عنوان الموضوع : بحث في الادب مساعدة للثانية ثانوي
مقدم من طرف منتديات العندليب

ارجو المساعدة في مشروع : اعداد تقرير حول بعض المدن العرب من خلال رحالة العرب
وتحديد هذه النصوص عن المدن المغربية
استخراج خصائص الوصف والسرد

وارجو منكم المساعدة....شكرا مقدما



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

:d:dالله ينوب

=========


>>>> الرد الثاني :

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

=========


>>>> الرد الثالث :

انا تاني راني حاصلة فيه و نحتاجو نهار الخميس

=========


>>>> الرد الرابع :

ويــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــنكم

=========


>>>> الرد الخامس :

ارجووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووكم ساعدوني
الله يخليكم

=========




اذا درتي البحث حطيهلي يعيشك انا مازال مادرتوش

تمهيد/
ادى تدهور اوضاع الخلافة عند العباسيين و عدم القدرة على السيطرة و التحكم في زمام المور الى استيلاء التثار و المغول على الارض الاسلامية و بغداد و تحطيم و حرق كل ما يتعلق ب لدولة العباية سنة 656ه وذلك بهروب بعض المفكرين و الادباء و الامراء الى المغرب الكبير و الاندلس و تشكيل حضارة خاصة
بهم الى المغرب العربي الانه كان ضمن المستعمرات الاوروبية من طرف الاحتلال البزنطي و الروماني و انقسم المغرب العربي الى مجموعتين من السكان وهم البربر و يعني بهم السكان الاصليين لشمال افريقيا و الفئة الثانية هم العرب و هم من جاؤا بعد الفتح الاسلامي
-استولى المسلمون على المغرب بعد سلسلة من الحروب ابتدات ببعثة عقبة بن نافع و انتهت بجملة موسى بن نصير التى اخضع فيها المغرب الاقصى
-حدثت عدة امور عقب الفتح ادت الى استقلال الامراء عن الحكم في المغرب فنشات عدة امارات و دويلات في المغرب العربي الكبير و الاندلس
الدولة الرستمية:المنطقة الغربية للجزائر سنة 160ه/776م
و استمرت حتى سنة 296ه/909م مؤسسها عبد الرحمان بن رستم
الدولة الادريسية:ظهرت بلمغرب الاقصى 772ه/788م على يد ادريس بن عبد الله
دولة الاغالبة:ظهرت في المغرب الادنى سنة 184ه
الدولة الفاطمية: ظهرت سنة 296ه/907م في المغرب الاوسط تاسست على يد الشيعي عبيد الله
الدولة الزيرية: ظهرت في اقليم التيطري جنوب المدية سنة 972م تاسست على يد بلكين بن زيري
الدولة الحمادية:ظهرت بلمغرب الاوسط على يد حماد بن بلكين
دولة المرابطين: ظهرت في المغرب الاقصى.تاسست على يوسف بن شافين سنة 1026م
الدولة الموحدية: ظهرت هذه الدولة في القرنين 12و14 في المغرب العربي و الاندلس مؤسسها عبد المؤمن بن علي الكومي

*انشاء اكون قد افدتك يا اخي

اختي عاشقة الفرقان هذا البحث الي درتو
اسمحلي على التاخير

مقدمـــــــــــــــــة
عرف الإنسان الرحلة أو الترحال والتنقل بفطرته التي جبل عليها منذ بدء الخليقة، منذ هبط آدم وحواء إلى الأرض ليعبدوا الله وليعمرا بأولادهما الأرض، وينتشروا فيها بسعيهم وراء مصادر الماء، التي بدورها ستوفر لهمإ امكانية الزراعة والشرب وتوفر مصادر الرزق لهم ولحيواناتهم.
وكثيرا ما كانت الطبيعة تؤرقه، وتشغل باله فيقضى ساعات طويلة يتأمل فيها،وكثيرا ما كانت تفاجئه برياح عاتية أو رعد وبرق أو ما هو أفظع، كارثة طبيعية تجعله يفر، يلملم أغراضه ويرحل لمكان آخر يلتمس فيه بعض الأمن وبعض العزاء عما يكون قد فقده بسبب هذه الطبيعة الغامضة التي يبيت يفكر في أسرارها عله يأمن بعض أشرارها. ومن هنا نأتي إلى تذكر المقولة الشهيرة بأن في السفر تسع فوائد: منها الرزق، وتحصيل العلم، واكتساب الخبرات، والترفيه، ورؤية بلاد جديدة،واكتساب مزيد من العزة عند الأهل، والاستشفاء في حالة المرض، لا قدر الله.
لم تظهر الكتابة عن الرحلة إلا ربما فيما بعد الهجرة النبوية، والفتوحات الإسلامية، وازدهار الحضارة العربية وثقافتها، فظهرت كتابات عن رحلات قام بها رحالة عرب، حيث ظهر أدب الرحلات ليشكل أحد أهم تجليات الثقافة في ذلك العصر، وليجوب بعض الرحالة العرب بلادا عربية تجاور بلادهم بل وصل بعضهم إلى بلاد غير عربية وبعيدة كالصين والهند وبلاد ما وراء النهر وتركيا وغيرها.
وقد أدى الرحالة العرب مهمة سامية للأجيال القادمة، إذ أسهمت كتاباتهم لأدب الرحلات في نقل كثير من الصور الجميلة والمشاهد المميزة لتلك البلاد وطبيعتها الجغرافية، وظروفها المعيشية وألقوا الضوء على تاريخ هذه البلاد وأفكار سكانها وعادات وتقاليد قد تختلف وقد تتفق مع عادات البلاد التي جاء منها هؤلاء الرحالة، فأسهموا بذلك في نقل بعض ثقافات الشعوب الأخرى،وإثارة الاهتمام بها وتشجيع المهتمين من العلماء وطلبة العلم على زيارة تلك البلاد للنهل من معارفها وعلومها.
ظهرت الرحلة في نقوش مصرية قديمة تحكى عن (بلاد بُنت) في عهد الملكة حتشبسوت، وذكرت الرحلة في القرآن في سورة الفيل مما يدل على معرفة الإنسان لها منذ القدم . و لعل أدب الرحلة بمفهومه هو فن التعبير عن مشاعر تختلج فى نفس الأديب المغترب تجاه كل ما يراه ويعايشه ويقرأه عن ملامح بلد أجنبى بعادات، وتقاليد سكانه، وخلفيته السياسية والثقافية والإجتماعية وأحداث يعايشها الأديب ومواقف تأثر بها، وهموم عانى منها في ذلك البلد الأجنبي طالت أم قصرت مدة إقامته فيها، والتعبير عن كل ذلك بأسلوب أدبي شائق يغري القارىء بمواصلة القراءة من أول لآخر سطر، دون ملل أو كلل. ورغم أن لأدب الرحلات سمات وخصائص تميزه كما سبق أن ذكرت، إلا أن أهم ميزة من وجهة نظري هي الحرية، حرية الأديب في أن يكتب كيفما شاء، يضحكنا تارة ويبكينا تارة أخرى، وقد نشعر أحيانا أننا بصدد قصة قصيرة، و قد نقرأ شعرا،أو نشعر وكأننا طرفا في نقاش أو موجودين مع الأديب في نفس الأحداث، نتفاعل معه فيها. مدى نجاح الأديب في كتابته في أدب الرحلة بصفة خاصة يتوقف في نظري على كم التعايش الوجداني الذي يخلقه في قلب وضمير القارئ، فكلما تأثر القارئ أكثر واندمج في أحداث القص، كان ذلك برهانا على قدرة الكاتب وتميزه في كتابتهمن أشهر الرحالة العربابن فضـلان
صاحب كتاب رسالة ابن فضلان، ولد في القرن العاشر الميلادي، أرسله الخليفةالعباسي المقتدر بالله من بغداد إجابة لملك الصقالبة - في روسيا - لتعليمهالإسلام وبناء مساجد وحصن له من أعدائه، فأرسل ابن فضلان على رأس وفدالعلماء والفقهاء وأمضى 3 سنوات من (921- 924) في بلاد الروس والصقالبةوالخرز والاسكندنافيه.
ابن جبـــــــــير
صاحب كتاب تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار، عرف بـ :رحلة ابن جبيروهومن الأندلس، اسمه محمد بن أحمد بن جبير الكناني، المعروف بابن جبير ولد فيبلنسية بأسبانيا سنة 540 هـ (1145) وتعلم على يد أبيه وغيره من العلماء فيعصره، ثم استخدمه أمير غرناطة أبو سعيد بن عبد المؤمن ملك الموحدين فيوظيفة كاتم السر فاستوطن غرناطة.
وكان الأمير أبو سعيد استدعاه يوما ليكتب عنه كتابا وهو يشرب الخمر، فأرغمابن جبير على شرب سبعة كئوس من الخمر وأعطاه سبيعة أقداح دنانير، لذلك صممابن جبير على القيام برحلة الحج بتلك الدنانير تكفيرا عن خطيئته، وأقام فيسفره سنتين ودوَّن مشاهداته وملاحظاته في يوميات، حوالى سنة 582هـ/ (1186) وتداول كتابه الشرق والغرب حتى قام المؤرخ والمترجم الإنجليزى ويليام رايتبنشره وطبعه في كتاب جمع عددا كبيرا من الرحلات لرحالة وحجاج عرب وأجانبمسلمين ومسيحيين ويهود).
العلامة الإدريسي
صاحب كتاب :نزهة المشتاق في اختراق الآفاق،للإدريسي، واسمه أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس.
أحد كبار علماء الجغرافيا، كما أنه كتب في التاريخ، والأدب، والشعر، والنبات ودرس الفلسفة، والطب، والنجوم، في قرطبة.
ولد في مدينة سبتة شمال المغرب عام 493 هـ (1100) و مات عام 560 هـ (1166). زار الحجاز ومصر. وصل سواحل فرنسا وإنكلترا. سافر إلى القسطنطينيةوسواحل آسيا الصغرى. استخدمت خرائطه في سائر استكشافات الرحالة الغربيينفي عصر النهضة الأوربية، حيث حدد في خرائطه التي نشرت بكتابه اتجاهاتالأنهار والمرتفعات والبحيرات، ومنابع نهر النيل وضمنها أيضًا معلومات عنالمدن الرئيسية بالإضافة إلى حدود الدول.
انتقل الإدريسي إلى صقلية بعد سقوط الحكومة الإسلامية، لأن ملكها في ذلكالوقت :روجر الثاني كان محباً للمعرفة، فشرح الإدريسي لروجر موقع الأرض فيالفضاء مستخدمًا في ذلك البيضة لتمثيل الأرض، شبه الإدريسي الأرض بصفارالبيضة المحاط ببياضها تماما كما تهيم الأرض في السماء محاطة بالمجرَّات.
الرحالة ابن بطوطةيعتبر ماركو بولو أشهر رحالة العالم في العصور الوسطى. فقد كان رجلاً استثنائياً خرج في مغامراته إلى أراض بعيدة مجهولةواستكشفأرجاء مثيرة من العالم في أسفاره ليسرد لنا قصة رائعة عن تجاربه مع شعوبوثقافات غريبة. لكن كم منا يا ترى يعرف أن رجلاً آخر عاش في الفترةذاتها تقريباً التي عاش فيها ماركو بولو غير أنه سافر أكثر منه؟ إنه ابن بطوطة, الرحالة العربي الذي فاق كل رحالة عصره وقطع حوالي 75 ألف ميل تقريباً في أسفاره. كما أنه أيضاً الرحالة الوحيد في العصور الوسطى الذي رأى بلاد كل حاكم مسلم من حكام عصره.
في رحلته التيأراد منها أن يحج إلى مكة, زار ابن بطوطة خلالها شمال أفريقيا وسورية. ثمخرج يستكشف باقي الشرق الأوسط وفارس وبلاد الرافدين وآسيا الصغرى. ووصلإلى شبه القارة الهندية وأمضى هناك قرابة عقد في بلاط سلطان دلهي الذيأرسله سفيراً له إلى الصين.
بعد 30 عاماً منالترحال والاستكشاف, قرابة عام 1350, بدأ ابن بطوطة طريق عودته إلى وطنه. وأخيراً عاد إلى مدينة فاس في المغرب. وهناك, في بلاط السلطان ابن عنان, قرأ أوصاف ما رآه في أسفاره على ابن الجوزي. الذيخطمنها كتاباً. وهذا الكتاب موجود بين أيدينا اليوم ويعرف بعنوان "رحلات ابن بطوطة".
يتحدث كتابالرحلات عن المغامرات التي عاشها ابن بطوطة في أسفاره. فخلالها تعرضللهجوم مرات كثيرة, وفي إحداها كاد يغرق مع السفينة التي يستقلها, وفيأخرى أصبح على وشك أن يلاقي مصيره إعداماً على يد أحد الزعماء الطغاة. كماتزوج عدداً من المرات وعرف أكثر من عشيقة, الأمر الذي جعل منه أباً للعديد من الأبناء أثناء سفره.
من طنجة للعالم في 30عاماً
ولد ابن بطوطة في طنجة بالمغرب عام 1304 لعائلة عرف عنها عملها في القضاء. وفي فتوته درس الشريعة وقرر عام 1325, وهو ابن 21 عاماً, أن يخرج حاجاً. كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد العرب.
في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائر وتونس ومصر وفلسطين وسوريا ومنها إلى مكة. وفيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة:
"كانخروجيمن طنجة مسقط رأسي... معتمداً حج بيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول عليهالصلاة والسلام, منفرداً عن رفيق آنس بصحبته, وركب أكون في جملته, لباعثعلى النفس شديد العزائم, وشوق إلى تلك المعاهد الشريفة... فجزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث والذكور, وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور, وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصباً, ولقيت كما لقيا نصباً."
في تلك الأيام الخوالي, كان السفر عبر هذهالمسافات الشاسعة والمغامرة بدخول أراض غريبة مجازفة. غير أن ابن بطوطةكانت لديه الجرأة, أو على الأقل العزم, بما يكفي للشروع في رحلته وحيداًعلى حمار. وفي الطريق, التحق بقافلة من التجار, ربما بدافع السلامة, وكانتالقافلة تتكاثر مع الطريق بانضمام المزيد إليها. ومع وصولهم القاهرة كانتعداد القافلة قد بلغ عدة آلاف من الرجال ولم يتوقف بعد عن الازدياد. ولابد أن ابن بطوطة قد أحس بإثارة بالغة لتقدم رحلته. فقد كانت أول تجاربهالمباشرة في تعلم المزيد عن أكثر ما يهواه, وهو دار الإسلام. فقد قابل علماء المسلمين واكتسب مزيداً من المعارف الدينية والشرعية.الجزائر وليبياحينوصولهم إلى الجزائر, أمضت القافلة بعض الوقت خارج أسوار المدينة لينضمإليها مزيد من الحجيج. وعند مدينة بجاية, تدهورت صحة ابن بطوطة. غير أنهبقي عازماً على مواصلة المسير وعدم التخلف عن الركب بسبب صحته. ومشيراًإلى هذا الحادث يقول: "إذا ما قضى الله أجلي, فسيكون موتي على الطريق, ميمماً وجهي شطر مكة."
وأثناء مسيرةالقافلة في أراضي ليبيا, وجد ابن بطوطة أن من المناسب له أن يتزوج ابنةتاجر تونسي مسافر معهم في القافلة إلى الحج. وقد تزوجها ابن بطوطة فيمدينة طرابلس, غير أن الزواج لم يعمر طويلاً بسبب خصومته مع حميه الجديد. لكن على ما يبدو لم يزعج هذا ابن بطوطة كثيراً فسرعان ما خطب فتاة أخرى هي ابنة حاج من فاس. وفي هذه المرة كان حفل الزفاف يوماً كاملاً من الاحتفالات.مصر وسوريا
بدأت القافلة تقترب من مصر. وقد أذهلت القاهرة ابن بطوطة, إذكانت كما هي اليوم, أكثر المدن العربية صخباً ونشاطاً ولهذا قرر أن يمضي فيها بضعة شهور. إذلا يزالعلىموعدالحج على أية حال ثمانية شهور. كانت القاهرة كما وصفها ابن بطوطة "أمالمدن, سيدة الأرياف العريضة والأراضي المثمرة, لا حدود لمبانيها الكثيرة, لا نظير لجمالها وبهائها, ملتقى الرائح والغادي, سوق الضعيف والقوي... تمتد كموج البحر بما فيها من خلق بالكاد تسعهم..."
بقي ابن بطوطة فيالقاهرة قرابة شهر. وحين رحيله عنها قرر أن يسلك طريقاً غير مباشر إلى مكةمادامت شهور عديدة تفصله عن موعد الحج. ومضى إلى دمشق, التي كانت حينهاالعاصمة الثانية للدولة المملوكية في مصر. لم يكن هذاالجزء من رحلة ابن بطوطة مليئاً بالأحداث, ربما لاستتباب الأمن فيه نسبياًفي عهد المماليك. لكن دمشق سحرت ابن بطوطة بجو التسامح والتعاضد الذييسود فيها. وعنها يقول: "تنوع ونفقات الأوقاف الدينية في دمشق تتجاوز كلحساب. هناك أوقاف للعاجزين عن الحج إلى مكة, ومنها تدفع نفقات من يخرجونللحج نيابة عنهم. وهناك أوقاف أخرى توفر أثواب الزفاف للعرائس اللائي تعجزعوائلهن عن شرائها, وأوقاف أخرى لعتق رقاب السجناء. وهناك أوقاف لعابريالسبيل تدفع منريعها أثمان طعامهموكسائهمونفقات سفرهم لبلدانهم. كما أن هناك أوقافاًلتحسين ورصف الدروب, لأن كل الدروب في دمشق لها أرصفة على جانبيها يمشي عليها الراجلون, أما الراكبون فيمضون في وسط الدرب."
أخيراً مضى ابنبطوطة للحج. وبعد قضائه مناسك الحج, أدرك أن نفسه تواقة أكثر من أي وقتمضي لمواصلة الترحال. ولم يكن لديه بلاد بعينها يريد أن يقصدها, بل كانهدفه الوحيد هو زيارة قدر ما يستطيع من البلدان, لكنه توخى أن يعبر دروباًمختلفة. وهكذاتنقل في الشرق الأوسط بأكمله, من إثيوبيا جنوباً إلى فارس شمالاً. "ثمسافرنا إلى بغداد, دار السلام وعاصمة الإسلام. فيها شاهدت جسرين كالذي في الحلة, يعبرهما الناس صباح مساء,رجالاً ونساء. الدروب إلى بغداد كثيرة ومعمرة بإتقان, معظمها مطلي بالزفت من نبع بين الكوفة والبصرةيفيض منه بلا انقطاع. ويتجمع على جوانب النبع كالطينفيجرف من هناك ويؤتى به إلى بغداد. في كل معهد ببغداد عدد من الحماماتالخاصة به, وفي كل منها جرن اغتسال عند أحد أركانها يتدفق الماءفوقهمن صنبورين أحدهما للماء الساخن والآخر للبارد. ويعطى كل مغتسل ثلاثمناشف, واحدة ليلفها حول خصره حينما يدخل والأخرى ليلفها حول خصره حينمايخرج والثالثة ليجفف بها جسده."
ثم توجه ابن بطوطةشمالاً ليستطلع بحر قزوين والبحر الأسود وجنوب روسيا. لكن أسفاره اللاحقةالأكثر متعة كانت إلى الشرق في آسيا. فقد قصد الهند حيث نال هناك إعجابالإمبراطور المغولي لمعارفه وقصصه. وعرض الإمبراطور على ابن بطوطة منصباًفي بلاطه فقبله. وهذاما أتاح له الفرصة ليجوب كل أنحاء الهند. وبعد اكتسابه معرفة وفيرة ببلادالهند لكثرة أسفاره فيها, أرسله الإمبراطور سفيراً للهند إلى الصين. وكانمقدراً لهذهالرحلة أن تكون الأخيرة قبل عودته ابن بطوطة لوطنه. فرغم بعد المسافة قررأن يقصد المغرب. وقد وصل شمال غرب إفريقيا عام 1351. وقبل عودته أخيراًإلى فاس في المغرب عام 1353 خرج في رحلة صغيرة إلى إسبانبا ثم في سفرةجنوبية إلى الصحراء الكبرى.
الوطن وكتاب الرحلات
في فاس, أعجب سلطان المغرب ابن عنان (1348- 1358 تقريباً) جداً بأوصاف البلاد التي قصها عليه ابن بطوطة وأمره بأن يلزم فاس ويضع هذه القصص في كتاب. وفعلاً, بمساعدة كاتب طموح هو ابن الجوزي الكلبي (1321- 1356 تقريباً), ألف ابن بطوطة كتابه الشهير "الرحلات" في أربعة أجزاء منفصلة. وربما كانابن الجوزي قد أضاف للكتاب قليلاً من العنصر القصصي بين الحين والآخر بهدفالتشويق وسهولة التواصل مع القراء, لكن يعتقد عموماً أنه التزم تماماً بماسرده ابن بطوطة عليه. غير أن الغريب هو أن كتاب "الرحلات" لم يكتسب شعبيةفي الغرب إلا مؤخراً نسبياً, في القرن التاسع عشر, حينما ازداد التواصل معأوروبا وقدم الكتاب هناك ليترجم إلى الإنجليزية والفرنسية واللغاتالأوروبية الأخرى. ويقدرالباحثون الأوروبيون كتاب الرحلات عالياً باعتباره وثيقة تاريخية مهمة.
بعد انتهائه من كتاب الرحلات. لم يخرج ابن بطوطة, الذي تقدم في السن, بأي رحلة مطولة لا إلى الصحاري ولا غيرها. بل أخذيعمل في القضاء ويواصل نشر ما اكتسبه من حكمة خلال أسفاره. ورغم عدم توفرمعلومات وافية عن السنوات الأخيرة من عمره, إلا أننا نعرف أنه توفي عن عمر 65 عاماً. وبعد سنين طويلة من وفاته ظل ابن بطوطة صاحب أطول أسفار فيالعالم. واليوم حصل ابن بطوطة على التقدير الذييستحقه بجدارة في عالم الاستكشاف. فلتخليد انجازاته الفريدة في الأسفار, أطلق علماء العصر اسم ابن بطوطة على إحدى الفوهات البركانية على سطحالقمر. مدن المغرب العربي بأقلام الرحالة العرب :مدينة الجزائر
1. عاصمة لـلقطر الجزائري منذزهاء خمسة قرون، وقد تنقلت عاصمة القطر الجزائري (المغرب الأوسط قبلذلك بين مدائن: تيهرت والقلعة، وبجاية، وتلمسان.
وكانت الجزائر فيالقديم تحمل اسم "ايكسيوم" أو "اقسيوم"، وقد أسسها هركول الفينيقي وأصحابهالعشرون فردا، ولذلك سميت بهذا الاسم الذي يدل باللغة اليونانية القديمةعلى عدد عشرين إشارة إلى بناتها "وكانت ،المدينة، أيام الاحتلالالروماني قليلة الأهمية، ثم خربت أثناء هجمات الوندال وثورات البربر،وأصبحت مستقرا لقبيلة بربرية تدعى "بني مزغنة" بكسر الميم والغين وسكونالزاي وتشديد النون"، وفي منتصف القرن الرابع الهجري (العاشرالميلادي) أسس ُبلكّين بن زيري بن َمنّاد الصنهاجي في عهد والدهوبأمر منه مدينة سماها "جزائر بني مزغنة" وقد بنيت على أنقاض المدينةالفينيقية السالفة الذكر وكان موقعها على ما حققه علماء الآثار في سفحالقصبة أي في ساحة الشهداء والجامع الأعظم المالكي. ، »وأخذ نموالجزائر يتزايد إلى أن هاجمت القبائل العربية (الهلاليون) سهول متيجةفاستولت قبيلة الثعالبة على جزائر بني مزغنة وسكنتها، ولم ضعفت الدولةالزيانية وتكالب الأسبان على سواحل إفريقيا، احتلوا الجزائر وأسس (بيدرونفارو) حصنا في أكبر جزائرها (جمع جزيرة) وهو (مكان برج الفنار اليوم)،يبعد عن المدينة نحو 300 متر ويجعلها دائما تحت تهديد مقذوفاته، وذلك سنة 1510م وضاق أهل الجزائر ذرعا بالإهانة الإسبانية، فاستصرخوا لنجدتهمالأخوين بربروس خير الدين وعروج رايس ،وكانا أشد الناس صلابة في الإيمانوأقواهم شكيمة في البحر فقدما... (إلى) الجزائر وكسرا الإسبانيين بإعانةأهل المدينة شر كسرة سنة 1516 (وعين) خير الدين ملكا على الجزائر وازدانتأيامه بالعدل والخير واعترف حتى أعداؤه بفضائله وكمالاته، وحاول المسيحيونإعادة الكرة على المدينة فردتهم المدينة مذمومين مدحورين في سنة 1519 م،وفي عام 1529 م تمكن خير الدين من الاستيلاء على الحصن الإسباني الذي بقيمهددا للمدينة من البحر وجعله حصنا إسلاميا ....(ومنذ ذلك الحين) أصبحتالجزائر عاصمة للمملكة العظمى التي تشمل القطر الجزائري، وتبسط نفوذها علىالبلاد التونسية، وكانت (الجزائر) دولة (قوية) يملأ أسطولها البحار رعبايسالم من سالمه ويحميه ويـفديه، ويحـارب من حاربه ويدمـره...«
الجزائر في عيون الرحالة العرب
وقدأفاض في وصفها الرحالة العرب واستوقفت معالمها المؤرخون، وقد وصفهاالأصطخري في أوائل القرن الرابع الهجري، فقال: "وجزائر بني مزغنة مدينةعامرة يحف بها طوائف من البربر، وهي من الخصب والسعة على غاية ما تكونالمدن" كما وصفها ابن حوقل عندما زارها في عهد بلكين أي حوالي سنة 337 هـ، فقال: " وجزائر بني مزغنة مدينة عليها سور في نحو البحر، وفيهاأسواق كثيرة ولها عيون على البحر طيبة، وشربهم منها، ولها بادية كبيرة،وجبال فيها قبائل من البربر كبيرة، وأكثر المواشي من البقر والغنم سائمةفي الجبال ولهم من العسل ما يجهز عنهم والسمن والتين ما يقع به وبغيره، منهذه الأسباب الجهاز إلى القيروان وغيرها، ولهم جزيرة تحاذيها في البحر إذانزل بهم عدو لجأوا إليها، فكانوا بها في منعة وأمن".
ويصفها البكري في كتابه المسالك والممالك بقوله: »....وهي مدينة جليلة قديمة البنيان، فيها آثار للأول وأزاج محكمة تدل على أنها كانت
دار ملك لسالف الأمم«.
أماابن زاكور (ت 1120 هـ) الشاعر المغربي المعروف، فقد قدم إلى الجزائر بحراسنة 1093 هـ، واجتمع بعدد من علمائها وأخذ عنهم واستجازهم، وحصل علىالإجازات التي كانت آنذاك بمثابة الشهادات العلمية، ثم عاد إلى بلده،فيقول في وصف مدينة الجزائر: »وأنه لما من علي المولى الكريم، ذو الفضلالسابغ العظيم، بدخول مدينة الجزائر، ذات الجمال الباهر، وحلول مغانيهاالنواضر، التي غص ببهجتها كل عدو كافر، فلذلك يتربصون بها الدوائر فيالموارد والمصادر، ويرسلون عليها صواعق لم تعهد في الزمن الغابر، أبرأنيمن غليلي ووجدي ما عانيته من روائها العسجدي، وبحرها اللازردي، إذ هيكما قيل:
بلدٌ أعَارَتْهُ الحَمَامَةُ طوْقَهَا وكساهُ حُلَةً ريشَهُ الطّاوُوسُ
ماشئت من حدائق، كالنمارق، وقصور نوعُ المحاسن من عليها مقصور، والذي أعارهاذلك المرأى الجميل، وأصارها فضية الصباح عسجدية الأصيل، وألحفها بهجةوإشراقا، وألبسها نضرة وإبراقا وأبدها للعيون آنق من جيرون "

تيهــــــــــرت :فازدهرت تيهرت وبلغت شهرتها الآفاق ، وشدت إليها الرحال للتجارة والسكن والعيشالرغيد الآمن ، مما جعل الكتاب والرحالة يقصدونها ويشيدون بها ومن ذلك ما قالهالمقدسي واصفا لها فيقول : " ... هي بلخ المغرب ، قد أحدقت بها النهار ، والتفت بهاالأشجار ، وغابت في البساتين ، ونبعت حولها العين ، وجل بها الإقليم ، وانتعش فيهالغريب ، واستطابها اللبيب ، يفضلونها على دمشق وأخطأوا ، وعلى قرطبة وما أظنهمأصابوا ، هو بلد كبير ، كثير الخير رحب ، رقيق طيب ، رشيق الأسواق ، غزير الماء ،جيد الأهل ، قديم الوضع ، محكم الرصف ، عجيب الوصفولقد اهتم أئمة الدولة الرستمية بالجانب الاقتصادي لدولتهم ، فاهتموا بالزراعة وكانت تكثر فيها البساتين وزراعة الحبوب ، والعصفر والكتان والسمسم ، والنخيل ، ومختلف الفواكه ، والتين والزيتون ، فكانت تدر عليهم أرباحا طائلة ، وقد كانت تكثر فيها الأنهار ، وأقام الرستميون خزانات وأحواض للماء كبيرة اكتشفها الأثريون ، وكانت محكمة التصميم والهندسة ، ليحافظوا على الماء أيام الجفاف ، بل إنهم أوصلوا الماء إلى البيوت عن طريق الأنابيب وشق القنوات . واهتموا كذلك بالرعي وتربية الماشية ، لكثرة المراعي الخصبة في الدولة الرستمية ، فكانوا يربون الغنم والبقر والجمال والخيول والبغال والحمير ، وكانت تجارتها رائجة ، وتصدر إلى الدول المجاورة ، وكانوا يستغلونها في إنتاج الصوف ، قال ابن حوقل يصف الماشية في تيهرت وأحوازها : " وهي أحد معادن الدواب والماشية والغنم والبغال والبراذين الفراهية ، ويكثر عندهم العسل والسمن " . حتى أن بعضهم كان يمتلك مئات الآلاف من الماشية ، التي كانت عمادا لبيت مال المسلمين ، قال الإمام عبد الوهاب : " لولا أنا ومحمد بن جرني ويبيب بن زلغين لخرب بيت مال المسلمين : أنا بالذهب ، ومحمد بن جرني بالحرث ، وابن زلغين بالأنعام " .وكذلك كان لهم اهتمام كبير بالصناعة ، فكانت توجد في الدولة الرستمية العديد من الصناعات والحرف كالنجارة والحدادة والخياطة والدباغة والطحن ، وصناعة السفن والقوارب ، وصناعة الزجاج والفخار والتحف والعطور ، والخشب المنحوت والمخطوط والمموه والمرصع بالعاج أو الصدف ، وصناعات الذهب والفضة ، حتى أنها كانت تضرب منها الدراهم والدنانير ، فكانت لها عملاتها الخاصة التي كشفت عنها الآثار . وقد اهتم الرستميون بالتجارة أيما اهتمام ، فأنشئوا الأسواق في مختلف المدن ، فكانت رائجة بشتى أنواع البضائع والمؤن التي تأتي من داخل الدولة الرستمية نفسها أو من الدول الأخرى عن طريق العلاقات التجارية ، حيث أنه كانت للدولة الرستمية علاقات تجارية مع الكثير من الدول كالأندلس ومصر وبلاد السودان وغيرها من الدول في المشرق والمغرب ، فكانت القوافل التجارية تخرج من الدولة الرستمية محملة بشتى أنواع البضائع والمؤن إلى تلك الدولة ، وتعود كذلك محملة بالبضائع التي تنتج في تلك البلاد ، وكانت تجارة الذهب وبيع الرقيق رائجة في ذلك الوقت ، وللدولة الرستمية نشاط كبير فيها ، ووصل النشاط التجار ي في الدولة الرستمية إلى حد أنه كان يوجد بها التخصص في الأسواق ، فكان بها سوق النحاس ، وسوق الأسلحة ، وسوق الصاغة ، وسوق الأقمشة وغيرها من الأسواق . وقد قام الأئمة الرستميون بإنشاء بيوت للأموال في مدن الدولة الرستمية ، وبيت مال مركزي في العاصمة تيهرت مع دار للزكاة ، وكانت موارد بيوت المال تختلف عن موارد دار الزكاة ، فدار الزكاة مورده هو أموال الزكاة فقط ، وكانت تصرف أموال الزكاة من هذه الدار لمستحقيها الشرعيين الذين حددهم الله تعالى في كتابه في قوله : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين ... والله عليم حكيم } التوبة : 6 . وأما دور الأموال فكانت مصادرها الجزية وخراج الأراضي والضرائب والرسوم التي تؤخذ على القوافل التجارية والتجار والحرفيين ، وكانت أموال هذه الدور تسخر في أجور الموظفين في الدولة ، وفي بناء المساجد والطرقات والأسواق ومصالح المسلمين . أيضا فإننا نجد أن الرستميين اهتموا بالجانب العلمي والفكري اهتماما كبيرا ، ولا أدل على ذلك أن من الشروط الأساسية في إمام الدولة حتى يتم انتخابه ، أن يكون عالما بأمور الشريعة والسياسة والحكم . فاهتمت الدولة بإنشاء المؤسسات التعليمية كالكتاب ـ أماكن للتعليم ـ وكذلك إقامة حلق العلم في المساجد سواء في التفسير أو الحديث أو الفقه أو اللغة وغيرها من العلوم ، حتى أن أئمة الدولة الرستمية كانوا يساهمون في التعليم بأنفسهم ولا يأنفون من ذلك أو يتكبرون ، كالإمام عبد الوهاب الذي قضى سبع سنوات يعلم الناس أمور الصلاة في جبل نفوسة ، أو الإمام أفلح الذي دارت عليه أربع حلق للعلم قبل أن يبلغ الحلم . وكذلك اهتمت الدولة الرستمية بإنشاء المكتبات العلمية الزاخرة بمختلف فنون العلم والآثار ، ومن مكتباتها المشهورة مكتبة " المعصومة " التي كانت تحوي آلافا من المجلدات والكتب ، أوصلها بعض الباحثين إلى ثلاثمائة ألف مجلد ، فكانت تحوي بين رفوفها كتبا في علوم الشريعة من تفسير وحديث وفقه وتوحيد ، وكتبا في الطب والرياضيات والهندسة والفلك والتاريخ واللغة وغيرها من العلوم المختلفة ، ولم تكن كتبها مقتصرة على مذهب بعينه بل كانت تجمع مؤلفات لمختلف المذاهب الإسلامية ، ومن المكتبات المشهور الأخرى " خزانة نفوسة " الجامعة لآلاف الكتب ، وكذلك لم تخل منازل العلماء في الدولة الرستمية من وجود المكتبات الخاصة . وهذه النهضة العلمية لابد وأن يواكبها نهضة في مجال التأليف ، فحازت الدولة الرستمية قصب السبق في ذلك ، فقدم أئمتها وعلماؤها للأمة الكثير من المؤلفات في مختلف فنون العلم سواء الدينية أم الدنيوية ، وكان أئمة الدولة الرستمية في مقدمة الركب في ذلك ، كالأمام عبد الرحمن الذي ألف كتابا في التفسير ، وكتابا جمع فيه خطبه ، والأمام عبد الوهاب الذي ترك لنا كتابا يعرف بـ " مسائل نفوسة الجبل " ، وأما الإمام أفلح فقد ترك لنا الكثير من المؤلفات والرسائل العلمية منها المطبوع ومنها المخطوط ، وأما الإمام أبو اليقظان فكان من المكثرين في التأليف ومن مؤلفاته " رسالة في خلق القرآن " وغيرها من المؤلفات ، هذا بالنسبة لأئمة الدولة الرستمية ، وأما علماؤها فحدث عنهم في مجال التأليف بلا حرج . كذلك فإن الدولة الرستمية لم تهمل جانب العلوم العقلية كعلم الكلام وغيره ، فكانت تجري بين العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية والتيارات الفكرية المناظرات والمناقشات العلمية بحرية تامة وبلا تضييق ، وذلك أن الدولة الرستمية عاش في كنفها الكثير من اتباع المذاهب الإسلامية كالإباضية والمعتزلة والصفرية والحنفية والمالكية والشيعة وغيرهم ، بل كان هناك وجود لليهود والنصارى كما ذكرنا . ويحدثنا ابن الصغير عن ذلك فيقول : " من أتى إلى حلق الإباضية من غيرهم ، قربوه وناظروه ألطف مناظرة ، وكذلك من أتى من الإباضية إلى حلق غيرهم كان سبيله كذلك " ، وابن الصغير نفسه كانت له مناظرات مع علماء الدولة الرستمية من الإباضية . كذلك نجد أن الدولة الرستمية كان لها اهتمام بالأدب العربي من شعر ونثر ، فأما النثر فيظهر ذلك جليا من خطب أئمة الدولة الرستمية ومراسلاتهم ، وأما الشعر فكان لهم نصيب فيه ولكن ليس كالنثر ، ومن شعراء الدولة الرستمية الإمام أفلح بن عبد الوهاب ، ومن قصائده العصماء تلكم القصيدة في فضل العلم التي يقول في مطلعها :العلم أبقى لأهـل العلم آثـارا :: وليلهم بشموس العلم قد نـارا يحيى به ذكرهم طول الزمان وقد :: يريك أشخاصهم روحا وأبكاراحي وإن مات ذو علم وذو ورع :: إن كان في منهج الأبرار ما مارا ومن شعراء الدولة الرستمية شاعر تيهرت بكر بن حماد الزناتي ، ومن شعره :قف بالقبـور فنادي الهامدين بهـا :: من أعظم بليت فيها وأجسادقـوم تقطعت الأسـباب بينهـم :: من الوصال وصاروا تحت أطوادراحوا جميعا على الأقدام وابتكروا :: فلن يروحوا ولن يغدوا لهم غاديوالله والله لـو ردوا ولو نـطقوا :: إذا لقالوا : التقى من افضل الزاد وقد كانت للدولة الرستمية علاقات ثقافية مع بلدان المغرب والأندلس ، ومع بلاد السودان وبلدان المشرق العربي ، فكانت بينهم مراسلات ولقاءات . كذلك فإن الدولة الرستمية تميزت بجمالها المعماري ، فكان بها القصور والبيوت والمساجد والأسواق والفنادق والحمامات يحيط بكل ذلك سور ، وكانت تمر خلالها المياه حتى تصل إلى البيوت ، وقد تفنن الرستميون في بناء دولتهم حتى وصفت بعراق المغرب ، وببلخ المغرب . وقد أطنب المأرخون والرحالة في وصف جمالها وحسنها ، وقد ذكرنا شيئا مما ذكره المقدسي ، ولنستمع إلى ابن الصغير وهو يصف تيهرت في عهد الإمام افلح فيقول : " ... وشمخ في ملكه ، وابتنى القصور ، واتخذ بابا من حديد ، وبنى الجفان ، وأطعم فيها أيام الجفاف ... وعمرت معه الدنيا ، وكثرت الأموال والمستغلات ، وأتته الرفاق والوفود من كل الأمصار والآفاق بأنواع التجارات ، وتنافس الناس في البنيان ، حتى ابتنى الناس القصور والضياع خارج المدينة ، وأجروا النهار ... " . ومن أشهر مدن الدولة الرستمية : مدينة " تيهرت " العاصمة ، ومدينة " وهران " ومدينة " شلف " ومدينة " الغدير " والمدينة " الخضراء " وغيرها من المدن . وكان للمرأة دور بارز في الدولة الرستمية ، فأنجبت لنا الدولة الرستمية العديد من العالمات والمصلحات ، كأمثال أخت الإمام أفلح ، وأخت الشيخ عمروس ، اللتان تعدان من عالمات الدولة الرستمية ، ولا أدل على بروز المرأة في المجتمع الرستمي وانتنشار العلم بينهن من كلام أحد أفراد الدولة الرستمية واصفا ذلك فيقول : " معاذ الله أن تكون عندنا أمة لا تعلم منزلة يبيت فيها القمر " هذا بالنسبة للإماء فما بالنا بالحرائر . كذلك فإن أئمة الدولة الرستمية اهتموا بالجانب العسكري للدولة ونشر الأمن والسلام في ربوعها ، فكانت لهم الجيوش الجرارة التي تحمي الدولة من اعتداء الغاشمين ، وكان لهم الوزراء والولاة والقضاة الذين يعينون الإمام في تسيير دفة الحكم والمحافظة على حقوق الشعب ، وكانت لهم الشرطة التي تحافظ على الأمن والنظام في مدن الدولة الرستمية وأسواقها . وقد ساهمت الدولة الرستمية مساهمة فعالة في نشر الإسلام في إفريقيا السوداء عن طريق ممارسة التجارة مع تلك المناطق التي لم تكن تعرف الإسلام قبل وصول تجار الدولة الرستمية حاملين معهم مشعل الهداية ، ومن أمثال هؤلاء الدعاة التجار الذي أنجبتهم الدولة الرستمية علي بن يخلف النفوسي الذي كان السبب في إسلام ملك مملكة مالي وشعبه . وقد امتدت حدود الدولة الرستمية في فترة من فتراتها الزاهرة من حدود مصر شرقا إلى مدينة تلمسان في أقاصي المغرب الأوسط غرب . وبعد هذا العمر المديد وهذه الإنجازات الضخمة التي قدمتها الدولة الرستمية للأمة الإسلامية ، هجم عليها أبو عبد الله الشيعي داعية الفاطميين في سنة 296هـ ، فدمرها وعاث فيها فسادا ، وقتل أهلها ، ولم يكتف بذلك ، بل قام بإحراق مكتبة المعصومة بعد أن أخذ منها الكتب الرياضية والصناعية والفنية ، فقضى بذلك على تراث عظيم من تراث الأمة الإسلامية فحسبنا والله ونعم الوكيل . هذه هي الدولة الرستمية الإسلامية ، والتي للأسف الشديد تجاهلها الكثير من المؤرخين والكتاب القدماء أو المحدثين ، وإذا ذكروها لا يذكرونها إلا بقصد التجني عليها ، وتشويهها والتعتيم على الإنجازات العظيمة التي حققتها خدمة للأمة الإسلامية ، وكل هذا يعود إلى الأهواء السياسية ، و التعصبات المذهبية المقيتة التي عادت على هذه الأمة بالشر والوبال ، بالرغم من أن الدولة الرستمية أظلت بظلها مختلف المذاهب الإسلامية بل والديانات الأخرى ، مصانين الحقوق والكرامة
ومن أمثال هؤلاء المؤرخين الذين ظلموا الدولة الرستمية ، وكان حري بأمثالهم الإنصاف : ابن عبد الحكيم ( تـ : 257هـ ) صاحب كتاب " فتوح مصر والمغرب والأندلس " ، والبلاذري ( تـ : 279 ) صاحب كتاب " فتوح البلدان " ، وحتى ابن خلدون الذي شهد له بالموضوعية لم يسلم من ذلك .
عنابــــــــــــــــة :ومن المدن صانعة التاريخ (هيبون) أو بونة، أو بلد العناب، أو عنابة فهذه المدينة تقف اليوم صفحة مشرقة تروي لكل من يقرأها ويتأملها روائع أصحابها القدماء، وتحمل إليه صور الماضي البعيد، وما أقاموه شاهدًا على حضارتهم العريقة التي بلغت أوجها ذات يوم. وتحكي له مآثر أولئك القدماء الذين امتدت رقعة إمبراطوريتهم على مساحات شاسعة من العالم شرقا وغربا، وتحققت لهم الانتصارات تلو الأخرى. وتمتعت مدنهم بالأمن والازدهار والنهضة واتسمت بالفخامة والجمال في البناء ثم رحلوا عنها ولم يبقى إلا آثارهم لتكون عبرة لمن بعدهم.
وهو ما يفهم منه أن مدينة (بونة) عنابة أدت دورًا تاريخيا عبر العصور والأجيال. فهي مدينة وميناء من أهم الموانئ على ضفة البحر المتوسط في التاريخ القديم – وحتى في التاريخ المعاصر أيضا – وأسهمت في ازدهار الحضارة الفينيقية والرومانية، وزرعت وجودها العمراني والتجاري والحضاري في البحر الأبيض المتوسط. ولعله لم يكن ليحدث هذا لو لا موقع بونة الاستراتيجي على البحر ومركزها عند ملتقى خطوط المواصلات والتجارة البرية والبحرية. ومن ثم لا نعدم قول القـائل إن مـوقع المدن » ذو تأثير كبير على مصير الإنسان ورخائه ونموه الاجتماعي وتطوره الحضاري عبر القرون(...)، ومن ثم على تكييف صلاته مع العالم الخارجي، وتفاعله مع مختلف الشعوب التي جاءت إلى هذه البلاد للتجارة أو للاستعمار أو لنشر المبادئ والإيديولوجية «. وهو ما نستخلصه من أقوال الرحالة والجغرافيين العرب والغربيين وأصافهم.

وقبل إيراد ذلك أو سرده أو التذكير بأن وصف الرحالة والجغرافيين للمدن لا يختلف كثيرًا عن وصف السائحين اليوم للمدن التي يزورونها إلا أنهم – أي القدماء – قيلا ما يذكرون عدد السكان والمساحة. وإنما كان همهم – فيما يبدو لي – تعداد أو وصف ما في تلك المدن من الحصون والجوامع والكنائس، والحمامات والشـوارع، والأسـواق والحيوانات والنتاج الزراعي والصناعي، والطبيعة المحيطة بذلك.
ومن الذين مروا على بونة أو نزلوا بها وأقاموا، أو وصفوها اعتمادًا على ما نقلوه من مـؤلفات الذين سبقوهم :
ابن حوقل النصيبي (تـ367ﻫ) : فقد جاب هذا الرحالة (التاجر) في القرن الرابع§ الهجري (العاشر الميلادي) مختلف أقطار الأرض لأجل الدرس والتجارة والكسب، ومنه أقطار المغرب العربي شرقا وغربا، شمالا وجنوبا ولم تكن زيارته زيارة عابر سبيل، بل كانت مناسبة للدرس والتأمل فسجل لنا ملاحظات نعدها من أهم ما وصلنا في وصف المغرب منذ الفتح الإسلامي. وأكثر ما عني به الناحية الاقتصادية للمدن وللمناطق التي زارها، بحكم مهنة التجـارة التي كـان يمارسها. يقول في وصف بونة : » ومدينة بونة مدينة مقتدرة، ليست بالكبيرة ولا بالصغيرة (...) وهي على نحر البحر، ولها أسواق حسنة، وتجارة مقصودة، وأرباح متوسطة، وفيها خصب ورُخص موصوف، وفواكه وبساتين قريبة، وأكثر فواكهها من باديتها، والقمح بها والشعير في أكثر أوقاتها (...) وبها معادن من حديد كثيرة، ويحمل منها إلى الأقطار الغزير الكثير، ويزرع بها الكتان، ولها عامل قائم بنفسه، ومعه من البربر عسكر لا يزول كالرابطة، ومن تجارتها الغنم والصوف والماشية من الدواب وسائر الكـراع. وبها من العسل والخير والميْرِ ما تزيد به على ما داناها من البلاد المجـاورة لها وأكثر سوائمهم البقر، ولهم إقليم واسـع وبادية وحـوزة بها نتاج كثير...«.
نلمس من خلال هذا الوصف الدقيق أن الرجل كان عالما وعارفا بروايات المتقدمين، وبخصائص الشعوب ومميزاتها، وبالمدن وطرق المواصلات والتجارة، وهو ما يؤهله لأن يكون الخبير الأول من بين الجغرافيين العرب بشؤون المغرب العربي عامة وبمدنه خاصة .
وظهر جغرافي كبير معاصر لابن حوقل في القرن الرابع الهجري وهو المقدسي (تـ378ﻫ) الـذي بظهور كتابه الموسوم بعنوان » أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم « تقدمت الجغرافيا الوصفية تقدما كبيرًا في ذلك القرن، وقد وصف فيه مختلف ولايات المملكة الإسلامية التي زار أكثر مناطقها في المشرق والمغرب، وقد خص (بونة) بوصف مقتضب جدًا » وبونة بحرية مستورة بها بشر مشربهم من الآبار وبها معدن حديد «.
ثم تلاه في منتصف القـرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي) جغرافي أنـدلسي له§ فضل كبير في تنمية الجغرافيا، وهو أبو عبيد الله البكيري (تـ487ﻫ) بكتابه » المُغرب في ذكر بلاد إفريقيا والمغرب« وما جاء فيه من معلومات تتصل بالمغرب، استقاه صاحبه من معاصريه من العلماء والمسافرين، كما استقى من الكتاب السابقين مثل: (ابن الوراق والجيهاني والمسعودي، وابن رسته) بمعنى أنه ينقصه عنصر المشاهدة الشخصية فيما كتبه عن المغرب حتى قيل: » إنه لم يتح له قط أن يجتاز مضيق جبل طارق «.
وعلى الرغم من هذا فالكتاب غني أظهر فيه صاحبه معرفة كبيرة بالمدن والموانئ والطرق البحرية والقبائل، وما تعلق بالجوانب التاريخية والإدارية والديبلوماسية. وقد وصف بونة وصفًا دقيقا وشاملا يؤكد ما سبق ذكره، يقول :
» ومدينة بونة أولية، وهي مدينة أغشتين (Saint Augustin) العالم بدين النصرانية، وهي على ساحل البحر في نشز من الأرض منيع مطل على مدينة سيبوس، وتسمى اليوم مدينة زاوي، وبينها وبين المدينة الحديثة نحو ثلاثة أميال، ولها مساجد وأسواق وحمام، وهي ذات ثمار وزروع وقد سورت بونة الحديثة بعد الخمسين وأربعمائة، وفي بونة الحديثة بير على ضفة البحر منقور في صخر صلد يسمى بئر النثرة منها يشرب أكثر أهلها، وبغربي هذه المدينة ماء سائح يسقي بساتين وهي مستنزه حسن ويطل على بونة جبل زغوغ، وهو كثير الثلج والبرد (...) ومدينة بونة برية بحرية كثيرة اللحم واللبن والحوت والعسل، وأكثر لحومها البقر، إلا أنها يصح بها السوادن ويسقم بها البيضان، وحول بونة قبائل كثيرة من البربر مصمودة وأورْبة وغيرهما، وأكثر تجـارها أندلسيون، ومستخلص بونة غير جباية المـال، عشرون ألف دينار «
ومن دون أن نتجاوز القرن السـادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) نقف على مصنف§ كبير في الجغرافيا الوصفية، وهو كتاب » نزهة المشتاق في اختراق الآفـاق« للشريف الإدريسي (تـ590ﻫ) الذي يقول فيه :» ... ومدينة بونة وسطة ليست بالكبيرة ولا بالصغيرة، ومقدار رقعتها كالأُربُس، وهي على نحر البحر، وكانت لها أسواق حسنة، وتجارة مقصودة وأرباح موجودة، وكان فيها كثير من الخشب موجود جيّد الصفة، ولها بساتين قليلة وشجر وبها أنواع من الفواكه ما يعم أهلها، وأكثر فواكهها من باديتها (...)، وبها معادن حديد جيد، ويزرع بأرضها الكتان، والعسل بها موجود ممكن، وكذلك السمن، وأكثر سوائمهم البقر ولها أقاليم وأرض واسعة تغلبت العرب عليها. وافتتحت بونة على يـد أحد رجـال الملك المعظم رجَّـار(Roger) في سنة ثـمان وأربعين وخمسمـائة (548ﻫ)، وهي الآن في ضعف وقلة عمارة، وبها عامل من قبل الملك المعظم رجّار من آل حمّاد، وعلى مدينة بونة وبجنبيها جبل يدوغ، وهو عالي الذروة سامي القمة، وبه معادن الحديد... «. ويطلع علينا في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) جغرافي كبير عني بهذه§ المسألة في مصنفه الضخم » معجم البلدان« وهو ياقوت الحموي (تـ626ﻫ) الذي لا يختلف عمن سبقوه في وصف المدينة وغيرها. ويكاد يردد ما ذكروه، و» ينقل عن غيره كـل مـا كتبه عن المغرب وإفريقيا « مع بعض الاختلافات التي لا تكاد تذكر، يقول :
» بونة مدينة بإفريقيا بين مرسى الخرز، وجزيرة مزغناي، وهي مدينة حصينة مقتدرة، كثيرة الرُّخص والفواكه والبساتين وأكثر فاكهتها من باديتها، وبها معدن حديد، وهي على البحر ينسب إليها جماعة منهم : أبو عبد الملك مروان بن محمد الأسدي البوني، فقيه مالكي من أصحاب أبي الحسن القابسي، له كتاب في شرح الموطأ، وأصله من الأندلس انتقل إلى إفريقيا، فأقام ببونة فنسب إليها، ومات قبل سنة (444ﻫ) ويطل على بونة جبل زغزوغ «.
ثم يتلوه ابن سعيد المغربي (تـ673ﻫ أو 685ﻫ) في القرن نفسه (أي السابع الهجري§ الثالث عشر الميلادي) بكتابه الموسـوم بعنوان » الجغرافيا « الذي أسهم به في تقدم الجغرافيا العربية، وفي تاريخ الشرق الأقصى خصوصا.
ولم يحذُ في وصف المغرب العربي والتعريف به حَذْوَ بعض من سبقـوه بالاعتماد على النقل والاقتباس، أو على روايـات التجار والمسافرين – وفي بعض الأحـوال من دون تمحيص – وترديد ما قالوه، وإنما فضل أن يقتصر على تقديم عصارة معرفته الشخصية، التي لا يُشك في دقتها وغناها وتعبيرها بصدق عن واقع القرن السابع الهجري الذي يكاد يخلو – وهو قول محقق كتاب الرحلة المغربية للعبدري – من كتاب يصفون ظروف وأحواله وعمرانه وما إلى ذلك. يقول بشأن بونة :
» وأول سلطنة إفريقيا على البحر مدينة بونة، وهي حيث الطول ثمان وعشرون (28) درجة، والعرض ثلاث وثلاثون (33) درجة وخمسون (50) دقيقة، ولها نهر متوسط ينصب في البحر بغربيها، وفي شرقيها مرسى الخرز المخصوص بالمرجان «.
ويذكر أنها مدينة جليلة عامرة خصيبة الزرع كثيرة الفواكه رخية. يتبين لنا من خلال هذا الوصف أن الرجل مولع ومهتم بالجغرافيا الوصفية والفلكية، محيط بالمعطيات الأساسية للجغرافيا، نحو كروية الأرض، وإحاطة الماء بها، وسرعة دورانها بين الأفلاك وطول المكان وعرضه...
كما زارها في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) الرحالة المغربي محمد§ العبدري البلنسي ووجدها - على حد قوله – في حالة لا تحسد عليها، فقد كانت تحت حصار مجموعة من النصارى لا يتعدى عددهم العشرين شخصا، منعوا ساكنيها من الدخول والخروج، وأسروا عددًا منهم وطـالبوا بالفداء، يقول :
» ثم وصلنا إلى مدينة بونة، فوجدنها بطوارق الغير مغبونة، مبسوطة البسيط، ولكنها بزحف النوائب مطوية مخبونة تلاحظ من كتب فحوصا ممتدة وتراعي من البحر جزره ومده. تغازلها العيون من جور النوائب وتأسى لها النفوس من الأسهم الصوائب، وقد أزعج السفر عن حلولها فلم أقض وطرًا من دخولها «.
وبعده إسماعيل أبو الفدا (تـ732ﻫ) من جغرافيي القـرن الثامن الهجري (الرابع عشر§ الميلادي) وكتابه » تقويم البلدان « الذي أكمل به – كما يروى– النقص الذي ظهر في كتب الجغرافيا التي سبقته باستثنـاء (البكـري والإدريسي وابن سعيد المغربي) الذين قدمـوا – بحسب رأيه – كل ما يستحق التقديم من ناحية الوصف والمعطيات الفلكية معا.
وبعد ما ينقل قول ابن سعيد في وصف بونة يضيف :» ... ومدينة بونة هذه مدينة جليلة، عامرة على البحر خصبة الزرع كثيرة الفواكه رخيصة، وبظاهرها معادن الحديد، ويزرع بها كتان كثير، وحدث بها عن قريب مغاصّ المرجان، ليس كمرجان مرسى الخرز «.
ومنه نأتي إلى ابن بطوطة (تـ777ﻫ) الرحالة المعروف الذي زار بونة في القرن الثامن§ الهجري (الرابع عشر الميلادي)، ومكث بها أيامًا رفقة بعض التجار، ووصفها بأنها مدينة تجارية وكثيرة المطر والثمار والزرع فهي من هذه الناحية مدينة المحاصيل إن صح هذا التعبير.
يقول :»...ورحلنا إلى أن وصلنا بونة، ونزلنا بداخلها، وأقمنا بها أياما ثم تركنا بها من كان بصحبتنا من التجار لأجل الخوف (لأن الطرق غمرتها المياه) وتجردنا للسير وواصلنا الجد.
وحظيت أيضا بزيارة القلقـشـنـدي (تـ821ﻫ) صاحب كتاب : » صبح الأعشى في صناعة§ الإنشاء « في القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) وهو من الناحية الجغرافية يغلب عليه النقل عن الجغرافيين والكتاب السابقين وبخاصة عن البكري والإدريسي. ولا نكاد نعثر على شيء ذي بال باستثناء بعض الملاحظات التفصيلية هنا وهناك. ولا يختلف وصفه لبونة عما ذكره سابقوه، يقول : » ومنها بونة (...) وهي المسماة الآن (بلد العُنَّاب) عنابة وهي مدينة على ساحل البحر في أول الإقليم الرابع. قال ابن سعيد : (ويقصد به أبا سعيد المغربي) ثم ينقل عنه الطول والعرض، كما نقل ما اقتبسه أبو الفدا عن الإدريسي «.
وصف بونة كذلك أحد الرحالة المجهولين في كتاب له وسم بعنوان » كتاب الاستبصار «§ ظهر في القرن السادس الهجري (النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي)، يقول : » ومدينة بونة من بناء الأول، وفيها آثار كثيرة، وهي على ربوة مشرفة على فحوصها وقراها، وهي من أنزه البلاد، وأكثرها لبنا ولحما وحوتا، والبحر يضرب في سورها، وفيها بئر على ضفة البحر منقورة في حجر صلد، ماؤه أعذب ماء وأنفقه، ومنها يشرب أكثر أهلها لعذوبة مائها، وبقرب هذه المدينة ماء سائح يسقي بساتينها وأرضا، وموضع جناتها منتزه حسن، مشرف على البحر، ويطل على مدينة بونة جبل زغوغ وهو كثير الثلج والبرد (...) وبغربي بونة بركة في دورها خمسة عشر (15) ميلا وفيها سمك كثير جليل، وفيها طائر يعرف بالكيكل وهو يعيش على وجه الماء، ويفرخ فإن أحس بحيوان أو إنسان يروم أخذه رفع عشه بفراخه برجليه حتى يصيره في وسط البركة حيث يأمن. وهو طائر حسن، وهو الذي يسمى في مصر بالخواص ويتخذ بمصر من جلده ثياب للينها وجمالها، وتباع بأثمنة غالية، ومرسى مدينة بونة يسمى مرسى مدينة الأزقاق وهو من المراسي المشهورة وبونة في جُون من البحر يسمى الأزقاق، وهو صعب وفيه عطب مركب القطاني ومركب الفخري ومراكب كثيرة «
وزارها الرحـالة الحسن بن محمد الوزان الفـاسي (تـ923ﻫ) المعـروف بـ (لـيـون§ الإفـريقي) أي الأسـد الإفـريقي (LéonL'Africain)القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) ووصفها وصفًا دقيقا شاملا، ولم يقتصر على المباني والطبيعة بل ذكـر عدد البيوت وطباع ساكنيها وأخـلاقهم ومـا إلى ذلك...يقول : » وبونة مدينة أولية أنشأها الرومان على نحر البحر الأبيض المتوسط على مسافة حوالي مائة وعشرين (120) ميلا شرقي قسنطينة، وكانت تسمى في التاريخ القديم (هيبو) وكان القديس أوغستين أسقفا بها وتغلب عليها الغوط ثم فتحها عثمان ثالث خليفة بعد محمد (ص) (...) وأحدثت فيما بعد مدينة أخرى تبعد عن السابقة بحوالي ميلين (2) وشيدت بحجارة المدينة القديمة، ويسمي أكثر الناس هذه المدينة الحديثة بلد العناب، لكثرة هذه الثمار في هذا الموضع، ويجفف الناس العناب ويأكلونه في الشتاء.
وتعدُ المدينة ثلاثة آلاف (3000) بيت، والسكان كثيرو الكثافة غير أن الديار الجميلة قليلة، ويوجد بالمدينة مسجد جميل مبني على نحر البحر، والرجال بها ظرفاء، منهم التجار والآخرون صناع أو نساجون وهؤلاء الأخيرون يبيعون قسطا وافرًا من أقمشتهم في مدن نوميديا(...) ولا توجد عيون ماء ببونة، ولكن صهاريج مياه المطر، وترى بالجانب الشمالي من المدينة قلعة كبيرة تحيط بها جدران سميكة، وقد شيدها ملوك تونس، ويقيم العامل بالقلعة وخارج المدينة زرعت البادية على مساحة أربعين (40) ميلا طولا وخمسة وعشرين (25) ميلا عرضا، وهي أرض جيدة لزراعة القمح، تقطنها قبيلة عربية تسمى مرداس التي تفلحها وتملك القبيلة بقرًا وأغنامًا عديدة ويمير هذا البقر من الزبدة قدرًا كبيرًا حتى إن العرب عند بيعه ببونة لا يربحون من الدراهـم إلا القليل وكـذلك الأمـر بالنسبة للقمح.
وتأتي البواخر العديدة كل سنة من تونس وجربة ومن جميع الساحل وأيضا من جنوة لشراء القمح والزبدة من بونة، وكانوا يُستقبلون بطيبة قلب، ويقام السوق كل يوم جُمُعة خارج المدينة قرب السور ويستمرُ إلى المساء.
وغير بعيد عن بونة يوجد شاطئ به المرجان، وليس لأحد الحق في اصطياده في البحر أو جمعُه على الساحل لأن الملك (الحفصي) أجر هذا الشاطئ للجنويين الذين طلبوا منه رخصة بناء قلعة به، لأن القراصنة أزعجوهم، ولم يرضى السكان، متعللين أنه في مرة سابقة استحوذا الجنويون على المدينة، ونهبوها باستعمالهم نفس الحيلة، وقد استرجع أحد ملوك تونس القلعة فيما بعد «.
كما مر عليها أبو الحسن علي بن محمد التمقروتي (تـ1003ﻫ) في أواخر القرن§ العاشر الهجري وأوائل القرن الحادي عشر (السادس عشر الميلادي) وهو في طريقه بحرًا من مراكش إلى القسطنطينية (اسطامبول) وسجل انطباعاته وملاحظاته في كتاب عنوانه : » النفحة المسكية في السفارة التركية «، نقتبس منه بعض ما تعلق بها، يقول :» وهي مدينة وتعرف ببلد العناب لأن أكثر شجر فجوجها العناب، قال ابن عبد ربه : " ويطل على بونة جبل كثير الثلج، وفيه مسجد يصيبه شيء من ذلك الثلج وإن عم الجبل، وبونة كثيرة اللحم والحوت واللبن والعسل وأكثر لحومها البقر، ويصح بها السواد دون البياض، ومنها ترفع السفن اليوم السمن الكثير إلى قسطنطينية..."ثم يورد ما قاله الرحالة أبو البقاء خالد بن عيسى البلوي (تـ القرن الثامن الهجري، الرابع عشر الميلادي) في مصنفه الموسوم » تاج المفرق في تحلية علماء المشرق « بشأن بونة، فيقول :» قال أبو البقاء خالد في رحلته : وبونة مدينة مكينة، وقلعة حصينة شهيرة الامتناع، بائنة الارتفاع، معدومة الشبيه والنظير في القلاع، تنزهت حصانة أن ترام وتستطاع، قاعدة كبيرة ومائدة من الأرض مستديرة، سامية الأرجاء واسعة البناء، موضوعة على نسبة حسنة في الاعتدال والاستواء.والمدينة العجيبة كالعروس في ناديها، وقد رفلت في درع وأدب، وامتنعت بحسامه المسلول من غير الأيام وعواديها، فاتخذت به من المطالب معتصما وتحلت في سواره معصمًا...«.وبعد ما يصف سعة أرضها وخَصبَ سهولها وكثرة بساتينها، وتأثير ذلك في نفوس الناظرين، ينتقل إلى وصف البحر والقلعة والمرسى، يقول :
» ... فيا لله اتساع ظواهرها وبواديها، والحسن البادي ببحرها وبواديها، وارتفاع تلك القلعة والحصن، وما أوتي من المنعة والحسن (...) وقد قمنا بمرسى بونة يومين، وهو مرسى حصين في جُون واسع جدًّا، وزرنا في جامعها قبر الوالي الصالح أبي عبد الملك مروان بن علي بن القطان، قال القاضي عياض في رسم هذا الشيخ من المدارك، هو أندلسي الأصل سكن بونة من بلاد إفريقيا وكان من الفقهاء المتفننين، ألف في شرح الموطأ كتابًا مشهورًا، رواه عنه الناس (...) كذا قال حاتم كان رجلا فاضلا حافظا نافذًا في الفقه والحديث، أصله من قرطبة سمعنا منه تفسير الموطأ من تأليفه، ولزم الدواودي وغيره. قال أبو عمران : كان صالحًا عفيفا عاقلا حسن اللسان رحمه الله.ثم سافرنا منها إلى ميناء بنزرت «.
وكما هو واضح من العنوان فإن بونة لم تحظ بزيارة الرحالة والجغرافيين العرب ووصفهم فحسب بل حظيت كذلك بزيارة رحالة وجغرافيين غربيين، وقد وصفوها وكتبوا عنها ملاحظاتهم، وأبدوا فيها آراءهم، وكان منهم التجار والقناصلة، ومنهم المسافرون والمغامرون، وربما حتى الجـواسيس والأسرى. معالم تلمسان كما وصفها الرحالة العرب
لقد أبهرت تلمسان منذ أن تأسست كحاضرة من أهم حواضر المغرب العربي كل منزارها من الرحالة وطلاب العلم والموفدين إليها من السفراء من المشرقوالمغرب واللاجئين إليها بحثا عن الآمان. ولم يتردد هؤلاء في وصفها فيكتبهم وسفراتهم ، فأكثروا في مدحها وأطنبوا في إظهار جمال منشآتهاالعمرانية وحسن تخطيطها وتطور حضارتها. وقد استهوت تلمسان حتى أولئك الذينتعرفوا عليها في كتب الآخرين ولم يزوروها، لما تمتعت به من شهرة طيبةوإشعاع باهر.
ومن بين الذين وصفوا لنا تلمسان بشيء من التفصيل والاهتمام بموقعها الجغرافي ومنشآتها المدنية والعسكرية والدينية الرحالة العمريالمتوفى سنة 749هـ، فقال:
" وأما تلمسان وهي قاعدة الملك الذي فتحه هذا السلطانبسيفه، واستضافه إلى ملكه، قال الشريففي كتاب روجار وهي في سفح جبل وبها آثار الأول، وماؤها مجلوب من عيون علىستة أميال، ولها أسواق ضخمة، ومساجد جامعة، وأنهار وأشجار، وشجر الجوزكثير بها، وفيها المشمش المقارب في حسنه لمشمش دمشق وعلى نهرها الأرحاء، ويصب نهرها في بركة عظيمة من آثار الأول، ويسمع لوقعه خرير على مسافة ثم يصب في نهر آخربعدما يمر على البساتين، ويستدير بقبليها وشرقيها، وتدخل فيه السفن اللطاف حيث يصب في البحر.وهيدار علم متوسطة في قبائل البربر، ومقصد تجار الآفاق، زكية الأرض من الزرعوالضرع، وبها حصون كثيرة، وفرض عديدة أشهرها فرضة هنين وهي قبالة المرية (من الأندلس) ووهران (في شرقي تلمسان شمال قليل على مسيرة يوم من تلمسان،ومستغانم تقابل دانية من الأندلس).
وتلمسان على ما بلغ حد التواتر فيغاية المنعة والحصانة مع أنها في وطاءة لكنها محصنة البناء، ولقد أقام أبويعقوب يوسف عم هذا السلطان أبي الحسن نحو عشر سنينوبنى عليها مدينة سماها تلمسان جديدةثم مات، وسمى أهل تلمسان تلك السنة سنة الفرج حتى كتبوا في سكتهم ونقشوا: ما أقرب فرج الله، وشرع حينئذ أبو حموبعد إتمام سنة من الفرج من رحيل بني مرين عنها، وهو والد سلطانها أبيتاشفين المأخوذة منه في تحصيل قوتها، وتحصين أسوارها، ولم يدع ما يحتاجإليه المحاصر لعدة سنين كثيرة حتى حصله من الأقوات والآلات حتى سليتالشحوم، وتمليت بها الصهاريج وملئت أبراج المدينة بالملح والفحم والحطبواختزن داخل المدينة كلها زرع، ومات أبو حمو وولي بعده أبو تاشفين فزادهاتحصيلا من الأقوات، وتحصينا من الأسوار والآلات، وبنى بها البناءاتالعجيبة الشكل ، والقباب الغريبة المثل، والبرك المتسعة، والقصور المنيفة،وغرس فيها بساتين، غرس بها من سائر أنواع الثمار إلى أن حاصر بجايةونازلها وبنى عليها، فاستنجد الموحدون المريني، فأرسل إليه العلماءالصلحاء والأعيان، وندبوه إلى الصلح بينهم فأبى إلا عتوا وفسادا، فنهضإليه أبو الحسن وحاصره أشد حصار، وبنى عليه مدينة سماها المنصورة، وبقيأربع سنين محاصرا لها، مضيقا عليها آخذا بخناقها، ونصب عليها المجانيقوأخذ عليها المسالك من كل جهة، ولم يدع طريقا للداخل إليها ولا لخارجمنها، وسلطانها أبو تاشفين وجميع أهلها في ضيق الخناق معهم، ولا يفك لهموثاق، ولا يحل لهم خناق، ولا تبرق لديهم بارقة خلاص، وكانوا مع هذاالتشديد الشديد في غاية الامتناع، لحصانة بلدهم وكثرة ما بها من الماءوالأقوات، وكان في المدينة عين ماء لا يقوم بكفايتها، وكان يجري إليهاالماء من عين خارجة عن البلد لم يعرف لها (أحد) منبعا أخفيت بكثرة البناءالمحكم، ولم يظهر لها على علم إلى أن خرج أحد من يعرفها من البنائينالمختصين بسلطانها الكاشف عنها حين بنائها، فأظهرها للسلطان أبي الحسنوكشف عنها فقطعها عنهم، وأبعدها منهم، وصرفها إلى جهة أخرى فقنعوا بالعينالتي في داخل بلدهم، واكتفوا بالبلالة، ولم يظهر منهم وهن ولا خور لانقطاعالميرة لما كان عندهم من المخزون حتى قدائد اللحوم ومسليات الشحوم ولميتغير طعمها لأن بلاد الغرب مخصوصة بطول مكث المخزونات بها، فإنه ربما بقيالقمح والشعير في بعض أماكنها ستين سنة لا يتغير ولا يسوس ثم يخرج بعد خزنهذه المدة الطويلة فيزرع وينبت وخصوصا تلمسان في بر العدوة، وطليطلة فيالأندلس."..ونعود إلى ذكر تلمسان، فنقول: إنها منحرفة إلى الجنوبالشرقي من فاس، ولها ثلاثة أسوار ومن جهة القصبة ستة أسوار بعضها داخلبعض، ولم يهجس بخاطر أنها تؤخذ ولكن بسم الله لهذا السلطان أبي الحسنالمريني صعبها وذلك له إباءها حتى ملك ناصيتها، وبلغ دانيتها وقاصيتها،وإذ قد ذكرنا قواعد الملك الثلاث فلنذكر ما لا بأس بذكره من هذه البلاد".التخطيط العمراني لتلمسان في العهد الزيانيلم تشهد مدينة تلمسان حديثا حفريات ولا تنقيب في ميدان العمران والآثاربالشكل والحجم الذي كان يفترض أن يكون في مدينة كلها آثار، ولذلك يعانيالباحثون من صعوبة التعامل مع المعطيات العمرانية والأثرية لعدم توفرها. وأمام هذه الندرة، يلجأ الباحث إلى دراسة المخطط العمراني والبنيةالداخلية لمدينة تلمسان من خلال النصوص التاريخية التي تتناول جلها العهدالزياني، والمصنفات العامة والخاصة بتاريخ بني زيان وحضارتهم، وكذلكباللجوء إلى بعض الدراسات والأبحاث الميدانية الحديثة، على قلتها وندرتهاوغموض بعضها.
ولايسعنا في مثل هذه الحالة إلا أن ننبه إلى أن بعض المعلومات قد تكونتقريبية ولا سيما فيما يتعلق بتحديد أماكن الأحياء، والدروب والأزقةوالقصور، التي وردت أسماؤها في هذه النصوص لاندثارها وزوال معالمهاالعمرانية، بسبب يد الإنسان وفعل الزمان الذي عبث بها.
لا تختلف تلمسانفي تخطيطها عن المدن الإسلامية في المغرب والمشرق، فهي تحمل نفس الصفاتالعمرانية وتتسم ببنية داخلية مشابهة. تتميز المدينة الإسلامية عموما فيبلاد المشرق والمغرب بسمات مشتركة، بغض النظر عن الخصوصيات التي تفرضهاالبيئة الطبيعية والتقاليد المحلية، لأن تشييد المدينة الإسلامية مرتبطبضوابط وشروط معمارية أساسية. ولم تخرج تلمسان عن هذا النمط، فوجدت بهاتلك المعالم العمرانية الأساسية وعلى رأسها:
أولا: المسجد الجامع:
ويعتبرالنواة الأولى للعمران، ويقع في وسط المدينة، وهو مكان لأداء فريضةالصلاة، ومقر لاجتماع سكان المدينة لتداول أمورهم الاجتماعية والاقتصاديةوتعليم أبنائهم مختلف العلوم العقلية والنقلية.
ثانيا: القصبة:
وهيالحي الذي يسكنه الأمير، أو السلطان وأسرته وحاشيته وجنده، مكونة من مبانيمخصصة لهذه الطبقة الاجتماعية المرموقة التي تتصدر الهرم الاجتماعي فيالمدينة وتتربع عليه ولها أبواب خاصة بها.
ثالثا: الأسوار:
تحيط هذه الأسوار بالمدينة، وتدور حولها من جميع الجهات وهي التي تفصلها عن البادية والحقول الزراعية وتحميها من الغزاة.
رابعا: الأبواب:
تتضمن أسوار المدينة عدة أبواب، تربطها بالبادية من عدة جهات وتراقب فيها حركةالمتنقلين من التجار والقوافل التجارية. وجرت العادة عند المسلمين أنيؤسسوا أبوابا في اتجاه المدن الكبيرة سواء داخل القطر أو خارجه، ويسمونها في بعض الأحيان بأسماء هذه المدن، مثل باب ’’ فاس ’’ في تلمسان، التي تقع في الجهة الجنوبية الغربية للمدينة.
خامسا: القيصرية أو السوق الكبير:
ينتشر فيها عدد كبير من المحلات والدكاكين التجارية المختلفة، تقع قرب المسجدالجامع، حتى يتمكن المصلون من اقتناء حاجتهم بعد الصلاة.
سادسا: وظيفة سكان المدن:
يشتغل أهل المدينة في غالب الأحيان بوظائف الدولة، ويرتكز معظم عملهم في المجالالتجاري والحرفي ، وكذا الفضاء الثقافي والعلمي. ويمتلك أهل المدينة أراضيخارج أسوار المدينة يقومون بفلاحتها وتعود عليهم بمداخل معتبرة. وقداجتمعت في تلمسان الخصائص الوظيفية التي تجعل منها مدينة كبرى وحاضرة عظمى، لا سيما وأنها شيدت لأغراض سياسية لتكون مقرا للحكم وقاعدة للدولة،وسوق تجاري هام، ومركز إداري معتبر.
سابعا: الطرق والأزقة والمنازل:
أماشبكة الطرق الداخلية والأزقة، وتخطيط مسالك المواصلات والدروب المخصصةللراجلين والعربات والحيوانات، فهي ترمي إلى ربط مركز المدينة بأحيائها منجهة، وتصل المدينة بالخارج من جهة ثانية عن طريق أبواب وضعت في الأسوارلتؤدي إلى اتجاهات مختلفة.
ويمتاز سكان المدينة بحرصهم على صيانةديارهم وبنائها على نمط يصون حريمهم من العيون الخارجية، تمشيا مع القيمالأخلاقية والعادات والتقاليد التي بنيت عليها الأسرة الحضرية الإسلامية. فهذه الضوابط والتصرفات العمرانية يتقيد بها نظام مسكن الحي في المدينةقصد توفير أسباب الحصانة والراحة للمقيمين بها. ويهدف المخطط العمرانيلتلمسان أيضا إلى عزل المساكن، ووضعها بعيدا عن مسالك النقل الكبرى، حتىتوفر لأصحابها مزيدا من الأمن والراحة . وهي ضوابط تفند ما ذهب إليه بعضالمستشرقين من أن البناء في المدن الإسلامية يتميز بالعشوائية وعدمالتماسك.
وهــــــران
وهران مدينة جزائرية على الساحل الغربي للبلاد على البحر المتوسط، عاصمة غرب البلاد وثاني أكبر مدينة بعد الجزائر العاصمة. تعد المدينة مركزا اقتصاديا وميناء بحريا هاما.تقع مدينة وهران داخل الخليج الذي يحمل اسمها, على خطي العرض 35 و42 درجة شمالا وعلى خطي الطول 30 و38 درجة غربا, ويبلغ عرض خليجها 21 كلم, وتحيط بالمدينة جبال لا يتجاوز ارتفاعها 579 م, وهي بذلك تقع في منطقة معتدلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.أما موقع المدينة فإنها توجد بين السفوح الشرقية لجبل (مرجاجو) غربا و(الجروف الصخرية) وهضبة (بئر الجير) شرقا, والسبخة الكبرى جنوبا.تحتل وهران موقعا استراتيجيا هاما, فهل تطل على البحر الأبيض المتوسط من جهة ولا تبعد عن شبه جزيرة إيبيريا كثيرا, إضافة أنها تعتبر منفذا حضاريا هاما, سواء غربا أو شرقا أو شمالا.تعتبر مدينة وهران عاصمة إقليمية للغرب الجزائري بسبب تحكمها في طرق المواصلات (البرية والبحرية والجوية والحديدية), وسيطرتها على الحركة التجارية مع الداخل (المدن الغربية والجنوبية الغربية) والخارج (أوربا كفرنسا وإسبانيا).
اصل التسمية :
كانت النواة الأولى للمدية تقع على الضفة اليسرى لوادي (رأس العين) وتدعى قرية (إيفري) وكان سكانها ينتمون إلى قبيلتي (مغراوة) و(نفزاوة) البربريتين, ولكن التاريخ لا يذكر شيئا عنها وعن حركة القبيلتين ولا عن موطنهما الأصلي, لكن الثابت تاريخيا أن وهران بنيت في القرن 3 الهجري, ولقد ظهر اختلاف كبير في تسمية وهران: - قيل: "أن (بني يفرق) عندما أرادوا غزوها لم يستطيعوا التعرف على مكانها, وعثروا على رجل من أهلها فسألوه عنها فرفض أن يرشدهم إليها وشددوا عليه فصوب عصاه نحوها, وقالوا له: هي صوب عصاك هذه؟ فقال لهم: واه. ثم سمعوا شخصا آخر يقول: رانا. فقصدوه وعثروا على المدينة وسلبوا أهلها وسبَوهم وقالوا: هذه غنيمة (واه رانا)" - وقيل: أن كلمة وهران جمع ومفردها: (أهرى) بمعنى (مخزن أو مستودع). - وقيل: بأن وِهران بكسر الواو كلمة بربرية تتكون مشتقتاها من عدة معاني: (وَ) معناه: مكان في, (هر) مرادف (أهر) ومعناها الأسد, (آن) هي علامة جمع؛ وخلاصة القول أن وهران عرين الأسد أي مخزنه ومكانه. - هناك رأي آخر: يذهب إلى أن وهران كلمة بربرية, ومعناها في لغة قبائل الزناتة: الثعلب.- ويذهب آخرون: بان (وِهران) مثنى (وِهر) بمعنى الأسد, وهذا الذي يمكن الاعتماد عليه باعتبار أن وهران كان يعيش بها الأسد, كما يوجد بها جبل الأسود, وهناك من الرحالة المسلمين من يشير إلى وجود الأسد بضواحي وهران.
وهران عبر التاريخ:
تعتبر مدينة وهران إحدى المدن القديمة, ويعتبر واد (راس العين) منطقة استقرار بشري قديمة, قدم الإنسان الحجري الذي عاش فيها منذ عصر ما قبل التاريخ, وهذا ما أكدته البحوث العلمية التي أجريت على المغارات والكهوف الموجودة بها: ضواحي (أكميل) وحي (سي صالح), وعدة مغارات أخرى مصنفة وطنيا, كما يوجد بها عدة محطّات على الساحل الشرقي لمدينة وهران, خاصة بدوّار (بلقايد).ولقد سكن مدينةَ وهران بعضُ القبائل (نفزة وبني مزغن) المنحدرة من قبيلة (أزديجة البربرية).أما في العهد الروماني, فلقد احتلت وهران مكانة هامة خاصة ميناؤها (المرسى الكبير) والذي كان يسمى (بالميناء الإلهي) وكانت وهران تسمى بـ(كيزا), ولا يذكر التاريخ القديم شيئا هاما عن مدينة (كيزا) ما عدى ميناءها الذي احتل مكانة هامة. يرجع تاريخ تأسيس مدينة وهران إلى سنة 903م الموافق 290ﻫ من قبل البحارة الأندلسيين أيام حكم الأمويين بالأندلس.بنتها مغراوة (قبيلة كانت تستقر بين سهل مليانة شرقا إلى واد تافنة غربا) فلْذةُ أمراء الأندلس الأمويين, والذي شيّدها وكان المخطِّط لها هو (هوخرز بن حفص صولات). والذي أمر ببنائها هو الخليفة الأموي بالأندلس (أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان –تولى الحكم من سنة 257ﻫ وتوفي في ربيع الأول سنة 300ﻫ). [مدينة وهران, بشير مقييس ص 79-80]. ولقد شُيّدت وهران قبل وفاته بعشرة أعوام, أي في سنة 290ﻫ/ 903م. وقيل أن (مغراوة) هي التي بنت وهران من طرف (محمد بن أبي عون ومحمد بن عبدون) وجماعة من البحارة الأندلسيين الذين كانوا ينتجعون مرسى وهران مع قبائل النفزة وبني مزغن [قبيلة بربرية كانت تسكن وهران, وكانت تنتقل بين السهول والهضاب, على مقربة الساحل في الغالب.] وكان ذلك في القرن الثالث الهجري.
أصبحت مدينة وهران بعدها محط نزاع بين الأمويين والفاطميين, خربت المدينة عدة مرات أثناء هذه الفترة وقامت تحالفات عدة بين الدولتين والقبائل الضاربة على نواحيها كـ(أزجاس و مغراوة و صنهاجة).
انتهت فترة الاضطرابات بعددخول المدينة في نفوذ الأمويين سنة 1016 م. جاءت بعدها الفترة المرابطية سنة 1081م. و عرفت المدينة الصراع الأخير للمرابطين من أجل البقاء حيث فر إليها آخرهم(تاشفين) الذي حاول الفرار من المرسى الكبير إلى الأندلس إلا أنه هلك.
بعدظهور دولة (بني عبد الواد) ضمت وهران إليها. إلا أن هذه الدولة كان عليها أن تواجهالدولتين الحفصية و المرينية. وكانت وهران دائما أهم مدينة دخلت في هذا الصراع. كانت المدينة تمثل أهم ميناء تجاري للدولة الزيانية ومنفذا لها على البحر المتوسط؛ وعلى هذا كان المرينيون يعرضون على الزيانيين الصلح في مقابل تسليمهم مدينة وهران. حاصرها المرينيون مرات عدة أولها سنة 1296 م. وآخرها سنة 1368 م, تنقلت المدينة أثنائها بين أيادي الحفصيين، المرينين ثم الزيانيين. منذ 1425 م. وبعد أن بسط السلطان الحفصي أبو فارس هيمنته على الدولة و بداية الصراع والانقسام بين أسرةالزيانيين، شكلت مدينة وهران بلاطاً ثانيا بعد مدينة تلمسان، حيث كان يلجأ إليهاأفراد الأسرة المعارضين للسلطان. كل هذه العوامل وغيرها مكنت الإسبان من الاستيلاء على المدينة سنة 1509م.
كانت أسبانيا بقيادة الكاردينال شيسيروس قد احتلتالمرسى الكبير سنة 1504م. ثم بدأت بعدها شنَّ هجمات على المدينة انتهت بسقوطها. أعمل الإسبان السيف في سكان المدينة كما قاموا بتحويل الجوامع إلى كنائس. كانت المدينةتمثل بالنسبة للإسبان نقطة ارتكاز للاستيلاء على باقي البلاد. إلا أن النتائج جاءتمخيبة. و لم يأت احتلال المدينة الذي دام طويلاً بأي نتائج. كانت مقاطعة أهل البلاد لهم وقطع الموارد عنهم سببا أجبرهم على طلب المؤونة من أسبانيا, وكان الإسبانيتوقعون سهولة الحصول عليها بعد نهب المناطق المجاورة.
على مدار الثلاثةقرون الثالية حاصر الأتراك المدينة عشرات المرات، دام بعضها أسابيع والآخر أشهراً. كما كانت القبائل الضاربة في المنطقة تقوم بشن حملات مناوشة ضد الحامية الإسبانية. وأمام عدوانية أهل البلاد بقي الإسبان وراء حصونهم ولم يعد يهمهم التوسع بقدر ما كانيشغلهم مسألة توفر المؤونة.
استطاع البايبوشلاغم دخول المدينة سنة 1705 م بعد حصارها، إلا أن الإسبان استطاعوا تجميع أسطولبحري كبير مكنهم من انتزاع المدينة مجدداً سنة 1732 م. و كانت هذه الفترة بالنسبةللإسبان أعسر من سابقتها. انتهت الفترة الثانية يوم 8 أكتوبر 1792 م. بعد محاصرة الباي محمد بن عثمان الكبير. ضرب المدينة زلزال كبير أثناء اليوم الأول من الحصارفدمرها عن آخرها. كان بمقدور الباي المهاجمة و الاستيلاء على المدينة بسهولة إلاأنه ترك الإسبان يدفنون موتاهم. بدأت بعدها جولة مفاوضات طويلة بين الباي والملكشارل السادس انتهت بقبول هذا الأخير التنازل عن المدينة والمرسى الكبير وجلاءالحامية الإسبانية من البلاد نهائياً. بين سنوات 1792-1830 م تداول على المدينةالتي أصبحت مركزا لبايليك الغرب عدة بايات كان آخرهم حسن باي.
بعد استيلاءالفرنسيين على مدينة الجزائر سنة 1830 م، أرسل القواد حملة بقيادة الماريشال بورمونالذي استطاع الاستيلاء على المرسى الكبير. بعد مفاواضات مع الباي حسن قبل الأخيرالتسليم و تنازل عن المدينة. بعد فترة الإنتظار و الترقب دخل الفرنسيون المدينة سنة 1831 م. رحل الباي بعدها إلى مكة و معه عائلته.
وصف وهران من خلال الكتّاب الجغرافيين المسلمين:
يذكر أغلب الجغرافيين والمؤرخين والرحالة المسلمين أن وهران مدينة ساحلية بالمغرب الأوسط, وهي تقابل مدينة (مرية) من ساحل الأندلس. أما عن تأسيسها فالرأي الغالب والأصوب أنه يرجع إلى الأندلسيين كما سبق, وهذا لا يعني أن المدينة لم تكن موجودة قبل هذا التاريخ, إنما هذا التاريخ يعتبر الانطلاقة الحقيقية لظهور مدينة كبيرة على الساحل الغربي للمغرب الأوسط.ويرى بعض الباحثين أن سبب تأسيسي مدينة وهران سنة 290 ﻫ/ 903م إنما يرجع أساسا إلى مينائها الهام الذي يلعب دورا بارزا في التجارة, في حين ذهب بعضهم إلى أنه مرتبط بالغزو الشيعي الذي استفحل أمره في نهاية القرن الثالث في المغربين الأدنى والأوسط والذي أصبح يهدد مصالح الأمويين في المغرب العربي.والجدير بالإشارة أن وهران قد تعرضت لمرات عديدة للتخريب, وكان في كل مرة يعاد بناؤها من جديد كما حصل في عهد الموحدين (1145-1248ﻫ). وقد عرفت وهران صراعات كثيرة كانت سببا مباشرا في حرقها مرات عديدة, ومن هذه الصراعات صراع داخلي سببه التنازع على الملك وحب السيطرة من جهة, وبين الدول والقبائل والأسر التي ما انفكت تتقاتل فيما بينها من جهة أخرى.كما عرفت صراعا خارجيا بين العالم الإسلامي بقيادة تركيا والعالم المسيحي بقيادة إسبانيا, وتعتبر الحرب الصليبية التي شنتها إسبانيا على المغربين العربي عامة ووهران خاصة فترة تاريخية هامة في تاريخ هذه المدينة الحضاري. وميناء وهران (المرسى الكبير) نوّه به كثير من الجغرافيين والرحالة الذين وصفوا وهران, فـ(ليون الإفريقي) اعتبره من أكبر موانئ الدنيا, ترسو به مئات المراكب والسفن -التجارية منها والحربية- دون خطر, فهو في مأمن عن كل عاصفة أو هجوم بحري؛ وتشير مصادر العصر الوسيط بأن وهران كانت تحتل موقعا تجاريا هاما, وذلك لكثرة الفائض الذي كان يصدّر إلى الخارج, وكان هذا الفائض في غالبه منتوجات زراعية وحيوانية, وبعض الصناعات البسيطة, وبعض الصناعات التقليدية, وبعض الحرف الصغيرة, كدباغة الجلود والصوف وصناعة الخزف والحلي, وحتى تجارة العبيد.
تشير بعض المصادر أن سكان وهران أناس طيبون, وكرماء وظرفاء, يحبون الغريب, ويجيرون من استجارهم, ولهم عزة نفس وأنفة, وكانوا يتمتعون بحرية تامة في اختيار رئيس مجلسهم المكلف في النظر في قضاياهم المدنية والجنائية, فلقد كانوا يعيشون في استقلال عن ملوك تلمسان يوم كانت وهران تحت سلطتهم, ولم تشر المصادر القديمة إلى وجود صراعات بين العرب والبربر أو بين السكان الأصليين وبين القادمين من الأندلس.
يذكر أغلب الرحالة والجغرافيين المسلمين كالحميري والمزاري أن مدينة وهران مدينة فلاحية, وبها سهول خصبة وأراضي شاسعة, وبها مياه وعيون سائحة, ومن خلال الوصف يتضح بأنه كان لوهران إنتاج وفير من المنتوجات الزراعية, وكان في الغالب يصدر للدول المجاورة, كما كانت هناك منتوجات أخرى كالعسل والسمن واللحم بسبب تربية الأبقار والغنم؛ في حين يصفها ليون الإفريقي بأنها "لم تعرف وهران الرخاء, فلقد كان مأكل السكان من خبز الشعير", وهذا الوصف صحيح لأنه وصفها زمن الحروب وبعد دخول الإسبان إليها, مما أدى إلى تدهور المستوى المعيشي للسكان.
3- وصف الجانب العمراني:
لقد ركز معظم الرحالة والجغرافيين المسلمين على الجانب العمراني لوهران, فأول من وصف وهران عمرانيا هو ابن حوقل, ووصفها البكري وقال بأنها مدينة حصينة, ووصفها الإدريسي فقال هي مدينة على مقربة البحر وعليها سور تراب متقن, وبها أسواق وحصون, ووصفها ليون الإفريقي فقال: "وهران مدينة كبيرة, تحتوي زهاء 6 آلاف موقد..., وبها مؤسسات وبنايات, وتتميز بطابع المدينة المتحضرة, وذلك لما تشمله من مساجد ومدارس ومستشفيات وحمامات وفنادق ذات أسوار عالية." وقال أحمد ابن سحنون الراشدي: "قد حماها البحر من شمالها وأحاطت حصونها بيمينها وشمالها وأحاطت بها الخنادق إحاطة المناطق, ودارت عليها الأسوار دوران السوار". ويصف بعض الرحالة الطرق والفجاج المؤدية إليها, ويحصي المسافة والموقع عن بعض المدن المعروفة وقتذاك مثل تلمسان وغيرها...
تعتبر مدينة وهران نقطة اتصال بين المغربين الأوسط والأقصى, من حيث الموقع, كما تتمتع بطرق برية هامة بين الشمال والجنوب وزادها المرسى الكبير أهمية بحيث جعلها على اتصال بالعالم الخارجي المسيحي, فكانت وهران مركزا تجاريا هاما بالنسبة للأوربيين الكاتالونيين والجنويين, كما كان التجار يجهزون سفنا تجارية وأخرى حربية قصد القرصنة. وقد وصف أكثر الرحالة والجغرافيين (كياقوت الحموي والحميري وليون الإفريقي والمازري) أهلَ وهران بأنهم تجار, والذي جعل من وهران مدينة تجارية هامة هو الميناء من جهة وطيبة سكانها وحبهم للغريب من جهة أخرى وتطور مدينة وهران في الميدان الإقتصادي والعمراني.قلعة بني حماد :
ومدينة بجاية هي ثاني عاصمة لدولة بني حماد ، أماعاصمتهم الأولى فقد كانت مدينة القلعة المشهورة بـ "قلعة بني حماد" التياختطها الأمير حماد بن زيري بن مناد بن بلكين ، في حدود عام 398هـ (1007 – 1008مـ) ليعلنا منها تأسيس الدولة "الحمادية " دولة مستقلة عن دولة " بنيزيري " التي كان على إمارتها في ذلك الوقت باديس بن أبي المنصور بن زيري ،وهو ابن أخي حماد.
وتتميز قلعة بني حماد التي تقع في الحدود الشماليةلسهول"الحضنة" بموقعها الاستراتيجي الهام فهي من الشمال محمية بجبل تاقرستالذي يبلغ ارتفاعه (1418 متراً) ومن الغرب بجبل قرين (1190 متراً) ويحيطبها من الشرق وادٍ بشكل مضائقه سوراً طبيعياً للمدنية , أما من جهة الجنوبفإن الطريق الوحيدة المؤدية إلى القلعة عبارة عن ثنية ملتوية تتبع "واديفرج " ولذلك كان ابن الأثير ، دقيقاً حين وصفها بأنها ، أحسن القلاعوأعلاها , ولا ترام على رأس جبل شاهق , لا يكاد الطرف يحققها لعلوها.
وتحدثابن خلدون في تاريخه عن مراحل تطورها : فأشار إلى أن حماداً اتم بناءهاوتمصيرها على رأس المائة الرابعة , وشيد بنياتها وأسوارها , واستكثر فيهامن المساجد والفنادق ، وأن الناصر بن علنّاس بني المباني العجيبة المؤنقة , وأن المنصور بني فيها قصر الملك والمنار الكوكب وقصر السلام.
وذكر صاحب كتاب الاستبصار أن بني حماد ، لهم بالقلعة مبان عظيمة , وقصور منيعة متقنة البناء عالية السناء.
واشتهرتالقلعة بالفلاحة , وتربية المواشي والصناعة والنشاط التجاري , ووصفالإدريسي الجغرافي أهلها بأنهم أبد الدهر شباع ، وذلك لغناها بالحبوب , وقد لخص ابن خلدون ما اشتهرت به القلعة في كلمات موجزات فقال : استبحرت فيالعمارة , واتسعت بالتمدن ، ورحل إليها من الثغور القاصية والبلد البعيدطلاب العلوم , وأرباب الصنائع ؛ لنفاق أسواق المعارف والحرف والصنائع بها.
تأسيس بجاية :
ظلتقلعة بني حماد عاصمة للدولة الحمادية منذ عهد مؤسسها حماد الذي توفي سنة 419هـ وحتى عهد الناصر بن علناس بن حماد ، مروراً بعهود القائد بن حمادالمتوفي سنة 446 هـ و محسن بن القائد ، الذي لم يستمر بالإمارة أكثر منتسعة أشهر , وعهد بلكين بن محمد بن حماد ، والذي يمكن اعتباره عهداًانتقالياً بين عهدي "محسن" و"الناصر " وذلك لما اكتنفه من أحداثداخلية...إلا أن "الناصر" كره الإقامة في القلعة بالرغم من أنها أصبحت فيعهده عاصمة دولة قوية , تشتمل على ست ولايات هي : مليانة وحمزة (البويرةحالياً ) ونقاوس وقسنطينة ، والجزائر ، ومرسى الدجاج ، وأشير .. فأسسبجاية , وانتقل إليها في عام 461هـ .
وفي معجم البلدان كتب ياقوتالحموي ، يصف بجاية وسبب اختطاطها وما انطوي عليه من أحداث: ...مدينة علىساحل البحر بين أفريقية والمغرب كان أول من اختطها الناصر بن علناس بنحماد بن زيري في حدود عام 457هـ بينها وبين جزيرة مزغناي (الجزائر العاصمةحالياً) أربعة أيام كانت قديماً ميناء فقط , ثم بنيت المدينة من لحف جبلشاهق ، وفي قبلتها جبال كانت قاعدة ملك بني حماد وتمسى "الناصرية" أيضاًباسم بانيها , وهي مفتقرة إلى جميع البلاد , لا يخصها من المنافع شيء إنماهي دار مملكة , تركب منها السفن وتسافر إلى جميع الجهات وبينها وبين " ميلة " ثلاثة أيام.
وكان السبب في اختطاطها أن تميم بن المعز بن باديس، صاحب أفريقية أنفذ إلى ابن عمه "الناصر بن علناس" " محمد بن البعبع" رسولاً لإصلاح حال كانت بينهما فاسدة , فمر" ابن البعبع " بموضع "بجاية " وفيه أبيات من البربر قليلة , فتأملها حق التأمل ...وأشار عليه (أي علىالناصر) ببناء "بجاية" وأراه المصلحة في ذلك , والفائدة التي تحصل له منالصناعة بها , وكيد العدو .
فأمر من وقته بوضع الأساس وبناها بعسكره.. .ولما توفي الناصر سنة 481هـ واصل خلفه ما كان عليه من اهتمام بعمرانالمدينة , ولا سيما ابنه المنصور الذي خلفه في الإمارة , وكان معروفاًبولعه بالبناء ، فأسس جامع "بجاية" وجدد قصورها ، وتأنق في اختطاط المباني، وتشييد القصور وإجراء المياه في الرياض والبساتين.
دور بجاية السياسي :
أولاً : في حركة الموحدين :
لاتكاد تجد حقبة هامة في تاريخ المغرب العربي الكبير إلا وبجاية تشكل محورأحداثها ... فدولة الموحدين التي يمكن اعتبارها مرحلة حاسمة في تاريخالأمة الإسلامية في جناحها الأفريقي انبثقت نواتها الأولى في بجاية , أوقريباً منها , ذلك أن "عبد المؤمن بن علي الكومي الندرومي الجزائري " التقى ( قابل) " المهدي بن تومرت المصمودي المغربي " في مسجد ملالة الذييبعد نحو ستة أميال عن بجاية , وقررا الإطاحة بالدولة الزيرية في تونس , والدولة الحمادية في الجزائر ، والدولة المرابطية في المغرب ، فقد شاخت , وهزمت جميعها , ودب فيها الفساد والانحلال , حتى قال عنها ابن خلدون : "استرجلت فيها النساء ، وتأنث فيها الرجال ، وانقلبت المفاهيم ، وانعكستالآية ..."ومن ربوع بجاية انطلقت دولة الموحدين تقوم الاعوجاج , وتعيدالأمور إلى نصابها ، وتوحد المسلمين في الشمال الأفريقي والأندلس....

دار هجرة العلماء:
وصفت بجاية بأنها دار هجرة العلماء ,وذلك راجع إلى هجرتين أساسيتين.أما الأولى فهي هجرة رجال الفكر والأدب من قلعة بني حماد التي كانت دارعلم وأدب ومعهداً لتحفيظ القرآن والحديث ، وتعليم العربية ... أما الهجرةالثانية فهي هجرة العلماء والمحدثين والأدباء من الأندلس فارين بدينهم منمحاكم التفتيش , والاضطهاد الإسباني بعد سقوط دولة المسلمين هناك.
يضافإلى ذلك هجرات العلماء من القيروان والقرويين وغيرهما من الحواضر الفكرية .. فشهدت بذلك مرحلة من التلاقح الفكري والامتزاج الثقافي , جعلت منهامركز الإشعاع الفكري في وسط الجزائر , إلى جانب تلمسان في الغرب وقسنطينةفي الشرق.
ولم تكن قبلة العلماء والمفكرين وحدهم ، وإنما ، وبسبب ذلك ،كانت غاية طلاب العلم , يشدون إليها الرحال من كل حدب وصوب, قاصدينعلماءها ومعاهدها التي بلغت شهرتها الآفاق ... كما لم يكن العلم وقفاً علىالرجال دون النساء , فجامعة " سيدي التواتي " مثلاً كان يؤمها في يوم منأيام بجاية ثلاثة آلاف طالب منهم خمسمائة طالبة ويقال : إن إحداهن أوفدتإلى مؤتمر علمي فألقت محاضرة , امتدت ثلاثة أيام وكان موضوعها حول علمالفلك والحساب الرياضي. ..
ويذكر المؤرخون أن هناك أكثر من ألف امرأةكانت تحفظ المدونة ، التي كتبها الإمام سحنون في الفقه المالكي ، عن ظهرقلب كما تحفظ القرآن الكريم ,
وقد خلد الإمام عبدالحميد بن باديس ـرحمه الله ـ دور نساء بجاية في نهضتها الفكرية في عبارته الشهيرة التيوصفهن بها ـ إلى جانب نساء بغداد وقرطبة ـ بأنهن بلغن مكاناً عالياً فيالعلم , وهن محجبات.
ومما يؤكد أهمية بجاية والمكانة العلمية التيبلغتها في عهودها الزاهرة ، اتجاه غير المسلمين إليها وطلبهم العلم فيمعاهدها , فقد تعلم أهل بيزا الإيطاليون صنع الشمع من مصانعها , ونقلوهإلى بلادهم , ومنها إلى أوروبا ، ولا يزال يمسى الشمع عندهم (بوجي) مأخوذاً عن اسم بجاية كما أن العالم الرياضي الإيطالي الشهير (فليوناردوبيزة) تتلمذ على أيدي علمائها.
أعلام بجاية :
لقد تخرج من بجايةأعلام كثيرون في الفقه ، والأدب والشعر والطب والرياضيات وغيرها ... ورغمأن أبا العباس أحمد بن عبدالله الغبريني ، وضع كتابه "عنوان الدارية " للترجمة لمشايخه من علماء القرن السادس الهجري الذي يعد من أكثر قرونبجاية ازدهاراً في الحياة العلمية والتعليمية ، إلا أنه لم يأت عليهمجميعاً , واكتفى بأن قال بعد أن أورد مجموعة منهم :" وقد بقي خلق كثير منأهل المائة السادسة , ممن لهم جلال وكمال , ولكن شرط الكتاب منع من ذكرهم.
وفيإطار الترجمة لأبي علي المسيلي : الذي درس ببجاية , وولي القضاء بها , وجمع بين العلم والعمل , وعرف بأبي حامد الغزالي الصغير ، أشار الغبرينيإلى حجم العلماء المجتهدين الذين قاموا على حل المسائل الشرعية الدقيقة ...فأورد قولا لأبي علي المسيلي ، جاء فيه : "أدركت ببجاية ما ينيف علىتسعين مفتياً , ما منهم من يعرف الحسن بن علي المسيلي".
لقد استطاعتبجاية أن تكون لأكثر من أربعة قرون قبلة العلماء , ومهبطاً لأفئدة طالبيالعلم ، وساحة لتبادل الأفكار والآراء ، وميداناً للإبداع العلمي ؛ حيثراجت حركة نشطة للتأليف في الفقه والتاريخ والرياضة والفنون والنحو وغيرذلك ... ويذكر المؤرخون أن الفرنسيين عندما غزوا بجاية استولوا على حمولةاثنتي عشرة سفينة من الكتب القيمة جمعت من مدارس بجاية ومساجدها ويقال إنهذه الكتب غرقت جميعها في البحر ...
تقع القيروان في تونس على بُعد 156 كم من العاصمةتونس. وكلمة القيروان كلمة فارسية دخلت إلى العربية، وتعني مكان السلاحومحط الجيش أو استراحة القافلة وموضع اجتماع الناس في الحرب. قام بإنشاءالقيروان عقبة بن نافع رضي الله عنه عام 50هـ، ولقد لعبت القيروان دوراًأساسياً في تغيير مجرى تاريخ الحوض الغربي من البحر الأبيض المتوسط وفيتحويل إفريقية (تونس) والمغرب من أرض مسيحية لهجتها لاتينية، إلى أرضلغتها العربية ودينها الإسلام.وتعتبر القيروان من أقدم وأهم المدن الإسلامية، بل هىالمدينة الإسلامية الأولى في منطقة المغرب ويعتبر إنشاء مدينة القيروانبداية تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في المغرب العربي، فلقد كانت مدينةالقيروان تلعب دورين هامين في آن واحد، هما: الجهاد والدعوة، فبينما كانتالجيوش تخرج منها للغزو والفتح، كان الفقهاء يخرجون منها لينتشروا بينالبلاد يعلِّمون العربية وينشرون الإسلام.ولقد استطاعت القيروان أن تفرز طوال أربعة قرونمتتالية مدرسة متعدّدة الخصائص أبقت على ذكرها خالداً وحافظت على مجدهاالتليد، وكانت المدينة آنذاك سوقاً للمعرفة يغترف من مناهلها الواردون علىأحواضها والمتعطّشون لمعارفها، فطبقت شهرتها الآفاق وعمّ ذكرها كامل أرجاءالمغرب الإسلامي.وانتصب بها منذ أواخر القرن الثالث هجري (التاسعميلادي) بيت للحكمة محاك لمثيل ببغداد في التبحّر في مجالات العلوم الطبيةوالفلكية والهندسية والترجمة وركّزت مقومات النهضة الفكرية والعلميةبالبلاد.وقد ظلت عاصمة للبلاد وأحد أكثر مراكز الثقافة العربيةالإسلامية تألقاً بالمغرب الإسلامي طيلة خمسة قرون من السابع إلى الثانيعشر للميلاد.إن قيمة معالم القيروان وأصالتها وثراء كنوزها الأثريةوتنوعها تجعل منها أيضا متحفاً حياً للفنون والحضارة العربية الإسلامية،وما تتسم به معالم المدينة من أشكال معمارية فاخرة ومن تنوع في رصيدهاالزخرفي ينم ويشهد في آن واحد على الدور الذي قامت به في تأسيس الفنالإسلامي ونضجه ونشره.
من المعالم التاريخية:1-الجامع الكبير: ويرجع تاريخه إلى العام 836م ويعدمحرابه وأرضيته ذات البريق المعدني وكذلك منبره ومقصورته من روائع تحفالفن الإسلامي.مسجد ابن نيرون أو جامع الأبواب الثلاثة : وهو يقدمواحدة من أجمل وأقدم الواجهات المزخرفة التي يرجع عهدها إلى القرن الثالثه التاسع م.الفسقيات: وقد بنيت في العام 836م لتزويد القيروان بالماء ،وهي تشكل أهم التجهيزات المائية المقامة في العصر الوسيط.ولا تزال المدينة تحتفظ أيضاً بعدد لكبير من مساجدالخطبة بالأحياء أو ببعض الحمّامات العمومية، وبأسواقها ومقابرها القديمة،وبالقسط الآخر من نسيجها الحضري الإسلامي.وإلى هذه المعالم يضاف عدد كبير من المباني الدينيةتعود إلى القرن الخامس عشر مثل: الزوايا والمدارس، ومقامات الصالحين، ممابناه أهل القيروان تخليداً لذكرى أعلام المدينة، وقد أضفت هذه المباني علىالمدينة صبغة المدينة المقدسة.2-جامع عقبة بن نافعيعد هذا المسجد الجامع بالقيروانأبرز ما جاءت به العمارة القيروانية في الحضارة الإسلاميةبالمغرب العربي،وقد أسس سنة 50 ه، ويعود الفضل لزيادة الله الأول في رسم ملامحه وتخطيطهالنهائي 220 - 226ه ، وهو يشتمل على 17 بلاطة وثمانية أساكيب، ويستمدتخطيطه من الجامع الأموي مع الاقتداء بمثال جامع الرسول بالمدينة.ويتميَّز جامع القيروان، بالإضافة إلى معماره وتركيبهالهندسي، بالمحافظة على أغلب أثاثه الأصلي الذي يرجع إلى فتراته الأولى،وحسبنا للتدليل على ذلك أن نذكر المنبر الخشبي 284ه وهو أقدم المنابرالإسلامية التي سلمت من تقلُّب الأزمات، وهو مصنوع من خشب الساج، ويشتملعلى ما يربو عن 106 لوحة تحمل زخارف بنائية وهندسية بديعة، تعبر عن تمازجالتأثيرات البيزنطية وتوحيدهها في روح إسلامية.3-البرك الأغلبية :وتعد برك الأغالبة من أشهر المؤسسات المائية فيالحضارة الإسلامية، وقد أقامها الأمير أبو إبراهيم أحمد بن الأغلب سنة 284ه، بعد عامين من العمل المتواصل، وتأنق في مظهرها وإبراز تفاصيلهاالهندسية بما يتناسب مع مظهر عاصمته القيروان، وتعتمد البركة على ثلاثةعناصر أساسية :- حوض للترسيب يبلغ قطره 34، وسعته 4000 متر مكعب تسنده دعائم داخلية 17 وأخرى خارجية.- الحوض الكبير وهو يتصل بالحوض الأول عن طريق فتحهتسمى السراج، ويمتاز بأبعاده المترامية حيث يبلغ قطره 7ر127م وعمقه 8ر4 م، ويشتمل على 64 دعامة داخلية و 118 دعامة خارجية ، وتبلغ طاقة استيعابه 000ر58متر مكعب.الصهريج، وهو معد لتخزين ماء الشرب، ويسع حوالي 9000متر مكعب، إن هذه البركة الكبيرة بأبعادها الشاسعة ، إسهام تذكاريلمجد المدينة الصامدة وتجسيد لمعركتها القديمة ضد القحط.من أعلام القيروان:من أعلام القيروان الإمام سحنون بن سعيد تلميذ الإمام مالك ومؤلف كتاب المدونة الذي كان له دور كبير في تدوين المذهب المالكي.مدينة طنـــــجة :
تتميزطنجة بكونها نقطة التقاء بين البحر الأبيض المتوسط من جهة، و بين القارةالأوروبية و القارة الإفريقية من جهة أخرى. هذه الوضعية الإستراتيجيةالهامة مكنتها من الاستئثار باهتمام الإنسان، و جعلت منها محطة اتصال وعبور و تبادل الحضارات منذ آلاف السنين. مما تشهد عليه المواقع و البقاياالأثرية المتواجدة بطنجة و منطقتها، و المنتمية إلى حضارات ما قبل التاريخو حضارات الفنيقيين و البونيقيين التي ربطت اسم طنجة في أساطيرها العريقةباسم " تينجيس " زوجة " آنتي " ابن" بوسايدون " إله البحر و " غايا " التيترمزللأرض. ثم الفترة الرومانية التي خلالها أصبحت طنجة تتمتع بحق المواطنةالرومانية، بل من المحتمل جدا أن روما جعلت من طنجة عاصمة لموريتانياالطنجية، المقاطعة الغربية لروما بشمال إفريقيا.
بعدفترة من السبات، استعادت طنجة حيويتها مع انطلاق الفتوحات الإسلامية لغزوالأندلس علي يد طارق بن زياد سنة 711م، ثم من طرف المرابطين و الموحدينالذين جعلوا من طنجة معقلا لتنظيم جيوشهم و حملاتهم. بعد ذلك تتالت علىطنجة فترات الاحتلال الإسباني و البرتغالي و الإنجليزي منذ 1471م إلى 1684م، والتي تركت بصماتها حاضرة بالمدينة العتيقة كالأسوار و الأبراج والكنائس.
لكن تبقى أهم مرحلة ثقافية و عمرانية مميزة في تاريخ طنجة الوسيط والحديث هي فترة السلاطين العلويين خصوصا المولى إسماعيل و سيديمحمد بن عبد الله.
فبعد استرجاعها من يد الاحتلال الإنجليزي سنة 1684مفي عهد المولى إسماعيل، استعادت طنجة دورها العسكري و الدبلوماسي والتجاري كبوابة على دول البحر الأبيض المتوسط، و بالتالي عرفت تدفقاعمرانيا ضخما، فشيدت الأسوار و الحصون و الأبواب. وازدهرت الحياة الدينيةو الاجتماعية، فبنيت المساجد والقصور و النافورات و الحمامات والأسواق،كما بنيت الكنائس والقنصليات و المنازل الكبيرة الخاصة بالمقيمين الأجانب،حتى أصبحت طنجة عاصمة ديبلوماسية بعشر قنصليات سنة 1830م، و مدينة دوليةيتوافد عليها التجار والمغامرون من كل الأنحاء نتيجة الامتيازات الضريبيةالتي كانت تتمتع بها. أسوار المدينة العتيقة : تمتد على طول 2200م، مسيجة بذلك الأحياء الخمسة للمدينة العتيقة: القصبة، دار البارود، جنان قبطان، واد أهردان، و بني إيدر.
بنيتأسوار المدينة على عدة مرا حل، و التي من المحتمل جدا أنها بنيت فوق أسوار المدينة الرومانية "تينجيس". تؤرخ الأسوار الحالية بالفترة البرتغالية (1471-1661م)، إلا أنها عرفت عدة أشغال الترميم و إعادة البناء و التحصين خلال الفترة الإنجليزية (1661-1684)، ثم فترة السلاطين العاويين الذين أضافوا عدة تحصينات في القرن 18م، حيث دعموا الأسوار بمجموعة من الأبراج: برج النعام - برج عامر - برج دار الدباغ و برج السلام. كما فتحوا بها 13بابا منها: باب القصبة - باب مرشان- باب حاحا - باب البحر- باب العسة - باب الراحة و باب المرسى.قصبة غيلان :تقع على الضفة اليمنى لوادي الحلق, على الطريق المؤدية إلى مالاباطا شرقا لمدينة العتيقة. تم بناؤها حوالي 1664 م، و يرتبط اسمها باسم الخدير غيلان قائد حركة الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار الإنجليزي الذي احتل مدينة طنجة ما بين 1662م و 1684 م.
تتوفر القلعة على جهاز دفاعي محكم، عبارة عن سورين رباعيا الأضلاع محصنين ببرجين نصف دائريين و بارزين، تتوسطهما باب عمرانية ضخمة.

قصر القصبة أو دار المخزن :تحتل هذه البناية موقعا استراتيجيا في الجهة الشرقية من القصبة, من المرجح جدا أنه استعمل خلال فترات أخرى من التاريخ القديم.
بني قصر القصبة أو قصر السلطان مولاي إسماعيل في القرنXVIII م، من طرف الباشا علي أحمد الريفي، على أنقاض القلعة الإنجليزية « uper castel ».
وهو يحتوي على مجموعة من المرافق الأساسية: الدار الكبيرة، بيت المال، الجامع، المشور، السجون، دار الماعز والرياض.
في سنة 1938م تحولت البناية إلى متحف إثنوغرافي و أركيولوجي لطنجة و منطقتها.


الجامع الكبير :على مقربة من سوق الداخل يتواجد الجامع الكبير. تم تحويله إلى كنيسة خلال فترة الاستعمار البرتغالي، بعد استرجاعه في سنة 1684م عرف عدة أعمال ترميم وتوسيع خلال الفترة العلوية.
تتميز هذه المعلمة ببهائها وغنى زخارفها،حيث استعملت فيها كل فنون الزخرفة من فسيفساء و زليج و صباغة ونقش ونحت وكتابة على الخشب و الجبس.
يحتوي الجامع الكبير على بيت للصلاة مكون من ثلاثة أروقة متوازية مع حائط القبلة و صحن محاط من كل جانب برواقين.
و بذلك فهو يعتبر نموذجا للمساجد العلوية المعروفة ببساطة هندستها.

جامع الجديدة:يعرف كذلك باسم جامع عيساوة و أحيانا بمسجد النخيل، يقع أمام الزاوية العيساوية على زنقة الشرفاء. . يتميز المسجد بمنارته ذات الزخارف الفسيفسائية.جامع القصبة:يوجد بزنقة بن عبو. بني في القرنXVIII م من طرف الباشا علي أحمد الريفي، و يعتبر من ملحقات قصر القصبة أو ما يسمى بدار المخزن.


الله يبارك ما شاء الله عليكم هذا هو الصح << و تعاونوا على البر و التقوى >> الله يبارك

شكرا يااخي راك سعدتني في هاذا البحث مرسي



والله اشكر كل من ساهم في تقديم المعلومات اشكركم جزيل لشكر على كل شيء

أين الخـــــارطة