عنوان الموضوع : أرجوا ألا تخذلوني يارواد المنتدى المطلعين على درس الكناية سنة 1 ثانوي
مقدم من طرف منتديات العندليب

*-* السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته *-*
*-* مضت فترة منذ أن كنت أضع أسئلتي هنا و هناك لكن للأسف لا أحد يرد على هل أسئلتي سخيفة هل هي لا تستحق التعب الله أعلم لكن أرجوا ألا تخذلوني هذه المرة لأن لدي فرض غدا *-*
*-* أريد لو سمحتم شرح مفصل لدرس الكناية و أريد أن تفهموني الفرق بين الكناية عن نسبة و صفة و موصوف + ما هي عناصر الكناية : مشروحة في مثال *-*
*-* خاصة الكناية عن نسبة يا شباب لا تخذلوني و إذا كان هناك أستاذ ما فليتكرم لو سمح بمساعدتي و لو على الأقل بتصحيح أحد تمارين الكتاب علي أفهم بإذن الله *-*
*-* أرجوا المعونة يا أعضاء المنتدى و جزاكم الله خيرا *-*


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

*-* ماذا أما من معين ألم يفهم أحدكم هذا الدرس ؟ *-*

=========


>>>> الرد الثاني :

انا حقا اسفة اخي ولكن للاسف نحن لحد الان لم ندرس الكناية انا حقا اسفة ارجو من البقية الا يبخلو ببعض الدقائق من وقتهم

=========


>>>> الرد الثالث :

*-* لا بأس شكرا على المرور أختي الكريمة *-*

=========


>>>> الرد الرابع :

*-* heeeelp *-*

=========


>>>> الرد الخامس :

اسفة والله انا اني مانفهم هاد الدرس خلاه الي يفهمك يفهمنا كامل يا جماعة ساعدونا

=========


*-الكناية لغة: ما يتكلمُ به الإنسانُ، ويريد به غيره، وهي: مصدر كنيت، أو كنوت بكذا، عن كذا، إذا تركت التصريح به .
واصطلاحاً: لفظٌ أريد به غيرُ معناهُ الذي وضعَ له، مع جواز إرادةِ المعنى الأصليِّ، لعدم وجود قرينةٍ مانعة من إرادته، نحو : « زيدٌ طويل ُالنجادُ » تريد بهذا التركيب أنه شجاعٌ عظيم، فعدلت عن التصريح بهذه الصفة، إلى الإشارة إليها بشيءٍ تترتب عليه وتلزمه، لأنه يلزم من طول حمالةِ السيف طولُ صاحبه، ويلزم من طول الجسمِ الشجاعةُ عادةً، فإذاً: المراد طولُ قامته، وإنْ لم يكن له نجادٌ، ومع ذلك يصحُّ أن يراد المعنى الحقيقيَّ ، ومن هنا يعلَمُ أنَّ الفرقَ بين الكناية والمجاز صحةُ إرادةِ المعنى الأصليِّ في الكناية، دون المجازِ، فإنه ينافي ذلك، نعم: قد تمتنعُ إرادة ُالمعنى الأصليِّ في الكناية، لخصوصِ الموضوعِ كقوله تعالى : (وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر/67]) ،وكقوله تعالى : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه/5]) كنايةٌ عن تمام القدرةِ، وقوةِ التمكُّنِ والاستيلاءِ .
وتنقسمُ الكنايةُ بحسبِ المعنى الذي تُشيرُ إليه إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
1- كنايةٌ عن صفةٍ :
كما تقول فلانٌ نظيفُ اليدِ) تكني عن العفةِ والأمانةِ ،وتعرف كنايةُ الصفة بذكر الموصوفِ: ملفوظاً أو ملحوظاً من سياق الكلام. وكما يقال (الصِّديقُ) تعني أبا بكر رضي الله عنه ، وكذلك الفاروق تعني عمر رضي الله عنه ، وأمين هذه الأمة ، تعني أبا عبيد بن الجراح رضي الله عنه ، وسيف الله المسلول ، تعني خالد بن الوليد رضي الله عنه ، وكما ورد في قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} (46) سورة الأحزاب ، فهذه كلها صفات للنبي صلى الله عليه وسلم
وكقول المتنبيِّ :
فَمَسّاهُمْ وَبُسْطُهُمُ حَريرٌ وَصَبّحَهُمْ وَبُسْطُهُمُ تُرَابُ
2- كنايةٌ عن موصوفٍ :
كما تقولُ (الناطقينَ بالضادِ) تكني عن العربِ، و (دارُ السَّلام) تكني عن بغدادَ ، و(طيبةُ ) كنايةٌ عن المدينةِ المنورةِ ، وتعرفُ بذكر الصفةِ مباشرةً، أو ملازمة ،ومنها قولهم : (هو حارسٌ على مالهِ) كنوا به عن البخيلِ الذي يجمعُ ماله، ولا ينتفعُ به، ومنها قولهم : (هو فتىً رياضيٍّ) يكنونَ عن القوَّة – وهلمَّ جرّا ، وكقوله تعالى : { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ }(13) [القمر/13] كناية عن السفينةِ ، والدسر المسامير
3-كنايةٌ عن نسبةٍ:
الكنايةُ التي يراد بها نسبة ُأمرٍ لآخرَ، إثباتاً أو نفياً فيكون المكنَّى عنه نسبةً، أسنِدتْ إلى ماله اتصالٌ به – نحو قولنا عن شخص: ( العزُّ في بيتهِ ) فإن العزَّ ينسبُ للشخصِ وليس للبيت
فالقسمُ الأولُ- وهو الكنايةُ التي يطلب بها صفةً: هي ما كان المكنَّى عنه فيها صفةً ملازمةً لموصوفٍ مذكور في الكلام.و هي نوعان:
أ - كنايةٌ قريبةٌ: وهي ما يكون الانتقال فيها إلى المطلوبِ بغير واسطة بين المعنى المنتقَل عنه، والمعنى المنتقَل إليه، كقول الخنساء في رثاء صخر ٍ :
طَوِيلُ النِّجادِ، رَفِيعُ العِما ... دِ سادَ عَشِيرَتَهُ أَمْرَدَا
ب - وكنايةٌ بعيدةٌ: وهي ما يكون الانتقال فيها إلى المطلوب بواسطةِ، أو بوسائطَ، نحو: فلانٌ كثيرُ الرمادِ كنايةٌ عن المضياف، و الوسائطُ: هي الانتقالُ من كثرة الرمادِ إلى كثرة الإحراقِ، ومنها إلى كثرةِ الطبخِ والخبزِ، ومنها إلى كثرةِ الضيوفِ، ومنها إلى المطلوب وهو المِضيافُ الكريمُ.
القسم الثاني- الكنايةُ التي يكون المكنَّى عنه موصوفاً بحيث يكونُ إمَّا معنى واحداً كموطنِ الأسرارِ كنايةٌ عن القلبِ، و كما في قول الشاعر :
فلما شَربناها ودَبَّ دبيبُها ... إلى مَوْضعِ الأسْرارِ قلتُ لها قفي
وإما مجموعُ معانٍ: كقولكَ: جاءني حيُّ مستوي القامةِ، عريضُ الأظفارِ ، كنايةٌ عن الإنسانِ لاختصاص مجموع هذه الأوصاف الثلاثةِ به، ومنه قول الشاعر كنايةً عن القلبِ :
الضَّاربينَ بكلِّ أبيضَ مخذَمٍ ...والطاعنينَ مجامعَ الأضغانِ
ويشترط في هذه الكنايةِ: أن تكون الصفةُ أو الصفاتُ مختصةً بالموصوف، ولا تتعداهُ ليحصل الانتقالُ منها إليه.
القسم الثالثُ- الكنايةُ التي يرادُ بها نسبةَ أمرٍ لآخر، إثباتاً أو نفياً فيكون المكنَّى عنه نسبةً، أسندتْ إلى ماله اتصالٌ به، نحو قول الشاعر :
إنَّ السماحةَ والمروءةَ والنَّدى في قبةٍ ضُربتْ على ابن الحشرجِِ
فإنّ جعلَ هذه الأشياءَ الثلاثةِ في مكانه المختصِّ به يستلزم ُإثباتهُا له .
والكنايةُ المطلوبُ به نسبةٌ نوعانِ:
أ - إمَّا أن يكون ذو النسبة مذكوراً فيها، كقول الشاعر :
الُيمْنُ يتبعُ ظلَّهُ والمجدُ يمشي في ركابه
ب - وإمَّا أن يكونَ ذو النسبة غيرَ مذكور فيها: كقولكَ: خيرُ الناس منْ ينفعُ الناسَ، كناية عن نفي الخيرية عمن لا ينفعُهم. وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى » .
وتقسمُ الكنايةُِ أيضاً باعتبار الوسائط (اللوازمِ) والسياقِ: إلى أربعةِ أقسامٍ: تعريضٌ وتلويحٌ، ورمزٌ، وإيماءُ.
1 - فالتعريضُ: لغةً خلافُ التصريح.
واصطلاحاً: هو أن يطلقَ الكلامُ، ويُشارَ به إلى معنى آخرَ يفهَمُ من السياق نحو: قولك للمؤذي : « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ .. » ،تعريضاً بنفي صفة الإسلامِ عن المؤذي، وكقول المتنبي :
إذا الجُودُ لم يُرْزَقْ خَلاصاً من الأذَى فَلا الحَمدُ مكسوباً وَلا المالُ باقِيَا
2 - التلويحُ: لغةً: أنْ تشيرَ إلى غيركَ من بُعد.واصطلاحاً: هو الذي كثرتْ وسائطُه بلا تعريضٍ، نحو قول الشاعر :
وما يكُ فيَّ مِن عيبٍ فإنِّي ... جَبَانُ الكلبِ مَهْزولُ الفصيلِ
كنَّى عن كرم الممدوحِ بكونه جبانَ الكلب، مهزولَ الفصيلِ، فإنَّ الفكرَ ينتقلُ إلى جملة وسائط.
3 - الرمزُ: لغةً: أنْ تشيرَ إلى قريبٍ منكَ خِفيةً، بنحو: شفةٍ، أو حاجبٍ.
واصطلاحاً: هو الذي قلَّتْ وسائطُه، مع خفاءٍ في اللزوم بلا تعريضٍ، نحو : فلانٌ عريضُ القفا، أو عريضُ الوسادةِ ، كنايةٌ عن بلادتهِ وبلاهتهِ ، ونحو: هو مُكتنزُ اللحمِ، كنايةٌ عن شجاعتِه، ومتناسبُ الأعضاءِ كنايةٌ عن ذكائهِ ،ونحو: غليظُ الكبدِ كناية ٌعن القسوةِ وهلمَّ جرًّا.
4 -الإيماءُ أو الإشارةُ: هو الذي قلَّتْ وسائطُه، مع وضوحِ اللزوم، بلا تعريضٍ، كقول الشاعر :
أَو ما رَأيتَ المجدَ ألقَى رحلَهُ في آلِ طلحةً ثمَّ لم يَتحوَّلِ
كنايةٌ عن كونهم: أمجاداً أجواداً، بغايةِ الوضوح.
و من لطيف ذلك قولُ بعض الشعراء :
سألتُ الندَى والجُودَ ما لي أراكُما تبدَّلتُماذلاًبعزٍّ مؤبدِِ
وما بالُ رُكنِ المجدِ أمسَى مهدَّماً فقالا أُصبنَا بابن يحيى محمَّدِ
فقلتُ: فهلا متُّما عندَ موتِهِ فقدْ كنتما عبدَيهِ في كلِّ مَشْهدِ
فقالا: أقمنَا كي نُعزَّى بفقدِه مسافةَ يومٍ ثمَّ نتلوهُ في غدِ
ومثله قول دعبل :
سألتُ النَّدى - لا عدمتُ النَّدى وقد كانَ منَّا زماناً عزبْ
فقلتُ لهُ: طالَ عهدُ اللِّقا فهلْ غِبتَ باللّهِ، أمْ لَمْ تَغِبْ
فقالَ: بَلَى . لَمْ أَزَلْ غائباً ولكنْ قدِمْتُ مَعَ المطَّلِبْ
ومثله قول الشاعر :
سألتُ الندى: هل أنت حرٌّ؟؛ فقال: لا ... ولكنني عبدٌ ليحيى بن خالدِ
فقلتُ شراءً؟؛ قال: لا، بل وراثةً ... توارثني عن والدٍ بعدَ والدِ
ومثله قول الشاعر :
سألتُ الندى والجودَ حرانِ أنتما؟ ... فقالا بلى عبدانِ بينَ عبيدِ
فقلتُ :ومنْ مولاكُما فتطاولا عليَّ وقالا :خالدَ بنَ يزيدِ
والكنايةُ من ألطف أساليبِ البلاغة وأدقِّها، وهي أبلغُ من الحقيقةِ والتصريحِ، لأنَّ الانتقالَ فيها يكون من الملزوم إلى اللازمِ فهو كالدعوَى ببينةٍ، فكأنكَ تقولُ في زيدٍ كثيرِ الرمادِ زيدٌ كريمٌ، لأنهُ كثيرُ الرمادِ ، وكثرتُه تستلزمُ كذا الخ، كيف لا وأنها تمكِّنُ الإنسانَ من التعبيرِ عن أمور كثيرةٍ، يتحاشَى الإفصاحُ بذكرها، إمَّا احتراماً للمخاطَبِ أو للإبهامِ على السامعينَ، أو للنيلِ من خصمهِ، دونَ أنْ يدعَ له سبيلاً عليه، أو لتنزيهِ الأذنِ عمَّا تنبو عن سماعِه ونحو ذلك من الأغراضِ واللطائفِ البلاغيةِ.
==================




خاتمةٌ – في بلاغة الكناية
الكنايةُ مَظهرٌ من مظاهر البلاغةِ، وغايةٌ لا يصل إليها إلا من لطف طبعُه، وصفتْ قريحتُه، والسرُّ في بلاغتها أنها في صور كثيرةٍ تعطيك الحقيقةَ، مصحوبةً بدليلها، والقضيةً وفي طيِّها برْهانها، كقول البحتري في المديح:
يغضُّونَ فضلَ اللحظِ من حيثُ ما بدا لهمْ عن مهيبٍ في الصدورِ محببُ
فإنه كنَّى عن إكبار الناس للممدوحِ، وهيبتِهم إياه، بغضِّ الأبصارِ الذي هو في الحقيقة برهانٌ على الهيبة والإجلالِ،وتظهرُ هذه الخاصةُ جليةً في الكناياتِ عن الصفةِ والنسبةِ.
ومن أسباب بلاغةِ الكنايات أنها تضعُ لكَ المعاني في صورة المحسوساتِ، ولا شكَّ أن َهذه خاصةُ الفنون، فإنَّ المصورَ إذا رسم لك صورةً للأملِ أو لليأسِ، بهرَكَ وجعلكَ ترى ما كنتَ تعجزُ عن التعبير عنه واضحاً ملموساً،فمثلُ كثيرِ الرمادِ في الكناية عن الكرمِ ،ورسول ُالشرِّ، في الكنايةِ عن المزاحِ.
وقول البحتريَِّ :
أو ما رأيتَ المجْدَ ألقى رحلَهُ في آل طلحةَ ثمَّ لم ْ يتحوَّلِ
وذلك في الكنايةِ عن نسبةِ الشرف إلى آل طلحةَ.
كلُّ أولئك يبرز لك المعاني في صورة ٍ تشاهدُ، وترتاحُ نفسُك إليها.
ومن خواصِّ الكنايةِ: أنها تمكنُك منْ أنْ تَشْفيَ غلَّتَك منْ خصمِك منْ غيرِ أنْ تجعل َله إليك سبيلاً، ودون أنْ تخدشَ وجهَ الأدب، وهذا النوعُ يسمَّى بالتعريضِ ،ومثالُه قولُ المتنبي في قصيدة، يمدحُ بها كافوراً ويعرضُ بسيفِ الدولة :
فِراقٌ وَمَنْ فَارَقْتُ غَيرُ مُذَمَّمِ وَأَمٌّ وَمَنْ يَمّمْتُ خيرُ مُيَمَّمِ
وَمَا مَنزِلُ اللّذّاتِ عِندي بمَنْزِلٍ إذا لم أُبَجَّلْ عِنْدَهُ وَأُكَرَّمِ
سَجِيّةُ نَفْسٍ مَا تَزَالُ مُليحَةً منَ الضّيمِ مَرْمِيّاً بها كلّ مَخْرِمِ
رَحَلْتُ فكَمْ باكٍ بأجْفانِ شَادِنٍ عَلَيّ وَكَمْ بَاكٍ بأجْفانِ ضَيْغَمِ
وَمَا رَبّةُ القُرْطِ المَليحِ مَكانُهُ بأجزَعَ مِنْ رَبّ الحُسَامِ المُصَمِّمِ
فَلَوْ كانَ ما بي مِنْ حَبيبٍ مُقَنَّعٍ عَذَرْتُ وَلكنْ من حَبيبٍ مُعَمَّمِ
رَمَى وَاتّقى رَميي وَمن دونِ ما اتّقى هوًى كاسرٌ كفّي وقوْسي وَأسهُمي
إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ وَصَدَقَ مَا يَعتَادُهُ من تَوَهُّمِ
فإنه كنَّى عن سيف الدولة، أولا: بالحبيبِ المعمم، ثم وصفه بالغدرِ الذي يدعي أنه من شيمةِ النساءِ، ثم لامه على مبادهته بالعدوانِ، ثم رماه بالجبنِ لأنه يرمي ويتقي الرمي بالاستتارِ خلف غيره، على أنَّ المتنبي لا يجازيه على الشرِّ بمثله، لأنه لا يزال يحمل له بين جوانحه هوًى قديماً، يكسرُ كفه وقوسه، وأسهمه، إذا حاول النضالّ، ثم وصفه بأنه سيءُ الظنِّ بأصدقائهِ لأنه سيءُ الفعل، كثيرُ الأوهام والظنون، حتى ليظنَّ أنَّ الناس جميعاً مثلَه في سوءِ الفعل، وضعفِ الوفاء، فانظر كيف نالَ المتنبي من هذا، ومن أوضح مميزات الكنايةِ التعبيرُ عن القبيح بما تسيغُ الآذانَ سماعُه، وأمثلة ذلك كثيرة جداً في القرآن الكريم، وكلام العربِ فقد كانوا لا يعبرون عما لا يحسن ذكره إلا بالكنايةِ، وكانوا لشدة نخوتهِِم يكنونَ عن المرأة بالبيضةِ والشاةِ.
ومن بدائع الكنايات قولُ بعض العرب :
أَلاَ يا نَخْلةً مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ ... عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللّهِ السّلامُ
فإنه كنَّى بالنخلةِ، عن المرأة التي يحبُّها.
===============