عنوان الموضوع : الشعور واللاشعور:
مقدم من طرف منتديات العندليب

] المشكلة الرابعة الذاكرة والخيال



طرح المشكلة العامة


يقول 'هيدجر' "الإنسان ذو أبعاد ثلاثة ، الماضي ، الحاضر، المستقبل " ، هذه الخاصية هي التي تميزه عن الحيوان الذي يعيش اللحظة الآنية فقط ، فالإنسان يصادف وتعترضه مواقف مختلفة لا يتطلب حلها أو تجاوزها الاعتماد على معطيات الحاضر فحسب ، بل يستدعي تدخل خبرات سابقة أو تصورات مستقبلية وذلك بفضل الذاكرة والتخيل .لهذا نتساءل لماذا الذاكرة لا تعيد إلينا صور الماضي كما هي ( صورة طبق الأصل )؟ أو إعادة مدركات الحاضر كما هي ؟



أولا: العالم الخارجي ونشاطاتنا الذهنية : الذاكرة والخيال



-1- العالم الخارجي يشكل المادة الأولية لكل من الذاكرة والخيال



-2- تعريف الذاكرة:



عندما تواجهنا مشكلة ما فإننا لا نواجهها وفق عناصرها الحاضرة فحسب وإنما نستمد حلها من خلال ماضي حياتنا كلها ( التجارب والخبرات السابقة ) لهذا نتساءل عن معنى الذاكرة ؟


ــ الذاكرة هي ملكة ذهنية تخزن المدركات وتثبتها وتستحضرها عند الضرورة .


* يعرفها العالمان الأكاديميان 'روزنتال 'و 'يودين ' بأنها حفظ الذات لنتائج تفاعلها مع العالم الخارجي مما يجعل في إمكانها ترديد واستخدام هذه النتائج في نشاط لاحق وتصنيفها وربطها في أنساق .


"وظيفة نفسية تتمثل في إعادة بناء (استرجاع)"André Lalande * و يعرفها لا لاند "


حالة شعورية ماضية مع التعرف عليها من حيث هي كذلك ".


ــ من خلال هذه التعاريف يمكن أن نميز بين ثلاث مراحل في الذاكرة :


- التثبيت ( التخزين ، الاحتفاظ ، التحصيل )ـــــــ لكي نسترجع لابد من وجود الذكرى التي يجب بدورها أن تحتفظ . وعملية الاحتفاظ يستلزم مجموعة من العوامل الموضوعية ( - التكرار


الموزع أفضل من التكرار المستمر ، هذا ما أثبتته الدراسات والتجارب التي قام بها العالم





العالم النفساني الألماني .


" وتتمثل في عدد القراءات اللازمة لحفظ موضوع أو كلمات ما.Ebbinghaus اينجهوس" - الفهم ، فكلما كان النص المراد حفظه ذو معنى كلما سهل ت عملية التثبيت عكس الصعب .


النغمة والتسميع ، أثبتت التجارب أن تسميع ما تم حفظه يساعد في عملية التثبيت ، نفس الشيء يقال على القراءة بنغمة كالشعر على سبيل المثال ، فهو يسهل عملية الحفظ إذ يساعد على اكتساب عادات حركية ...) والعوامل الذاتية (- كالحالة الصحية للفرد وسلامة أعضائه فكما يقول 'الجابري 'التعب يعوق الحفظ بسهولة ، نفس الشيء بالنسبة للمشي أو الاستلقاء على السرير لا يساعد على الحفظ بسرعة 'فهي شروط فيزيولوجية .


- التأثر بما تم إدراكه ،- الانتباه القوي – الرغبات والميول – عامل الجزاء كالعقاب والثواب ( أو المدح والذم )–فالاهتمام والدافع إذن يساهمان في عملية الحفظ . فهي شروط نفسية .)


دون أن ننسى عامل السن ونوعية الذاكرة ، الطفل الصغير يتذكر أكثر من الإنسان الراشد وهكذا)


- الاسترجاع ( التذكر ) ــــــــــ بعد تثبيت الذكريات تأتي عملية التذكر أو الاسترجاع سواء بطريقة عفوية أو إرادية


- التعرف أو -التحديد المكاني و الزماني ـــــــــ بعد استرجاع ذكرى ما تأتي مرحلة التعرف عليها إن كانت فعلا مرت بنا أم أنها من إنتاج مخيلتنا .لأن أحيانا تنحرف الذاكرة عن مدارها في أحد الاتجاهين - في اتجاه يعتقد فيه الشخص أنه مرت به حادثة ما وفي الواقع لم يحدث ذلك ) Déjà vu يسمى عند علماء النفس " الشعور بما سبقت رؤيته"(


)Jamais vu - أما الثاني فهو عكس الأول، إذ ينكر فيه الشخص حدوث موقف ما مثلا وهي (


بعدها تأتي مرحلة التحديد الزماني والمكاني للذكرى كإطارين اجتماعين .



ــ أنواع الذاكرة :


للذاكرة ميزتان أساسيتان ، أولا أنها وسيلة للاستحضار الماضي والثانية مصحوبة بجهد عقلي وانتباه ، هذا ما يوحي إلى أنها فعالية عقلية تلعب دور أساسي في إنشاء المعرفة ولكن الأمر لا يتوقف عند مجرد تذكر الأشياء وإنما تذكر الحالة الشعورية التي رافقت الحادثة ( حالة انفعالية)





لهذا يقول العالم والفيلسوف الأمريكي ' جون ديوي ': " إننا لا نسترجع الماضي بذاته بل لأجل ما يضيفه إلى الحاضر ...فحياة الذاكرة هي بالأساس حياة انفعالية أكثر منها عقلية ، فالإنسان لا يختار أن يسترجع في ذاكرته إلا الأحداث التي تكون لها قيمة انفعالية في اللحظة الراهنة ..."


كما يوضح ذلك ' محمد عابد الجابري '


لذا أثير التساؤل أين تكمن القيمة النفسية للتذكر هل في دور العقل ؟ أم في دور الانفعالات التلقائية ؟


- الذاكرة العقلية والتذكر الإرادي ( القصدي ) :


للفرد ذاكرة عقلية الى جانب الذاكرة الحسية أين يتذكر المعنى فقط وتظهر أهميتها في اكتساب المعارف ومن صورها نجد :


التذكر الإرادي : عملية معقدة تستلزم شعورا وانتباها وتأويلا و انتقاءا وتمييزا وحكما مثلا:


رؤية شخص ـــــــــ انتباه ـــــــ البحث أين ومتى ( الزمان والمكان )ـــــــ التعرف عليه.


فهذا النوع يقوم على وظائف عقلية عليا كالذكاء والإدراك والتخيل .ففي الامتحانات مثلا ، يقوم الطالب باختيار المعلومات التي توافق طبيعة الأسئلة المقترحة وإلا وقع في الخطأ.


- الذاكرة الانفعالية والتذكر العفوي :


إن الذاكرة الانفعالية هي التي تجعلنا نعيش الماضي من خلال استرجاعها للحالات الشعورية التي صاحبت الميولات و العواطف التي تلعب دور في وحدة الشخصية ومن صورها نجد :


التذكر العفوي: وهو فعل تلقائي نفسي أساسه استرجاع ذكرى ماضية لغاية عملية حاضرة دون أدنى جهد إرادي وهذه العفوية لا تتم بمعزل عن عوامل نفسية وعضوية ، على أساس لا شيء ينطلق من العدم وهي قوانين تداعي الأفكار منها الأساسية ومنها الثانوية :


الأساسية: قانون الاقتران ← وهو حدوث ارتباط اقتراني نتيجة اجتماع حالتان نفسيتان في الشعور ، فإذا حضرت إحداها بالذهن ذكرتنا بالأخرى ، مثلا رؤية كلمة ما تذكرنا بجملة معينة.


قانون التشابه ← الحالات المتشابهة تستدعي بعضها البعض ، مثلا سماع صوت الرعد يذكرنا بصوت الرص



قانون التضاد ← الضد يذكرنا بذكرى الضد ، هذا ما يفسر المقولة " بالأضداد تعرف الأشياء ". مثلا الجمال يذكرن بالقبح ، الخير بالشر...


الثانوية: التردد ( كالشعارات المستعملة في الدعايات الإشهارية ) – الحداثة ( المواقف الحديثة أسرع للتذكر من غيرها ) - الجدة ( كل جديد مثير ) – ثبات الملابسات (كالضر وف التي ألفها الطالب أثناء الامتحانات ) .


* فمهما اختلفت أنواع الذاكرة حسية ، عقلية ، انفعالية ،فإن وظيفتها واحدة فهي تمكن الإنسان أن يحيا الماضي والحاضر معا وهي تحقق له التوازن النفسي ووحدة وسلامة الشخصية . ) ، فكيف سيكون سلوكه ؟ Amnésieفتصور معي إنسانا بلا ذاكرة كحالة الأمينيزيا الكلية ( طبعا ستكون شخصيته غير سوية .


-3- تعريف الخيال :



*يعرفها العالمان الأكاديميان ' روزنتال ' و' يودين ' في موسوعتهما الفلسفية : هي المقدرة على خلق صور حسية أو فكرية جديدة في الوعي الإنساني على أساس تحويل الانطباعات المجمعة من الواقع والتي لا نقابلها في الواقع المدرك في لحظة معينة.


* أو هي القدرة على إنشاء و تركيب صور جديدة انطلاقا من صور حاضرة أو ماضية بغض النظر عن التحديد الزماني والمكاني كما يقول الفيلسوف الفرنسي " غاستون باشلار"


"..التخيل ملكة نتحرربها من الصور الأولى والتي نستبدل بها الصور Gaston Bachelard فإذا لم يكن هناك تغيير للصور وجمع غير متوقع للصور ، لم يكن هناك تخيل ..."


* فالتخيل ملكة ذهنية تسترجع الصور بعد غياب الأشياء التي أحدثتها أو تبدع صورا في تأليف جديد .


ــ ما يمكن استخلاصه من خلال هذه التعاريف ،أن التخيل ينطلق دائما من أرضية ما ، صور أو مدركات إما ماضية أو حاضرة ، وهذا ما يجعلنا نميز بين نوعين من التخيل .


ــ أنواع التخيل :


: هو استرجاع مدركات ماضية Imagination reproducrice التخيل التمثيلي


خالية من التحديد المكاني و الزماني وهو شبيه بالذاكرة لكن تذكر دون عنصر التعرف .لهذا يقال عن هذا النوع " ذاكرة بلا عرفان".


: يقوم على إنشاء صور جديدة ووظائف Imagination Créatrice التخيل الإبداعي


جديدة تتجاوز بها الواقع فهو يشبه الإدراك لكنه يختلف عنه في كون هذا الأخير أداة تحرر من قيود ذلك الواقع كتخيل كل واحد منكم بنجاحه ودخوله إلى الجامعة .


فالنوع الأول سلبي ، كثيرا ما تطغى عليه عناصر ذاتية ، أما النوع الثاني فهو إيجابي وفعال يستدعي التحرر من الصور الماضية وعلى تركيبها بأسلوب جديد مخالفة لما هي في الواقع .إلا أنه دائما ينطلق من عناصر واقعية لصبها في تركيبات أو قوالب جديدة مبتكرة ، هذا ما يشير إليه قول 'غاستون باشلار' في أعلاه.


-3- العلاقة الذاكرة والتخيل


تشترك الذاكرة والتخيل في استرجاع الصور الماضية ولكن الاسترجاع في التذكر يتم وفق محطات معينة أما في التخيل فهو يتميز بالحرية كونه أداة تحرر من قيود الزمان والمكان أي من سيطرة الواقع .إلا أنهما تتدخلان فالتخيل يضيف إلى الذاكرة ويعيد إحياءها ويبعث فيها الحيوية والمتعة ، كما أن الذاكرة تساعده وتمده بعناصره الأساسية . بل أكثر من ذلك ،يصعب التمييز بينهما فعندما تعجز مثلا الذاكرة على استرجاع الصور فإننا نملؤها بصور أخرى ثم يتبين أنها مخالفة لما كان في الواقع ....


فالعلاقة بينهما إذن تكاملية ، إذ يعدان من الوظائف العقلية التي تميز الإنسان عن الحيوان الذي يعيش اللحظة الآنية فقط وهذا ما قصده الفيلسوف الألماني في قوله " الإنسان ذو أبعاد ثلاثة ".


ثانيا : الذاكرة والخيال وعمليتا البناء والإبداع


-1- طبيعة تخزين الذكريات واسترجاعها وبناءها:


لو عدنا إلى مراحل الذاكرة ستتضح الصورة وبالتالي المشكلة ، ففي المرحلة الأولى يتم تثبيت أو تحصيل الذكريات وفي المرحلة الثانية يتم الاسترجاع ( لتلك الذكريات )، لهذا أثير التساؤل


والجدل حول طبيعة الاسترجاع ، أين وكيف تحفظ الذكريات ؟


-لقد تعددت التفسيرات والنظريات حول هذه المشكلة:


ــ التفسير البيولوجي ( النظرية المادية ): الفعالية العضوية


'Ribot يرى علماء النفس الفيزيولوجيون ومن بينهم العالم الفرنسي '


أن الذاكرة ذات طبيعة مادية . فهي لا تختلف عن الوظيفة الفيزيائية ، في امتلاكها خاصية الاحتفاظ .فالذكريات تحفظ في الدماغ على شكل أثار مادية عن طريق عامل التكرار . وتسترجع بمؤثرات الحاضر ( كلمة – أو إشارة – مكان – فكرة ...الخ ). وتوصل إلى أن عملية تثبيت الذكريات الخاضعة لعامل التكرار تفسر نسياننا للحوادث الحديثة قبل القديمة .لهذا ميز بين الذاكرة قريبة المدى – بعيدة المدى - متوسطة المدى . وقد استند في نظريته الى التجارب التي ' L’aphasie' على مرضى الحبسة ' Brouca أقامها العالم والطبيب ' بروكا'


الناتجة عن إصابة التليفيف الثالث من الجهة الشمالية للقشرة الدماغية ، وما أمراض الذاكرة




( كفقدان الكلي أو الجزئي للذكريات ) لدليل على أن الاسترجاع من طبيعة عضوية لهذا يقول ' ريبو ' "الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهية وحالة نفسية بالعرض " .


* لكن كيف نفسر استرجاع بعض الذكريات بعد الإصابة في الدماغ ؟ مع العلم أن خلايا الدماغ غير قابلة للتعويض مثل الخلايا الجسمية.


ــ التفسير النفسي ( النظرية النفسية ) : الفعالية الشعورية


' Bergson يرى أنصار هذا الاتجاه وعلى رأسهم العالم النفسي الفرنسي ' برغسون' الذاكرة هي إعادة بناء حالة شعورية ماضية ثم التعرف عليها من حيث هي كذلك بحيث لا نعيدها بصورة الية لأن مجال تخزين الذكريات هو النفس والثار التي تتركها معنوية لا مادية كالصدمات النفسية التي تترك جروحا عميقة في النفس لا على الدماغ ( مثلا رؤيتنا لحادث مرور يبقى راسخا رغم أنه لم يتكرر إلا أنه نتذكره باستمرار ...) . والعامل الرئيسي في تثبيت الذكريات هو الاهتمام وهو عامل نفسي وليس آلي ، ولكي لا يقع في التناقض كون الكثير من الذكريات المسترجعة ترجع إلى أسباب فيزيولوجية ، ميز بين نوعين من الذاكرة :



- ذاكرة حركية ( العادة ) ←أساسها الجسم وقوامها التكرار .


- الذاكرة الحقيقية ( الذاكرة المحضة ) وهي ذاكرة النفس التي تعيد إلينا الماضي باعتباره ماضيا خالصا ( كمثل الذي يعيد إحياء حالة نفسية ماضية ويعيشها من جديد وكأنها للمرة الأولى ).


* لكن النفس مفهوم ميتافيزيقي ، لم يعد يثبت بعد مكانها ؟ ومن جهة أخرى الحركات الجسمية لها دور في عملية التذكر ( إنكارهم لدور العامل الآلي ) .


ــ التفسير الاجتماعي ( النظرية الاجتماعية ): الذاكرة الاجتماعية


الذاكرة حسب علماء الاجتماع هي ظاهرة اجتماعية محضة لا فردية ، فالذي يحددها ويجعلها كغيرها من الوظائف هو المجتمع بمختلف أطره ( اللغة ، الزمان ، المكان ..الخ ).لذا ": "..فنحن لا نستطيع أن نتذكر Halbwachs يقول العالم الاجتماعي الفرنسي "هالفاكس" إلا شريطة أن نعثر في أطر الذاكرة الجماعية على مكان الحوادث الماضية التي تهمنا ." وعلى هذا الأساس تكون الذكريات تجديد لبناء الماضي بواسطة الوسائل التي تستمدها من الحياة الاجتماعية .ومن جهة أخرى فلو كان الإنسان وحيدا لما كان بحاجة إلى ذاكرة ومن أجل ذلك قال أيضا " يجب العدول عن الفكرة القائلة بأن الماضي يحفظ كما هو الذاكرات الفردية ".


ضف الى ذلك نحن نلجأ إلى الذاكرة عندا نتوقع سؤالا من الغير كما يرى ذلك الفيلسوف الفرنسي 'بير جاني '( فلماذا إذن يلجأ الطلبة إلى الحفظ والمراجعة أليس انتظارا للإجابة على الأسئلة التي تطرح عليهم ؟؟) .


* لا يمكن إنكار ذلك لكن كيف نفسر اختلاف الأفراد فيما يتذكرونه من حوادث بالرغم من وحدة الموضوع ( كالاحتفالات ، الأعياد...) ومن جهة أخرى فقد بينت لنا هذه النظرية العوامل المساعدة في عملية التذكر ولم تفسر طبيعة الاسترجاع .


نتيجة :


الذاكرة وظيفة فردية يتقاسمها العامل المادي ( الدماغ ( التكرار) ) والعامل النفسي ( الاهتمام)


في علاقة كل ذلك بالمجتمع الذي يبقى يؤثر على الفرد وبالتالي على وظائفه من خلالا ما يوفره من شروط تساعده في تنمية قدراته ووظائفه .


-2- طبيعة استرجاع الصور الخيالية أو بنائها



قبل دلك لابد من توضيح بعض الأفكار وهي أن التخيل الإبداعي الحق هو الذي يكون مصحوبا بفعالية ذهنية وجهد تأملي ويتجلى في مختلف المجالات العلمية والتقنية والعملية فمهما بلغت درجة التخيل عند العلماء فإنه لا يتجاوز الواقع بل يصنعه وينطلق منه ( أرضية ) ولكن الذي يثير التساؤل ، لمادا لا يبدع جميع الناس ؟ ( أو ما هي شروط الإبداع ؟)


لقد حاول البعض إرجاع هذا الإبداع إلى عوامل حيوية ( شروط ذاتية ) والبعض الأخر يرجعها إلى اعتبارات اجتماعية ( كعوامل موضوعية ):


- عوامل ذاتية (حيوية) : الإبداع عبقرية تستند إلى بعض الصفات الجسمية والنفسية والخصائص الفيزيولوجية هذا ما أكده كل من :


' ← إن معظم حلوله لمشكلات رياضية ظهرت فجأة بعيدا عن H.Pouncaré بوانكاريه'


ميدان العمل .


كل صور الإبداع مصحوبة بالعناصر الانفعالية وان هذه الأخيرة تؤثر← Ribot ريبو


في الإبداع.



' ← الانفعال خميرة كل إبداع .Bergsonبرغسون'



' ←حالات نفسية لاشعورية ومعظم عناصر تخيلاتنا منبعثة من اللاشعور Freudفرويد '



Bachونفس الموقف نجده عند النزعة العرقية التي ربطت الإبداع بالوراثة وأثبتت ذلك بأسرة 'باخ ' الألمانية التي أنجبت 57 موسيقارا.


- عوامل موضوعية :وهو موقف المدرسة الاجتماعية التي أرجعت الإبداع الى المجتمع فالمبدع لا يخرج عن حاجات مجتمعه ، إذ كل عما فني أو علمي أو عملي شاهد على روح عصره وحاجاته مثلا اكتشاف قوانين الحرارة ل' كارنو ' كان بدافع حاجة المصانع إلى رفع الإنتاج . * إن أهمية التخيل ودوره يكمن في المجالات الإبداعية التي هي نتاج كل من القدرات والفعاليات العقلية ، النفسية ،الحيوية والاجتماعية .

ثالثا : قيود نشاط الذاكرة وحرية نشاط الخيال :



-1- نشاط الذاكرة ( الإرادية) بين قيود الزمان والمكان والنسيان :


إن إعادة بناء الماضي من خلال التذكر أو التخيل يتم بشكل نسبي وتقريبي نتيجة تأثير العوامل المختلفة وما يؤكد ذلك هو :


هو عجز الإنسان على إعادة الحالات الماضية كما هي إما نتيجة ظاهرة النسيان أو أمراض الذاكرة .


-النسيان :


هو عدم القدرة على استرجاع للصور الماضية فقد يكون طبيعي ( ايجابي ) أو مرضي ( سلبي ) فكيف ذلك ؟


ايجابيات النسيان : يساعد الذاكرة على الاحتفاظ بالجديد فهو ضروري لها فإذا لم يكن هناك


نسيان لا أصيبت الذاكرة بالتضخم أو امتلاء في سن مبكرة لهذا يقال " النسيان حارس الذاكرة " أو " خير للذاكرة أن تكون ملكة نساءة ".


تتجدد حياتنا باستمرار ( نسيان الحوادث المؤلمة ) فهو الذي يوطد العلاقات الاجتماعية والأخلاقية وضف إلى ذلك فهو ينشط القدرات العقلية الأخرى ( كالذكاء والتخيل ..الخ ) لمواجهة المواقف الطارئة .


سلبيات النسيان : النسيان يهدم ما تبنيه الذاكرة لهذا يقال " الذاكرة تبني والنسيان يهدم " فهو يعرقل عملية التعلم والاكتساب لهذا قيل '' آفة العلم النسيان '' كما يؤثر على العلاقات الاجتماعية والأخلاقية .


- أمراض الذاكرة:


قال " ابن سينا " :" أسرع الناس تذكرا أفطنهم للإشارات " هذا ما يوحي إلى وجود فروق فردية في الفهم والتركيز والتذكر..، إلا أن الإفراط والمبالغة في العجز عن استرجاع الذكرى يستدعى التطرق إلى أسباب ذلك لأنه مرض. ومن بين الأمراض نجد:


←فقدان عام أو جزئي للذكريات العام وهو نادر وشاذ .أما Amnésie - حالات الأمنزيا


الجزئي فهو أنواع :


←الذي نجده عند البلهاء والمتخلفين عقليا Dysmnésie صعوبة التذكر


←الشخص الذي يبر في لحظة قصيرة عن ذكريات Hypermnésie فرط التذكر كثيرة .

← وهو في اتجاهين : Paramnésieانحراف الذاكرة
Déjà vue -

Jamais vue-

في الحالة الأولى يعتقد الشخص بحدوث الحادثة فعلا ( وهي لم تحدث في الواقع )

أما في الحالة الثانية فالأمر معكوس تماما .


( الحبسة ) : Aphasie - حالات الأفازيا



← يسمع أصواتا ولكن لا يدرك معناها Surdité Psychique الصمم النفسي


← يرى الكتابة ولا يستطيع القراءةCéccité Psychique العمى النفسي


الرجل الذي يبلغ من العمر57 سنة Victor- حالات فقدان القدرة على تثبيت الذكريات ( كحالة


والذي يتذكر أدق التفاصيل عن حياته السابقة وفجأة أصبح عاجز عن تذكر الحوادث التي مرت للتو ) وهي تمس المرحلة الأولى من مراحل الذاكرة


-حالات فقدان القدرة على استحضار الذكريات ( تمس المرحلة الثانية من مراحل الذاكرة )


* إن هذه الأمراض وكذلك النسيان السلبي إن دلت على شيء وإنما تدل على إعاقة بناء الذاكرة بشكل كامل ( نسبي وتقريبي ) .


-2- نشاط الخيال وتحرره من نظام الأشياء المدركة


إذا كان التخيل وسيلة للإبداع والبحث فإنه يمكن أن يكون قوة وهمية كاذبة وخطيرة تولد الأوهام والأحلام ومن صوره اللاواقعية ( الهروب من الواقع ) .


- أحلام اليقظة : تستبدل الحقيقة بالخيال ،فإذا كان الهدف منها الترويح عن النفس والتحرر من بعض الوقت من أعباء الحياة ومشاكلها فهو جيد لكن الإفراط فيه أو الهروب من الواقع ومواجهة المشاكل والصعوبات ففي هذه الحالة مرض .فقد يؤدي إلى - هذيانات و هلوسات حين يحسبها الشخص واقعا معاشا .


- الوهم : وهو تخيل مرضي عصبي يختلف عن الهلوسة لأنها متعلقة بالحواس عكس الوهم..


حل المشكلة العامة


بالرغم من الاختلاف بين الذاكرة والخيال إلا أن العلاقة بينهما هي جدلية متفاعلة على الدوام ويشكلان معا عوامل مساعدة في عملية إدراك العالم الخارجي والتكيف معه .[/b]

الموضوع الثاني: قال سيجموند فرويد : " إن فرضية اللاشعور فرضية لازمة و مشروعة "
دافع عن هذه الأطروحة .
طريقة الحل : الاستقصاء بالوضع
1/ المقدمة ( طرح المشكلة ): 4/4
لقد ظل الفلاسفة الكلاسيكيون يعتقدون بأن الشعور يتسع لجميع حياتنا النفسية ، و أنه لا توجد حياة نفسية لا نشعر بها ، لكن التجربة النفسية كشفت بوضوح أننا نعيش كثير من الحالات نجهل أسبابها و هذا يدفعنا إلى الاعتراف بصدق الأطروحة التي ترى أن الحياة النفسية حياة لاشعورية ، و عليه ، كيف يمكننا إثبات وتبني الأطروحة التي ترجع نشاطاتنا النفسية إلى اللاشعور ؟
3/التوسيع (محاولة حل المشكلة ) 12/12
عرض منطق الأطروحة :
مما لاشك فيه أن حياتنا النفسية هي حياة لاشعورية ، فالدراسات التحليلية(1)الحديثة كشفت أن النفس أعمق من أن نحصرها في نطاقها الشعوري ، لأن هذا الأخير يشكل مجالا ضيقا فيفي حياتنا النفسية، لذ ا يجب التسليم بوجود مجال خفي من النفس الإنسانية يتحكم عن بُعد في أحوالنا الباطنية دون شعور منا ، ومن العلامات التي لفتت انتباه فرويدعلى وجود اللاشعور :زلات القلم واللسان ،النسيان...فمثلا الشخص الذي ينسى موعدا مع شخص آخر فإن ذلك يرمز إلى رغبة لا شعورية في الفرار منه و عدم لقائه لأمر ما ، يقول محمد وقيدي :" لابد من افتراض جانب لاشعوري من الحياة النفسية يُكبت لتعارضه مع متطلبات الواقع " وهو جانب يسيطر على الجزء الأعظم من حياتنا النفسية .


دعم الأطروحة بحجج شخصية:
ومن الحجج التي تؤكد هذه الأطروحة: أن المريض بالهستيريا أثناء تنويمه مغناطيسيا يصل الطبيب تدريجيا إلى تحديد أسباب خفيةتتحكم في ظهور أعراض نفسية لدى المريض دون أن يكون على وعي بها ، كما يرى علماء النفس أن الناس يطورون حيلا دفاعية شائعة مثل الكبت و ذلك من أجل طرد المشاعر المزعجة والذكريات المؤلمة من الجزء الواعيإلى الجزء غير الواعي من عقولهم ..
و التبرير نوع من الحيل التي تؤكد وجود اللاشعور ومن أمثلة ذلك أن الشخص الذي لم يتمكن من النجاح في مسابقات التوظيف فإنه يلجأ إلى اختلاق عيوب تبرر عدم نزاهة المسابقة .
و أيضا طريقة تداعي المعاني التي تبناها "يونغ " تكشف عن بعض هذه المعاني اللاشعورية في حياتنا النفسية بحيث يقوم الطبيب بإسماع مفحوصه مائة كلمة ، مع مطالبته بأن يجيب عما يمكن أن توحي إليه كل كلمة من معاني ،ـ و هذا يساعد على إخراج بعض الرغبات من حالة الغياب إلى حالة الحضور .كأن يقول له : ماذا تعني كلمة " خيانة"بالنسبة لك ، فربما يرتبك المريض قبل الإجابة ، أو تزداد نبضات قلبه ، مما يؤكد كبته لبعض الذكريات المؤلمة .ـ
نقد خصوم الأطروحة :
وخلافا لهذه الأطروحة نجد أن مواقف خصومها تؤكد على دور الشعور كمبدأ للحياة النفسية وتستبعد وجود حياة لا يشعر بها الإنسان وقد عبر ديكارت عن هذا الرأي بقوله :" ليست هناك حياة خارح الروح سوى الحياة الفيزيولوجية" ، و هنا ينفي ديكارت الفصل بين الشعور و النفس لأنهما يمثلان شيئا واحدا بالنسبة إليه فيقول : " كل ماهو نفسي يرادف ما هو شعوري"
لكنمعطيات علم النفس التحليلي تنفي وجود تطابق بين الحياة النفسية و الحياة الشعورية ، فالأحلام مثلاتؤكد وجود رغبات منفية في ساحة اللاشعور تؤثر في الحياة النفسية و هذا يدل على التطابق الفعلي بين ما هو نفسي وما هو لاشعوري ، و لولا وجود هذا التطابق لما تمكن فرويد من إشفاء كثير من الحالات المرضية التي كانت تنذرعن وجود علاقة وطيدة بين الأمراض و الصدمات المكبوتة ، وهذا ما يبرره بقوله "أن النشاطات اللاشعورية بمجرد أن تصبح شعورية فإن أعراضها تزول" .

3/ الخاتمة ( تأكيد مشروعية الدفاع ) 4/4
و في الخلاصة يجب التسليم بحقيقة وجود النشاطات اللاشعورية ، التي تَأكد ـ بناءً على البراهين السابقة ـ أثرُها المباشر في التحكم في أحوالنا النفسية، و هذا أمام تهافت براهين الخصوم ، ومنه فإن مقولة فرويد القائلة بأن : " فرضية اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة " هي مقولة صحيحة في سياقها .و يمكن تأكيد مشروعيتها من أنها لم تكتف بمعالجة السلوك المرضي فحسب بل انتقلت إلى " تفسير مظاهر السلوك العادي " و هذا ما عجزت عن فعله النظريات الشعورية .


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك


=========


>>>> الرد الثاني :


=========


>>>> الرد الثالث :


=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========