم يعمد إلى شراء ذهب مستعمل نظيف، ثم يعرضه للبيع بسعر الجديد دون أن يُنبّه المشتري على انه مستعمل.

10- يعمد بعض البائعين في مزاد السيارات إلى وضع زيت ثقيل في محرك السيارة حتى يظن المشتري أنها بحالة جيدة.

11- وبعضهم يعمد إلى عداد الكيلو في السيارة الذي يدل على أنها سارت كثيراً فينقصه بحيلة حتى يتوهم المشتري بذلك أنها لم تسر إلا قليلاً.

12- وبعضهم إذا كان معه سيارة يريد بيعها، ويعلم فيها خللاً خفياً، قال لمن يريد شراءها: هذه السيارة أمامك جرّبها إن أردتها، ولا يخبره بشيء عنها.. ولعَمر الله إنه لغش وخداع.

13- وبعضهم يعمد إلى ذكر عيوب كثيرة في السيارة وهي ليست صحيحة ، ويهدف من وراء ذلك إلى إخفاء العيوب الحقيقية في السيارة تحت هذه العيوب الوهمية المعلن عنها.

والأدهى من ذلك أنه لا يذكر العيوب إلا بعد البيع وتسليم العربون، ولا يمكّن المشتري من فحص السيارة بل ولا يسمح له بذلك.

14- وبعضهم إذا كان معه سيارة يريد بيعها صار يمدحها ويحلف بالله أنها جيدة، ويختلق أعذاراً لسبب بيعها. والله عزّ وجل يعلم السر وأخفى.

15- وبعضهم يتفق مع صاحب له ليزيد في ثمن السلعة فيقع فيها غيره. وهذا هو النجش الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.

16- ومن الغش في البيع أن يقوم القصّاب- الجزار- بنفخ الذبيحة التي يراد بيعها، ليبين للمشتري أن المنفوخ كله لحم.

17- وبعضهم يعمد في مزاد الأغنام إلى تغذيتها بالملح- وكذلك في محلات بيع الدجاج- حتى يظن المشتري أنها سمينة وهي بخلاف ذلك.

18- وبعض أصحاب بهيمة الأنعام يعمد إلى صرِّ- أي شد وربط- ضرع ذات اللبن من بهيمة الأنعام قبل بيعها بأيام ليظهر أنها حليب.

وهي ليست كذلك فلا ينطق لها ضَرْعٌ إلا بعد تَضَرُّع!!

19- .................................................. ..................................

20- .................................................. .................................

وأدع لك المجال لتضيف ما خطر في ذهنك من صور الغش في البيع والشراء. وأعيذك بالله إن كنت بائعاً أو مشترياً من الغش والاتصاف بشيء مما سبق.



ثانياً: الغش في الزواج:

ومن مظاهر الغش فيه ما يلي:

1- أن يقدم بعض الآباء للمتقدم لإحدى بناته ابنته الصغيرة البكر، ويوم البناء- ليلة العرس- يجدها الكبيرة الثيب، فيجد بعضهم لا مناص ولا هروب من هذا الزواج.

2- وبعض الآباء وأولياء النساء يُري الخاطب البنت الجميلة ، ويوم البناء يرى أنها الدميمة القبيحة فيضطر للقبول- إن قبل.

3- وبعض الآباء قد يخفي مرضاً أو عيباً في ابنته ولا يبينه للخاطب ليكون على بينة، فإذا دخل بها اكتشف ما فيها من مرض أو عيب.

4- وبعض الآباء وأولياء البنات إذا طلب منهم الخاطب رؤية المخطوبة- وهو جائز بشروطه- أذنوا في ذلك بعد أن تملأ وجهها بكل الألوان والأصباغ التي تسمى "مكياجاً" لتبدو جميلة في عينيه، ولو نظر إليها دون هذا القناع من المساحيق لما وقعت في عينيه موقع الرضا.

أليس هذا غشاً يترتب عليه مفاسد عظيمة في حق الزوج والزوجة؟!

5- وبعض الأولياء يعمد إلى تزويج موليته دون بذل جهد في معرفة حال الخاطب وتمسكه بدينه وخلقه.. وفي هذا غش للزوجة وظلم لها.

6- ومن الغش في الزواج أن يعمد الخاطب إلى التشبع بما لم يعط، فيُظهر أنه صاحب جاه وأنه يملك من العقارات والسيارات الشيء الكثير. بل ويسعى إلى استئجار سيارة فارهة تكلف المئات من الريالات ليظهر بأنه يملك، ولا يملك في الحقيقة شيئاً.

7- ومن الغش كذلك أن يعمد بعض الناس إلى تزكية الخاطب عند من تقدم لهم، ومدحه والإطراء عليه وأنه من المصلحين الصالحين، مع أن هذا الخاطب لا يعرف للمسجد طريقاً.

فكفى- أيُّها الأحبة -غشاً وخداعاُ يهدم البيوت، ويشتت الأسر.

8- ومن الغش ما تقوم به بعض النساء- وخاصة الكبيرات- من الفَلَج- وهو برد الأسنان لتحصل بينها فرجة لطيفة تظهر بها الكبيرة صغيرة، فيظن الخاطب أنها كذلك فإذا تزوجها اكتشف أنها بلغت من الكبر عتياً. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى.



ثالثاً: الغش في النصيحة:

وذلك بعدم الإخلاص فيهان والقصد من بذلها أغراض دنيوية وأغراض دينية، ومن حق الأخُوّة بين المؤمنين أن يتفانى الأخ في نصح أخيه ويمحص له ذلك، فالمؤمنون نَصحة والمنافقون غششة.

والمؤمن مرآة أخيه إذا رأى فيه عيباً أصلحه. والنصيحة تكون بكف الأذى عن المسلمين، وتعليمهم ما يجهلونه من دينهم، وإعانتهم عليه بالقول والفعل، وستر عوراتهم، وسد خلاتهم، ودفع المضار عنهم، بجلب النافع لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبريهم، ورحمة صغيرهم، وتخوُّلهم بالموعظة الحسنة، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه.

روى الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده أن جرير بن عبد الله البجلي- رضي الله عنه- أمر مولاه أن يشتري له فرساً، فاشترى له فرساً بثلاثمائة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس- وانظر إلى النصيحة: فرسك خير من ثلاثمائة درهم، أتبيعه بأربعمائة درهم؟ قال: ذلك إليك يا أبا عبد الله. فقال: فرسك خير من ذلك أتبيعه بخمسمائة درهم؟ ثم لم يزل يزيده مائة فمائة، وصاحبه يرضى وجرير يقول: فرسك خير إلى أن بلغ ثمانمائة فاشتراه بها. فقيل له في ذلك فقال: إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم.



رابعاً: الغش في الرعية:

عن معقل بن يسار المزني- رضي الله عنه- أنه قال في مرضه الذي مات فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة » [رواه البخاري ومسلم واللفظ له].

وأحد لفظي البخاري: « ما من مسلم يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة »

فهذا وعيد شديد يدخل في كل من استرعاه الله رعيّة سواءً كانت صغيرة أم كبيرة، ابتداءً من أفراد الأسرة إلى الحاكم، فيجب على الكل النصح لرعيته وعدم غشهم.

فالموظف يجب عليه أن ينصح في وظيفته وأن يؤديها على الوجه المطلوب شرعاً دون غش ولا خداع، ودون تأخير لأعمال الناس ومصالحهم، وليعلم أنه موقوف بين يدي الله عزّ وجلّ. فما ولاه الله عزّ وجلّ هذه الوظيفة إلا ليديم النصح للمسلمين.

وكذلك الأب يجب عليه أن ينصح أولاده، وألا يفرط في تربيتهم بل يبذل كل ما يستطيع ليقي نفسه وأولاده من نارٍ وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد.

قال ابن القيم رحمه الله: "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده وفوَّت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد- رأيت عامته من قبل الآباء" [تحفة المودود ص146].



خامساً: الغش في الامتحان:

وما أكثر طرقه ووسائله بين الطلاب والطالبات!! وسبب ذلك هو ضعف الوازع الديني، ورقة الإيمان، وقلة المراقبة لله تعالى أو انعدامها.

قال سماحة شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: "قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من غشنا فليس منّا » وهذا يعم الغش في المعاملات، والغش في الامتحان، ويعمّ اللغة الإنجليزية وغيرها، فلا يجوز للطلبة والطالبات الغش في جميع المواد لعموم هذا الحديث وما جاء في معناه. والله ولي التوفيق".

هذا بعض مظاهر الغش تدل على غيرها، وهي غيض من فيض، وقطرة من بحر، ليحيا من حيي على بيّنة ويهلك من هلك على بيّنة.

وإلى كل من وقع في صورة من صور الغش ذُكرت أو لم تذكر نقول له: اتق الله يا أخي واستشعر رقابة علام الغيوب، وتذكر عقابه وعذابه { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [الفجر: 14] واعلم أن الدنيا فانية وأن الحساب واقع على النقير والفتيل والقطمير، وأن العمل الصالح ينفع الذرية، والعمل السيئ يُؤثّر في الذرية، قال تعالى: { وَلْيَخْشَ الَّذينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً } [النساء: 9]. فمن تأمل هذه الآية خشي على ذريته من أعماله السيئة وانكفّ عنها، حتى لا يحصل لهم نظيرها.



ثم اعلم أن للغش مضارً عظيمة وإليك بيانها في الوقفة التالي:

الوقفة الثالثة: مضار الغش
من مضار الغش:

1- الغش طريق موصل إلى النار.

2- دليل على دناءة النفس وخبثها، فلا يفعله إلا كل دنيء نفسٍ هانت عليه فأوردها مورد الهلاك والعطب.

3- البعد عن الله وعن الناس.

4- أنه طريق لحرمان إجابة الدعاء.

5- أنه طريق لحرمان البركة في المال والعمر.

6- أنه دليل على نقص الإيمان.

7- أنه سبب في تسلط الظلمة والكفار، قال لابن حجر الهيثمي: "ولهذه القبائح- أي الغش- التي ارتكبها التجار والمتسببون وأرباب الحرف والبضائع سلط الله عليهم الظلمة فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم ، بل وسلط عليهم الكفار فأسروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألواناً.

وكثرة تسلط الكفار على المسلمين بالأسر والنهب، وأخذ الأموال والحريم، إنما حدث في هذه الأزمنة المتأخرة لمّا أن أحدث التجار وغيرهم قبائح ذلك الغش الكثيرة والمتنوعة، وعظائم تلك الجنايات والمخادعات والتحايلات الباطلة على أخذ أموال الناس بأي طريق قدروا عليها، لا يراقبون الله المطلع عليهم" اهـ.






>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

جزاك الله خيرا على الموضوع.

=========


>>>> الرد الثاني :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العمري محمود
جزاك الله خيرا على الموضوع.

وإياكم أخي الفاضل تقبل تحياتي أخي العمري محمود


=========


>>>> الرد الثالث :

مع امتحان كامتحان السنة 5 لا أظن أن التلميذ يحتاج إلى غش لأنه تم غشه المسكين و هو لا يعلم

=========


>>>> الرد الرابع :

بارك الله فيك. موضوع في الصميم


=========


>>>> الرد الخامس :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي عيش
بارك الله فيك. موضوع في الصميم


وفيكم بارك الله تقبل تحيات اخوك نورالدين


موفق بإذن الله


=========


شكرا لك بارك الله فيك مسست بكل النقاط الرئيسية بوركت وموضوع كهذا يستحق الشكر والتقدير


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميساء خولة
شكرا لك بارك الله فيك مسست بكل النقاط الرئيسية بوركت وموضوع كهذا يستحق الشكر والتقدير


وفيك بارك الله وشكرا جزيلا على الرد المشجع الذي يظهر شخصية صاحبه



بورك فيك اختي مرة اخرى


بورك الله فيك وزادك من علمه نحتاج دائما الى مثل هذه المواقف كفيت ووفيت شكرا

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوثر20054
بورك الله فيك وزادك من علمه نحتاج دائما الى مثل هذه المواقف كفيت ووفيت شكرا




بارك الله فيك أختي الفاضلة على المرور الطيب والرد الذي ينم عن شعور نبيل
يحمل بين طياته شخصية إنسان جُبِل على حب الخير والعمل المتقن بعيدا عن الرياء ولفت انتباه المخلوق على حساب الخالق الذي يجب مراقبته في كل ما نقوم به لنحقق العبادة الحقة


شكرا على المرور والرد المشجع على العطاء والبذل


بارك الله فيك أصبتي في كل شيئ . ولاكن ،مجتمعنا أصبحاطول النهار و طول السنة يغش لماذا لاتشدد الرقابة
في الأسواق و المتاجر و المصانع ونشدد على الطالب . ذاك الطالب من ذاك المجتمع .

merci bocq mon ami

شكرا جزيلا اخي العزيز على هذا العمل الرائع وجزاك الله خيرا

بارك الله فيك. موضوع في الصميم
ودمت ذخرا لنا ....