عنوان الموضوع : طلب عاجل من الاخت عفاف تحضير بكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب
انني مهتمة هذه الايام بموضوع الفلسفة والتنمية اي علاقة الفلسفة بالتنمية الاجتماعية والثقافية والسياسية... فارجو من الاخوة الكرام ان يفيدونا بالمراجع والمقالات ان امكن حول هذا الموضوع وشكرا جزيلا
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
حديث في فلسفة التنمية
بقلم: ناصر يوسف
إذا كانت فلسفة السؤال تفتح أفق الذكاء فإنّ فلسفة التنمية تستنطق الحدث وتوجّههه نحو الأفق. فمعاناة الإجابة المتمخّضة عن صدمة السؤال تطرح مصطلحات أكثر ثراء، ومفاهيم نقدية أدقّ نظرا، وتقاليد معرفية أعمق أثرا.
هكذا إذا استنطاق الحدث وهو يكبر مع فلسفة التنمية يطرح، هوالآخر، نظريات أقرب إلى الحقائق، وأفكارا لصيقة بالوعي وغير منفصلة عن اهتمام الإنسان. فهدف هذه الفلسفة هو تنمية الإنسان والارتفاع به نحو آفاق الوعي والمسؤلية أولا، ثمّ تبيّئته ثانيا. فهذا الإنسان ابن بيئته عقيديا، لكن أخلاقيا وفكريا هو يموج في غربة مفلسة لأدواته التاريخية و الحضارية التي رسمت في لحظات عنفوانها- وليس عنفها- حدثا تنمويا رفيع المستوى ونظيف المحتوى. فإقصاء ثنائية العقيدة والأخلاق، البيئة والإنسان، يشكّل في حدّ ذاته إقصاء لبنية هذه البيئة. إذ في حالة تغييب أصول الماضي، وتجاوز متطلّبات الحاضرلايمكن- في كلّ الأحوال- الوصول إلى المستقبل. وكي نمدّ جسرا يربط بين الماضي والمستقبل نرى أنه ينبغي إعادة البنية إلى مكانها حتى نعرف موقعها فيسهل علينا الحفر داخل أنساقها. فالفهم الناضج لهذه البنية سيكون بمثابة المعول الذي نكسر به منطق التنمية العصيّ.
بدون الرجوع بالإنسان إلى قيّمه وأخلاقه يصعب تبييّء البيئة، ورؤية العقيدة على أنها واقع يتحرّك وينبغي أن نرعاه ليس بالحفاظ على تراثنا فحسب؛ بل بهضمه ونقده، ممّا يجعل البيئة مؤّهلة للإنتاج داخل هذه القاعدة: " الأخلاق هي الترجمة الواقعية للعقيدة".
التنمية خيار وعطاء
التنمية هي "عملية توسيع الخيارات" وإتاحة فرص أكثر قدرة على العطاء. فالخيار أولا ثمّ العطاء ثانيا. فليس بإمكان الفرد أن يثمر إلاّ إذا اهتدى إلى الاختيار المناسب للعمل المستهدف. فعملية الاختيار تسبق عملية الشروع في التنمية؛ ممّا يجعل التنمية ملازمة للحرية. فالتنمية جنين ناضج في بطن الحرية وإذا تألّم الجنين فلا أمل في أن ترى التنمية النور، وهذا يشكّل سرّا من أسرار إجهاض التنمية في عالم تحرّم فيه العقيدة عملية الإجهاض غير المشروعة. فإذا كانت التنمية سياسية فهي ملازمة لتوافر عناصر الديمقراطية؛ وإذا كانت اقتصادية فهي مرتبطة بما هو مطروح في مزاولة أيّ نشاط عملي وأخلاقي دون شروط مادية مجحفة؛ وإذا كانت اجتماعية فهي تفرض التحرّر من القيود الاجتماعية المعاقة للإخلاص والإصلاح؛ وإذا كانت ثقافية فتتطلّب التحرّر من الإيديولوجيا الغارقة في الأوهام والشعارات؛ أمّا إذا كانت عسكرية فإنّ التحرّك في إطار ما يمليه الضمير الوطني حيث الإخلاص للتراب والقيّم والإنسان يعدّ ضرورة قصوى للخروج من المأزق التاريخي.
لن يكون هناك عطاء إلاّ إذا وافقت الحرية متطلّبات الاختيار. فالتنمية باعتبارها عملية توسيع للخيارات، هي كذلك عملية تضييق للخيارات غير الملائمة للبيئة، ولا علاقة للحرية هنا. فهي غطاء إيديولوجيّ يخفي وراءه عيوب التبعية للحرية. فالحياة مليئة بالخيارات الجميلة في الوقت التي هي، كذلك، زاخرة بخيبات الأمل التي طالما أفسدت على الأمّة مشاريع عظيمة، واستنزفت عقولا ناضحة. هذه الخيبات الهائلة- التي تمخّضت بعد ولادة عسيرة فولدت تنمية بحجم الفأر- ينبغي التضييق عليها، فهي لاتظهر إلاّ على السطح الإيديولوجي الذي يسهل استئصاله. هذا إذا أخذنا بمفهوم التنمية الثقافية الذي يفرض التحرّر الإيديولوجي، فالتنمية الثقافية تحرز السبق في مجال نهضة الأمّة، وتبثّ فيها روح القابلية لكلّ نموّ عاصف بجذور التدهور الاقنصادي، والعبث السياسي، والقهر الاجتماعي، والوهن العسكري.
إذن، التنمية خيار وعطاء. فالقائم بالاختيار من الضروري أن تتوافر فيه هذه المزايا: المبادرة، النزاهة، الرغبة، العقل الناضج؛ أمّا سمات العطاء فتتجلّى في: اكتساب المهارات، النضج، الثقة، الإنجازات. من خلال هذه المزايا والسمات التي تبحث فيها عملية الاختيار من أجل العطاء، تتحقّق عملية التغيير؛ ممّا يجعل التنمية عملية تغيير رائعة للأوضاع و الوقائع والمواقف. فمن حقائق التغيير تظهر للوجود نتائج ملموسة للتنمية.
يمكن أن نتصوّر مخطّط محور التنمية وهو يتوزّع على جذرين رئيسيين يتفرّعان إلى مزايا وسمات، ثمّ يلتقيان عند جذرين رئيسيين آخرين ينتهيان بدورهما عند محور رئيسي آخر هو التغيير؛ ممّا يوحي بأنّ التنمية هي عملية تغيير واسعة، وليست عملية انتقال إيديولوجي تنمحي أثاره مع شطحة نهاية التاريخ أو في صراع زائف من أجل البقاء.
التنمية خطوات جريئة
التنمية خطوات جريئة نحو خطوة فاصلة تصنع الحدث. فاستغلال الحدث والتكيّف معه يبلّل جفاف النفس التوّاقة لاكتشاف شيء ما. التنمية ليست إلاّ ارتياد المجهول وركوب الصعب من الأمور، ولكن بخطوات ثابتة تستنطق هذا المجهول ، وتسعى إلى ترجمته الى واقع. فالمجهول، هو الآخر، حقائق غير ناطقة والرغبة في استنطاقها هي التنمية بعينها، والحركة التي تصنع حدثا هي تنمية في أوج الاستنطاق؛ إلاّ أنّ التهاون في رعايتها يحول دون أن تكون مشروعا غنيّا بالتجارب والاختبارات. هذه الحركات التنمويية على المستويات الحضارية يكاد ترابنا يصرخ من الآلام التي رسمتها عليه خطواتها العرجاء غير الثابتة وغير المستمرة.
غياب الاستمرار هو العدوّ اللدود للتنمية على مدار تاريخها. فالتنمية خطوات واستمرار معا. وهذا الاستمرار هو الذي يصنع الحدث، على الرغم من العوائق التي ستحول دون تحقيق الفرح التنموي؛ إلاّ أنّ توافر المزايا يمنح للاستمرار روح الإبداع في إطاره المعنوي و الأدبي، وحضور السمات على مستوى عال ينفخ في هذه المعنويات والأدبيات كلّ أشكال الثقة العالية في النفس.
إنّ توافر المزايا وحضور السمات قد لا يأتي بنتائج ذات بعد تنموي، إلاّ لأنّ عامل الاستمرار أصبح عديما أو متقهقرا، وذلك بحجّة أنّ الظروف أكبر من أن تتحقّق هذه النتائج. والسبب أنّ هذه الظروف تنمو في آخر " نقطة" يتوقّف عندها عامل الاستمرار، ويفرز هذا النموّ نتائجه الخبيثة عند النقطة التي يسعى عامل الاستمرار إلى الانطلاق منها من جديد. فمدّة التوقّف قد بثّت في نقطة" التوقّف والانطلاق" سموم التراجع، إن لم نقل شلّت حركة التنمية نهائيا.
التنمية ليست حكرا على فئة، أو طبقة، أو أمةّ؛ ولكن التنمية- في أروع معانيها- هي رغبة في العطاء، و الإخلاص لهذا العطاء قبل وبعد أن يظهر للوجود. قد لانجد مثالا رائعا مثل رغبة الأمّ في الولادة أكثر من مرّة تحدّيا لكلّ مخاض عسير، ثمّ الإخلاص للمولود. نعم، الاستمرار في اللإخلاص يشكّل ذروة التنمية، والإخلاص لهذا الاستمرار هو الإحساس بأنّ هناك شيئا ما في كياننا يتغيّر، بحيث يجعل التنمية عملية تصدير للقطاعات الأخرى التي تحتاج إلى التآلف، والتكامل، وتحقيق الهدف الواحد.
التنمية صناعة الأحداث
تتوزّع مفاهم التنمية على مجالات نظرية عدّة. فهي اقتصاديا- وفي أسوأ تعريف لها- ( اكتساب المجتمعات المتخلّفة مهارات المجتمعات المتقدّمة واستيعابها، والتخلّي عن المتغيّرات الشائعة فيها، وذلك يمثّل نقطة البداية على طريق التنمية). إنّ هذا الفهوم الذي تتبنّاه نظريات التنمية أو نظرية الاتجاهات الحديثة للتنمية، يشير إلى منطق خطير فحواه أنّ التنمية عند المتخلّفين هي التبعية للمتقدّمين. وهكذا تصبح التنمية- في أسوأ الحالات- هي التبعية، ممّا يجعل تحوّل التبعية إلى تنمية هدرا للوقت والجهد؛ إلاّ إذا بحثنا عن مفهوم آخرللتنمية يتلاءم مع الإنسان والتراب والوقت. فهذه المرتكزات الثلاث لا يمكن أن تصبح قواسم مشتركة في عالم يعجّ في فوضى المصطلحات، ويختلف في القيّم والأحداث؛ أمّا عن مفهوم التنمية السياسية فيرى الليبراليون( أنّ تحقيق التنمية السياسية يتطلّب تطبيق نماذج مجتمعات أوربا الغربية، المتمثّلة في الليبرالية السياسية، والتعدّد الحزبي، والحرية الافتصادية). تبدو هذه النماذج رائعة للغاية، ولكن حيث تصلح لأحداثهم لا تصلح للأحداث التي يعيشها العالم المتخلّف. هناك- في الحانب المتخلّف من العالم- ليبرالية استهلكت، ولكن إعادة إنتاجها تحوّل إلى مقصلة لكلّ ماهو ليبرالي في مواقفه وأفكاره، كما تحوّل التعدّد الحزبي إلى فرصة خسيسة يستغلّها أسوأ قطاع في هذا العالم المتخلّف(= قطاع الجيش)، بينما الحرية الاقتصادية أصبحت حكرا لهذا القطاع المقطوع عن كلّ ماله علاقة بالأمل!!! أمّا عن مفهوم التنمية الثقافية فإنّ النموذج الليبي أفضل تعبير عن واقع زاخر بخيبات الأمل. في حين مفهوم التنمية العسكرية لايغيب عن ذهن القاريء، فالفواجع و المواجع تغني عن كلّ بيان.
التنمية لا هذا.. و لا ذاك..
التنمية صناعة الأحداث. فهل مفاهيمم التنمية، سواء التي ذكرناها أو لم نذكرها- وهي سيّئة في كلّ الأحوال- قد صنعت الأحداث في الجانب المتخلّف من العالم؟ هل الاشتراكية حدث مهمّ حتى نعزوه للتنمية؟ هي تنمية عند الذين أبدعوا هذا الحدث؛ أمّا عند الذين استهلكوها فهي خارج الحدث، لأنّ كلّ شيء كان يتغيّر إلاّ الإنسان، ولما انهار الحدث انهاركلّ شيء إلاّ الإنسان!!! على عكس ماهو عليه الأمر لدى مبدعي الحدث، حيث كلّ شيء تغيّر بما فيه الإنسان. الشيء نفسه ينطبق على التنمية السياسية، فالإنسان يكاد يكون خارج اللعبة السياسية التي تديرها شريحة من المجتمع السياسي وليس المدني، في حين أين نبتت الديمقراطية نجد الإنسان هو الذي يلهم هذه الشريحة بالأفكار التجديدية والتنويرية. كما ينطبق الأمر على التنمية الثقافية حيث يبدو الإنسان قاصرا بلا وعي و لا ضمير، بينما القائمون على الثقافة هم الأوصياء عن ملأ هذا الفراغ الرهيب!!! أمّا عن التنمية العسكرية فلا أمل فيها للإنسان، ولكن في أثناء الحرب التي يصطنعها هؤلاء فيما بينهم يجرّ الإنسان إليها دون ترقّب للأحداث.
تسقط القوالب الجاهزة كلّما يسطع في الأفق حدث جديد، بينما يظلّ الإنسان ثابتا راسخا يتطلّع،هو الآخر، إلى أفق جديد. فهل الحدث الذي ينهار و لا يسقط أمامه الإنسان يعدّ تنمية؟ فعلى الرغم من سقوط الاشتراكية فإنّ إنسان" غورباتشوف" لم يسقط، وإنّما عاد إلى وعيه الحضاري المسيحي الضائع في ملفات ماركس ولينين وستالين؛ أمّا الحدث الحضاري الإسلامي فهو تنمية في أروع معانيها، فبعد أن أصاب الحدث التصدّع- وليس الانهيار- سقط الإنسان. فهناك سقوط إنسان وليس سقوط حضارة. فالحضارة قائمة ولكنّها مختفية خلف تخلّف الإنسان الساقط حضاريا. فالإنسان المسلم سقط فكريا لمّا تصدّعت منهجيته الحضارية، وبتنميتها ونقدها وغربلتها سيستقيظ هذا الإنسان المريض، ويكشف عن ما يخفيه وراءه من أحداث ظلّت حبيسة المرض الاجتماعي.
التنمية الحقيقية هي التي يتفاعل معها الإنسان ويمنحها وقته، ومثل هذه التنمية ضاعت منذ قرون. واستنطاق أحداثها هو استنطاق للأبعاد الثلاث. فقد ظلّ التراب رافدا لكلّ حدث مستورد في قالب تنموي جاهز، بينما خدّر الإنسان وأهدر وقته في الإهمال والعذاب والسجون من أجل فكرة تنقذ هذا القالب الجاهز من التنمية، أو من أجل وقفة لاتشيد بهذا الأمل المفقود!!!!
وسيظلّ الأمل مفقودا ما ظلّت التنمية تستقي أبعادها من مرجعية فكرية تفتقد إلة الثقة في المنظومة التاريخية(=الإنسان ومحتوياته الفكرية والزمنية)، وفي البنية الجغرافية(=البيئة أو التراب). فالافتقار إلى ذلك جميعا يزرع داخل المنظومة والبنية فئة تتغذّى من المثاقفة، وتعاني من ضيق الأفق، وتحرص على إبقاء مفاهيمها وتصوراتها في مستوى لايقبل النقاش أو النقد أو الرد. والناس أعداء لما جهلوا.
التنمية أدوات فكرية
لا أمل في الوصول إلى نتائج ملموسة للتنمية إلاّ بمعرفة الأدوات الفكرية للتنمية نفسها. إذ ينبغي الانطلاق في أثناء الفهم من إدراك دور الإنسان الفعلي في التغيير، وحضور الفكر المبدع الذي يمنع هويّته من الذوبان في الآخر، ثمّ الموقف من التنمية. هذه الأدوات تصنع حدث التغيير، ولن يتحقّق التغيير الايجابي الذي ينشد تنمية ذات آفاق واسعة وأكثر انفتاحا على الغير، في ظلّ الضعف الداخلي للفرد والاهتزاز الذاتي للمجتمع.
هناك حقيقة غائبة عن العقل الإسلامي مفادها أنّ التغيير لم يكن سمة يمتاز بها هذا العقل، بينما التغيير شكّل- ولا يزال يشكّل- بنية هذا العقل. فمن دون الحفر داخل أنساق هذه البنية ستظلّ الحقيقة غائبة والعقل حاضرا، لكنّ حضوره تخنقه حبائل اليأس والتراجع. فإذا كانت حقيقة التغيير غائبة فمالفائدة من تنمية العقل؟ نغيّر أولا ثمّ ننمّي ثانيا، والعكس يبدوأنّه يتّجه نحو تمزيق نسيج الإنسان والتراب والوقت.
لم يتخلّ الإنسان لحظة عن التغيير، فهو سمة جوهرية تتغيّر مع تغيّر العصر. فلا فرق بين من تقدّم وتأخّر إلا ّبمقياس التغيير. فالإنسان المتقدّم مارس التغيير بسرعة يوجّهها الوعي والضمير والوطنية؛ بينما الذي تأخّر مارس، هو الآخر، التغيير ولكن ببطء يعيقه الحنين إلى الماضي بإخلاص فارغ من محتوى الخلاص من الفساد المعرفي. فالتنمية والتغيير نحو الأفضل توأمان، مثلما أنّ التنمية والتغيير نحو الأسوأ توأمان. ممّا يوحي بأنّ التنمية والتخلّف لحمة واحدة توجّهها أداة واحدة وهدف واحد هو التغيير. فالمشروع قبل أن يتحوّل إلى تنمية كان متخلّفا، والمشروع الذي تخلّف كان يمتلك عناصر التنمية، ولكن نوع التغيير وأداة الفكر المغيّرة هي التي فصلت اللحمة وحوّلتها إلى تنمية وتخلف. والنتيجة أنّ التاريخ البشري ظلّ يسابق التنمية، فهو في تغيّر دائم لا مجال للثبات فيه، اللهمّ إلاّ في الأمور العقيدية والأخلاقية الصارمة.
=========
>>>> الرد الثاني :
حديث في فلسفة التنمية
بقلم: ناصر يوسف
إذا كانت فلسفة السؤال تفتح أفق الذكاء فإنّ فلسفة التنمية تستنطق الحدث وتوجّههه نحو الأفق. فمعاناة الإجابة المتمخّضة عن صدمة السؤال تطرح مصطلحات أكثر ثراء، ومفاهيم نقدية أدقّ نظرا، وتقاليد معرفية أعمق أثرا.
هكذا إذا استنطاق الحدث وهو يكبر مع فلسفة التنمية يطرح، هوالآخر، نظريات أقرب إلى الحقائق، وأفكارا لصيقة بالوعي وغير منفصلة عن اهتمام الإنسان. فهدف هذه الفلسفة هو تنمية الإنسان والارتفاع به نحو آفاق الوعي والمسؤلية أولا، ثمّ تبيّئته ثانيا. فهذا الإنسان ابن بيئته عقيديا، لكن أخلاقيا وفكريا هو يموج في غربة مفلسة لأدواته التاريخية و الحضارية التي رسمت في لحظات عنفوانها- وليس عنفها- حدثا تنمويا رفيع المستوى ونظيف المحتوى. فإقصاء ثنائية العقيدة والأخلاق، البيئة والإنسان، يشكّل في حدّ ذاته إقصاء لبنية هذه البيئة. إذ في حالة تغييب أصول الماضي، وتجاوز متطلّبات الحاضرلايمكن- في كلّ الأحوال- الوصول إلى المستقبل. وكي نمدّ جسرا يربط بين الماضي والمستقبل نرى أنه ينبغي إعادة البنية إلى مكانها حتى نعرف موقعها فيسهل علينا الحفر داخل أنساقها. فالفهم الناضج لهذه البنية سيكون بمثابة المعول الذي نكسر به منطق التنمية العصيّ.
بدون الرجوع بالإنسان إلى قيّمه وأخلاقه يصعب تبييّء البيئة، ورؤية العقيدة على أنها واقع يتحرّك وينبغي أن نرعاه ليس بالحفاظ على تراثنا فحسب؛ بل بهضمه ونقده، ممّا يجعل البيئة مؤّهلة للإنتاج داخل هذه القاعدة: " الأخلاق هي الترجمة الواقعية للعقيدة".
التنمية خيار وعطاء
التنمية هي "عملية توسيع الخيارات" وإتاحة فرص أكثر قدرة على العطاء. فالخيار أولا ثمّ العطاء ثانيا. فليس بإمكان الفرد أن يثمر إلاّ إذا اهتدى إلى الاختيار المناسب للعمل المستهدف. فعملية الاختيار تسبق عملية الشروع في التنمية؛ ممّا يجعل التنمية ملازمة للحرية. فالتنمية جنين ناضج في بطن الحرية وإذا تألّم الجنين فلا أمل في أن ترى التنمية النور، وهذا يشكّل سرّا من أسرار إجهاض التنمية في عالم تحرّم فيه العقيدة عملية الإجهاض غير المشروعة. فإذا كانت التنمية سياسية فهي ملازمة لتوافر عناصر الديمقراطية؛ وإذا كانت اقتصادية فهي مرتبطة بما هو مطروح في مزاولة أيّ نشاط عملي وأخلاقي دون شروط مادية مجحفة؛ وإذا كانت اجتماعية فهي تفرض التحرّر من القيود الاجتماعية المعاقة للإخلاص والإصلاح؛ وإذا كانت ثقافية فتتطلّب التحرّر من الإيديولوجيا الغارقة في الأوهام والشعارات؛ أمّا إذا كانت عسكرية فإنّ التحرّك في إطار ما يمليه الضمير الوطني حيث الإخلاص للتراب والقيّم والإنسان يعدّ ضرورة قصوى للخروج من المأزق التاريخي.
لن يكون هناك عطاء إلاّ إذا وافقت الحرية متطلّبات الاختيار. فالتنمية باعتبارها عملية توسيع للخيارات، هي كذلك عملية تضييق للخيارات غير الملائمة للبيئة، ولا علاقة للحرية هنا. فهي غطاء إيديولوجيّ يخفي وراءه عيوب التبعية للحرية. فالحياة مليئة بالخيارات الجميلة في الوقت التي هي، كذلك، زاخرة بخيبات الأمل التي طالما أفسدت على الأمّة مشاريع عظيمة، واستنزفت عقولا ناضحة. هذه الخيبات الهائلة- التي تمخّضت بعد ولادة عسيرة فولدت تنمية بحجم الفأر- ينبغي التضييق عليها، فهي لاتظهر إلاّ على السطح الإيديولوجي الذي يسهل استئصاله. هذا إذا أخذنا بمفهوم التنمية الثقافية الذي يفرض التحرّر الإيديولوجي، فالتنمية الثقافية تحرز السبق في مجال نهضة الأمّة، وتبثّ فيها روح القابلية لكلّ نموّ عاصف بجذور التدهور الاقنصادي، والعبث السياسي، والقهر الاجتماعي، والوهن العسكري.
إذن، التنمية خيار وعطاء. فالقائم بالاختيار من الضروري أن تتوافر فيه هذه المزايا: المبادرة، النزاهة، الرغبة، العقل الناضج؛ أمّا سمات العطاء فتتجلّى في: اكتساب المهارات، النضج، الثقة، الإنجازات. من خلال هذه المزايا والسمات التي تبحث فيها عملية الاختيار من أجل العطاء، تتحقّق عملية التغيير؛ ممّا يجعل التنمية عملية تغيير رائعة للأوضاع و الوقائع والمواقف. فمن حقائق التغيير تظهر للوجود نتائج ملموسة للتنمية.
يمكن أن نتصوّر مخطّط محور التنمية وهو يتوزّع على جذرين رئيسيين يتفرّعان إلى مزايا وسمات، ثمّ يلتقيان عند جذرين رئيسيين آخرين ينتهيان بدورهما عند محور رئيسي آخر هو التغيير؛ ممّا يوحي بأنّ التنمية هي عملية تغيير واسعة، وليست عملية انتقال إيديولوجي تنمحي أثاره مع شطحة نهاية التاريخ أو في صراع زائف من أجل البقاء.
التنمية خطوات جريئة
التنمية خطوات جريئة نحو خطوة فاصلة تصنع الحدث. فاستغلال الحدث والتكيّف معه يبلّل جفاف النفس التوّاقة لاكتشاف شيء ما. التنمية ليست إلاّ ارتياد المجهول وركوب الصعب من الأمور، ولكن بخطوات ثابتة تستنطق هذا المجهول ، وتسعى إلى ترجمته الى واقع. فالمجهول، هو الآخر، حقائق غير ناطقة والرغبة في استنطاقها هي التنمية بعينها، والحركة التي تصنع حدثا هي تنمية في أوج الاستنطاق؛ إلاّ أنّ التهاون في رعايتها يحول دون أن تكون مشروعا غنيّا بالتجارب والاختبارات. هذه الحركات التنمويية على المستويات الحضارية يكاد ترابنا يصرخ من الآلام التي رسمتها عليه خطواتها العرجاء غير الثابتة وغير المستمرة.
غياب الاستمرار هو العدوّ اللدود للتنمية على مدار تاريخها. فالتنمية خطوات واستمرار معا. وهذا الاستمرار هو الذي يصنع الحدث، على الرغم من العوائق التي ستحول دون تحقيق الفرح التنموي؛ إلاّ أنّ توافر المزايا يمنح للاستمرار روح الإبداع في إطاره المعنوي و الأدبي، وحضور السمات على مستوى عال ينفخ في هذه المعنويات والأدبيات كلّ أشكال الثقة العالية في النفس.
إنّ توافر المزايا وحضور السمات قد لا يأتي بنتائج ذات بعد تنموي، إلاّ لأنّ عامل الاستمرار أصبح عديما أو متقهقرا، وذلك بحجّة أنّ الظروف أكبر من أن تتحقّق هذه النتائج. والسبب أنّ هذه الظروف تنمو في آخر " نقطة" يتوقّف عندها عامل الاستمرار، ويفرز هذا النموّ نتائجه الخبيثة عند النقطة التي يسعى عامل الاستمرار إلى الانطلاق منها من جديد. فمدّة التوقّف قد بثّت في نقطة" التوقّف والانطلاق" سموم التراجع، إن لم نقل شلّت حركة التنمية نهائيا.
التنمية ليست حكرا على فئة، أو طبقة، أو أمةّ؛ ولكن التنمية- في أروع معانيها- هي رغبة في العطاء، و الإخلاص لهذا العطاء قبل وبعد أن يظهر للوجود. قد لانجد مثالا رائعا مثل رغبة الأمّ في الولادة أكثر من مرّة تحدّيا لكلّ مخاض عسير، ثمّ الإخلاص للمولود. نعم، الاستمرار في اللإخلاص يشكّل ذروة التنمية، والإخلاص لهذا الاستمرار هو الإحساس بأنّ هناك شيئا ما في كياننا يتغيّر، بحيث يجعل التنمية عملية تصدير للقطاعات الأخرى التي تحتاج إلى التآلف، والتكامل، وتحقيق الهدف الواحد.
التنمية صناعة الأحداث
تتوزّع مفاهم التنمية على مجالات نظرية عدّة. فهي اقتصاديا- وفي أسوأ تعريف لها- ( اكتساب المجتمعات المتخلّفة مهارات المجتمعات المتقدّمة واستيعابها، والتخلّي عن المتغيّرات الشائعة فيها، وذلك يمثّل نقطة البداية على طريق التنمية). إنّ هذا الفهوم الذي تتبنّاه نظريات التنمية أو نظرية الاتجاهات الحديثة للتنمية، يشير إلى منطق خطير فحواه أنّ التنمية عند المتخلّفين هي التبعية للمتقدّمين. وهكذا تصبح التنمية- في أسوأ الحالات- هي التبعية، ممّا يجعل تحوّل التبعية إلى تنمية هدرا للوقت والجهد؛ إلاّ إذا بحثنا عن مفهوم آخرللتنمية يتلاءم مع الإنسان والتراب والوقت. فهذه المرتكزات الثلاث لا يمكن أن تصبح قواسم مشتركة في عالم يعجّ في فوضى المصطلحات، ويختلف في القيّم والأحداث؛ أمّا عن مفهوم التنمية السياسية فيرى الليبراليون( أنّ تحقيق التنمية السياسية يتطلّب تطبيق نماذج مجتمعات أوربا الغربية، المتمثّلة في الليبرالية السياسية، والتعدّد الحزبي، والحرية الافتصادية). تبدو هذه النماذج رائعة للغاية، ولكن حيث تصلح لأحداثهم لا تصلح للأحداث التي يعيشها العالم المتخلّف. هناك- في الحانب المتخلّف من العالم- ليبرالية استهلكت، ولكن إعادة إنتاجها تحوّل إلى مقصلة لكلّ ماهو ليبرالي في مواقفه وأفكاره، كما تحوّل التعدّد الحزبي إلى فرصة خسيسة يستغلّها أسوأ قطاع في هذا العالم المتخلّف(= قطاع الجيش)، بينما الحرية الاقتصادية أصبحت حكرا لهذا القطاع المقطوع عن كلّ ماله علاقة بالأمل!!! أمّا عن مفهوم التنمية الثقافية فإنّ النموذج الليبي أفضل تعبير عن واقع زاخر بخيبات الأمل. في حين مفهوم التنمية العسكرية لايغيب عن ذهن القاريء، فالفواجع و المواجع تغني عن كلّ بيان.
التنمية لا هذا.. و لا ذاك..
التنمية صناعة الأحداث. فهل مفاهيمم التنمية، سواء التي ذكرناها أو لم نذكرها- وهي سيّئة في كلّ الأحوال- قد صنعت الأحداث في الجانب المتخلّف من العالم؟ هل الاشتراكية حدث مهمّ حتى نعزوه للتنمية؟ هي تنمية عند الذين أبدعوا هذا الحدث؛ أمّا عند الذين استهلكوها فهي خارج الحدث، لأنّ كلّ شيء كان يتغيّر إلاّ الإنسان، ولما انهار الحدث انهاركلّ شيء إلاّ الإنسان!!! على عكس ماهو عليه الأمر لدى مبدعي الحدث، حيث كلّ شيء تغيّر بما فيه الإنسان. الشيء نفسه ينطبق على التنمية السياسية، فالإنسان يكاد يكون خارج اللعبة السياسية التي تديرها شريحة من المجتمع السياسي وليس المدني، في حين أين نبتت الديمقراطية نجد الإنسان هو الذي يلهم هذه الشريحة بالأفكار التجديدية والتنويرية. كما ينطبق الأمر على التنمية الثقافية حيث يبدو الإنسان قاصرا بلا وعي و لا ضمير، بينما القائمون على الثقافة هم الأوصياء عن ملأ هذا الفراغ الرهيب!!! أمّا عن التنمية العسكرية فلا أمل فيها للإنسان، ولكن في أثناء الحرب التي يصطنعها هؤلاء فيما بينهم يجرّ الإنسان إليها دون ترقّب للأحداث.
تسقط القوالب الجاهزة كلّما يسطع في الأفق حدث جديد، بينما يظلّ الإنسان ثابتا راسخا يتطلّع،هو الآخر، إلى أفق جديد. فهل الحدث الذي ينهار و لا يسقط أمامه الإنسان يعدّ تنمية؟ فعلى الرغم من سقوط الاشتراكية فإنّ إنسان" غورباتشوف" لم يسقط، وإنّما عاد إلى وعيه الحضاري المسيحي الضائع في ملفات ماركس ولينين وستالين؛ أمّا الحدث الحضاري الإسلامي فهو تنمية في أروع معانيها، فبعد أن أصاب الحدث التصدّع- وليس الانهيار- سقط الإنسان. فهناك سقوط إنسان وليس سقوط حضارة. فالحضارة قائمة ولكنّها مختفية خلف تخلّف الإنسان الساقط حضاريا. فالإنسان المسلم سقط فكريا لمّا تصدّعت منهجيته الحضارية، وبتنميتها ونقدها وغربلتها سيستقيظ هذا الإنسان المريض، ويكشف عن ما يخفيه وراءه من أحداث ظلّت حبيسة المرض الاجتماعي.
التنمية الحقيقية هي التي يتفاعل معها الإنسان ويمنحها وقته، ومثل هذه التنمية ضاعت منذ قرون. واستنطاق أحداثها هو استنطاق للأبعاد الثلاث. فقد ظلّ التراب رافدا لكلّ حدث مستورد في قالب تنموي جاهز، بينما خدّر الإنسان وأهدر وقته في الإهمال والعذاب والسجون من أجل فكرة تنقذ هذا القالب الجاهز من التنمية، أو من أجل وقفة لاتشيد بهذا الأمل المفقود!!!!
وسيظلّ الأمل مفقودا ما ظلّت التنمية تستقي أبعادها من مرجعية فكرية تفتقد إلة الثقة في المنظومة التاريخية(=الإنسان ومحتوياته الفكرية والزمنية)، وفي البنية الجغرافية(=البيئة أو التراب). فالافتقار إلى ذلك جميعا يزرع داخل المنظومة والبنية فئة تتغذّى من المثاقفة، وتعاني من ضيق الأفق، وتحرص على إبقاء مفاهيمها وتصوراتها في مستوى لايقبل النقاش أو النقد أو الرد. والناس أعداء لما جهلوا.
التنمية أدوات فكرية
لا أمل في الوصول إلى نتائج ملموسة للتنمية إلاّ بمعرفة الأدوات الفكرية للتنمية نفسها. إذ ينبغي الانطلاق في أثناء الفهم من إدراك دور الإنسان الفعلي في التغيير، وحضور الفكر المبدع الذي يمنع هويّته من الذوبان في الآخر، ثمّ الموقف من التنمية. هذه الأدوات تصنع حدث التغيير، ولن يتحقّق التغيير الايجابي الذي ينشد تنمية ذات آفاق واسعة وأكثر انفتاحا على الغير، في ظلّ الضعف الداخلي للفرد والاهتزاز الذاتي للمجتمع.
هناك حقيقة غائبة عن العقل الإسلامي مفادها أنّ التغيير لم يكن سمة يمتاز بها هذا العقل، بينما التغيير شكّل- ولا يزال يشكّل- بنية هذا العقل. فمن دون الحفر داخل أنساق هذه البنية ستظلّ الحقيقة غائبة والعقل حاضرا، لكنّ حضوره تخنقه حبائل اليأس والتراجع. فإذا كانت حقيقة التغيير غائبة فمالفائدة من تنمية العقل؟ نغيّر أولا ثمّ ننمّي ثانيا، والعكس يبدوأنّه يتّجه نحو تمزيق نسيج الإنسان والتراب والوقت.
لم يتخلّ الإنسان لحظة عن التغيير، فهو سمة جوهرية تتغيّر مع تغيّر العصر. فلا فرق بين من تقدّم وتأخّر إلا ّبمقياس التغيير. فالإنسان المتقدّم مارس التغيير بسرعة يوجّهها الوعي والضمير والوطنية؛ بينما الذي تأخّر مارس، هو الآخر، التغيير ولكن ببطء يعيقه الحنين إلى الماضي بإخلاص فارغ من محتوى الخلاص من الفساد المعرفي. فالتنمية والتغيير نحو الأفضل توأمان، مثلما أنّ التنمية والتغيير نحو الأسوأ توأمان. ممّا يوحي بأنّ التنمية والتخلّف لحمة واحدة توجّهها أداة واحدة وهدف واحد هو التغيير. فالمشروع قبل أن يتحوّل إلى تنمية كان متخلّفا، والمشروع الذي تخلّف كان يمتلك عناصر التنمية، ولكن نوع التغيير وأداة الفكر المغيّرة هي التي فصلت اللحمة وحوّلتها إلى تنمية وتخلف. والنتيجة أنّ التاريخ البشري ظلّ يسابق التنمية، فهو في تغيّر دائم لا مجال للثبات فيه، اللهمّ إلاّ في الأمور العقيدية والأخلاقية الصارمة.
=========
>>>> الرد الثالث :
فلسفة التنمية في ظل الحداثة
يقول العالم العبقرى ابن خلدون ان المسلم مرتبط بدينه فاذا ما تخلى او اسيئ فهمه تلقائيا يفكر بطريقة بدائية مهما دخل فى الحداثة
ستوقفتنى هذه الحكمة عن مسيرة التنمية فى الجزائر والوطن العربى ..والسؤال المطروح -لماذا لا تنجح البرامج التنموية رغم هذه الاموال التى تضخ ليلا نهاروالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ايقنت عندها ان العلامة ابن خلدون محق والعائق هو ذهنية التفكير لدى الفرد المسلم التى بقية تراوح مكانها ضمن مسطلح -منطق القبيلة-
اجل بكل اسف معضم امور الحياة تدار بهذا الاسلوب رغم ان مصطلح -شيخ العشيرة برز لمرحلة معينة كان فيها مستوى الفكرى ضعيف وحتى الاقتصاد ضعيف ..فليس من المعقول ان تنصب جمعيات وهيئات ووزارت ..الاكتفاء فقط بشيخ حكيم مشهود له بالاخلاق فيتولى امور الحياة
الان فى منضور الدولة الحديثة..ارى والله اعلم ان كل انسان خلق لواجب معين ومن موقع ثابت واذا ما تعداه او تجاوز صلاحياته نستطيع القول انه ياخذ المجتمع نحو الهاوية كما يحدث لانهيار المجتمعات والامم ..ومفهوم شيخ العشيرة يتوقف مفعوله مع توسع الرقعة الجغرافية والذهنية والتطور العالمى ولا بد من اسلوب جديد بديل عنه حتى نستوعب هذا الكم من البشر والسير بهم الى بر الامان ولتفادى قانون المنطق وهو تحلل الاشياء كلما تقادمت ما لم تصان
كيف نقسم المجتمع فى ضل الحداثة ضمن مسار التنمية
يقال عن جون كندى وهو معروف عنه انه متدين انه كان يقوم ببعض القرارات الاعادلة ..فسئل لماذا تفعل هذا وانتم متدينين-مسيحى طبعا- فقال كلمته الشهير امريكا -على رئس الغرب طبعا-تسيرها المصالح فاينما توجبت مصالحها فما على الرئيس الا التنفيذ
ينقصم المجتمع الى طبقات وكل طبقة لها وضيفة معينة ومن موقع محدد لا يجوز تجاوزه بكل الاحوال ويدخل ضمن عرف الصلاحيات
تتقدمهم طبقة العلماء .. ويقال عنهم ورثة الانبياء او المفكرين من الدرجة الاولى يتميزون بانهم اقدر الخلق على فهم سنن الله فى الكون والاقدر فهما لفلسفة الاثر والمؤثر
ومعروف عنهم ان الكون وسلوكيات البشر كلها امام اعينهم ومنهم من يرى على 30 سنة او اكثر كالمفكر مالك بن نبى والعلامة ابن خلدون وغيرهم من علمائنا الاجلاء ..ويتميزون ايضا انهم الاكثر عمقا فى قضايا المجتمع ويخرجون بجمل بسيطة وتسمى البلاغة عكس الالمفكرين من الدرجة الثانية -الاكادميين والخبراء- هؤلاء يغوصون لاكن يواجهون تناقضات وهذا ما يسمى بالجدال الاجتماعى
وهؤلاء العلماء وضيفتهم تحديد الرئية وتوجيه المجتمع نحو الاتجاه المطلوب
المفكرون من الدرجة الثانية.. وهم الاكاديميون والخبراء والباحثين .هؤلاء وضيفتهم تحريك المجتمع ومصانع علوم المنطق او كما يجب ان تكون الامور فى نصابها
المفكرين من الدرجة الثالثة.. هذه الطبقة لها اهمية ايضا بصفتها الجهة المثقفة الاكثر التماسا للواقع من صحافة ومعلمين واداريين وغيرهم من النخبة الوطنية
الطبقة الاجتماعية ..التى من المفترض اننا مسؤولين عن تحريكها بكونها الطرف الاجتماعى الاضعف فى المعادلة من مهنيين وحرفيين وباقى افرد المجتمع
الطبقة السياسية الحاكمة .. من رئيس وووزراء ورئساء بلديات ودوائر وغيرها وهى الطبقة المسؤولة مباشرة على المواطن من مؤمن ومؤكل وملبس
هندسة التنمية ..وفلسفة الربط بين الطبقات
بعد ان قمنا بتحديد هوية افراد المجتمع ككل والكل من موقعه ياتى هنا كيفية المضى الى الهدف المنشود للتنمية ولاجل خلق كل فرص النجاح للتنمية سواء بشرية او اقتصادية كانت
المسؤول الاول هو السياس بصفته المالك للسلطات الثلاث والمخول قانونا وشرعا لتحريك المجتمع ..وبما ان طبيعة السياسى يعيش فى رقعة فكرية وجغرافية ضيقة تستحيل عليه وضوح الرئية الا من طرف العالم والعالم يستحيل ان يقود المجتمع الا بسلطة روحية فقط ويستحيل معرفة علوم المنطق ومتغيرات العصر والحداثة الا من الاكادميين والباحثين ويستحيل عليه استكشاف الواقع وخبايا المجتمع الا من الصحافة والمثقفين او النخبة ويستحيل ان يكون هو عجلة التنمية التى تسير المجتمع الا اذا كانت فئة الطبقة الاجتماعية العادية
فالسياسى المسؤول المحنك هو الذى ياخذ هذه الرئية من العالم وتحلل من الاكادميين والباحثين على شكل خطط وبرامج تنموية ويجمع ايضا استنباطات الواقع من قبل الصحافة الصادقة والنخبة ليرى الامكانية او الوسيلة التى تجعل كل هذه المخططات والبرامج تسير نحو الرئية التى حددها العلماء
واذا كانت هناك امكانية للتطبيق والنجاح تاتى مرحلة التطبيق على الواقع على شكل مشاريع تنموية وتلقى للساحة الاجتماعية وتنفذ على شكل مؤسساتى.. ما تسمى بدولة المؤسسات
اخى الكريم اقلب المعادلة ستجد انها السياسة المتبعة فى ما سبق والتى لن تذهب بنا بعيد طالما رئيس الوزراء يطلب من الوزراء انقاذ الاقتصاد الوطنى وكان الوالى هو العالم والكاشف والخبير والعامل والهالك والمستهلك والكل فى الكل ..لا تدخل فى المطق والعقل بتاتا..
=========
>>>> الرد الرابع :
فلسفة التنمية على الرابط التالي
https://100fm6.com/vb/forumdisplay.php?f=65
=========
>>>> الرد الخامس :
شكرا جزيلا استاذي الفاضل على هذه المساهمات القيمة وبارك الله فيك وجزاك كل خير
=========
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة afaf86
شكرا جزيلا استاذي الفاضل على هذه المساهمات القيمة وبارك الله فيك وجزاك كل خير
لا شكر على واجب
هذه الكتب...في ظني انها تخدم مبتغاك
مدخل إلى الفلسفة بنظرة اجتماعية.pdf
مستقبل الفلسفة في القرن21.pdf
حقيقة وليس خيال......يا عفاف
هذه الصفحة تحتوي على اكثر من 5000 كتاب من الفكر الانساني...حمليها..ثم افتحيها...عليك بالضغط على عنوان الكتاب الذي تريدين تحميله ...وكلها على رابط الفورشيير
من هنا تحميل الصفحة
https://www.rofof.com/3xbstz6/Sfhh_mwsw3h.html
او من هنا...رفعتها لك على الفورشيير ب200 كب
https://www.4shared.com/file/LUdWIKle/tercha_5000_.html
استاذ الفاضل ساكون من انصار الاتجاه الثنائي في هذا الموقف واقول عجز اللسان عن التعبير فهما قلت لن اجزيك حقك الف شكر وجزاك الله خيرا مع ان موضوع بحثي في هذه الايام هو الفلسفة والتنمية في الوطن العربي.