عنوان الموضوع : مقالة في المشكل الاخلاقي بكالوريا ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب
مقالة في المشكل الاخلاقي
مقدمة: إذا كان الإنسانيختار افعاله الحرة بصفة إرادية وفي حدود معينة فهذا الاختيار يكون بين ممكنين علىالإنسان في ذلك يعي ما يختار، أي لا يتم الاختيار إلا بعد تقييم ثم يترتب عليهالإقدام أو الأحجام فنقدم على الفعل إذا كان حسنا ونحجم عنه إذا كان مستهجنا، فلوأخذنا فعل السرقة، وفعل العمل، لوصفنا الأول بأنه قبيح رغم ما يترتب عليه من أثارمادية كالربح ونصف الثاني بأنه حسن رغم ما به من تعب ونصب، وهذا يعني أن الأول فعللا أخلاقي أي انه شر أما الثاني فهو فعل أخلاقي وهو خير.
إن ما ينتج عن هذهالموازنة هو أن الإنسان العادي السوي ينشد الخير وينفر من الشر وهذا أمر عاديومعروف ولكن الموضوع سيصبح إشكاليا لو طرح السؤال متى يكون الفعل خيرا؟ ومتى يكونشرا؟ هل ما كان خيرا سيظل كذلك ؟ أم أن ما هو خير اليوم يمكن إن يصبح شرا غدا؟ أنهذه التساؤلات تفرض علينا مستوى من التحليل يبدل بضبط مفهوم للقيمة الأخلاقية ذاتها .
معنى القيمة الأخلاقية : القيمة في اللغة تعني المقدار فيقال قيمة الشيءمقداره وقيمة المتاع ثمنه ويطلق من الناحية الذاتية على الصفة التي تجعل من ذلكالشيء مرغوبا ومطلوبا ، أما الناحية الموضوعية فتطلق على ما يتميز به الشيء ذاته منصفات تجعله مستحقا للتقدير إن كثيرا أو قليلا . أما في الأخلاق فلفظ القيمةالأخلاقية يعني الخير ونقيضه الشر، بحيث تكون قيمة الفعل فيما يتضمنه من خيريه أوما نرى فيه من خيريه وكلما كانت المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير كلماكانت قيمة الفعل اكبر .
طبيعة القيمة الأخلاقية:أ- ضبط المشكلة: إذا كان منالسهل أن يقال أن القيمة الأخلاقية هي المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخيرفما طبيعة هذه القيمة؟ هل الخير خير في ذاته ومن ثمة فصورته ثابتة، موضوعية، مطلقةلتكون القيمة الأخلاقية موضوعية مستقلة عنا وعن كل ما يطرأ في حياة الناس من تغيراتأم أن القيمة الأخلاقية (الخير) ذاتية لتكون صورته الغائية متغيرة، نسبية، تتصلبالزمان والمكان ؟ بصورة وجيزة هل طبيعة القيمة الأخلاقية موضوعية أم ذاتية.؟
ب- التحليل: 1- القيمة الأخلاقية موضوعية: يذهب المثاليون إلى الاعتقاد أن القيمالأخلاقية ينبغي أن تكون موضوعية مستقلة عن عالم الكون والفساد. فأفلاطون قديمايعتقد أن الفضيلة موجودة في عالم المثل، والروح تأتي منه وهي محملة بالفضيلة، وعليهفما كان خيرا سيظل كذلك والروح تدرك بذاتها ما في الفعل من خيرية من خلال التذكر. على أن الفكرة تزداد وضوحا مع كانط الذي سلك منهجا نقديا قاده بالضرورة إلى افتراضثلاث خصائص للقيمة الأخلاقية حتى تكون قيمة بالمعنى الإنساني الموضوعية والثباتوالمطلقية، وإلا لم ولن تستطيع القيم الأخلاقية أن تكتسب الطابع الإنساني .
وقدتذهب المعتزلة في الفكر الإسلامي إلى أن في الفعل من الصفات ما يجعله خيرا، الشرعمخير والعقل مدرك. فالفعل الخير كالجوهرة فيه من الصفات الموضوعية ما يجعله خيرا, ويذهب فولتر إلى أن الخير يعرف بداهة ولا يختلف فيه اثنان مهما اختلف الزمانوالمكان فالراعي التتري والصباغ الهندي والبحار الإنجليزي يتفوق على أن العدل خيروالظلم شر, ومعناه إن في العدل من الصفات ما يجعله خيرا بشكل موضوعي وثابتومطلق.
النقد: يتضح من هذا الطرح أن القول بموضوعية القيم الأخلاقية هدفه تاميناليقين للقيم الأخلاقية وتجاوز كل تضارب أخلاقي يفقد القيم الأخلاقية طابعهاالإنساني وهو مسعى لا نعترض علبيه ولكنها طرح يتجاوز الوقائع من جهة ويتجاوز الحياةالإنسانية من جهة ثانية لأن النظر في الواقع يفيد أن لكل بيئة اجتماعية ثقافيةنظاما من القيم يخالف بيئة أخرى فإذا كان العدل مثلا مطلبا إنسانيا فهو لا يطبقبنفس الكيفية فالعدل كما يراه الصباغ الهندي يختلف من طبيعة ذاتية:- ( يمكن إدراجوجهة نظر الاشاعرة ضمن الاتجاه الذاتي). يذهب أنصار الاتجاه الذاتي الذي يشمل ذويالنزعة الواقعية التجريبية أن القيمة الأخلاقية ذاتية بنت بيئتها زمانيا ومكانيا, فإذا كنا نعيش عالما يتسم بالتغير فالأكيد إن القيم الأخلاقية تتغير ولا وجود لقيمموضوعية هي بذاتها ثابتة .فالنفعيون والاجتماعيون والعاطفيون يتفقون على أن القيمالأخلاقية ذاتية نسبية متغيرة مثلما تتغير المنافع وتتغير البيئات وتتقلب العواطفوخير دليل الواقع , إن تمثلنا للقيم وتبنينا لها يخضع لما نتلقاه من تربية وتلقين, وما يلاحظ من تقارن بين الناس و بين البيئات الثقافية لذا كان حقد نيتشة على كانطكبيرا حينما زعم نمطا أخلاقيا متعاليا إنسانيا لأن الواقع يفرض نظاما من الأخلاقتبعا لموقع الفرد الطبقي, الثقافي....الخ.
وفي الفكر الإسلامي ناهض الاشاعرةدعوى المعتزلة واعتقدوا أن الحسن والقبيح شرعيان وليسا عقليان , مختلفان باختلافالشرائع.
النقد: إن كنا لا نستطع إن نقفز فوق الواقع الذي يثبت أن لكل نظامثقافي منظومة أخلاقية يساهم في إرسائها المعتقد الديني والواقع الثقافي والوضعالتاريخي فإننا في المقابل نؤكد أن هذه النظرة تمثل الأخلاق كممارسة وهنا نفهم أنطبيعة القيم الأخلاقية من حيث الممارسة متغيرة وتتأثر بالذات في حين أن النظر أليهامن جهة الطبيعية النظرية وفي صورة إنسانية تبدو ثابتة.
نتيجة: تتأثر طبيعةالقيمة الأخلاقية بالزاوية التي ننظر منها إلى القيمة فمن الناحية النظرية تبدومطلقة لوضعية ثابتة حتى أن نحكم الحياة الإنسانية , أما من الناحية العلمية فهيتتأثر بالزمان والمكان ليغلب عليها الطابع الذاتي.
أساس القيمة الأخلاقية: إذاكان الاختلاف قائما حول طبيعة القيمة الاخلاقية فأن هذا الاختلاف امتد أيضا إلىالأساس الذي تقوم عليه هذه القيمة ومن ثمة يطرح السؤال ما هو المعيار الذي بموجبهيغدو الفعل خيرا أو شرا ؟ هل يمكن أن تكون التجربة القائمة على اللذة والألم والنفعوالضرر أساسا موجها لأحكامنا الاخلاقية أم أن التجربة تعجز عن ذلك لتضارب اللذات والمنافع و عليه لا يكون الأساس سوى عقليا بعيدا عن الميول والعواطف والهواء أم أنالعقل هو الآخر لا يكفي لأنه قد يؤدي إلى أحكام صورية نظرية يصعب تطبيقها و بالتالييكون التفكير في المجتمع كأساس لأحكامنا الاخلاقية , فما حسنه المجتمع كان حسنا وماقبحه كان قبيحا ؟ وبصيغة موجز هل أساس القيمة الاخلاقية هو الطبيعة البشرية ( اللذةوالالم) أم الطبيعة الإنسانية العاقلة (العقل) آم الطبيعة الاجتماعية ؟
أ- المذهب التجريبي: (من اللذة إلى المنفعة) يعد هذا المذهب من أقدم المذاهب الفلسفيةإذ تعود جذوره الأولى إلى الفكر اليوناني إذ يذهب ارستيب إلى تأكيد أن اللذة هيمقياس الفعل، بل هي الخير الأعظم، هذا ما يلائم الطبيعة البشرية التي تنجذب بصورةتلقائية وعفوية إزاء ما يحقق لها متعة الحياة وتنفر في المقابل من كل ما يهدد أويقلل من هذه المتعة هذا هو صوت الطبيعة ، فلا خجل ولا حياء ، أن اللذة المقصودةعنده هي لذة الجسد وأقواها إطلاقا لذة البطن ويلزم على ذلك أن كل القوى تتجه نحوتأكيد وتمجيد هذا المقياس .
لكن اتباع هذا المذهب عدلوا من هذا الطرح لأنه يتضمنصراحة الإساءة إلى حياة إنسانية يقترض فيها التميز عن حياة حيوانية هذا ما يؤكدابيقور والابيقوريون.الذين ميزوا بين الذات يعقبها الم وأخرى نقية لا يعقبها المالأولى ليست مقياسا للفعل الاخلاقي هي لذة الفساق كالخمر والنساء، وبينما هي أساسهوانتهى ابيقور Epicure) (341-270 ق م التي تتوافق اكثر مع طبيعة الإنسان هي اللذاتالروحية من قبيل الصداقة وتحصيل الحكمة ، وهي لذات تستلزم الاعتدال في السلوك،بينما رفع الرواقيون Les stoicims اللذة إلى مستوى روحي أعلى ومقياس اللذة عندهم كلما يحقق السعادة، ولا تتحقق السعادة إلا إذا عاش الفرد على وفاق مع الطبيعة .
أما الفلاسفة المحدثون الذين يعد فكرهم امتداد لمذهب اللذة فقد جعلوا منالمنفعة أساسا للفعل ويظل الاختلاف بين النفعيين في أي المنافع يصلح مقياسا للفعلفقد حرص جريمي بنتام على وضع مقاييس للمنفعة، كالشدة والدوام واليقين والقربوالخصوبة والصفاء أو النقاء والسعة أو الامتداد ، ومع ذلك لم يخرج بنتام عنالأنانية السائدة في تصوره لمذهب المنفعة فهو يشترط في نقاء اللذة إلا تنطوي علىتضحية من جانب الشخص للآخرين وهذا ما رفضه جون استورت مل الذي اثر المنفعة العامةعن المنفعة الخاصة . وهو ما سبقه إليه جون لوك (1704-1632 ) الذي يذهب إلى أنالغاية من الاختلاق اجتماعية.
النقد : يتميز هذا المذهب بنظرية الواقعية آذ لااحد يتصرف ضد مصالحه ومنافعه وهذا ليس أمرا سيئا , لكن السيئ في الموقف هو الاكتفاءباللذة و المنفعة موجها للفعل و إلا ترتب على ذلك تضاربا في القيم نتيجة لتضاربالمصالح.
ب- المذهب العقلي: يذهب نيون إجمالا إلى اتخاذ العقل مقياسا للفعل فقدقرن سقراط الفضيلة بالمعرفة, لكن جميع الدارسين يقفون على محاولة كانط التي تعد أهممحاولة لتأسيس الأخلاق لسببين , الأول وضع الأخلاق على محك النقد في محاولة لكشفالشروط القبيلة للفعل الاخلاقي و الثاني إيجاد مقياس يسمح لكل ذي عقل أن يميز بينالفعل الاخلاقي واللاخلاقي.
فعن السبب الأول رفض كانط رهن الواجب الأخلاقيلغايات تخرج عنه, بصيغة أوضح رفض كانط بتأسيس الأخلاق على التجربة الحية لما يطالهامن تغير وتبدل وما ترتبط به من غايات خارجة عن الفعل ,وهذا معناه أن الفعل الأخلاقيلا يكون كذلك إلا لذا كان واجبا إذا الواجب آمرا مطلق, كلي, ثابت, إنساني, منزه, صادر عن الإرادة الخبرة للإنسان وعن السبب الثاني يحدد كانط جملة من القواعد أوالصيغ بها تقاس أفعالنا .
1-قاعة الكلية: " اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل منقاعدة فعلك قانونا كليا شبيها بقانون الطبيعة".
2- قاعة التنزيه: اعمل دائمابحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي أشخاص الآخرين دائما كغاية لا كوسيلة".
3- قاعة الحرية أو الإرادة: "اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل عن إرادتك الإرادة الكليةالمشرعة للقانون الأخلاقي."
بهذه القواعد يتضح سمو الواجب الاخلاقي الذي لا يمكنأن نخفضه إلى مجرد واجب اجتماعي قل هو واجب لكل الكائنات العمالقة تمثلا للقانون لاأكبر.
النقد: طمح كانط إلى تأسيس أخلاق ثابتة أمن لها اليقين و المطلقة وجعلهامتعالية منزهة ومع ذلك كانت عرضة لانتقادات شديدة وخاصة من قبل الفيلسوف الألمانفريدريك نيتشة الذي لم ير في مساواة الناس جميعا في واجب مطلق يختفي وراءه هؤلاءالضعفاء في الوقت الذي يفترض فيه أخلاق القوة (أخلاق السادة) تلك التي تعبر عنإرادة الحياة.
ج- المذهب الاجتماعي: في المقابل للمذاهب السابقة يرفضالاجتماعيون كل تأمل أخلاقي لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي و فقد جعلتالماركسية الخلاق انعكاس للواقع الاجتماعي الذي يعد هو بحد ذاته صدى لعلاقاتالإنتاج, فالأخلاق السائدة هي أخلاق الطبقة المسيطرة , بينما تذهب المدرسةالاجتماعية بزعامة دوركايم وليفي بريل, إلى أن الأخلاق ethique هي في الحقيقةالعادات والتقاليد, فهي في نظر دوركايم ظاهر اجتماعية تمارس ضغطا وإكراها , "لسناسادة وتقويمنا الأخلاقي , فنحن ملزمون ومجبرون ومقيدون والذي يلزمنا ويجبرناويفيدنا هو المجتمع". معنى ذلك أن أساس الفعل الأخلاقي هو المجتمع, فما حسنهالمجتمع وأمر به فهو واجب أخلاقي لأن الواجب الأخلاقي بالضبط هو الواجب الاجتماعيوما نهى عنه معناه شر ينبغي تجنبه, هذا ما يدل عليه الواقع وما يكشف عليهالتاريخ.
النقد: لا شك أن للمجتمع حضورا قويا فيما لدينا من قيم أخلاقية نأخذهاكقوالب جاهزة علينا الاقتتال لها ومع ذلك فالأخلاق ليس كلها اجتماعية, فقد ناهضبرغسون الخلاق الاجتماعية ووصفها بالأخلاق المغلقة, الساكنة والراكدة التي تتنقل منجيل إلى جيل في مقابل الأخلاق المفتوحة, الحيوية والمتطورة تلك التي يبدعاه الأفرادالقديسون والأبطال...
ويعلق فرانسوا غريغوار على الأخلاق الاجتماعية وما بها مننقص"فهي تبرير للانسياق الاتباعي " الذي يحرمنا من كل إبداع.
نتيجة : نكشف منالعرض السابق إن الإنسان كائن أخلاقي بلا ريب حتى لو شك في هذا الأساس أو ذاك كمايكشف التحليل انه من الصعب اتخاذ أساس مطلق للأخلاق بسبب من تشعب الحياة وتعددمناحيها.
مشكلة سلم القيم الأخلاقية وتعارض الواجبات .
ضبط المشكلة: تقرر منالتحليل السابق أن الإنسان في جميع الأحوال يسلك بمقتضى رقم ونظام أخلاقي بغض النظرالطبيعية و الأساس و لكن كثيرا ما نجد أنفسنا إزاء واجبات نختار في أيتها نختاروبأيها نبدأ. فما هو السلم الذي ينبغي أن نعتمده في اختيار الواجبات ؟
يمكنإخضاع الإجابة على هذا السؤال للمذاهب السابقة ونتوقع أن يوجهنا أصحاب اللذةوالمنفعة إلى اختيار السلوك على أساس من اللذة وبها تغدو الواجبات الشخصية سابقةعلى العامة, وفضائل الحس والجسد قبل تضائل التأمل والعقل, حلافا للاجتماعين الذينيضعون الواجبات الاجتماعية, الآتية والقائمة موضع التنفيذ قبل الواجبات الخاصة أوالمتعالية , بينما ستكون إجابة كانط على ذلك من أن السلم الجدير بالاحترام هو أننضع الواجب الاخلاقي موضع الاختيار باعتباره الأسمى والمنزه والكلي و الثابت وإجمالا الفضائل أصناف و ينبغي للإنسان أن يحرص على انتقاد واختيار الأجدر منها والأكمل, أي تلك التي تكمل بهالا تبخلوا علينا بالدعاء و شكراموسى كلاعونزة تبسة الجزائر
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
بارك الله فيك
=========
>>>> الرد الثاني :
شكرا أخي موسى
=========
>>>> الرد الثالث :
شكرا اخ موسى
هل توجد مقالات اخرى رائعة مثلك
=========
>>>> الرد الرابع :
:d برك اله فيك
=========
>>>> الرد الخامس :
=========