عنوان الموضوع : تحليل نص التّخيُّل لسارتر...خطوة خطوة باك ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب
تحليل نص التّخيُّل لسارتر...خطوة خطوة
" عندما أدرك كرسيا بالحس . قد يكون من العبث القول بأن الكرسي قائم في إدراكي . إدراكي الحسي هو نوع (درجة) من الوعي , والكرسي هو موضوع هذا الوعي . والآن أنا أغمض عينيّ وأحدث صورة الكرسي الذي أدركته آنفا . لا يمكن للكرسي ، الذي يعرض لي الآن كصورة ، أن يدخل في الوعي أكثر منه مثلا . ليست صورة الكرسي كرسيا ، ولا يمكنها أن تكون كذلك . في الواقع ، سواءً أدركت بالحسّ الكرسي الذي أجلس عليه أو تخيلته ، فهو باقٍ أبداً خارج الوعي . إنه في الحالتين هناك ، في المكان ، في الغرفة . والحال سواءٌ أأدركت هذا الكرسي بالحسّ أو تخيلته ، فإن موضوع الإدراك هو ذاته موضوع التخيّل ، وهو الكرسي الذي أجلس عليه .
النص : التّخيُّل
إلا أن الوعي يتوجّه إلى الكرسي بطريقتين مختلفتين : في حال الإدراك يكون الموضوع حاضراً ، وفي مجال التصور يكون غائباً ، غير أن الكرسي ليس قائماً في الوعي ، حتى ولو (كان) يشكل صورة . فلن تعني كلمة صورة سوى علاقة الوعي بالموضوع الخارجي , وليس موضوعاً مستقراً داخل الوعي "...Jean-Paul Sartre
تطبيق الخطوة الأولى :
· يتحدث هذا النص عن التخيل وعلاقته بالإدراك الحسي ، ودور الوعي في هاتين العمليتين .
· صاحب النص "سارتر" ينتمي إلى المدرسة الوجودية في الفلسفة ، وقد تأثر في موضوع الوعي , والإدراك الحسي والتخيل برائد الظواهرية "هوسّرل" الذي قال بهدفية الوعي ، أي أنه ليس هناك وعي منغلق على ذاته ، وإنما هناك دائما ً وعي لموضوع ما .
تطبيق الخطوة الثانية :
لإحصاء المفهومي : يمكن الحديث عن مفهوم رئيسي في هذا النص هو التخيل ، بالإضافة إلى مجموعة مفاهيم ثانوية هي : الإدراك الحسي ، الوعي , موضوع الوعي ، الصور الذهنية .
ü التعريف السياقي إو الدلالة السياقية لهذه المفاهيم :
1. التخيل : وهوالمفهوم الرئيسي في النص ، يندرج التخيل في قائمة الأعمال التي يختص بها الوعي ، وكما يبينه "سارتر"في النص فهو - إي التخيل - عبارة عن توجه الوعي إلى موضوع موجود خارجه باعتباره غائبا .
2. الإدراك الحسي : يفتتح سارتر النص بالتأكيد على دور الحس في عملية الإدراك ، وأيضا يربط الإدراك الحسي – كشكل أولي من أشكال المعرفة - بالوعي الهادف ، ويميز بينه وبين التخيل من خلال الطريقة التي يتوجه بها الوعي إلى الموضوع باعتباره حاضرا ً في الإدراك , وغائبا ً في التخيل .
3. الوعي : الوعي مفهوم ملتبس إلى حد ما في هذا النص إلا أننا يمكن أن نفهمه من خلال فعلَي الإدراك والتخيل ، فربما هو توجه الذهن أو القوى المدرِكة إلى أمر خارجي , وهدفية الوعي هنا تعني أن هدفه خارج ذاته ، وهو ما يشكل موضوعه ، فلا يمكن الحديث عن وعي عند "سارتر" من دون موضوع .
4. الموضوع : هنا يشير "سارتر" إلى موضوع الإدراك وموضوع التخيل ، بدون تمييز بينهما ، فليس هناك صفات ذاتية تجعل موضوع هذا مختلفا ً عن موضوع ذاك ، وحده توجُّه الوعي هو الذي يميّز .
5. الصور الذهنية : يتساءل سارتر عن ماهية الصور الذهنية ، وينفي إمكانية وجودها ، وإن وجدت فهي ليست سوى علاقة الوعي بموضوعه .
خلاصة : من خلال تحليل شبكة المفاهيم في النص ، يمكن أن نستنتج الأطروحة التي يتبناها صاحب النص وهي : أنه لا وجود لصور ذهنية تجعلنا نميز بين الإدراك والتخيل ، وإنما هذا التمييز هو مهمة الوعي ، فهو يتوجه إلى الموضوع باعتباره حاضرا ً في عملية الإدراك ، وباعتباره غائبا ً في عملية التخيل .
تطبيق الخطوة الثالثة (نظام الحجج في النص) :
v استخدام الروابط المنطقية :
¬ "قد يكون من العبث القول" ... هنا لتشكيك القاريء في وجود الصور الذهنية تمهيدا لنفيها.
¬ " في الواقع..." هذا التعبير يحيل القاريء إلى التجربة الواقعية ، مما قد يكون أبلغ في الإقناع .
¬ "والحال ..." أيضا ً هنا إحالة على الواقع ، أو وصف ما هو كائن ، والملاحظ عند صاحب النص كثرة الاعتماد على التجربة المعاشة ؛ في الواقع أنها سلاح ذو حدين ، فقد تكون حجة معه ، و قد تكون ضده .
¬ "في حال الحضور ... وفي حال الغياب" المقارنة للمزيد من التوضيح .
¬ التساؤل عن طريق النفي . "فلن تعني كلمة صورة سوى علاقة الوعي بالموضوع الخارجي"
v استخدام الأمثلة :
"والآن أنا أغمض عينيّ وأحدث صورة الكرسي" هذا المثال من شأنه أن يقرب للقاريء فكرة فقر الصور الذهنية المتخيلة إلى التفاصيل , بينما هي غنية ويمكن التعامل مع كل أجزائها في حال الإدراك .
v النقد الداخلي للنص :
يلاحظ في النص كثرة التباس المفاهيم فيختلط الوعي بالإدراك , التصور بالتخيل , و في مثال إحداث صورة "الكرسي" يلتبس الأمر أهو تذكر أم تخيل ، ويكثر سارتر الإحالات على الواقع من باب المصادرة على المطلوب . أما في التمييز بين الوعي والإدراك بالدرجة " إدراكي الحسي هو نوع ( درجة) من الوعي " ، فهذا أوقعه في نفس مشكلة هيوم ، وهي التمييز بين الإدراك والتخيل تبعا ً لقوة الصورة . وخلاصة الأمر أن النص يفتقر إلى التماسك الداخلي , وإلى الحجج المقنعة.
تطبيق الخطوة الرابعة :
v النقد الخارجي للنص:
في الواقع هناك عدد من النظريات التي تناولت موضوع التخيل ، ومن أبرزها النظرية التجريبية ، والتي كانت آراؤها متناقضة أحيانا ً مع ما ذهب إليه سارتر في هذا الموضوع. ويمكن إجمال النقاط الرئيسية لهذه النظرية – والتي انتقدها سارتر في مطلع نصه – بالتالي:
· إن صور الأشياء المدرَكة تنطبع في ذهننا بشكلٍ قوي في عملية الإدراك الحسي وهذا ما أسماه هيوم بالإنطباعات. وهنا تحديد أفضل لعملية الإدراك من خلال الإنطباعات أو الصور ، بينما يُبقي سارتر الأمر ضبابيا ً في ربطه الإدراك بتوجه الوعي من دون توضيح!
· إن هذه الإنطباعات تتحول إلى " أفكار " في الوعي بعد غياب الشيء المحسوس الذي ترتبط به ، ولكن الفرق بين الإنطباعات والأفكار، وبالتالي بين الإدراك الحسي والتخيل هو في درجة الوضوح . وهذا ما قد يوقعنا في الإلتباس بين الإدراك الحسي والتخيل في حال كانت الصورة المتخيّلة أكثر قوة ووضوحاً من الصورة المدرَكة ! وهذه نقطة ضعف عند التجريبيين ، ولكنها لم تُحلّ عند سارتر!
· إن ما يساعدنا على فعل التخيل هو الصور الذهنية أي " بقايا الإنطباعات " الباقية في وعينا والتي نستعيدها لنركبها بطريقةٍ معينة لنتخيّل ؛ وهنا يمكن للقارئ أن يفهم التخيل من خلال وجود الصور الذهنية ، أكثر منه في حال عدم وجودها . فإذا لم تكن الصور الذهنية هي الوسيط في التخيل ، فما هو الوسيط إذا ً ؟!
· يتضح من ذلك أن التخيل في نظر التجريبيين ليس سوى تخيّل مستعيد ، وبالتالي ليس هناك من تفسير عندهم لما قد نسمّيه تخيلا ً مبدعا ً.
v الرهان:
نظرياً: إن الفكر أو الوعي هو فاعل وليس منفعلا ً ويمكن أن يكون منتجا ً إذا ما تحرّر.
عمليا ً: إن الإنسان إذا استحدم ملكة التخيل الحر، عندها يمكنه أن يبدع .
v الإشكالية:
إذا كان كل تخيل هو إدراك سيء ، فما هو دور الوعي في هذا المجال ؟ وهل يمكن أن ندرك أو نتخيل بمعزلٍ عن الصور الذهنية ؟ وهل أن كل تخيل هو استعادة؟ فكيف يكون الإبداع إذا ً؟
خلاصة:
وهكذا وبعد إنجاز المرحلة التحضيرية بكل خطواتها ، وبعد تبيان خصائص النص الفلسفي وكيفية التعامل معه للتمكن من فهمه على نحو أفضل ؛ فإن الطالب الثانوي بات مجهزا ً الآن بوسائل استكشاف خبايا هذا النص ، ممّا يتيح له الانتقال ، بعد الانتهاء من هذه المرحلة ، إلى المرحلة التحريرية فيحوّل ما فهمه من لغةٍ إلى أخرى ، من الأفكار إلى الكلمات المكتوبة ؛ مع التأكيد أن هذا التحول لم يكن ليحصل من دون الخوض في غمار هذا الممرّ الإجباري.
طبعا صياغة المطلوب في البكالوريا تكون...اكتب مقالا فلسفيا تعالج الاشكالية التي تضمنها النص
وطبعا..ابنائي..تدركون بان الخطوط العريضة لتحرير الاجابة تتمثل في
-الاطار او الخلفية الفلسفية للنص
-طرح الاشكال
-الموقف
-الحجة
-مناقشة
-و تقييم و استنتاج
--------------------------------------------------------
المرجع.تدريب على تحليل النص الفلسفي
إعداد : مصطفى حمزة & محمد ركين
إشراف الدكتور : سمير زيدان
أ. كتب ودورات:
1. Jacqueline Russ -les méthodes en philosophie – ed. Armand Colin- Paris (2017) – P.63
2. وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي – المركز التربوي للبحوث والإنماء – مركز الإعداد والتدريب – دورات صيف 2017 – المادة التدريبية – فلسفة وحضارات –لبنان- المرحلة الثانوية .
ب. مواقع و روابط إلكترونية
1. WWW.Philo.edunet.tn/philoens/argumentation1.htm
2. https://philoteaching.blogspot.com/20...g-post_16.html
3. https://www.elborouj.com/search.php?do=getdaily
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
مشكور استاذ
=========
>>>> الرد الثاني :
"البشر ليسوا سوى فقاعات تنفجر الواحدة
تلوَ الأخرى فوقَ مستنقعٍ يسمونهُ الوجود"
اسعدني كثيرا وجودك معي في هذه الصفحة....بوركت على ردودك الطيبة....اخي AYACHI39
=========
>>>> الرد الثالث :
شكرا لك يا استاذنا ادامك الله فوق رؤوسنا
=========
>>>> الرد الرابع :
السلام عليكم
شكرا لك
انا تخصص فلسفة واكرهها
لانها تتعب الراس بلا فائدة
إن مراهنة التعليم الفلسفي، عند كانط، على تعلم التفلسف يمكن بالأساس في ممارسة موهبة العقل وتطبيق مبادئه على المحاولات المتوفرة، وهذا يعني أن فعل التفلسف لا يتم من فراغ، بل إنه ينطلق من قراءة نصوص فلسفية تتيحها المحاولات التي يوفرها تاريخ الفلسفة، دون التعامل مع تلك النصوص باعتبارها تقدم معرفة جاهزة، لأن «من يعلم التفلسف – يقول كانط - لا يلقن تلامذته الأفكار المطلقة ولا يقوم مقام الوصي على عقولهم، بل يرشدهم إلى طريق العمل والتفكير الشخصي، بحيث لا يكون التراث الفلسفي أمامه إلا كتظاهرة من تظاهرات تاريخ استخدام العقل وبمثابة موضوعات لترويض الموهبة الفلسفية». وانطلاقاً من ذلك ينبغي الإقرار بأن التدريس ليس نشاطاً للإنتاج أو التواصل بالمعنى الذي يفيد النقل، بل إن «التدريس – كما يرى هيدغر – لا يعني شيئاً آخر سوى ترك الآخرين يتعلمون». غير أنه «لا يمكن لأي واحد منا – كما يرى شيلينغ - أن يصل إلى تعلم التفلسف دون تمرين، بقدر ما لا يمكننا أن نتفلسف بشكل طبيعي مثلما نفكر طبيعياً».
=========
>>>> الرد الخامس :
=========