الفصل الأول :الشعر الجاهلي
الباب الأول : موطنه ومنزلته
الشعر الجاهلي هو الشعر العربي الذى قيل قبل الإسلام بنحو من مائة وخمسين إلى مئتىعام في رأى بعض المحققين الذين أشاروا إلى أن الشعر الناضج يعود إليها وقد اشتملعلى شعر عدد كبير من الشعراء على رأسهم شعراء المعلقات مثل عنترة وزهير ولبيدوامرىء القيس كما ضم دواوين عدد من الشعراء والشاعرات الذى وصلنا شعر بعضهم كاملاتقريبا ووصلتنا شذرات من شعر بعضهم ويتميز هذا الشعر بجزالة لفظه ومتانة تراكيبهواحتوائه على معلومات غنية عن البيئة الجاهلية بما فيها من حيوان وطير وجماد كماأنه عبر عن أحداث حياة العرب وتقاليدهم ومعاركهم المشهورة وأماكن معيشة قبائلهموأسماء آبار مياههم وأسماء فرسانهم المشهورين ومحبوباتهم حتى قال عمر بن الخطاب رضىالله عنه ( كان الشعر علم قوم لم يكن لديهم علم أصح منه ) واعتبر هذا الشعر سجلالحياة الأمة العربية قبل ظهور الإسلام كما اعتمد عليه علماء اللغة في وضع قواعدالنحو والاستشهاد على صحتها واعتمد عليه مفسرو القرآن في بيان معانى الكلمات ومدىورودها في لغة العرب.
الباب الثاني : أغراضه
1
ـ الوصف: وصف الشاعر كلّ ما حواليه، وقد شمل الحيوان والنبات والجماد.
2 ـ المدح: لقد كان المديح للشكر والاعجاب والتكسّب.
3 ـ الرثاء: مدح الميّت، كان يعرف بالرثاء، فقد كثر رثاء أبطال القبيلة المقتولين.
4 ـ الهجاء: كثر هذا النوع بسبب كثرة الغارات وانتشار الغزو فذكروا عيوب الخصم.
5 ـ الفخر: وهو المباهاة حيث كان الشاعر يفتخر بقومه وبنفسه وشرف النسب وكذا بالشجاعة والكرم.
6 ـ الغزل: امتلأت حياة الشاعر بذكر المرأة، وهو نوعان: الغزل العفيف والماجن.
7 ـ الخمر: لقد شربها بعض الشعراء المترفين ووصفوها مفتخرين.
8 ـ الزهد والحكمة: ذكر الشاعر الزهد والحكمة في قصائده الشعرية.
9 ـ الوقوف والتباكي على الأطلال: لقد أطال بعض الشعراء الوقوف والبكاء في شعرهم.
10 ـ شعراء الأساطير والخرافات: الأساطير المختلفة والروايات المتناقضة
الباب الثالث : خصائصه
الباب الرابع :ظهور الشعر الجاهلي
ويشمل :
1- شعراء الفرسان: نحن نعلم بان شاعر القبيلة هو لسانها الناطق وعقلها المفكر والمشير بالحق والناهي الى المنكر ، فكيف اذا جمع له الشعر والفروسية فهو صورة صادقة لتلك الحياة البدوية ، حيث كان يتدرب على ركوب الخيل ، ويشهر سيفه ، ويلوح برمحه ،
2- شعراء الصعاليك: جمع صعلوك ، وهو - لغة - الفقير الذي لا مال له . اما الصعاليك في عرف التاريخ الادبي فهم جماعة من شواذ العرب وذؤبانها ، كانوا يغيرون على البدو والحضر ، فيسرعون في النهب; لذلك يتردد في شعرهم صيحات الجزع والفقر والثورة ، ويمتازون بالشجاعة والصبر وسرعة العدو ، وحين نرجع الى اخبار الصعاليك نجدها حافلة بالحديث عن الفقر ، فكل الصعاليك فقراء لا نستثني منهم احدا حتى عروة بن الورد سيد الصعاليك الذين كانوا يلجئون اليه كلما قست عليهم الحياة ليجدوا ماوى حتى يستغنوا ، فالرواة يذكرون انه كان صعلوكا فقيرا مثلهم (5) ،.
3- شعراء آخرون: وهناك افراد من الشعراء في يثرب وغيرها من مدن الحجاز والجزيرة العربية اعتنقوا اليهودية كالسموال بن عاديا ، او النصرانية كقس بن ساعدة.
الباب الخامس :أساليبه
عندما نستعرض الشعر الجاهلي نجده متشابهاً في أسلوبه، فالقصيدة الجاهلية تبدأ بالوقوف على الأطلال وذكر الأحبة كما نجد ذلك عند امرىء القيس في قوله
:
قِفَا نَبْكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ بِسَقْطِ اللَّوَى بين الدَّخُولِ فَحَوْمَل
وينتقل الشاعر الجاهلي إلى وصف الطريق الذي يقطعه بما فيه من وحش، ثم يصف ناقته، وبعد ذلك يصل إلى غرضه من مدح أو غيره، وهذا هو المنهج والأسلوب الذي ينتهجه الجاهليون في معظم قصائدهم ولا يشذ عن ذلك إلا القليل من الشعراء.
وإذا أردنا أن نقف على أسلوب الشعر الجاهلي :
فلابد لنا من النظر في الألفاظ والتراكيب التي يتكون منها ذلك الشعر.
فألفاظ الشعر الجاهلي قوية صلبة في مواقف الحروب والحماسة والمدح والفخر، لينة في مواقف الغزل، فمعظم شعر النابغة الذبياني وعنترة العبسيوعمرو بن كلثوم من النوع الذي يتصف بقوة الألفاظ.
وهناك نوع من الألفاظ يتصف بالعذوبة؛ لأنه خفيف على السمع ومن ذلك قول امرىء القيس:
وما ذَرَفت عيناكِ إلا لِتَضْرِبِي
بسَهْميك في أعشار قَلْبٍ مُقَتل"
ومعظم ألفاظ الشعر الجاهلي يختارها الشاعر استجابة لطبعه دون انتقاء وفحص، ولكنها تأتي مع ذلك ملائمة للمعنى الذي تؤديه، ويمثل هذا النوع مدح زهير بن أبي سلمى وذمه للحرب ومن ذلك قوله:
وما الحربُ إلا ما علمتُمْ وذقتُمُ وما هُوَ عَنهَا بالحديثِ المُرَجَّم.
وألفاظ الشعر الجاهلي مفهومة في معظمها ولكنها مع ذلك تشتمل على الغريب الذي يكثر في الرجز، أما الشعر فالغريب فيه أقل، ومن الغريب الوارد في الشعر قول تأبط شراً:
عاري الظَّنَابِيبِ، مُمْتَدَّ نَوَاشِرُهُ مِدْلاَجِ أدْهم واهي الماء غَسَّاقِ.
ويغلب على الألفاظ الجاهلية أداء المعنى الحقيقي أما الألفاظ التي تعبر عن المعاني المجازية فهي قليلة.
والتراكيب التي تنتظم فيها الألفاظ تراكيب محكمة البناء متينة النسج متراصة الألفاظ، وخير شاهد على ذلك شعر النابغة الذبياني، وشعر زهير ابن أبي سلمى.
الباب السادس: أنواعه
1-
الشعر العمودي والشعر التقليدي: لقد احتفظ بخاصيته التقليدية بالالتزام بنظام الاوزان والقافية .
2- الشعر المرسل: احتفظ بنظام الاوزان في الشعر وتحرر من نظام القافية الموحدة .
الشعر الحر: وهو الشعر الذي تحرر من نظام الاوزان والقوافي معا
الباب السابع :شكل القصيدة
تبدأ القصيدة الجاهليّة بذكر
الأطلال ثمّ وصف الخمر وبعدها ذكر الحبيبة، ثمّ ينتقل الشاعر إلى الحماسة والفخر ... إلخ
الباب الثامن :الوزن والقافية
الوزن: هو التفعيلات الشعرية الموسيقية الرتيبة التي تتكون منها الابيات ، وتسمى البحور الشعرية
.
القافية: وهي ما ياتي به الشاعر في نهاية كل بيت من ابيات القصيدة ، وابرزها الحرف الاخير الذي يختم به البيت وضبطه النطقي .
الباب التاسع :قيمته
القيمة الفنية: وتشمل المعاني والاخيلة والعاطفة والموسيقى الشعرية ، حيث نظم الشاعر الجاهلي اكثر شعره على اوزان طويلة التفاعيل
2- القيمة التاريخية: كان الشعر وسيلة نقل معاناة الناس وشكواها الى السلطة ، فالشعر الجاهلي يعتبر وثيقة تاريخية بما يخص احوال الجزيرة واحوال العرب الاجتماعية
الباب العاشر :طبقات الشعراء
1-
الشعراء الجاهليون: وهم الذين لم يدركوا الاسلام كامرئ القيس .
2- الشعراء المخضرمون: وهم ادركوا الجاهلية والاسلام كلبيد وحسان .
3- الشعراء الاسلاميون: وهم الذين عاشوا في صدر الاسلام وعهد بني امية .
4- الشعراء المولدون او المحدثون: وهم من جاءوا بعد ذاك كبشار بن برد وابي نؤاس (1) .
الباب الحادي عشر :المعلقات العشر
تعريف المعلقات
لغةً من العِلْق : وهو المال الذي يكرم عليك، تضنّ به، تقول : هذا عِلْقُ مضنَّة. وما عليه علقةٌ إذا لم يكن عليه ثياب فيها خير، والعِلْقُ هو النفيس من كلّ شيء، وفي حديث حذيفة : «فما بال هؤلاء الّذين يسرقون أعلاقنا» أي نفائس أموالنا. والعَلَق هو كلّ ما عُلِّق.
اصطلاحاً:
قصائد جاهليّة بلغ عددها السبع أو العشر ـ على قول ـ برزت فيها خصائص الشعر الجاهلي بوضوح، حتّى عدّت أفضل ما بلغنا عن الجاهليّين من آثار أدبية.
والناظر إلى المعنيين اللغوي والاصطلاحي يجد العلاقة واضحة بينهما، فهي قصائد نفيسة ذات قيمة كبيرة، بلغت الذّروة في اللغة، وفي الخيال والفكر، وفي الموسيقى وفي نضج التجربة، وأصالة التعبير، ولم يصل الشعر العربي إلى ما وصل إليه في عصر المعلّقات من غزل امرؤ القيس، وحماس المهلهل، وفخر ابن كلثوم، إلاّ بعد أن مرّ بأدوار ومراحل إعداد وتكوين طويلة.
ومن بينها المعلقات العشر
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ (امرؤ القيس).
لخولة أطلال ببرقة ثهمد، لـ (طرفة بن العبد).
آذَنَتنَـا بِبَينهـا أَسـمَــاءُ (الحارث بن حلزة).
أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ (زهير بن ابي سلمى).
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا (عمرو بن كلثوم).
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ (عنترة بن شداد).
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَـا (لبيد بن ربيعة).
:ودع هريرة إن الركب مرتحل، لـم (الأعشى).
أقفر منا أهله ملحوب، لـ (عبيد بن الأبرص).
يا دارمية بالعلياء والسند لـ (النابغة الذبياني
الفصل الثاني :النثر الجاهلي
النثر هو الصورة الفنية الثانية من صور التعبير الفني ،وهو لون من
ألوان الكلام لا تقيده قيود من أوزان أو قافية .ومن أشهر ألوان النثر
الجاهلي :
الباب الأول :الخطابة
ازدهرت الخطابة عند العرب متأخرة في الزمن، لأن الشعر كان متفوقاً عليها،
فلما أصبح الشعر مطية للتكسب صارت منزلة الخطيب هي المقدَّمة. واشتهر في
العصر الجاهلي خطباء كثيرون، مثل: قس بن ساعدة الإيادي، وعمرو بن كلثوم
التغلبي، . وقد تعددت أغراض الخطابة وأنواعها ، فكانت وسيلة للتحريض على
القتال، أو للأخذ بالثأر، وربما كانت في الوقت نفسه سبيلا إلى إصلاح ذات
البين أو إرساء قواعد السلم.
وقد تلقى الخطب في مناسبات الزواج، والمصاهرات بين ذوي الأحساب والأنساب،
. وكانت للخطباء سنن وتقاليد يتبعونها عند إلقاء
خطبهم،
. ومما يمدح به الخطيب عندهم: حضور البديهة، وقلة التلفت، وقوة
الجنان، وظهور الحجة، مع جهارة الصوت. وفي مقابل ذلك كانوا يعيبون على
الخطيب التنحنح، والانقطاع، والاضطراب، والتعثر في الكلام. وقد استقرت
للخطابة في العصر الجاهلي مجموعة من الخصائص الفنية، كان الخطباء يحرصون
عليها في خطبهم، منها مراعاة السجع في مقامات الفخر خاصة. أما في خطب
المحافل وإصلاح ذات البين، مثلاً، فكانوا يستخدمون الأسلوب المرسل الذي لا
يغفل صاحبه - في الوقت نفسه - تجويده وتنقيحه، والتروي فيه، سعياً إلى
إثارة السامعين واستمالتهم. وهذا ما جعلهم يفضلون قصر العبارة في خطبهم،
وتوشيحها ببعض الحكم والأمثال، أما الخطبة نفسها فقد تطول، وقد تقصر، ولكل
منهما مقام وموضع وقدر من العناية المنافرات، وهي مفاخرات كانت تحدث بين
اثنين أو أكثر من سادة العرب وأشرافهم، وفيها يشيد كل من المتفاخرين بحسبه
ونسبه ومجده وسجاياه، أمام حكم من أشراف العرب أو رجال الدين، ليكون له
القول الفصل في تفضيل أحد الطرفين على الآخر. ولكن الحكم يسعى في كثير من
الأحيان إلى الصلح بين المتنافرين ، ويلقي عليهم كلاماً بليغاً يدعوهما
فيه إلى السلام والصفاء.
الباب الثاني : المثل والحكم
للمثل أو الحكمة مكانة في الأدب العربي سواء ما نتج عن قصة فأصبح مثل
متداول، أو ما نتج عن تجارب و عصارة خبرات عقلية أو حياتية ،فخرجت حكمة
يتداولها الناس .
و بهذا الخروج إلى محيط الناس و كثرة التناقل أصبح المدلول للمثل أو
الحكمة كأنة الفاصل في أي حدث من حيث حيثيات الوجهة التي يراد الاستدلال
بها ليكون المثل أو الحكمة عبارة عن جواب قاطع يجزي عن كلام كثير ، فلا
حاجة لكثرة الكلام ، يكفي أن تقول حكمة أو مثل لتكون قد قطعت شوط كبير لما
تريد توضيحه ، وهذا هو أحد الأساسيات التي أخرجت المثل أو الحكمةو يمكن القول أن:
قول المثل أو الحكمة ليسا كتاب منزل أومرأة ثابتة لأي مجتمع يتم تعليقها وإنما هما جميل من حيث سماعه
و تطبيق بعض جوانبه حسب الحالة المرادفة لتلك المقولة .
الباب الثالث :سجع الكهان
والكهّان عند العرب طائفة ذات قداسة دينية، وسلطان كبير لدى القبائل
.
وكانوا يزعمون الاطلاع على الغيب،. وكان الناس يتوافدون على هؤلاء
الكُهّان من مختلف الجهات فيحكمونهم في منازعاتهم، ويستشيرونهم في أمورهم
الخاصة ، وقد ظهر في العرب عدد من هؤلاء الكهان، أمثال: سطيح الذئبي، وشق
الأنماري، وسلمة ابن أبي حيّة فاطمة ،الخثعمية.
ومن خصائص أسجاع الكهان أنها - في جملتها - كلام عام، يضع السامع في
الغموض والإبهام، باصطناع السجع، والإيماء، وقصر الجمل لإلهاء السامع عن
تتبع ما يلقى إليه من الأخبار العربية، وجعله في حالة نفسية مضطربة تساعد
الكاهن على الوصول إلى ما يريد، ويكون المخاطب، بتلك الإشارات الغامضة،
والألفاظ المبهمة، والأقسام المؤكدة، والأسجاع المنمقة، مستعداً لقبول كل
ما يقال له، بلا جدال أو اعتراض، وتأويل ما يسمعه بحسب حالته ومدى فهمه.
الباب الرابع: الوصايا
يمكن إلحاق الوصايا بالحكم والأمثال لتضمنها كثيراً من تلك الأقوال
الموجزة النابعة من التجربة، و قد كانت الوصايا أحياناً قائمة على جملة من
الحكم والأقوال المأثورة. وتروى هذه الوصايا عادة على ألسنة طوائف من
الحكماء ، الذين عرفوا بكثرة تجاربهم وخبرتهم في الحياة، من أمثال: ذي
الإصبع العدواني و أمامة بنت الحارث. ويغلب على الظن أن هذه الوصايا
جميعاً رويت بالمعنى، ولكنها لا تخلو من بعض العبارات الأصلية المحفوظة،
ولاسيما في الوصايا القصيرة. وما وصل إلينا من تلك الوصايا بعضه موجه إلى
الأبناء والبنات، وبعضه الآخر موجه إلى أفراد من القبيلة. أما من حيث
الموضوع والمضمون؛ فيمكن تقسيم الوصايا إلى نوعين:
وصايا اجتماعية: كالوصايا المتعلقة بالزواج، والمال، والصداقة مثل وصية ذي الإصبع العدواني لابنه أسيد.
وصايا سياسية: تكون بين الراعي والرعية، والدعوة إلى الحرب، والدعوة إلى السلم.
والطابع العام للوصايا هو الأسلوب المرسل، الذي يترك فيه الموصى نفسه على
سجيتها، من دون تنميق أو زخرفة، مؤثراً وضوح العبارات، ورشاقة التراكيب،
وقصر الجمل بما يحقق المناسبة بين المعنى واللفظ وطبيعة المقام الذي تقال
فيه الوصية.
الباب الخامس :القصص
ومن فنون النثر الجاهلي القصص وما يتصل منها بسبب، كالأسمار، والحكايات،
والأساطير، التي تتناثر في كتب الأدب والتاريخ والأمثال، والتفسير، وكتب
الشواهد النحوية والبلاغية، ومؤلفات الشرَّاح مما يؤلف ذخيرة قصصية غزيرة،
تمثل في مضمونها جوانب من المجتمع العربي في العصر الجاهلي، أو ما هو قريب
منه، إذا صحت نسبتها إلى ذلك العصر.
الباب السادس :الرسائل
وآخر أنماط النثر الجاهلي وفنونه الرسائل، التي تعد أقل فنون النثر
شيوعاً، ولكنها أكثرها حاجة إلى التدوين لاستخدام الجاهليين إياها في
الأمور التجارية والسياسية والقبلية، وفي السفارة بينهم وبين الأكاسرة
وملوك المناذرة والغساسنة. ومما يثبت ذلك أن لقيط بن يعمر الإيادي. مثلاً،
كان يحسن الفارسية، وكان من مقدمي تراجمة كسرى سابور، وكذلك كان عدي بن
زيد العبادي وإخوته من كتاب الأكاسرة والمترجمين عندهم. وما وصل إلينا من
نصوص الرسائل الجاهلية قليل جداً، منها ما هو ذو طابع سياسي
ومن تلك الرسائل ما يكون في القبائل، من عهود ومحالفات
تقتصر على أغراض ضيقة جداً، ويمكن أن تعد وثائق تاريخية. ومثالها كتاب
التحالف بين عبد المطلب بن هاشم، وقبيلة خزاعة على التناصر والتعاون مدى
الأيام في جمل مرسلة معبرة، تطول وتقصر، مع قوة وإحكام.
الباب السابع :خصائصه
هذا
العرض السريع لفنون النثر الجاهلي، والأعلام الذين اشتهروا في كل فن، يمكن
أن يخرج منه بجملة من خصائص النثر الجاهلي، الذي تناول في مضمونه قضايا
تهم الفرد والجماعة معاً، في تلك المجتمعات القبلية التي تتحكم فيها عادات
وأعراف موروثة، وتنشد أخلاقاً وشمائل وغايات لا تكاد تحيد عنها. فكان ذلك
النثر، بفنونه كلها متمماً للشعر الجاهلي أيضاً في تصوير جوانب أخرى من
الحياة العربية، تصويراً أقرب إلى الحقيقة والواقع وميلهم إلى الخير
والإصلاح في وصاياهم، وبعض خطبهم وحكمهم، إذ تؤنس منهم ارتداداً إلى الغضب
والتهور، وإشادة بالأحساب والأنساب، وإشاعة للعصبيات والمفاخر القبلية،
والمصالح الخاصة، في المنافرات وبعض الخطب والحكم الأخرى، ولو أدى ذلك إلى
إشعال نار الحرب. إن تصوير النثر الجاهلي لذلك كله هو تصوير أقرب إلى
الحقيقة والواقع، لأن واضعي بعض تلك النصوص، أو صائغيها، قد حاولوا، بقوة
ملاحظتهم ومزيد عنايتهم أن يجعلوها محاكية لأصولها الأولى، مستهدين في ذلك
بقرائن مختلفة. ولهذا فإن تلك النصوص النثرية ، مع ما اعترى معظمها من
تغيير أو زيادة أو نقص ، هي في روحها وبنائها مقاربة لأصولها الجاهلية،
حتى يمكن أن يكون الحديث عن خصائص النثر الجاهلي مقارباً للحقيقة.
فهذا النثر، بفنونه المختلفة تغلب عليه العناية والتجويد، والبعد، ما
أمكن، عن الهلهلة والضعف. فيأتي مرسلاً طبيعياً تارة، ومتكلفاً محلى
بالسجع والتصوير البياني تارة أخرى، بحسب الفن النثري من جهة، وبحسب الحال
والمقام من جهة ثانية، رغبة في تحقيق الإمتاع، أو التأثير والإقناع لدى
السامع، والنفوذ إلى مكامن نفسه. ومعنى ذلك أنهم كانوا يتخيرون الكلام
ويحرصون على القوة والجزالة، والتنغيم الموسيقي بين الجمل إذا احتاجوا إلى
ذلك، كما في سجع الكهان والمنافرات.
ومن مراعاتهم للمقام، أن نصوصهم تترجح بين الطول والقصر، ولكل منها موضع
يحسن فيه. فالخطبة نفسها قد تطول وقد تقصر، وكذلك الوصية، أما الحكم
والأمثال وأسجاع الكهان فلا تخرج عن القصر والإيجاز. ويغلب على ذلك النثر
الوضوح والسهولة في ألفاظه وتراكيبه، إلا ما نجده في سجع الكهان من غرابة
في الأداء، وغموض في التعبير، إمعاناً منهم في الإيهام والإبهام، وكذلك ما
قد نجده من ألفاظ تبدو لنا اليوم غريبة، في طائفة من وصاياهم ومنافراتهم
وبعض خطبهم، وما هي بغريبة عندهم.
الفصل الثالث :العلوم والمعرفة في العصر الجاهلي
علم النجوم:
وهو معرفةأحوال الكواكب وقد كانوا أبرع في هذا العلم منهم في كلّ علم سواه ,تعرفه عامّتهم قبل خاصّتهم للإهتداء به في ظلمات البرّ والبحر , ومعرفة أزمنة الخصب والمحل ,وبعض معارفهم فيه مستمدّ من الكلدان لاختلاطهم بهم ولاتّفاق اللغتين في كثير من أسماء الكواكب والبروج ومن أشهرهم فيه(بنو حارثة بن كلب وبنو مرّة بن همّام الشيباني).
2-الأنساب: علم تتعرف به القرابات التي بين بعض القبائل وبعض فتلحق فروعها بأصولها وإنّما دعاهم للعناية به حاجتهم إلى التّناصر بالعصبيّة لكثرة حروبهم وتفرّق قبائلهم وأنفتهم من أن يكون لغريب عنهم سلطان عليهم وحبّهم الإفتخار بأسلافهم ,وممّن اشتهر بمعرفة أنساب العرب (دغفل بن حنظلة الشّيباني وزيد بن كيس النّمري وابن لسان الحمّرة)ولهذا كانوا يحفظون أنسابهم.
-وصف الأرض: وهو معرفة كلّ بقعة وما يجاورها وكيف يهتدى إليها.ومن قرأ شعر العرب واطّلع على وصفهم وكيف كانوا يحدّدون الحقير منها بحدود قلّما تحدّ به مملكة عظيمة عرف شدّة حدقهم بمعرفة بلادهم
الأخبار والتاريخ والقصص:
وهي معرفة أحوال السّابقين وكانوا يعرفون منها ما كان عليه أسلافهم وبعض مجاوريهم من الأحوال المأثورة ووقائع أيّامهم المشهورة كقصّة الفيل وحرب البسوس وحرب الفجار.
5-الفراسة :وهي الإستدلال بهيئة الإنسان وشكله ولونه وقوله على أخلاقه وفضائله ورزائله وقد نبغ فيها من العرب من لا يحصى عددهم ولهم في ذلك نوادر شتّى .
6-القيافة: ضرب من الفراسة وهي الإهتداء بآثار الأقدام على أربابها أو الإستدلال بهيئة الإنسان وأعضائه على نسبه فقد كانوا يميّزون بين أثر الرّجل والمرأة والشيخ والشّابّ والأعمى والبصير والأحمق والكيّس , وإذا نظروا عدّة أشخاص ألحقوا الإبن بأبيه والأخ بأخيه والقريب بقريبه وعرفوا الأجنبيّ من بينهم وممّن اشتهر بالقيافة (بنو مدلج وبنو لهب).
7-الكهانة والعرافة: وهما القضاء بالغيب (والعياذ بالله)وربّما خصّت الكهانة بالأمور المستقبليّة والعرافة بالماضية ,وطريقهم في ذلك الإستدلال ببعض الحوادث الخالية على الحوادث الآتية لما بينهما من المشابهة الخفيّة ,وللعرب في الكهّان اعتقاد عريض لزعمهم أنّهم يعلمون الغيب فيرفعون إليهم أمورهم للإستشارة ويستفتونهم عن الرّؤى ويستطبّونهم في أمراضهم ,وممّن اشتهر من الكهّان (شقّ أتمار وسطيح الذئبي) ومن الكواهن (طريفة الخير وسلمى الهمدانيّة) ومن العرّافين (عراف نجد الأبلق الأسدي,وعراف اليمامة رباح بن عجلة).
8-الزجر: وهو الإستدلال بأصوات الحيوان وحركاته وكافّة أحواله على الحوادث بقوة الخيال والإسترسال فيه ومن أشهر الزجّارين (بنو لهيب وأبو ذؤيب الهدلي ومرّة الأسدي).
ومن العرب من لم يعبأ بالزّجر وما شاكله كلبيد بن ربيعة القائل :
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ولا زاجرت الطّير ما الله صانع
الفصل الرابع :بعض الكتب والمراجع والمؤلفات التي ذكرت الحياة العقلية عند العرب في العصر الجاهلي
كتاب للشيخ مصطفى الغلاييني :::::::::::::::::::: رجال المعلقات العشر
.
2- كتاب لجورجي زيدان :::::::::::::::::: تاريخ الآداب العربية.
3- لعبد الرحمان شيبان ::::::::::::::::::::::::: الادب الجاهلي.
4- كتاب لطه حسن ::::::::::::::::::: العصر الجاهلي كتاب
الخاتمة
وجملة القول أن ما أسميناه علوم العرب قبل الإسلام يبلغ إلى بضعة عشر علماً فلما جاء الإسلام أهمل بعضها كالكهانة والعرافة والقيافة وبقي بعضها عند أهله ونشأ ما يقوم مقامه في عصر الحضارة كالنجوم والأنواء ومهاب الرياح والطب والخيل وارتقى الباقي واتسع عما كان في الجاهلية كالشعر والخطابة والبلاغة وكان الإسلام مساعداً على ارتقائها بالقرآن.
هذا هو أول بحث في الأدب إنشالله يفيدك