عنوان الموضوع : النص الأدبي وتعدد القراءات التعليم الثانوي
مقدم من طرف منتديات العندليب

النص الأدبي وتعدد القراءات

بشير إبرير


1- المقدمة:
إن ما تحتويه هذه الدراسة إن هو إلا محاولة بسيطة في حاجة إلى تعميق وروية، ذلك أن ميدان النص والقراءة ميدان متشابك ومتعدد المحطات ومعقد المسالك، فلا تكاد تحاول الإجابة عن سؤال إلا وتجد نفسك أمام تساؤلات عديدة أخرى.
تتأسس هذه الدراسة على العناصر التالية:
1- مفهوم النص وذلك بالعرض والتحليل والنقد لمجموعة من التعريفات ونلخص منها التعريف الإجرائي الذي سنتبناه عن النص الأدبي.
2- بين النص والخطاب: نبين فيه التداخل الموجود بين النص والخطاب، فهل النص هو الخطاب؟ وأيهما أشمل من الآخر؟ وما الفرق بينهما ؟ وما هي الصفات المميزة لكل منهما.
3- أنواع النص ونبين فيه أنواع النصوص مثل النص الإعلامي والنص العلمي والنص الأدبي بشكل خاص وما يميزه عن غيره من النصوص الأخرى غير الأدبية ؟
4- النص وتعدد القراءات: ونحاول الإجابة فيه عن الأسئلة التالية: ما مفهوم القراءة ؟ وما هي خصوصيات القراءة الأدبية ؟ وهل يفرض علينا نص معين نوعا من القراءة ؟ ولماذا تعدد القراءات ؟ هل يعود ذلك إلى تعدد القراء؟ وتباين خصوصياتهم النفسية والاجتماعية والحضارية؟ وعليه فإن القراءة مستويات كما القراء أنفسهم مستويات ؟ أم يعود إلى تعدد مناهج القراء. سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة بتقديم أمثلة تطبيقية من نصوص أدبية كلما كان ذلك ممكنا.
5- خاتمة نجمل فيها أهم ما تم التوصل إليه من آراء.
2- مفهوم النص
نسجل. من البداية - أننا نجد أنفسنا أمام كم هائل من التعريفات الخاصة بالنص، وكل تعريف منها يعكس وجهة النظر الخاصة بمعرفة وبالمرجعيات الفكرية والتراكمات المعرفية التي ينطلق منها ولذلك سنقتصر على بعض التعريفات التي نواها تخدم الموضوع.
- فالنص هو: "ما تنقرئ فيه الكتابة، وتنكتب فيه القراءة "(1)
وتذهب "جوليا كريستيفا" "J. Krisieva ". إلى أن النص "جهاز عبر لساني يعيد توزيع نظام اللسان Langue عن طريق ربطه بالكلام Parole راميا بذلك إلى الإخبار المباشر مع مختلف أنماط الملفوظات السابقة والمعاصرة."(2).
ويرى بول ريكور " P.Recourd" أن النص "خطاب تم تثبيته بواسطة الكتابة" (3).
إن كل تعريف من هذه التعريفات يحيلنا إحالة تتناسب ووجهة النظر الخاصة به، فالتعريف الأول ركز على انقرائية الكتابة، وانكتابية القراءة إن صح التعبير، وهو لم يخرج عن إطار المكتوب. والتعريف الثاني لـ "جوليا كريستيفا" يحدد النص كإنتاجية Productivité، وعلاقته باللسان Langue الذي يحصل فيه هي علاقة توزيعية، أي علاقة هدم وبناء على رأي الأستاذ سعيد يقطين، ثم هو أيضا مجموعة نصوص متبادلة أو متناقضة، إذ نجد في النص الواحد ملفوظات مأخوذة من نصوص عديدة غير النص الأصلي.
ويؤكد "بول ريكور" على تثبيت النص بواسطة الكتابة أي أن النص هو ما نكتبه.
أما "رولان بارت "R. Barthes" فقد عد النص نسيجا "ولكن طالما تم اعتبار هذا النسيج على أنه منتج وحجاب جاهز يكمن وراءه، - نوعا ما، - المعنى - الحقيقي مختفيا.. فإننا سنشدد داخل النسيج على الفكرة التوليدية القائلة: إن النص يتكون ويصنع نفسه من خلال تشابك مستمر، ولو أحببنا عمليات استحداث الألفاظ لاستطعنا أن نصف نظرية النص بكونها علم نسيج العنكبوت (هو نسيج العنكبوت وشبكته)"(4).
إن "رولان بارث" عندما شبه النص بالنسيج الذي ينتج لنا حجابا جاهزا أو لباسا نلبسه ونختفي فيه ويصبح جزءا من شخصيتنا يكون - فيما أرى - قد أصاب كثيرا من الحقيقة لأن النص هو أيضا منتج لعملية التشابك المستمر والانسجام والتماسك التي يقيمها "الناص /الكاتب " للكلمات والجمل والمعاني التي تعطينا - في النهاية - نصا كما يعطي العنكبوت شبكة من ذاته فالناص يعادل أو يوازي العنكبوت - في هذا التعريف. والشبكة توازي أو تعادل الكلمات والجمل والمعاني التي تؤلف النص.
إن النص "مدونة حدث كلامي ذي وظائف متعددة" (5) وهو "شكل لساني للتفاعل الاجتماعي"(6) تبعا للمقام الذي أنتج فيه وللعلاقات الاجتماعية واللسانية والثقافية والمعرفية.
فهو مجموع الملفوظات اللسانية الخاضعة للتحليل إنه إذن عينة من السلوك الإنساني المكتوب والمنطوق. وهو عند "هيلمسلاف" ملفوظ مهما كان منطوقا أو مكتوبا، طويلا أو موجزا، قديما أو جديدا، فكلمة "قف" هي نص مثله مثل رواية طويلة فكل مادة لسانية تشكل نصا، يكون قابلا للتحليل الى صفات هي نفسها قابلة للتجزئة إلى أقسام وهكذا إلى أن تنتهي إمكانيات التقسيم (7) هذا عن النص بشكل عام.
أما النص الأدبي: فهو - في رأيي - نص معرفي تتلاقى فيه جملة من المعارف الإنسانية أهمها على الإطلاق المعرفة الأدبية، لكنها ليست كافية وحدها ولذلك فإن قارئ الأدب الذي يكتفي بمعرفة الأدب فقط تكون قراءته غير كافية ومعرفته بالنص هي أيضا غير كافية فعليه أن ينزع إلى معارف أخرى لأننا قد نجد في النص الأدبي المعرفة التاريخية والنفسية والاجتماعية والسياسية وحتى المعرفة الاقتصادية والعلمية وغير ذلك من المعارف الإنسانية وهو ما يلقي مسؤولية إضافية على كاهل المشتغل بالأدب كتابة وقراءة في التزود من هذه المعارف قدر الإمكان للاستعانة بها في قراءة النصوص الأدبية وكتابتها. (8)
3- بين النص والخطاب
عندما نقرأ بعض الدراسات نجد كثيرا منها قد استعملت مصطلح النص text وهي تقصد الخطاب discours، ونجد كثيرا منها قد استعملت الخطاب وهي تقصد النص. ولذلك نتساءل ما الفرق بين النص والخطاب ؟ أين يلتقيان وأين يفترقان ؟
إن مصطلح الخطاب متعدد المعاني، فهو وحدة تواصلية إبلاغية، ناتجة عن مخاطب معين وموجهة إلى مخاطب معين في مقام وسياق معينين يدرس ضمن ما يسمى الآن بـ "لسانيات الخطاب" "Linguistique de discours".
وهو على رأي "بيار شارودو P. Chareaudeau " ما تكوّن من ملفوظ ومقام تخاطبي وأن الملفوظ énoncé يستلزم استعمالا لغويا عليه إجماع، أي قد تواضع عليه المستعملون للغة وأن هذا الاستعمال يؤدي دلالة معينة، ويمكن أن نبين ذلك من خلال الخطاطة التالية (9).

ويمكن أن نبين الفرق بين الخطاب وبين النص كما يلي:
1 - يفترض الخطاب وجود السامع الذي يتلقى الخطاب، بينما يتوجه النص الى متلق غائب يتلقاه عن طريق عينيه قراءة أي أن الخطاب نشاط تواصلي يتأسس - أولا وقبل كل شيء - على اللغة المنطوقة بينما النص مدونة مكتوبة.
2- الخطاب لا يتجاوز سامعه الى غيره، أي أنه مرتبط بلحظة إنتاجه، بينما النص له ديمومة الكتابة فهو يقرأ في كل زمان ومكان..
3- الخطاب تنتجه اللغة الشفوية بينما النصوص تنتجها الكتابة، أو كما قال "روبير اسكاربيت R. Escarpit "اللغة الشفوية تنتج خطابات des discours بينما الكتابة تنتج نصوصا des textes (10) وكل منهما يحدد بمرجعية القنوات التي يستعملها الخطاب محدود بالقناة النطقية بين المتكلم والسامع وعليه فإن ديمومته مرتبطة بهما لا تتجاوزهما، أما النص فإنه يستعمل نظاما خطيا وعليه فإن ديمومته رئيسية في الزمان والمكان.
إن الخطاب عن رأي ليتش وزميله شورت - تواصل لساني ينظر إليه كإجراء بين المتكلم والمخاطب، أي أنه فاعلية تواصلية يتحدد شكلها بواسطة غاية اجتماعية. أما النص فهو أيضا تواصل لساني مكتوب. وتبعا لهذا فإن الخطاب يتصل بالجانب التركيبي والنص بالجانب الخطي كما يتجلى لنا على الورق (11).
ولكن على الرغم من هذه الفروق فإنه يوجد من لا يفرق بين الخطاب وبين النص ويستعملهما بالمعنى نفسه، السرديون: "جينيت " و"تودوروف " و"فاينريش" لا يميزون بينهما (12).

4- أنواع النصوص:
تتعدد النصوص بتعدد المعارف الإنسانية في العلوم والآداب والفنون وليس من السهولة أن نقرأها كلها، بل ليس في الإمكان ذلك وإنما نتواصل معها تبعا لتخصصاتنا ويمكن أن نقدم الأنواع التالية:
أ - نصوص يسيطر عليها السرد (تحقيقات، روايات تاريخ).
ب- نصوص يسيطر عليها الوصف (أجزاء من روايات أو قصص).
ت- نصوص يسيطر عليها التحليل (مداخلات علمية دروس، رسائل عمل...).
ث- نصوص يسيطر عليها التعبير (أشعار، روايات، مسرحيات، رسائل خاصة....).
ج- نصوص يسيطر عليها الأمر (وثائق إدارية، تقارير، محاضر، تعليمات...).
ويمكن أن نجمل النصوص في ثلاثة أنواع كبرى هي:
أ - النص الإعلامي: ويتمثل في الصحافة والإعلان، ونستمده من المكتبات والأكشاك والمراكز الثقافية والاشتراكات ويستند على مؤشرات مرئية مثل العناوين في كتابتها ومضامينها وأنواع الطباعة، ويتوجه لأغلب الجماهير ليمكنها من الفهم الإجمالي لمختلف الأحداث.

ب - النص العلمي: ويتميز بكونه يقدم حقيقة لا يوجد فيها اختلاف مثل: زوايا المثلث تساوي قائمتين أو أن مدينة عنابة تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط وهي تبعد عن مدينة قسنطينة بـ 150 كم. فالخطاب العلمي يقدم حقائق علمية يتفق عليها الناس ويستعينون في ذلك باختيار نتائجها بوسائل مادية محددة، ومعايير الحكم على هذه الحقائق لا يترك مجالا للجوانب الخاصة التي تميز هذا الفرد عن ذلك وإنما لها واقعية يؤكدها المنطق وتثبتها التجربة العلمية (13).

ج - النص الأدبي: هو نقيض للنص العلمي، لأنه غير ثابت ولا يقدم حقيقة علمية دقيقة وإنما يقدم حقيقة فنية تنبع من الذات.
إن النص الأدبي "هو نتيجة ما في الفنان من تباين وفردية.... وهذه الفردية أو الذاتية التي تميز الفن على العلم، عند النقاد وعلماء الجمال هي العنصر الأساسي الذي يجعل الفن عند خلقه يتسم بسمة الأصالة: التي هي مجموعة الخصائص الفردية المميزة للأشخاص... "(14).
فعندما نقرأ جملة "فرانز كافكا" "جئت إلى العالم بجرح فاغر وذلك كل متاعي" أو جملة: "لو كنت موسيقارا لعزفت اللحن الذي لم يعزف بعد".
فإن قراءتنا تكون بناء على خصوصياتنا النفسية والاجتماعية والمعرفية، وكل منا سيتلقى الجملتين بشكل خاص يختلف عن الآخرين، وقد يحدث تشابه ولكن لن يكون أبدا صورة طبق الأصل. فالنص الأدبي بما فيه من حساسية فنية وطاقة جمالية خلاقة يخاطب الإنسان الذي يرقد في أعماقنا جميعا ويعمل على إيقاظه وربما لذلك قال "الدوس هكسلي": "إن أحد ردود الفعل الطبيعية التي تعترينا عقب قراءتنا لمقطوعة جيدة من الأدب يمكن أن يعبر عنه بالمسلمة الآتية: هذا هو ما كنت أشعر به وأفكر فيه دائما، ولكنني لم أكن قادرا على أن أصوغ هذا الإحساس في كلمات حتى ولا لنفسي"(15).

5- النص وتعدد القراءات:
إن الحديث عن القراءة يختلف باختلاف الإطار النظري الذي ينطلق منه كل دارس ولذلك تعددت تعريفاتها فمنها:
- "القراءة: فعل ملموس يتكون من جملة افتراضات وآمال وخيبات وأحلام تعقبها يقظات.."(16).
- "القراءة: جزء من النص، فهي منطبعة فيه محفورة عليه، تعيد كتابته" (17).
- وهي من منظور اجتماعي: "ظاهرة اجتماعية وأيديولوجية بمعنى أنها ترتبط أساسا بسلم القيم الجماعية وعلى أن الجمهور ليس كتلة متجانسة، بل تتدخل المصالح الفئوية أو الطبقية المتعارضة غالبا، لتتمفصل على مستوى القراءة" (18) لن نستمر في تعداد التعريفات الخاصة بالقراءة لأنها كثيرة، كما سبقت الإشارة بل يمكن أن نورد تعريفا ظهر لنا من عدة قراءات وهو: أن القراءة فعل متشابك ومعقد يعمل على إخراج العمل الأدبي من حالة الإمكان إلى حالة الإنجاز يخرجه من نطاق الكمون الى نطاق التحقق، أي انتقاله من الموجود بالقوة إلى الموجود بالفعل على رأي علمائنا العرب القدماء وهي تلاقي القارئ بالنص في مستوى ما.
إن القراءة قراءات ولكل قراءة خصوصياتها وأهم ما يميز القراءة الأدبية أنها تحاول البحث في المسافة الفاصلة بين الدال والمدلول وتعمل على فك أسرار التعدد الدلالي الذي يميز النص الأدبي إنها - إن صح التعبير - ارتحال وهجرة وعبور بين الدلالات بشكل دائم وهذا كاف وحده بجعلها تتعدد وتتجدد باستمرار.
لماذا تتعدد قراءة النص الأدبي؟
هل يعود ذلك إلى كون بعض النصوص يفرض على المتلقي نوعا معينا من القراءة ؟ أم يعود إلى تعدد القراء واختلاف معارفهم وثقافتهم ؟ وعليه فإن القراءة مستويات كما القراء أنفسهم مستويات؟ أم يعود إلى تعدد المناهج النقدية التي يستثمرها النقاد في قراءة الأدب وتحليله ؟
توجد لبعض النصوص قدرة على توجيه القارئ إلى أمر ما أكثر من بقية الأمور الأخرى فمثلا: رواية الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال" لا يمكن - فيما أرى - للقارئ إلا أن ينشغل بشخصية مصطفى سعيد، أو بالإشكاليات الحضارية الكامنة فيها.. أي أن النص يقرر إلى حد كبير استجابة القارئ على رأى الناقد الألماني "ولنفجانج ايسر" (19).
فللنص سلطة يمارسها على القارئ إن صح التعبير وهو موضوع مستقل بذاته.
إن النص الأدبي يمكن أن يقرأ قراءات متعددة بالنظر إلى الخصوصيات النفسية والاجتماعية والمعرفية التي تميز قارئا عن قارئ آخر؛ ولذلك تتباين مستويات القراءة وتتعدد من حيث العمق تبعا لخبرة القراء وأساليبهم، حتى قيل إن هناك عددا من القراءات يساوي عدد القراء (20)، ثم إن القارئ الواحد سيقرأ النص الواحد قراءات مختلفة بالنظر إلى أحواله المختلفة النفسية والاجتماعية والمعرفية فهو في هذه القراءة ليس هو في تلك القراءة للنص نفسه تبعا للمقولة الشائعة: "أنا الآن لست أنا بعد لحظات ".
إن القراءة مستويات كما أن القراء أنفسهم مستويات فعلى رأي "إسكاربيت R. Escarpil " توجد:
- القراءة العارفة والقراءة المستهلكة، فالأولى تتجاوز العمل الأدبي لتدرك الظروف المحيطة بإنتاجيته وتفهم نواياه. وتحلل أدواته وتعيد تشكيل نظام الإحالات الذي يعطي العمل بعده الجمالي... إنها قراءة حكيمة محفزة. والثانية قراءة تذوقية تنبني على الإعجاب (أو عدمه) بالعمل ولا غرو أن يتقرر المصير التجاري للكتاب بمدى إقبال الجمهور عليه" (21).
تتعدد القراءة بتعدد المناهج النقدية التي هي مناهج قراءة
أ – "فرولان بارت" أعطى أهمية كبيرة للقارئ لأنه رأى أن الدراسات النقدية قد ركزت اهتمامها على المؤلف ولم تعط الأهمية الكافية للقارئ؛ ولذلك رأى بين القارئ والنص علاقة اشتهاء متبادل (22)، أي النص الذي يحقق للقارئ المتعة.
وقد رأى "بارت" أن قراءة النص يجب أن تستند إلى النظام النصي نفسه الذي يستعان في توضيحه ببعض الفروع الأكاديمية: كعلم النفس التحليلي والنقد الموضوعاتي thématique والتاريخي والبنيوي structureles وتتأسس قراءة "بارت" التي طبقها على قصة "بلزاك Sararine " على الخطوات التالية:
1 - وضع الألغاز”herméneutique” ومسلكه الحقيقة التي تعرف من خلال العقدة مثل: التساؤل عن اسم Sarizine أمؤنث هو أم مذكر؟ لأن له دلالة أنثوية.
2- وضع الأفعال: ومسلكه الأفعال "actions " من مختلف الأحداث والوقائع.
3- الوضع الرمزي symbolique: ويكون على مستوى الاستبدالات substitutions التي تتم من خلال الصور البلاغية والتعابير المتتابعة والمتضادة مثل: (الحياة والموت البرودة والحرارة والداخل والخارج) ومختلف التنوعات التي تحصل على مستوى الفضاء (من الحديقة إلى قاعة الاستقبال...).
4- الوضع الخاص بالمعنى sèmique ويتعلق بالمعاني المفردة، مثل دلالات المعنى التالية: الأنثوية féminité بالنسبة لـ"Sararine ... الخ.
5- الوضع الثقافي ويحيل إلى سلطة علمية أو أخلاقية أو ثقافية، لأنه يتمثل في المعرفة le savoire بتعبير آخر هو الوضع الذي يتعلق بكل ما يمكن أن نعده مرجعا référent وقد يتجسد في الحياة اليومية أو في المظاهر الحضارية بصفة عامة.
إن هذه الأوضاع التي قدمها "رولان بارت" لا تخضع لأي ترتيب على مستوى النصوص بقدر ما توضح الجمع pluriel , الذي يتألف منه أي نص. (23).
ب - يمكن أن نقرأ النص من منظور اللسانيات البنيوية: فنستثمر هذه المعرفة في قراءة النص بالبحث في مختلف بنياته: الصوتية والمعجمية والصرفية والنحوية والدلالية، أي التركيز على مستويات المعنى وترابط بعضها ببعض وتفاعلها فيما بينها، ذلك أنه لا يمكن للمستوى أن يؤدي المعنى بمفرده بل من خلال علاقاته مع المستويات الأخرى في سياق لغوي واحد، فالكلمة على سبيل المثال - تحيا بين أخواتها على رأي علمائنا العرب القدماء عبد القاهر الجرجاني مثلا.
ويمكن أن نورد الأمثلة التالية:
1 - على مستوى المعجم:
نأخذ المقطع الأتي من قصيدة نزار قباني "خربشات طفولية"
1- خطيئتي الكبيرة الكبيرة
2- أنني يا بحرية العينين يا أميرة
3- أحبُّ كالأطفال
4- وأكتب الشعر على طريقة الأطفال
5- فأشهر العشاق يا حبيبتي
6- كانوا من الأطفال
7- وأجمل الأشعار، يا حبيبتي
8- ألفها أطفال
(...........)
9- وأنني أقْدر في بساطة
10- أن أرسم النساء في كراستي
11- بهيئة الأشجار
12 - وأجعل النهد الذي اختاره
13- طيارة من ورق
14- أو زهره من نار
يظهر لنا من هذه المقطوعة:
أ - مجال الكتابة وتدل عليه الكلمات:
"خربشات، أكتب، الشعر، ألفها، أرسم، كراستي، ورق "
ب- مجال الأنوثة وتدل عليه:
"بحرية العينين، أميرة، حبيبتي، النساء، النهد، زهرة،.."
ت- مجال الطفولة وتدل عليه الكلمات التالية:
"طفولية، كالأطفال، طريقة الأطفال، ألفها أطفال، بمنطق (الصغار)، ودهشة (الصغار)، طيارة من ورق.
ونكتفي بهذا على مستوى المعجم. (24).
2- على المستويين الصرفي والنحوي:
يمكن إن نمثل بالمنفرجة قصيدة أبي الفضل يوسف ابن النحوي المتوفى سنة 513هـ، التي عدد أبياتها أربعون بيتا، نقتطف منها الأبيات التالية: على سبيل التمثيل، ولكن الحديث سيكون بالنظر إلى القصيدة كلها.
1- اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلـــج
2- وظلام الليل له سرج حتى يغشاه أبو الســـرج
3- وسحاب الخير لها مطر فاذا جــاء الإِبّان تـــجِ
4- وفوائد مولانا جمل لسُروج الأنفس والمهج (25)
ومن يدرس هذه القصيدة من حيث أبنية أفعالها سيلاحظ غياب بعض الأوزان مثلا: "فعُل يفعُل" ويلاحظ في مقابل ذلك حضور وزن "فعَل يفعل" ومرد ذلك -فيما أرى - إلى أن الأفعال التي بوزن "فعُل يفعل" تتواتر في الكلام العربي بنسبة قليلة جدا. ثم إن «فعل» ليس فعلا يتم معنى الكلمة،وإنما يدل على الاتصاف بصفة لذلك فهو قليل العدد نسبيا، قليل التصرف، يلازم حركة واحدة في المضارع هي حركة عين الماضي ذاتها مثل "حسُن يحسُن" (26).
ومن جهة أخرى فإن القرآن الكريم "لم يستعمل منها إلا أحد عشر فعلا، وهى نسبة ضعيفة جدا تدل على قلة أهمية الصنف من الأفعال في الاستعمال" (27) 0فهو كما قال ابن جني: "ضرب قائم في الثلاثي برأسه غير متعد البتة، وأكثر باب فعَل وفعِل متعد. فلما جاء هذا مخالفا لهما وهما أقوى وأكثر منه خولف بينهما وبينه، فووفق بين حركتي عينيه، وخولف بين حركتي عينيهما" (28) نفهم من هذا أن حركة عين الفعل مهمة جدا في التفرقة بين هذه الأوزان، وهى في هذا الوزن تأتي ضمة في المضارع والماضي مثل: كرم يكرُم. أو كما قال رضي الدين الاستراباذي عن ابن الحاجب أنه:
"ذكر "فعُل" مثالا واحدا لأنه ليس مضارعه إلا مضموم العن، وليس إلا لازما وكون "فعُل" لازما؛ لأنه "لأفعال الطبائع ونحوها كـ "حسُُن وقبُح وكبُر فمن ثمة كان لازما" (29).
وإذا علمنا أن حركة العين في "فعُل يفعُل" هي الضمة، وأن موضع النطق بها خلفي ودرجة الانفتاح فيها منغلقة زيادة على ذلك تتصف بأنها مستديرة والمقصود بالاستدارة أن الشفتين تكونان عند النطق بها مستديرتين بينما تنفرجان عند النطق بالكسرة والفتحة.
والاستدارة في مستوى الشفتين تجعل نطقها أكثر ثقلا من نطق الحركتين الأخريين ولاسيما الفتحة التي هي أخفهما (30)، فإنه يمكن أن نبرر سر غياب وزن "فعُل يفعُل" من المنفرجة بأن الشاعر ينشد الانفراج لهمومه وزوالها وذهابها عنه، ولذلك لم يستعمل وزن "قعُل يفعل" لأن حركة العين فيه وهي الضمة بما أنها خلفية ومستديرة ومنغلقة لا تنسجم مع ما ينشده الشاعر من انفراج لهمومه بسرعة فحركة عين الفعل هنا تتصف بالثقل مما يجعل انفراج الهموم بطيئا وهو ما لا يرغبه الشاعر.
وفي المقابل شكّل وزن "فعَل يفعل" حضورا مكثفا لأن ذلك يتناسب مع الانفتاح الذي يحدث في الفم أثناء التلفظ، فالانفراج والانفتاح يشتركان - هنا - وفي الأذهان للهم والشدة والحزن وفي نشدان الفرح والسرور بأسرع وقت ممكن (21).
ويتضافر المستوى الصرفي بالمستوى النحوي، من خلال البنية الزمنية التي تؤديها الجمل الفعلية في المنفرجة، فالفعل يعد أهم صنف من أصناف الكلمات إذ عليه نقيم الجمل ونبني النص وبفضله نعرف الزمن ونوعية الحركة في الخطاب.
وبرجوعنا إلى المنفرجة لاحظنا هيمنة الزمن المستقبل، إذ نجد 38 فعلا تدل على المستقبل وهي نسبة كبيرة إذا ما قيست بالزمن الماضي الذي مثلته 10 أفعال فقط والزمن الحاضر الذي يبدو قليلا جدا حيث لا يمثله إلا ثلاثة أفعال فقط.
وهكذا يبدو الحاضر، ولكأني به، لا مكان له في هذا النص الشعري، فالماضي والمستقبل قد تضافرا على إقصاء الحاضر، وفي حالات أخرى يأتي المستقبل ليحول أزمنة الفعل من حاضرها المسحوق ويصرفها نحو الآتي، إما بأن يضعها في المعادلة الثسرطية، أو بوضعها في سياق مستقبلي آخر.
إن الماضي عندما تحول إلى المستقبل - في المنفرجة - قد شكل مع المضارع والأمر تداخلا وأقام معهما وشائج قربى وعلاقات نسب أدت به إلى التعاون معهما على سحق الحاضر وإلغائه في الكثير الأغلب.
فالحاضر - إذن - قد تجاوزه الماضي والمستقبل قد تجاوزهما معا، وعليه فإن الكون الزماني في المنفرجة كون مستقبلي يرتبط ارتباطا وثيقا بنفسية الشاعر التي ترفض حاضرها المتأزم وتتشبث بمستقبلها الذي ترى فيه انفتاحا وانفراجا لأزمتها، ولهذا تكررت هذه النغمة عند أبي الفضل يوسف ابن النحوي في أغلب أبيات قصيدته. لهذا كله ومن هذا كلا تبقى "المنفرجة" نصا شعريا منفتحا على القراءات العديدة في جميع مستوياته (22).
ج - يمكن أن نقرأ النص قراءة أسلوبية نركز فيها على الإنزياحات المختلفة التي تخلقها اللغة والطاقات الدلالية المختزنة في النص التي تلامس مكامن الحساسية المتأثرة لدى القارئ ويمكن أن نقدم النص التالي للأصمعي مثالا عن الانزياح والعدول في التعبير عن المألوف بما يخرق أفق الانتظار عند القارئ.
قال الأصمعي: "دخلت بعض مقابر الأعراب، ومعي صاحب لي. فإذا جارية على قبر كأنها تمثال، وعليها من الحلي والحلل ما لم أر مثله،وهي تبكي بعين غزيرة وصوت شجي. فالتفت إلى صاحبي فقلت: هل رأيت أعجب من هذا ؟
قال: لا والله ولا أحسبني أراه.
ثم قلت: يا هذه: إني أراك حزينة وما عليك زي حزن !
فأنشأت تقول:
فإن تسألاني:فيم حزني؟ فإنني رهينة هذا القبر يا فتيان
وإني لأستحييه والترب بيننا كما كنت أستحييه حين يراني
ثم اندفعت في البكاء وجعلت تقول:
يا صاحب القبر يا من كان ينعم بي بالاً ويكثر في الدنيا مواساتي
قد زرت قبرك في حلي وفي حللي كأنني لست من أهل المصيبات
أردت أن آتيك فيما كنت أعرفه أن قد تسربه من بعض هيئاتي
فمن رآني عبري مولهة عجيبة الزي تبكي بين أموات (23)
يتمثل الإنزياح في هذا النص في التعارض الحاصل بين الحالة الخارجية للأعرابية وبكائها بعين غزيرة وصوت شجي ووجودها في المقبرة على قبر زوجها. فحالتها الخارجية تدل على الفرح وحالتها الداخلية ليست كذلك، لذلك تساءل الأصمعي - باعتباره مخاطبا قائلا لصاحبه:
هل رأيت أعجب من هذا؟ فرد عليه صاحبه مؤكدا غرابة الحالة قائلا: لا والله ولا أحسبني أراه.
فزينة الأعرابية ولباسها لأحسن ما تملك من الحلي والحلل في حالة الموت، فيه خروج عن المألوف، فيه عدول عن المعمول به في طقوس الموت التي تتطلب نوعا معينا من اللباس، ثم إن وجود الأعرابية وهي في حالتها تلك في المقبرة لا يتناسب مع المكان بل يمكن أن يتناسب مع العرس مثلا.
ففي هذا التعارض - إذن - تكمن أسئلة القارئ: لماذا هذا التعارض ؟ لماذا تزينت هذه الأعرابية بما يدل على العرس ؟ ولماذا هي موجودة على قبر كأنها تمثال تبكي بعين غزيرة وصوت شجي ؟ هل هي حزينة أم مسرورة ؟ إن هذا التعارض الذي تتميز به الأعرابية يدل على أنها تعيش أزمة نفسية عميقة اختلط عليها بعد الماضي السعيد مع زوجها، وبعد الحاضر المحزن الذي يتمثل في موت زوجها فأرادت أن تعيش البعدين معا، ولكن - في حقيقة الأمر - أنه يوجد صراع مرير بين الماضي والحاضر عند الأعرابية، فهناك نفي ورفض دائمان لواحد من البعدين بغية تأكيد الآخر، فالعلاقة بينهما علاقة إقصاء فلابد أن يختفي إما الحزن وأما الفرح، فالبعد الحقيقي هو الذي يمارس هيلمانه وهو الذي يبقى في النهاية. ونرى في هذا النص أن الحزن هو البعد الأقوى وأن مظهر الفرح يدل - في الحقيقة - على الحزن لا على الفرح كما يدل البكاء، في بعض الأحيان، على الفرح.
د - كما يمكن أن نقرأ النص قراءة سيميائية فنبحث في العلامات والإشارات والرموز والأيقونات ونحاول أن نقدم تطبيقا واحدا عن العلامة دون الغوص في باقي الجوانب الأخرى.
فالعلامة معطى نفسي واجتماعي وثقافي وحضاري، أصله الوضع والعرف والاصطلاح يمكننا من خلالها، معرفة العلاقة بين سعة أي نظام تبليغي وطبيعة مكوناته الدلالية فالقارئ للنص يجب أن يكون على معرفة كافية بنظامها لكي يتمكن من فهمها وتحليلها ومعرفة مختلف وظائفها.
ولنأخذ المثال التالي:
جاء في رواية عبدالحميد بن هدوقة "الجارية والدراويش" النص التالي:
"... أرواح المخلوقات البشرية أنشئت دفعة واحدة، ووضعت بذورها في آدم فردا فردا.. بيكاسو، فرانكو أليندي، بينوشي راسبوتين، لينين سالزار، أميل كاركابرال، عرفات، بيجن، شيوخ البترول والخميني، ناصر والسادات، بوجو الأمير عبدالقادر، غاندي، هتلر، لمونمبا، تشومبي، بودمين، باشا أنما بوعلام.. كلهم خلقوا دفعة واحدة ووضعوا في آدم.. أنت أنا، السجان، النقابة، الخنساء، صاحبه الراية... الجميع انشئوا دفعة واحدة" (24).
فبتأملنا لهذا النص نجده مؤلفا من علامات عديدة، وكل علامتين لهما علاقة ببعض، فالعلامة الأولى تستدعي الثانية، والعلامة الثانية تنبني على العلامة الأولى، وهكذا فإن كل علامة تحيا وتفصح عن معانيها ومضامينها من خلال تضافرها مع العلامة الأخرى على الرغم من التضاد أو التنافر الظاهر بينهما ويمكن أن نبين ذلك من خلال الرسم البياني التالي:

وهكذا فمن كل علامتين متتاليتين يمكننا إنشاء رسم كهذا بالنسبة لجميع الثنائيات الأخرى
هـ - قراءة تستثمر لسانيات الخطاب ومناهج تحليله:
فتتعامل مع النص الأدبي على أنه رسالة بين مخاطب (كاتب) ومخاطب (قارئ) وتهتم بالبحث في محاولة معرفة أفعال الكلام les actes de Parole وأحوال الخطاب les sutiations des discours ووظائفه المختلفة:
أولا: يمكن قراءة النص طبقا لوظائفه:
1 - الوظيفة المرجعية fonction référentielle: وتتأسس على المخاطب ومن خلالها يمكننا معرفة المرجعيات المعرفية والثقافية التي ينطلق منها والتي تبديها اللغة في النص، فتبحث في حالات المصطلحات والأفكار التي تعود إلى إطار مرجعي واحد، فنعرفها ما إذا كانت مرجعيات
نفسية أو اجتماعية أو سياسية أو ثقافية أو تاريخية..
فمثلا عندما نقرأ الفقرة التالية من رواية الطيب صالح «موسم الهجرة إلى الشمال»، نلاحظ بوضوح أن مرجعيتها تاريخية حضارية.
"... إنني أسمع في هذه المحكمة صليل سيوف الرومان في قرطاجة وقعقعة سنابك خيل النبي وهي تكلأ أرض القدس، البواخر مخرت عرض النيل أول مرة تحمل المدافع لا الخبز، وسكك الحديد أنشئت أصلا لنقل الجنود وقد أنشئوا المدارس ليعلمونا كيف نقول "نعم" بلغتهم. إنهم جلبوا إلينا جرثومة العنف الأوروبي الأكبر الذي لم يشهد العالم مثيله، جرثومة مرض فتاك أصابهم منذ أكثر من ألف عام. نعم يا سادتي إنني جئتكم غازيا في عقر داركم. قطرة من السم الذي حقنتم به شرايين التاريخ... ".
2- الوظيفة التعبيرية: fonction expressive وتسمى كذلك الوظيفة الانفعالية وتتأسس على المخاطب فتبدي عواطفه ومواقفه تجاه قضية ما ويتجلى ذلك مثلا في طريقة النطق وفي بعض الأدوات اللغوية التي تدل على الاستفهام أو التعجب أو الانفعال.
3- الوظيفة الافهامية fonction conative : وتتعلق بالمتلقي، فالنص يكمله على أحسن وجه، فهو يخضع لتأثير حرية القاريء بأقصى ما في هذه الحرية من شفافية. إن للقارئ قدرة مشروطة وهو في ذلك لا يختلف عن الكاتب.
4- الوظيفة الانتباهية fonction phatique: وتتعلق بقناة التخاطب وتتجلى كثيرا في المحاورات الشفافية، ولذلك يمكن أن ندرج فيها كل ما من شأنه أن يثير انتباه المتلقي من تكرارات وتأكيدات أو إطناب..
5- الوظيفة ما وراء لغوية fonction méta linguistique :
وتتأسس على الوضع " code" وتعمل على التأكد من أن طرفي الخطاب ينطلقان من الأوضاع نفسها. فهناك علاقات وثيقة بينهما ويمكن أن تراعى في القراءة وهي:
● وحدة اللغة: فالكاتب يستثمر في إبداعه الكلمات والجمل التي يعبر بها مجتمعه عن أغراضه المختلفة.
● وحدة الثقافة: أي التراث الثقافي المشترك والعقيدة الفكرية العامة المشتركة.
● وحدة البداهة: أي مجموع الأفكار والمعتقدات وأحكام القيمة التي يفرزها الوسط، فيتقبلها كأمور بديهية لا تحتمل التبرير أو الاستدلال (36).
6- الوظيفة الشعرية / الأدبية fonction poétique : وهي الوظيفة التي يكون فيها النص / الخطاب غاية في ذاته فتصبح هي المعنية بالدرس.
ثانيا: قراءة النص طبقا لبنياته الخطابية (37): ويتم ذلك كما يلي:
1- قراءة البنية الوقائعية أو السردية: وذلك بالبحث في طريقة سرد الأحداث وتنوعها وعلاقات الشخصيات الموجودة في النص وأدوارهم المختلفة والزمان والمكان، أي نحاول الإجابة عن الأسئلة التالية من ؟ وماذا؟ ومتى؟ وأين؟.
2- قراءة البنية الإخبارية: وفيها يقدم حدث أو موضوع في شكل نصوص وصفية. أو في شكل دلائل فنعمل على بحث الوسائط الخاصة بالموضوع أو الحدث أو الكلمات والوسائل المختلفة التي تتحكم فيه.
3- قراءة البنية الحوارية: فالنص يقدم في شكل محاورة أو مخاطبة أو مراسلة فنعمل على معرفة المرسلين والمتلقين وبحث وسائط الحالة التواصلية (من يكتب لمن ؟ ولأي غرض؟...).
6- الخلاصة
إن أهم ما نستخلصه من كل ما قدمنا هو أن القراءة مفتوحة أبدا.. ولا يمكن لها أن تنتهي، ومتعددة أبدا ولا يمكن للنص الأدبي أن يقرأ قراءة أو قراءتين فقط وإنما هو يتغذى باستمرار ويتجدد بالقراءة ففي كل قراءة إضافة له.
ثم إن هذه القراءات لا تختلف إلا لتأتلف، وتتداخل وتتنوع لتتكامل وذلك ما يميز قراءة الأدب عن غيرها من القراءات، فهي تبحث دائما في تعدد الدلالات المختلفة التي يحملها النص، لأنه لا يمكن أن يقدم المعنى هكذا جاهزا ونهائيا. فالنص لا يتحقق إلا بالقراءة وكلما كان النص كانت القراءة وكلما كانت القراءة كان النص.
7- مراجع الدراسة:
1 - رشيد بن حدو - قراءة في القراءة - مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 48- 49 /1988- ص 13.
2- سعيد يقطين - انفتاح النص الروائي المركز الثقافي العربي - ط ( 1).
1989 - ص 19
3- عزالدين المناصرة - نص الوطن وطن النص شهادة في شعرية الأمكنة - مجلة التبيين العدد ( ا) - ص 40.
4- رولان بارث - لذة النص، ترجمة محمد الرفرافي ومحمد خير بقاعي، مجلة العرب والفكر العالمي العدد 10. سنة 1990 - ص 35.
5- محمد مفتاح - تحليل الخطاب الشعري استراتيجية القناص - ص 119/120.
6- سعيد يقطين -انفتاح النص الروائي - ص 18.
7- «ديبوا» معجم اللسانيات.
8- انظر بشير ابرير، السيميائية وتبليغ النص الأدبي، مجلة المنهل، عدد 524- ص 29- سنة 1995.
9- Maingueneau - initiation aux méthodes de l'analyse du déscours, p. 113
10- R. Escorpit l'ecrit et la communication. p. 17.
ا 1- انظر سعيد يقطين - تحليل الخطاب الروائي - ص 44.
12- انظر - سعيد يقطين - انفتاح النص الروائي - ص 11 وما بعدها.
13- محمد زكي العشماوي - قضايا النقد الأدبي بين القديم والحديث - سنة 1979، ص 12.
4 ا- المرجع نفسه - ص 2.
15- المرجع نفسه - ص 5.
16- رشيد بن حدو - قراءة في القراءة - مجلة الفكر المعاصر. عدد 48-49 / 1988- ص 14.
17 - المرجع نفسه - ص 18.
18 - المرجع نفسه - ص 16.
19 - فاضل ثامر - من سلطة النص إلى سلطة القراءة - مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 48-49 / 1988، ص 89.
20- المرجع نفسه - ص 93.
21- رشيد بن حدو - قراءة في القراءة - مجلة الفكر المعاصر، عدد 48-49 /1988- ص 15.
22 - المرجع نفسه - ص 19.
24 - انظر الأستاذ محمود ابراقن - تحليل الأقلام والنصوص، الأسس المنهجية للتحليل النصي - رولان بارث. الحلقة "3" جريدة السلام الجزائرية العدد (215) يوم 18/7/ 1991.
24 - للمزيد من التفاصيل انظر: ميشال باربو، مفهوم الانتحاء الدلائلي وتطبيقه على نص شعري لنزار قباني، ندوة قابس / تونس 1986 للنقد العربي.
25- القصيدة موجودة بكاملها في: "المنفرجة" شرح أبي الحسن علي البوصيري تحقيق وتقديم «أحمد بن محمد ابورزاق (ابو روح)»، المؤسسة الوطنية للكتاب - الجزائر 1984.
26- انظر - فخر الدين قباوة - تصريف الأسماء والأفعال - 1978، ص 88.
27- الطيب البكوش - التصريف العربي من خلال علم الأصوات الحديث - ص 84.
28- المرجع نفسه - ص 84 هامش رقم ( 1)
29- الرضي الاستراباذي - شرح شافية بن الحاجب، تحقيق محمد الزفزاف وآخرين، بيروت - لبنان دار الكتب العلمية 1982. الجزء ( ا). ص 67.
30- المرجع نفسه - ص 74.
31- انظر للمزيد من التفاصيل: بشير ابرير، مستويات الخطاب في الأدب المغربي القديم، المنفرجة نموذجا، الملتقى التاسيسى الأول، جامعة باتنة ايام 09/ 0 1/ 1 ا مايو 1994.
32- المرجع نفسه.
33- النص مأخوذ من ابن القيم الجوزية، أخبار النساء.
34- النص مأخوذ من رواية الجارية والدراويش - ص 132 / المؤسسة الوطنية للكتاب - الجزائر 1983.
35- الطيب صالح - موسم الهجرة إلى الشمال - ص 100- عيون المعاصرة.
36 - رشيد بن حدو - قراءة في القراءة - مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 48-49 /1988- ص 15.
37 - تمكن العودة إلى: Francine cicurel lectures interactives en langues étrangéres – ص 49, 50, 51 سنة 1991.






>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

مشكور يا أخي على الموضوع القيم ، النص و تعدد القراءات إشكالية لم تكن مطروحة في القديم لكنها اليوم حاضرة بقوة ، فالأدب الحديث و بخاصة الشعر الحديث متعدد القراءات و متعدد التأويلات و كل فرد يقرأه من زاوية و تبقى القراءة الصحيحة لصاحبها فقط و البقية مقاربات لا أكثر

=========


>>>> الرد الثاني :

بارك الله فيك.

=========


>>>> الرد الثالث :

بوركت أخي على هذه اللفتة المهمة
تقبل مروري


=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========