اخي الكريم تفضل
طرح المشكلة:
تعتبر الدولة أرقى أنواع التجمعات البشرية و هي تمثل جماعة من الناس تقطن رقعة جغرافية، و تتمتع بقدر من السيادة و تخضع لسلطة معينة هذه الأخيرة التي أخذت أشكالا عديدة؛ فهناك دول تمارس فيها السلطة بشكل فردي و هو ما يعرف بالحكم الفردي، و هناك دول اتخذت من الحرية و الانفتاح أساسا لممارسة السلطة؛ و هو ما يعرف بالحكم الجماعي أو الديمقراطي، لكن رجال السياسة و الفلاسفة اختلفوا و تجادلوا حول أفضل هذه الأنظمة التي تحمي الدولة من الانهيار و تحقق النظام و المصلحة العامة، و من هنا نتساءل : هل أنظمة الحكم الفردية هي الوحيدة القادرة على حفظ مقومات الدولة؟ أم الحكم الجماعي هو الذي يحقق ذلك ؟ و بتعبير اخر هل الحكم الاستبدادي القائم على القوة هو من يضمن استمرار الدولة ؟ أم الحكم الديمقراطي الجماعي هو من يضمن ذلك ؟
محاولة حل المشكلة:
عرض منطق الأطروحة:يرى أنصار هذا الاتجاه ان أنظمة الحكم الفردية بنوعيها الاستبدادي و الملكي هي التي تحفظ الدولة من الانهيار و تحقق المصلحة العامة للشعب و ذلك بخضوعهم لإرادة فرد واحد قوي يمسك بجميع السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية ، و ليس للشعب الحق في متابعته أو فرض آرائهم عليه لأنه فرد يتمتع بقوة الشخصية و القدرة على اتخاذ القرار فمصدر السلطة هوالإرادة الفردية ، فالدولة يحكمها زعيم عظيم يعتقد أنه يجسد في شخصيته مقومات الأمةو قيمها و مثلها العليا ، و أنه بذلك يجسد الإرادة المطلقة للدولة فيتولى بنفسه ممارسة كل السلطات ، إنه المشرع و المنفذ و القاضي ، بهذه الكيفية تتحقق الدولة القوية و أهم هؤلاء نجد المفكر الايطالي نيكولا ميكيافيلي) nicolas machiavel (1527-1469، و أيضا الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز 1588-1679 thomas hobbes
الحجج و البراهين:و قد برروا موقفهم بالحجج التالية: فالحاكم المستبد أو الديكتاتور يتسلم مقاليد الحكم بالقوة كما فعل هتلر (1889-1945) hitlerفي ألمانيا و تكون له السلطة المطلقة و هو يؤمن بأنه الوحيد القادر على حماية مصالح الدولة لذلك فهو يجسد بشخصيته كيانها حيث قال لويس الرابع عشر louis 14 (1715-1638) : " الدولة هي أنا "
و ما يحقق ذلك هو إنشاء حزب واحد يضم جميع الأنصار و لا مجال للتعددية الحزبية و لا للمعارضة لأنها تعتبر حاجزا للنهوض بالدولة و أنها كيان يثير الشغب و المشاكل و الفتنة بين أبناء الشعب لذا وجب القضاء عليها وان الحرية السياسية تفتح مجال الفوضى ليستغلها من لا يريدون للدولة النهوض من خلال دعوة الشعب للثورات و التخريب و الاحتجاج عوضا عن دعوته الى العمل و بناء الدولة و لهذا فالديكتاتورية هي الوحيدة القادرة على حفظ الدولة من التشتت خاصة لدى الشعوب التي تنتشر فيها الطائفية و تعدد الديانات مثال ذلك العراق فعندما كان يحكمها صدام حسين بشكل قوي لم يكن هناك اقتتال طائفي حتى ان نسبة الأمية كانت الأضعف في الوطن العربي لكن عندما سقط حكمه صارت العراق اليوم تشهد صراعات و اقتتالا طائفيا مروعا.
كما دفعت الحرب الأهلية التي عاشتها ايطاليا في القرن السادس عشرميكيافيلي الى التأكيد في كتابه الأمير le princeان على الحاكم أن يكون قويا و يستعمل جميع الوسائل المتاحة سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة ليحفظ الدولة من الانحلال و الزوال فمشاورة الرعية تثير روح الثورة عليه أما القسوة فتقيم النظام و تمنع الفوضى و تحقق الوحدة و تقضي على الفتنة وهي في المهد يقول ميكيافيلي: « من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك »و يقول أيضا : « الغاية تبرر الوسيلة »la fin justifie les moyensوما يوضح ذلك أكثر الحجة التاريخية التالية و المتعلقة بالقائد القرطاجي حنبعل(247-183ق.م) hannibalو الذي كان محبوبا من قبل جنوده لكنه هزم على يد سكيبيو الإفريقي (235-183ق.م) scipion l’africainو هو جنرال و قائد عسكري روماني و كان مهيبا يخشاه جنوده و قويا أيضا لان جنود حنبعل فروا من المعركة رغم حبهم لقائدهم أما جنود سكيبيو الإفريقي فقد كانوا منضبطين خوفا من قائدهم فانتصروا.
ان ما يبرر الحكم الفردي القائم على التسلط و القوة هو الطبيعة الإنسانية الأنانية فالإنسان لا يستجيب الا لمنطق القوة و العنف و لا يمكن ان نحد من طبيعته الأنانية و الشريرة الا بواسطة سلطة سياسية قوية حيث يقول هوبز:« الانسان ذئب لأخيه الانسان »و يقول أيضا :( لا دين إلا ما ترضاهالحكومة ، و لا حقيقة الا ما ينادي بها السلطان )فقد كانت حياة المجتمع الطبيعي عبارة عن حرب الجميع ضد الجميع فتنازل الناس عن جميع حقوقهم لشخص واحد قوي شريطة ان يضمن لهم الأمن و الاستقرار, نفس الفكرة عبر عنها ابن خلدون (1332-1406)إذ اشترط وجود حاكم قوي لوضع حد للطبيعة العدوانية للإنسان و هو ما تجسد في الحكم الثيوقراطي ( الديني ) ، حيث يسيطر فيه رجال الدين على الحياة السياسية والاجتماعية كحكم الكنيسة في أوربا خلال القرون الوسطى تحت مبدأ ( من عصى الأمير فقدعصى الله ) و أيضا الحكم الملكي الذي تنتقل فيه السلطة عبر أفراد العائلة الملكية بالوراثة و التي تقوم على رابطة الدم ، وفي ذلك يقول عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر (1864-1920) max weber : « لا يمكن أن توجد الدولة الا إذا خضع الناس لسيطرة السلطة التي يفرضها المتسلطون ».
لقد ساهم الحكم الفردي في تقوية كثير من الدول بسبب ما يتميز به الحكام من دهاء و فطنة و شدة ثباتهم على مصلحة الدولة و هذا ما جعلهم يحققون المستحيل أمثال نابليون , napoléon 1821-1769جوزيف ستالينjoseph staline 153-1879 ،هتلر، موسوليني 1945-1889هذا الأخير الذي يقول: « إذا تعذر وصف نظام الفاشيين بأنه حكومة الشعب فانه على الأقل لا يعمل الا من اجل الشعب ». كما أن استعمال هؤلاء الزعماء للقوة و أساليب التخويف مع شعوبهم جعلهم ينالون الطاعة و الهيبة؛ فلو نظرنا الى الأسرة مثلا فإننا نجد الأب هو الذي يملك السلطة على أبنائه و يقوم بتسيير شؤونهم و يحفظ النظام بينهم فلو غابت سلطة الأب لانهارت الأسرة كذلك الأمر بالنسبة للدولة فلو غابت القوة في الحكم لغاب الاستقرار و النظام لدى شعبها من هنا قال الأديب الفرنسي فولتير voltaire (1778-1694) : « دبروا للدولة كما تدبروا لأسركم ».
النقد:صحيح أن الانسان من خلال طبيعته الحيوانية لا يستجيب الا للقوة لكن الإفراط في استعمالها يغيب العدالة الاجتماعية و هي الأساس الذي نشأت من أجله الدولة كما أن تمتع الحاكم بالسلطة المطلقة يؤدي بالمجتمع الى الضياع فالتاريخ اثبت أنّ كل الدكتاتوريات كان مآلها الزوال و هذا ما حدث لفرعون الذي ادعى الألوهية و هتلر الذي انتحر مع عشيقته إيفا براون بعد خسارته الحرب، و أيضا موسوليني الذي أعدم من طرف شعبه؛ فقد استغل هؤلاء شعوبهم لخدمة مصالحهم الخاصة بدلا من خدمة المصلحة العامة؛ و هذا ما جعل الثورات تقوم من حين لآخر لأن الأفراد لم يكونوا راضين على ظلم هؤلاء الحكام؛ فقد قال ابن رشد 1198-1126: « السلطة المطلقة مفسدة مطلقة »كما ان تغييب الحرية عن الدولة بدعوى عدم النضج السياسي يعتبر قناعا يستخدمه المستبدون لتغطية ظلمهم و تسلطهم، و لو كان الاستقرار السياسي يتحقق بالقوة ، و الانفراد بالسلطةلما ثارت الشعوب ضد أنظمتها الاستبدادية ، و لما اضطرت الكثير من الأنظمة الملكية الى وضع دستور و التخلي عن التسيير الأحادي لأمور الدولة ، و فتح مجال الحرية و السماح للشعب باختيار من يمثله في الهيئة التشريعية و البرلمان ، كما حصل في انجلترا ؛اسبانيا والمغرب و الكثير من الدول.
عرض نقيض الأطروحة :في المقابل يرى بعض الفلاسفة و المفكرين أن أفضل نظام لحفظ الدولة و تحقيق الاستقرار السياسي هو نظام الحكم الجماعي الديمقراطي حيث يكون مصدر السلطة هوالإرادة الجماعية ، و مصطلح ديمقراطية démocratie يوناني الأصل مركب من لفظين هماديموس démos:شعب، و كراطوس cratos:حكم ومعناها العام حكم الشعب . فالشعب هو الملك و صاحب القرار ، يوجه حياته العامة بإرادته الحرة ، يسن القوانين و يختار من يحكمه و يستفتى في القضاياالمصيرية ، و كل ذلك يتم بواسطة الانتخابات المباشرة أو غير المباشرة – النيابية- وبالتالي كل قانون أو مشروع لم يوافق عليه الشعب يعد باطلا و أهم من مثل هذا الاتجاه المفكر الفرنسي جان جاك روسو في كتابه العقد الاجتماعي jean jacques rousseau 1778-1712 .
الحجج و البراهين:و قد برروا موقفهم بالحجج التالية:
إنّ القانون يعبر عنالإرادة العــامة و هو مقدس لا يمكن خرقه ، و لا يمكن للحاكم أن يكون فوق القانون ،لأن الحاكم مجرد مفوض و ليس مقررا، يقول جان جاك روسو j.j.rousseau: « كل واحد مناسواء كان حاكما أو محكوما يحقق حريته بخضوعه للقانون ، إذ أنّ هذه القوانين ليست سوىسجل لإرادتنا وتعبيرا كاملا عنها »، و يرى روسو أنّ الإنسان في الحالة الطبيعية كان حرا وكانت طبيعته خيرة ، و تأسست الدولة بواسطة عقد اجتماعي حصل بالتراضي بين كل الأفراد ، فتنازل كل واحد منهم عن جزء من حريته لفائدة الإرادة العامة ( هيئةالشعب) التي تنظم حياتهم يقول : « إنّ الذين تودع لهم السلطة التنفيذية ليسوا أسيادا للشعب إنما موظفوه و بوسع الشعب وضعهم أو خلعهم عندما يرغب في ذلك »إذ يتميز النظام الديمقراطي بفصل السلطات السياسية عن بعضها البعض حتى لا يكون هناك تداخل و اختلاط في المهام كما أنه يحترم حقوق الانسان و المواطنة و يضمن للجميع حرية الرأي و التعبير و ذلك من خلال انتخاب نواب يمارسون السلطة باسم الشعب خلال مدة محددة و هذا ما يضمن الاستقرار للدولة ، من هنا يستطيع الشعب متابعة النواب في كل صغيرة و كبيرة مما يجعل عمل السلطة أكثر شرعية و شفافية و محاسبة كل من تسول له نفسه الخروج عن المصلحة العامة أو يحاول تحقيق مصالحة الشخصية الغير مشروعة و خير مثال على ذلك ما حدث للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي حوكم بسبب أنه استغل منصبه كرئيس لبلدية باريس و حكم علية بالسجن و دفع غرامة مالية رغم أن فعلته هذه تعود الى سنوات طويلة خلت ؛حتى قبل أن يصير رئيسا لفرنسا فالديمقراطية فرضت أن يعامل مثله مثل أي مواطن عادي.
هذا و للديمقراطية عدة أنواع منها الديمقراطية المباشرة التي ظهرت عند اليونان القديمة و تعني أن يسير الشعب أمور الحكم بشكل مباشر عن طريق التصويت على كل ما يهم شؤون الشعب في حالة السلم أو الحرب من خلال الاجتماع في أماكن خاصة و لعل عمل البرلمان استوحي منها. و هناك أيضا الديمقراطية الغير المباشرة أو ما تعرف بالنيابية؛ و هي بدورها نوعان: الديمقراطية الليبرالية حيث تهدف الى تحقيق الحرية و تكريسها في جميع المجالات خاصة في المجالالسياسي كحق الأفراد في إنشاء الأحزاب السياسية بتوجهاتها المختلفة أو الانخراطفيها بشكل حر ، و التداول على السلطة ، و المشاركة في صنع القرار ، و حرية الرأي والتعبير و النشر و الإعلام ، و حرية الأفراد في العبادة والدعوة ، حقهم في إنشاء الجمعيات الثقافية و النقابات التي تدافع عن مصالحهم المادية و المعنوية في العمل ،حقهم في الملكية و المنافسة و حرية التجارة و المنفعة الفردية . إنّ كل فرد في هذهالديمقراطية حر في أن يملك ما يشاء من ثروة ، و حر في تصرفاته و أعماله الخاصة و هوفي النهاية مسؤول عن نتائجها ، هكذا يجد كل واحد فرصة لتجسيد أفكاره و إبراز مواهبه و تحقيق أهدافه و يساهم في بناء الدولة بمبادرته الخاصــــــــة. إضافة الى الديمقراطية الاشتراكية التي تهدف الى تحقيق المساواة الاجتماعية والعدالة؛ عن طريق تقديم المنفعة العامة عن المنفعة الخاصة ، و تكريس مبدأتكافؤ الفرص و محو الفوارق الطبقية بين الناس و إزالة الفقر و البؤس عن الطبقة العاملة التي هي مصدر الإنتاج و الثروة في المجتمع؛ و القضاء على الاستغلال والتمييز العنصري؛ و عليه تكون الدولة الاشتراكية هي المسؤولية على الأفراد الذين يكونوها؛ فتتدخل في توجيه الحياة الاقتصادية و تؤمم وسائل الإنتاج و مختلف المرافق المالية و الصناعية و تكون إطارا ملائما للتعبير عن إرادة الجماهير فتجمعهم في حزب واحد و غاية مشتركة .
النقد :صحيح أن للنظام الديمقراطي العديد من الايجابيات فقد منح الحرية للأفراد و الحق في اختيار من يحكمهم بعدما كانوا يخضعون لظلم الدكتاتورية، لكن ما يعاب عليه أن تطبيق الديمقراطية المباشرة غير ممكن في الدول شاسعة المساحة و الكثيرة عدد السكان كما يجب أن يكون هذا الشعب في مستوى عال من الثقافة و الوعي لمناقشة شؤون الدولة؛ و هذا غير متوفر لدى أفراد الشعب؛ فالأفراد المنبوذون والجهلة و الفقراء لا يمكن أن يساهموا بشكل جدي في الحياة السياسية التي تتطلب معرفة بأمورالدولة وتسييرها؛ وأمور السلطة ومداخلاتها. لأنّ أولوياتهم هي لقمة العيش وليستالسياسة.
، أما بالنسبة للديمقراطية الغير مباشرة ( النيابية) فهي لا تعبر عن إرادة الشعب حقا فالديمقراطية الليبرالية هي ديمقراطية الأقلية الغنية و المستغلة للأكثرية الفقيرة إذ معروف أنّ الأثرياء و أصحاب الثروات يسيطرون على الحياة السياسية و يوجهونها كيفما شاءوا؛ فقد استبشر الجميع خيرا عندما تم اختيار الرئيس الحالي للو.م.أ باراك أوباما ولد سنة 1961 barack obama لكن سياسته لم تختلف عن سابقه جورج بوش الابن و هذا بسبب سيطرة الشركات المصنعة للأسلحة و التي تفرض على كل رئيس أمريكي أن يدخل في حرب و لذلك قيل : « الديمقراطية هي أكبر أكذوبة سياسية ناجحة »فما يلاحظ عن الديمقراطية الليبرالية أنها اهتمت بالجانب السياسي والاقتصادي و أهملت الجانب الاجتماعي مما جعلها تواجه مشاكل اجتماعية و أخلاقيةعويصة كالبطالة و انتشار الآفات خاصة في وسط الطبقات الكادحة ، و قد كرست هذه الديمقراطية سلطة أرباب العمل و أصحاب النفوذ. أما الديمقراطية الاشتراكية أو الاجتماعية فقد أهملتالجانب السياسي و الاقتصادي و ركزت على الجانب الاجتماعي فقط ، فقضت على المبادرات الفردية و ضيقت دائرة الحرية حتى أصبحت شبيهة بالحكم الاستبدادي و هذا ما يتعارض مع الطبيعة الإنسانية القائمة على حبّ الحرية ، و أنّ سقوط الأنظمة الاشتراكية الواحدة بعد الأخرى خاصة في أوروبا الشرقية أحسن دليل على ذلك، يقول الفيلسوف الفرنسي المعاصر ميشال فوكو michel foucault 1984-1926 : « إنّ الديمقراطية الغربية بنيت على أنقاض جماجم البشر ».
التركيب:ان النظام الأمثل في الحكم يجب ان يستمد شرعيته من قوة الحاكم و حكمته المتفاعلة مع الإرادة الشعبية إذ عليه أن يراعي متطلبات شعبه و يحقق مصالحهم العامة و متى تحقق هذا صارت الدولة قوية لا تنهار.
الموقف الشخصي:لكن من وجهة نظري فنظام الشورى الذي نادى به الإسلام هو أحسن نظام سياسي لأنه يحفظ الدولة من الانهيار فقد وردت كلمة الشورى في القرآن الكريم بصيغة الأمر حيث يقول سبحانه و تعالى : « و شاورهم في الأمر »آل عمران 159 و أيضا يؤكد الله عز وجل على هذا المبدأ في قوله : « و أمرهم شورى بينهم »الشورى 38 فقد كان المسلمون يستشيرون بعضهم في القضايا السياسية و العسكرية و الاقتصادية و الاجتماعية و ذلك المبدأ يشبه في شكله البرلمان في عصرنا الحالي، فمساهمة الجميع في إصدار القرارات يجعل الكل مسؤولا عنها و قد شبه النبي صلى الله عليه و سلم المؤمنين بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى، و شبهه أيضا بالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
حل المشكلة:نستنتج في الأخير أن أنظمة الحكم ما هي الا وسيلة لحفظ الدولة و تحقيق المصلحة العامة و ليست غاية في ذاتها، لكن يجب التأكيد على أن النظام الديمقراطي يبقى منهج حكم رائد مقارنة بالحكم الفردي لأنه حتى و إن فشل في بعض المجتمعات فسبب ذلك يرجع الى درجة الوعي عند الشعوب التي تريد تطبيق الديمقراطية إذ لا بد من التوفيق بين الخصوصيات المحلية و مبادئ الديمقراطية فلا يمكن مثلا أن ينتقل الشعب من حكم استبدادي عمر طويلا الى مجتمع حر ديمقراطي عن طريق انقلاب عسكري يقول الله عز و جل في محكم تنزيله:« و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل »النساء58.