عنوان الموضوع : هل تعتبر الفلسفة ضرورة انسانية ملحة باك ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب

هل تعتبر المعرفة الفلسفية حاجة إنسانية دائمة ، أم أنها تأمل لا جدوى منه؟

الطريقة الجدلية :
المـــقدمــة :
منذ وجود الإنسان على سطح البسيطة ، راح يفكر ويتسأ ل عن حقيقة الوجود المحيط به ، وعن حقيقة هذا العالم المليء بالأسرار، فبدأ في استخدام عقله لفهم هذا العالم ، أي أنه بدأ يتفلسف ، ومن ثمة كانت الفلسفة تأمل حول الحياة ككل ، غير أن الفلسفة كانت لزمن طويل مدارا للنقاش والجدل حول قيمتها و أهميتها ، فهي تثير في أذهان الناس الكثير من المعاني المتضاربة ، حيث يشكك البعض في فائدتها وضرورتها ويعتبرها تأملا لا جدوى منه ، في حين هناك من يرى بأنها ضرورة إنسانية ملحة ، وأمام هذا الخلاف نجد أنفسنا مجبرين على التساؤل :هل الفلسفة ضرورة إنسانية ، أم أنها مجرد تأمل عقيم ومضيعة للوقت ؟.
الـــــعرضــــــ:
الموقف الأول:
يرى الكثير من المفكرين والعلماء وحتى الناس العاديين أن الفلسفة لا قيمة لها ، فهي مجرد تأملات لا تمُت بصلة إلى الواقع ، ومن ثمة وجب تعويضها بالعلم ، وقد برر هؤلاء موقفهم بالكثير من الحجج أهمها : أن الفلسفة لا تنتهي إلى نتائج قطعية تفرض نفسها عن الجميع كما هو الأمر في العلم ، فمسائلها دائما تثير خلافات بين المفكرين ، كما أن الفلسفة تعمل على إثارة المشكلات ولا تحلها ، وهي تأمل في أشياء بعيدة عن الواقع اليومي المعاش للإنسان ، والفلسفة مادة لا يمكن اكتسابها والإحاطة بها كما تكتسب الرياضيات والفلك ، كما أن الفلسفة ساكنة ولا تعرف التقدم فكل فيلسوف يأتي يبدأ من منطلقات جديدة ، بخلاف المعرفة العلمية التي هي معرفة تراكمية ،اللاحق فيها يأخذ من عند السابق ، كما أن الفلسفة تشكك الإنسان في الكثير من معتقداته وأرائه ، ويمثل هذا الموقف الرافض للفلسفة الكثير من المفكرين على غرار أبو حامد الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة ، و الكثير من الفقهاء على غرار ابن تيمية ، والفلاسفة المحدثين على غرار أوجست كونت ، كارناب وغيرهم.
نقد الموقف الأول: ولكن لما هذا التهجم على الفلسفة أليس التفلسف سلوك طبيعي في الإنسان؟ ، فالإنسان مفطور على حب التساؤل ، ومعرفة حقائق الأشياء ، بل إن رفض التفلسف هو في الحقيقة تفلسف لأنك تحتاج إلى الفلسفة لرفض الفلسفة كما أكد المعلم الأول أرسطو.

الموقف الثاني :
وفي مقابل الرأي السالف قام رأي أخر يذود عن الفلسفة ويدافع عنها وينصفها ويعتقد بأن لها أهمية كبيرة في حياة الإنسان فهي ضرورة إنسانية ملحة ، وقد برهنوا على هذا الموقف بأن الفلسفة مرادفة للحكمة والحكمة ضالة الإنسان ، فالفلسفة هي الشجرة التي خرجت منها كل العلوم ، فهي تأمل حول الحياة والكون باستخدام ما كرمنا به الخالق من عقل ، ومن ثمة فالفلسفة جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان لأنه يتفلسف كما يتنفس كما يقول مييرسن ، والفلسفة لا تكمن أهميتها في الإجابات التي تقدمها بل في الأسئلة التي تطرحها فهي ليست علم وترفض أن تكون كذلك، لذلك يقول برتراند راسل : << قيمة الفلسفة لا تكمن في الحلول النهائية التي يقدمها الفيلسوف للمشاكل الذي تعترضه بل في تأمله لهذه المشاكل>> ، ومن بين فوائد الفلسفة أيضا أنها تنمي فينا روح النقد ، والشك ، وتبعدنا عن التصديق المتسرع والساذج ، كما أنها تعلمنا شيء من التواضع العقلي الذي يقوم على فكرة أن كل رأي يحتمل الخطأ ، ومن ثمة تعلمنا احترام الأخر والآراء المخالفة لنا ، ونبذ كل تعصب ، ولعل تاريخ الفلسفة المشرق يبين هذه الأهمية ، فبفضل الفلسفة تمكن المجتمع اليوناني من محاربة كل أشكال الأساطير والخرفات التي كانت تطبع حياة اليونان ، والفلسفة ساهمت في ترسيخ الإيمان عند المسلمين من خلال تأكيد فلاسفة الإسلام على أن الوحي يوافق العقل ، وفي العصر الحديث ساهمت أفكار فلاسفة عصر النهضة وعصر التنوير روسو ، وهوبز ، وديدروا ،وفولتير ، ومونتيسكيو في انتشال المجتمع الأوربي من براثن العصور الوسطى وما تميزت به من ظلامية وتخلف وتسلط من طرف رجال الكنيسة ، والملوك ، أما في عصرنا الراهن فقد ساهمت الفلسفة البراغماتية مع أقطابها جون ديوي ، ووليام جيمس في التطور الكبير الذي يعرفه المجتمع الأمريكي في كل الميادين.
نقد الموقف الثاني: ولكن لو كان للفلسفة كل هذه الأهمية لما كانت مثار للنقاش والجدل والخلاف الدائم حول قيمتها ودورها بين الناس.
التركيـــــــــب: إن الفلسفة تكون مهمة بقدر معالجتها لمشاكل الإنسان وقضاياه التي تشغله ، وتكون غير مفيدة إذا ابتعدت عن واقع الإنسان ، وهمومه وتطلعاته ، وحلقت في سماء التجريد والتأمل الذي لا جدوى منه ، ولذلك يجب أن نوجه التفلسف إلى ما يفيد الإنسان لأن حضارة كل أمة كما يقول ديكارت تقاس بمدى شيوع التفلسف الصحيح فيها.
الخـــاتـــمــــة :
وفي الأخير نستنتج أن الفلسفة ضرورة ملحة في حياة الإنسان ، لأن التفلسف ما هو سوى إعمال للعقل ، الذي كرّمنا به البارئ تعالى وميّزنا به عن سائر المخلوقات، وأمرنا باستعماله للتدبر والتأمل في عجائب هذا الكون البديع ،وكل رفض للتفلسف هو رفض لاستخدام هذه النعمة.
بقلم أستاذ الفلسفة: بالضياف خالد



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


=========


>>>> الرد الثاني :


=========


>>>> الرد الثالث :


=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========