عنوان الموضوع : رفع الهمم إلى القمم \ د: عائض القرنى-كلمات رائعة تحضير بكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب

أي أخيّ؛
- رعاك الرّحمن -

لعلّ ابتغيّت مـَراماً،
وجعلت في سعي النّفس إليه مقصِداً؛
ثمّ أرجأت!
وسوّفت!
والعزيمة؛ أركست!

فـ عجباً أخيّ عجباً!
ترى؛ أنّك أقلّ من ( تحقيق ) ذلك الأمر،
وأدنى؛ أن يكون لك إليه ( ظـَفَر )!
علامَ؟!
وقد وهبك الرّحمن فـِكراً،
وأودعك بصيرة، ومغانم كُبرى؟!

همّتك؛ بمَ تغذوها؟!
وعزيمتك؛ كيف تشحذها؟!
ها هُنا فـ اقرأ؛ عسى النّفس أن تقرّ وتهنأ.


مقتطفات من كتاب رَفع الهـِمم؛ للـ ( قـِمم)!


للشّيخ / د. عائض بن عبدالله القرنيّ

حفظه الله تعالى ورعاه

**

مفتاح النجاح


إن لمن أراد النجاح منطلقات لابد أن يبدأ بها، ويسير عليها، ويستصحبها في طريقه للنجاح، وإن من هذه المنطلقات أن يكون الخير نيته في كل عمل، وأن يستحضر نفع الآخرين، ويكف عن الشر، والجد هو الطريق الأعظم
إلى المجد، ولابد لمن أراد النجاح أن يتدبر في حال الناجحين من قبله لينهج نهجهم ويقتبس من سيرتهم؛ لكي تكون له كالشمعة تضيء له الطريق.




منطلقات الناجحين

الأعمال بالنيات فانو الخير في كل عمل، واستحضر نفع الآخرين والكف عن الشر، ولا تضق ذرعاً بالمحن؛ فإنها تصقل الرجال، وتقدح العقل، وتشعل الهمم.

العمل والجد هو الطريق الأعظم إلى المجد، وهو بلسم لأدوائك، و****ٌ لأمراضك، بل هو كنزك.

قيمة كل امرئٍ ما يحسن، والعاطل صفر، والفاشل ممقوت، والمفسق رخيص.

ركز اهتمامك على عملٍ واحد، وانغمس فيه، واحترق به، واعشقه لتكون مبدعاً.

ابدأ بالأهم فالمهم، وإياك والشتات، وتوزيع الجهد على عدة أعمالٍ؛ فإنه حيرةٌ وعجز.

النظام طريق النجاح، ووضع كل شيءٍ في موضعه مطلبٌ للناجحين، أما الفوضى فهي صفةٌ مذمومة.

الناجحون يحافظون على مقتنياتهم وأمتعتهم، وأشيائهم، فلا يبذرون، ولا يفسدون.

لا يفوح العطر حتى يُسحق، ولا يُضَّوُع العود حتى يُحرق، وكذلك الشدائد لك هي خيرٌ ونعمة.

الناجح لا يغلب هواه عقله، ولا عجزه صبره، ولا تستخفه الإغراءات، ولا تشغله التوافه.

إياك والضجر والملل، فإن الضجور لا يؤدي حقاً، والملول لا يرى حرمة، وعليك بالصبر والثبات.

من ثبت نبت، ومن جد وجد، ومن زرع حصد، ومن صبر ظفر، ومن عَزّ بَزّ.

النملة تكرر الصعود ألف مرة، والنحلة تذهب كرةً بعد كرة، والذئب من أجل طعامه هجر المسرة.

لما هوى السيف قطع، ولما اشتعل البرق سطع، ولما تواضع الدر رفع، ولما جرى الماء نفع.

الكسول مخذول، والهائم نائم، والفارغ بطال، وصاحب الأماني مفلس.

من لم يكن له في بدايته احتراق، لم يكن له في نهايته إشراق، ومن جد في شبابه ساد في شيخوخته.

تذكر أن في القرآن: "سارعوا، وسابقوا، وجاهدوا، وصابروا، ورابطوا" وفي السنة: { احرص على ما ينفعك} .


و{ بادروا بالأعمال }.
و{ نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ } .





نماذج من الناجحين

أبو بكر الصديق ثاني اثنين، أنفق أمواله، يدعى من أبواب الجنة الثمانية، وهو قامع الردة.
عمر بن الخطاب يفر منه الشيطان، ووافقه الوحي أكثر من مرة.

عثمان بن عفان يجهز جيش العسرة، ويوقف بئر رومة، ويختم القرآن في كل ركعة.

علي بن أبي طالب يبارز في بدر ، ويفتح حصن خيبر ، ويقتل مرحباً ، ويذبح عمرو بن ود يوم الخندق.

خالد بن الوليد يخوض مائة غزوة، ويقتل يوم اليرموك خمسة آلافٍ بيده، ويكسر تسعة أسياف.
ضُرب طلحة في جسمه حتى شلت يده، وقتل حنظلة جنباً فغسلته الملائكة، واهتز عرش الله لموت سعد .

طعن عبد الله بن عمرو والد جابر أكثر من ثمانين طعنة، فكلمه الله بلا ترجمان.

جمع أبي بن كعب القرآن وجوده، فذكره الله في الملأ الأعلى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليه سورة البينة.

تصدق ابن عوف بألف جمل بحمولتها على الفقراء، وتصدق أبو طلحة بمزرعته في سبيل الله.

حفظ أبو هريرة غالب السنة، ووزع ليله -ثلاثاً- للصلاة والمذاكرة والنوم.

مشى أحمد بن حنبل ثلاثين ألف ميل في طلب الحديث، وحفظ ألف ألف أثر، وترك المسند أربعين ألفاً.

سافر جابر بن عبد الله في طلب حديثٍ واحد إلى مصر شهراً، وسافر ابن المسيب ثلاثة أيامٍ في مسألة.

روى ابن حبان الحديث عن ألفي شيخ، وصنف الصحيح فصار أعجوبة، وتبحر في الفنون حتى صار نجم زمانه.

كرر المزني رسالة الشافعي خمسمائة مرة، وكرر عالم أندلسي صحيح البخاري سبع مائة مرة.

أعاد أبو إسحاق الشيرازي درسه مائة مرة، وأعاد كل قياسٍ ألف مرة، وألف مائة مجلد.

صنف ابن عقيل الفنون ثمانمائة مجلد، وكان يأكل الكعك على الخبز ليوفر قراءة خمسين آية.

كتب ابن تيمية في اليوم أربعة كراريس، تفرغ الواحدة منها في أسبوع، ويؤلف كتاباً كاملاً في جلسةٍ واحدة، وكتب عنه أكثر من ألف مؤلف.

كتب ابن جرير مائة ألف صفحة، وصنف ابن الجوزي ألف مصنف، وحفظ ابن الأنباري أربعمائة تفسير.

بقي عطاء بن أبي رباح ينام في المسجد ثلاثين سنة في طلب العلم، وما فاتت تكبيرة الإحرام الأعمش ستين سنة.

ذكر النووي أن كرز بن وبرة كان يختم القرآن أربعاً في الليل وأربعاً في النهار، وختم ابن إدريس القرآن في بيته أربعة آلاف مرة، وكان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين مرة، و البخاري ثلاثين مرة، وكان أحمد يصلي في اليوم ثلاثمائة ركعة.

كان أبو هريرة يسبح اثني عشر ألف تسبيحة، وكان خالد بن معدان يسبح مائة ألف تسبيحه، وعاصرنا من كان يقرأ قل هو الله أحد ألف مرة كل يوم، ومن كان يختم القرآن كل يوم ختمة، ومن كان يسبح خمسة عشر ألف تسبيحة في اليوم.

ألف سيبويه أعظم كتابٍ في النحو وهو في الثلاثين من عمره، طرفة بن العبد من أصحاب المعلقات قتل وعمره ستٌ وعشرون، وقاد محمد بن القاسم الجيوش وعمره سبع عشرة سنة.


قال البخاري : ما كذبت كذبةً منذ احتلمت، وقال الشافعي : ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً.

إن الكتب تلقن الحكمة ولكنها لا تخرج حكماء، والسيف يقتل لكنه بكف الشجاع، السباحة لا تتعلم في الدفاتر ولكن في الماء، والرياضة لا تتلقى من الشاشة لكن في الميدان.

الدنيا تؤخذ غلاباً، وسوق المجد مناهبة، والحياة صراع، والعلياء تُنال بالعزائم، من عنده همةٌ متوقدة، ونفسٌ متوثبة، ونشاطٌ مغوار، وصبرٌ دائم فهو الفريد.

قيل لـ أبي مسلم الخرساني : ما لك لا تنام؟ قال: همةٌ عارمة، وعزيمةٌ ماضية، ونفس لا تقبل الضيم، أسرع الفرس فركبه الملوك، وتبلد الحمار فركبه العبد، وافترس الأسد فملك الغابة.
لا يرهب السيف حتى يسل، ولا يُخاف الرعد حتى يجلجل، ولا يهرب من السيل حتى يحتدم.


يقول تعالى: { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى } [النجم:39-41] { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ } [التوبة:120] { الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني }
أجمل السواعد سواعد العمال، وأحسن الرءوس رءوس المحلقين، وأهنأ النعاس نعاس المتهجدين، وأطهر الدماء دماء الشهداء.

الذي يقهر نفسه أعظم ممن يفتح مدينة، والذي يقاوم هواه أجل مِن مَن يحارب جيشاً.



نصائح للناجحين


عليك بالمشي والرياضة والنظافة، فإن الناجحين أقوياء أصحاء { بارك الله لأمتي في بكورها } فإذا أردت عملاً فعليك بالصباح فإنه أسعد الأوقات.

لا تقف فإن الملائكة تكتب، والعمر ينصرم، والموت قادم، وكل نفسٍ يخرج لا يعود.

من زرع (سوف) أنبتت له (لعلَّ) وأطلعت له (بعسى) وأثمرت (بليت) لها طعم الندامة ومذاق الحسرة.

إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وبادر الفرصة، واحذر البغتة، وإياك والتأجيل والتردد، وإذا عزمت فتوكل على الله.

لا تقل قد ذهبت أربابه كل من سار على الدرب وصل
الإبداع أن تجيد في تخصصك، وما يناسب مواهبك فـ { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ } [البقرة:60] { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا } [البقرة:148].

لا يضير الناجحين كلام الساقطين فإنه علوٌ ورفعة، كما قال أبو تمام :

وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ طويت أتاح لها لسان حسودِ
النقد الظالم قوةٌ للناجح، ودعاية مجانية، وإعلانٌ محترمٌ له، وتنويه بفضله:

وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ فهي الشهادة لي بأني كاملُ
الناجح يقوم بمشاريع يعجز عنها الخيال، وتظهر عظماء الرجال، وتثير الدهشة والغرابة والتعجب في الأجيال.

الناجح لا يعيش على هامش الأحداث، ولا يكون صفراً بلا قيمة ولا زيادة في حاشية.

من كانت همته في شهواته وطلب ملذاته كثر سقطه وبان خلله، وظهر عيبه وعوره.

من خدم المحابر خدمته المنابر، ومن أدمن النظر في الدفاتر احترمته الأكابر.

من خلق الناجح التفاؤل، وعدم اليأس، والقدرة على تلافي الأخطاء، والخروج من الأزمات، وتحويل الخسائر إلى أرباح.

القطرة مع القطرة نهر، والدرهم مع الدرهم مال، والورقة مع الورقة كتاب، والساعة مع الساعة عمر.

أمس مات، واليوم في السياق، وغداً لم يولد؛ فاغتنم لحظتك الراهنة؛ فإنها غنيمة باردة.

المؤمن لا يخلو من عقلٍ يفكر، ونظرٍ يعبر، ولسانٍ يذكر، وقلبٍ يشكر، وجسدٍ على العمل يصبر.

في الدقيقة الواحدة تسبح مائة تسبيحة، وتقرأ صفحةً من المصحف، وتطالع ثلاث صفحات من كتاب، وتكتب رسالة، وتتلو سورة الإخلاص ثلاثاً.

كرر النيسابوري صحيح مسلم مائة مرة، وأعاد ابن سيناء كتاب الفارابي أربعين مرة، وقرأ بعضهم المغني عشر مرات.

احترقت كتب ابن حزم كلها فأعادها من حفظه، وكان قتادة يحفظ حمل بعير، وقال الشعبي : [[ ما كتبت سوداء في بيضاء ]].

وقام سفيان الثوري ليلةً كاملة يصلي حتى أصبح، وتذاكر ابن المبارك الحديث هو وأحد العلماء وقوفاً حتى الفجر، وبقي محمد الأمين الشنقيطي يبحث في مسألة يوماً وليلة.

كتب يحيى بن معين لفظ صلى الله عليه وسلم ألف ألف مرة -أي: مليون- وكان ربما كتب الحديث خمسين مرة، وقال الشعبي : [[ أقل ما أحفظ الشعر، ولئن شئتم لأنشدنكم شهراً كاملاً ]].

الناجح يحترمه أطفال مدينته، والفاشل يسخر منه كل أحد حتى ولو اعتذر لهم ألف مرة.

من بكر في طلب العلم بكور الغراب، وصبر صبر الحمار، وعزم عزيمة الليث، واختلس الفرصة اختلاس الذئب، حصل علماً كثيراً.

الكسلان محروم، والعاطل نادم، وماء الحركة البركة، ومن صال وجال غلب الرجال.

الطريق شاق، ناح فيه نوح، وذبح فيه يحيى، وقتل فيه عمر ، وأهرق فيه دم عثمان ، واغتيل علي ، وجلدت فيه ظهور الأئمة.

نسخ ابن دريد كتاب الجمهرة أربع مرات، ونقح البخاري صحيحه في ست عشرة سنة، يغتسل عند كل حديثٍ ويصلي ركعتين، أجر أحمد بن حنبل نفسه في طلب العلم، وباع أبو حنيفة بعض سَعف بيته في العلم، وجاع سفيان ثلاثة أيامٍ في طلب الحديث.

كان النووي يطالع ويكتب، ويحفظ ويصلي ويسبح، فإذا نعس نام قليلاً وهو جالس، وكان للشوكاني اثني عشر درساً في اليوم، وكان ابن سيناء يكتب في اليوم خمساً وعشرين صفحة.

كان إدريس النبي عليه الصلاة والسلام خياطاً، وداود عليه السلام حداداً، وأجر موسى عليه الصلاة والسلام نفسه في الرعي، وكان ابن المسيب يبيع الزيت، و أبو حنيفة يبيع البز.

البدار البدار، قبل تقضي الأعمال، وكتابة الآثار، فلا بقاء مع الليل والنهار، أعوذ بالله من خسة الهمم، وسفاهة العزائم، وسخف المقاصد، وثخانة الطبع، وبلادة النفوس.

بحث علي عن الشهادة في بدر فقالا: في أحد ، فهبَّ إلى هناك فقالوا: ربما كانت في الخندق ، فسعى إليها قالوا: التمسها في خيبر ، فلما أتاها قالوا: تأخر الموعد، قال: ما أحسن القتلة في المسجد.

يحفظ العلم للعمل به، وتعليمه، والتأليف فيه، ومن حفظه وكرره وذاكره وذاكر به ودرسه ثبت في صدره.

لا بد للناجح أن يكون قوي الملاحظة، دائم التركيز، حافظاً للوقت، مديماً للتدبر، طموحاً إلى المعالي.

قال ابن عباس : [[ ذللت طالباً فعززت مطلوباً ]] وقال عمر : [[ تفقهوا قبل أن تسودوا ]] وقال مجاهد : [[ لا يطلب العلم مستحٍ ولا مستكبر ]].






مثبطات النجاح

مثبطات النجاح: هوىً متبع، ونفسٌ أمارة، ودنيا مؤثرة، وهمة باردة، وطول أمل مع تسويف.

الناجح يأنف من الرزايا، ولا يتحمل الدنايا، ووقت الراحة له عمل، ووقت العمل راحة.

الفراغ مفسدة، والمباحات مشغلة، وأكثر الناس مثبطون، والولد مجبنةٌ محزنةٌ مبخلةٌ، سبعون سنة قضاها الإمام أحمد يتقوت من أجرة دكان، وسبعون سنة قضاها الخليل بن أحمد على الخبز والزيت، وسبعون سنة قضاها سفيان الثوري على خبز الشعير.

الناجح يرضى عنه ربه بالإيمان، وأهله بالألفة، والناس بالأخلاق، والمجتمع بالنفع.

تولى أبو بكر سنتين فأقام الخلافة، وهزم المرتدين، وتولى عمر بن عبد العزيز سنتين فنشر العدل وأزال المظالم، وجدد الدين، وتعلم ابن أبي جعد العلم سنتين فصار مفتي المدينة .

سجن السرخسي فألف المبسوط في ثلاثين مجلداً، وأبعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول و النهاية ثلاثين مجلداً، وسجن ابن تيمية فأخرج الفتاوى ثلاثين مجلداً.

كان ابن الجوزي يكتب خواطره، وكان كتاب الفتح بن خاقان في جيبه ليقرأ كل وقت، وكان الخطيب البغدادي يطالع وهو يمشي، قال عمر بن عبد العزيز : [[ إن لي نفساً تواقة، تاقت للإمارة فتوليتها، ثم تاقت إلى الخلافة فتوليتها، وهي الآن تتوق للجنة ]].

كان أبو منصور الثعالبي يخيط جلود الثعالب فترقت به همته إلى أن صار أديب الدنيا، وكان الفراء يشتغل بالفراء ثم صار نابغة النحو، و ابن الزيات كان يبيع الزيت ثم تولى الوزارة.

وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسامُ
وقال آخر:

همةٌ تنطح الثريا وحزمٌ نبويٌ يزعزع الأجبالَ
وقال:

لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتالُ
وقال الشاعر:

همتي همة الملوك ونفسي نفس حرٍ ترى المذلة كفرا
وقال آخر:

تريدين إدراك المعالي رخيصةً ولا بد دون الشهد من إبر النحلِ
وقال:

إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ فلا تقنع بما دون النجومِ
وقال:

ولم أرَ في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمامِ
وقال:

ومن تكن العلياء همة نفسه فكل الذي يلقاه فيها محببُ
وقال آخر:

لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابرِ
وقال المتنبي :

من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ
وقال ابن الرومي :

لولا لطائف صنع الله ما نبتت تلك المكارم في لحمٍ ولا عصبِ

فصل: همة تنطح الثريا
قال تعالى: { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } [المدثر:37] ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } [الحج:78] وقال: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } [آل عمران:133] وقال: { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } [الواقعة:10] وقال: { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } [المطففين:26] .



الرسول وأصحابه

يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: { المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل الخير احرص على ما ينفعك واستعن بالله } وقال: { الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني } وقال: { اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك } وقال لأحد أصحابه: { أعني على نفسك بكثرة السجود } وقال لآخر: { لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله } وكان يقول: { اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من البخل والجبن، وأعوذ بك من ضلع الدين وغلبة الرجال }.

وقام من الليل حتى تفطرت قدماه، وربط الحجر على بطنه من الجوع، وربما صلى أكثر الليل، وصبر على الإيذاء والسب والشتم والطرد والتشريد من الأوطان، والجراح في المعركة والجوع، وجاهد أعداء الله من مشركين، ويهود، ونصارى، ومنافقين، وكان أعظم الناس جهاداً، وأحسنهم خلقاً، وأجلهم إيماناً، وأسدهم رأياً، وأنبلهم كرماً، وأكرمهم نفساً، وأطيبهم عشرة، وأشجعهم قلباً، وأسخاهم يداً، وأكبرهم همة، وأمضاهم عزيمة، وأكثرهم صبراً صلى الله عليه وسلم.



و سعد بن أبي وقاص أحد العشرة، وخال الرسول صلى الله عليه وسلم، صدق الله فكان مجاب الدعوة، ثابت القلب، فنصره الله على أهل فارس، ورفع به رأس كل مسلم، وكبت به أعداء الله، فكان الأسد في براثنه.

و عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة تصدق بقافلةٍ في سبيل الله، بجمالها، وحمولتها طلباً لمرضاة الله، وأنفق في كل عمل راشدٍ مبرور.

وهذا ابن عباس حبر الأمة، وبحر الشريعة، وترجمان القرآن، جدَّ في طلب العلم، وحرص غاية الحرص، وبلغ النهاية في فهم الوحي، وتصدر لتعليم الناس، فكان عجباً في فهمه وحفظه وبيانه وكرمه وسخائه، حتى صار إماماً للناس لما صبر وجاهد وعلم وتعلم.

وهذا معاذ بن جبل إمام العلماء، طلب العلم من معلم الخير صلى الله عليه وسلم، وعمل بما علمه الله، فكان مثال العالم العامل المنيب المخبت الزاهد العابد، ودعا إلى الله، وعلم عباده، وجاهد في سبيله، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، مع فقهٍ عميق، وخلقٍ كريم، ورفقٍ بالناس، وسخاءٍ بذات يده.




علماء التابعين

و الحسن البصري المولى: جاهد في طلب العلم ومعرفة السنة، والصبر على الاشتغال بالأثر، مع ما ر**ه من فصاحةٍ ورجاحةٍ وملاحةٍ وسماحة؛ فصار كلامه دواءً للقلوب، ووعظه حياةً للنفوس، وهو في ذلك واحد الناس زهداً وتواضعاً وإنابةً وخشيةً وورعاً واستقامة، حتى رفعه الله في المحل الأسمى وبوأه الله المكان الأعلى.

مالك بن أنس : إمام دار الهجرة، صاحب الموطأ الذي فاق الناس عقلاً، وأنفق عمره في طلب الحديث، حتى شهد له سبعون عالماً أنه أهلٌ للفتيا، فصارت تضرب إليه أكباد الإبل، وتشد إليه الرحال، حباه الله بجلالة ووقارٍ مع سمتٍ وجمال مظهرٍ وسلامة مخبر.

الشافعي : إمام الآفاق، الذي قعَّد القواعد، وأصَّل الأصول، سخر جسمه ووقته في طلب العلم، فحلَّ وارتحل، وجال وصال، حتى ضرب بعلمه الأمثال، وصار كالشمس للبلدان، وكالعافية للأبدان، مع صبره وشكره وزهده وأدبه وفصاحته وشعره ونبوغه وعلو همته، ورجاحة عقله، وسعة معارفه.

أحمد بن حنبل : إمام السنة، وقامع البدعة، وبطل المحنة، طاف الأقطار، وقطع القفار في جمع الآثار، مع الجوع الشديد، والتعب المضني، والفقر المتقع، والزهد الظاهر، ثم ابتلاه الله بالمحنة، فحبس وجلد فما أجاب، فرفعه الله لعلمه وصبره وصدقه، حتى أصبح ذكره في الخالدين، وصار إماماً للناس أجمعين.

عمر بن عبد العزيز : الخليفة الزاهد العابد المجاهد، مجدد القرن الأول، عزف عن الدنيا، وأعرض عن الشهوات، وأقبل على العلم والعبادة، والزهد والعدل، فأقام الله به السنة، وقمع به البدعة، وأنار به طريق الإصلاح، وجدد به معالم الفلاح، فهو إمام هدى، وعالم ملة، ورباني أمة.



أئمة هذا الزمان

ومنهم مجدد الإسلام في هذا الزمان، الإمام محمد بن عبد الوهاب ، الذي جدد الله به دينه، ونصر به شرعه، وأعلى به كلمته، وهو الذي دعا إلى التوحيد، وهزم الأوثان، وأزال الشركيات، وصحح المعتقد، وجاهد في الله حق جهاده بعزمٍ أمضى من السيف، وهمةٍ أقوى من الدهر، وصبرٍ عظيم، وإخلاصٍ وتضحية، حتى رفع الله محله، وأعلى قدره، ورفع ذكره، وكبت أعداءه، فاستحق كلمة الثناء، ومنزلة الإمامة، ورتبة الربانية.

وممن عاصرنا ورأينا وجالسنا وعرفنا سماحة الإمام العالم العامل الشيخ عبد العزيز بن باز ، جامع الميميات الثلاث ميم العلم وميم الحلم وميم الكرم، كان إماماً في السنة على هدي السلف ، محدثاً فقيهاً عالماً مربياً، رفيقاً بالناس، رحيماً متواضعاً صبوراً، يقوم بأعمالٍ يعجز عنها نفرٌ من الرجال، فكان يعلم ويفتي، ويراجع الكتب، ويرسل الرسائل للآفاق، ويشفع، ويضيف، وينصح، ويعظ، ويحاضر، ويحضر المؤتمرات، مع زهدٍ وخلقٍ وسماحةٍ وذكرٍ وتهجدٍ وصدقات، وإصلاحٍ بين الناس، وأمرٍ بمعروف، ونهيٍ عن منكر، وصبرٍ على أذى، وشفقة على المساكين، ورحمة بالفقراء، وحبٍ لطلبة العلم.






كل ميسر لما خلق الله

وبعد هذا فعليك أن تتعرف على مواهبك التي منحك الله، فتوظفها في بابها، سواء علماً أو عملاً أو مهنة، فإن لكلٍ مذهباً ومشرباً صنواناً وغير صنوان { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ } [البقرة:60] { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا } [البقرة:148] والناس أجناس، فحقٌ على العاقل أن يمهر فيما يجيد، وكلٌ ميسرٌ لما خلق له، ومن يلاحظ حياة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يجد أن كل واحدٍ منهم أجاد في بابه.

فـ أبو بكر ضرب في كل غنيمةٍ بسهم، ولكنه برز في الخلافة والقيادة مع العدل والزهد والإخلاص والصدق.

و عمر قوي في ذات الله، شديد على أعدائه، عادلٌ في حكمه.

و عثمان رحيمٌ شفوقٌ ذو تهجدٍ وصدقات وبرٍ وحياءٍ ورقة.

و علي شجاعٌ صارمٌ خطيبٌ نجيبٌ فقيه.

و أبي سيد القراء، و معاذ إمام العلماء، و خالد رمز الأبطال، و ابن عباس ترجمان القرآن، و حسان مَقدم الشعراء، و زيد بن ثابت كبير علماء الفرائض، و أبو هريرة شيخ الرواة، وهكذا.

فاكتسب معارفك بنفسك، بمهارتك، بتجاربك، بمزاولاتك للأعمال، بمباشرتك للحياة.

إن الكتب تلقن الحكمة لكنها لا تخرج الحكماء، وإن الذين امتازوا في العلوم والفنون لم يتعلموا في المدارس فحسب، بل تعلموا في مدرسة الحياة ومصنع الرجال.


وإن ألذ خبزٍ هو ما حصل بعد عرق الجبين، وإن أهنأ نومٍ ما كان بعد تعب، وإن أحسن شبع ما سبقه جوع، وإن الورد لا يفوح حتى يعرك، وإن العود لا يزكو حتى يحترق:

لولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يعرف نشر عرف العودِ
إن الماء الراكد يأسن، ويتغير طعمه، لكن إذا جرى وسرى طاب وعذب، وإن الكلب الجاهل حرامٌ صيده، لكن صيد الكلب المدرب حلال؛ لأنه أتى بعد جهدٍ ودربةٍ ومعرفة، يقول الشاعر:

وميز الله حتى في البهائم ما منها يُعَلَّمُ عن باغٍ ومغتشمِ
فالبدار البدار قبل تقضي الأعمار، فلا راحة مع الليل والنهار.




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

شكرا لك اخي على هذه الكلمات التي تشرح الصدر وفقك الله

=========


>>>> الرد الثاني :

شكرا بارك الله فيك
لو تغير لون الخط


=========


>>>> الرد الثالث :

السلام على أهل الهمة..

فهم صفوة الأمم...

وأهل المجد والكرم..

طالت بهم أرواحهم إلى مراقي الصعود... مطالع السعود... ومراتب الخلود


ومن أراد المعالي هان عليه كل هم.. لأنه لولا المشقة ساد الناس كلهم..

ونصوص الوحي تناديك... سارع ولا تلبث بناديك

وسابق ولا تمكث بواديك..


أطلب الأعلى دائما وما عليك...
فإن موسى لما اختصه الله بالكلام قال: *** رب أرني أنظر إليك ***


المجد لا يأتي هبة ... لكنه يحصل بالمناهبة .
فلما حمل الهدهد الرسالة، ذكر في سورة النمل بالبسالة.
نجحت النملة بالمثابرة، وطول المصابرة


بالقوة يبنى القصر المنيف,, وينال المجد الشريف

همة تنطح الثريا وعزم *** نبوي يزعزع الأجيال

صاحب الهمة ما يهمه الحرّ... ولا يخيفه القرّ... ولا يزعجه الضرّ.. ولا يقلقله المرّ
لأنه تدرع بالصبر.


صاحب الهمة يسبق الأمة.. إلى القمة..

فكن رجلاً رجله في الثرى *** وهامة همته في الثريا

ولابد للهمم الملتهبة أن تنال مطلوبها،،
ولابد للعزائم المتوثبة أن تدرك مرغوبها..

سنة لا تبدل،، وقضية لا تحوّل..

سوف تأتيك المعالي إن أتيت *** لا تقل سوف، عسى، أين، وليت

قل للكسول النائم.. والثقيل الهائم.. امسح النوم من عينيك،، واطرد الكرى من جفنيك,,
فلن تنال من ماء العزة قطرة،، ولن ترى من نور العلى خطرة،،
حتى تثب مع من وثب،، وتفعل ما يجب،، وتأتي بالسبب.


ألا فليهنأ أرباب الهمم،، بوصول القمم.
===============

===============
مهداه الى الى كل يائس او مهموم او مكتئب

الى كل طالب يكدح في طلب العلم

الى كل من سهر الليالي من اجل مستقبله ومستقبل امته

الى كل ذي طموح للوصول نحو القممhttps://www.youtube.com/watch?v=TaeDKg-qPLw


=========


>>>> الرد الرابع :

في قمة الروعة اخي ميدو شكرا لك

=========


>>>> الرد الخامس :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طهراوي ياسين
شكرا بارك الله فيك
لو تغير لون الخط

تم لكي ذلك بالتوفيق

=========


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايمان1994
في قمة الروعة اخي ميدو شكرا لك

العفو اختي بالتوفيق


والله اعجبتني الكلمات روعة باينة ملاها روعة ويكتب غير الروعة


هههههههههه شكرا لك اخي بورك فيك

اليكم هذا النشيد نشيد الاطباء رائع لمن يحلم بدراسة الطب https://www.youtube.com/watch?v=5oOqbMk9gLU

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايمان1994
والله اعجبتني الكلمات روعة باينة ملاها روعة ويكتب غير الروعة


هههههههههه شكرا لك اخي بورك فيك

والله اخجلتيني اختي واش راح نقولك بالتاكيد لانكي انتي روعة سترينها روعة

بوركت اخي على الكلمات الرائعة
اصحاب الهمم من قصيدة رفع الهمم الى القمم اداء الطفله دنيا عادل
https://www.youtube.com/watch?v=TaeDKg-qPLw