عنوان الموضوع : ارجو المساعده بكالوريا ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب

من فضلكم اريد مقال عن الشغل ادا كان متوفرا وجزاكم الله خير


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

الشغل؟؟
انا والله ماعندي
اصلا الشغل جامي ركزت عليه انا

=========


>>>> الرد الثاني :

شكرا اخي انشاءلله لي يعرف يفيدنا

=========


>>>> الرد الثالث :

الطريقة: الجدلية
الدرس: الشغل و التنظيم الاقتصادي
الإشكال:هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم النظام الاشتراكي ؟
تختلف النظم الاقتصادية ماضيا باختلاف موقعها من الملكية وما يصل بها من حيث النوع والحقوق و الواجبات فهناك من حيث النوع قسمان ،ملكية فردية وهي التي يكون فيها المالك معنيا ، وملكية جماعية وهي التي يكون فيها المالك معنويا أي معين في شخص بعينه كالدولة و العشيرة و القبيلة ومن هنا فقد اختلف جمهور الفلاسفة في تحديد النظام الاقتصادي الذي يحقق ازدهاراً اقتصادياً و بالتالي نتساءل : هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم أن هناك نظاما آخر كفيل بذلك ؟ .
يرى أنصار النظام الليبرالي ـ الرأسمالي ـ أن هذا الأخير كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة و يستندون في ذلك إلى حجج و براهين بحيث يعتمد على مبادئ تعد الركيزة الأساسية التي يستند إليها في تعامله ومن أهمها الملكية الفردية لوسائل الإنتاج و كذا المنافسة الحرة التي تضمن النوعية و الكمية و الجودة بالإضافة إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية و كذلك نجد قانون العرض و الطلب وهو قانون طبيعي يحدد الأسعار و الأجور فإذا زاد الطلب قل العرض و العكس ، ومن كل هذا نستنتج أن فلسفة النظام الرأسمالي تقوم على مسلمة واحدة و أساسية هي أن سبب كل المشاكل الاقتصادية يرجع إلى تدخل الدولة في تحديد الأسعار و الأجور و الإنتاج ، فلا يزدهر الاقتصاد إلاّ إذا تحرر من كل القيود و القوى التي تعيق تطوره وفي هذا يقول آدم سميث أحد منظري الليبرالية دعه يعمل أتركه يمر)، و إذا كان تدخل الدولة يعمل على تجميد وشل حركة الاقتصاد فإن التنافس الحر بين المنتجين يعتبر الوقود المحرك للآلة الاقتصادية فالحرية الاقتصادية تفتح آفاقا واسعة للمبادرات الفردية الخلاقة بحيث أن كل المتعاملين يبذلون قصارى جهدهم لإنتاج ما هو أحسن وأفضل وبكمية أكبر و بتكلفة أقل ولا خوف في خضم هذا النشاط على حركة الأجور و الأسعار لأن قانون العرض و الطلب يقوم بتنظيم هاتين الحركتين و في هذا يرى آدم سميث أن سعر البضاعة يساوي ثمن التكلفة زائد ربح معقول ، لكن إذا حدث بسبب ندرة بضاعة معينة أن ارتفع سعر بضاعة ما فوق سعرها الطبيعي فإن هذه البضاعة تصبح مربحة في السوق الأمر الذي يؤدي بمنتجيها إلى المزيد من إنتاجها فيرتفع العرض و هذا يؤدي بدوره إلى انخفاض ثمنها و إذا زاد العرض عن الطلب بالنسبة لسلعة ما فإن منتجيها يتوقفون عن إنتاجها أو يقللون منه لأنها غير مربحة و هذا يؤدي آليا إلى انخفاض العرض ومن ثمة ارتفاع الأسعار من جديد يقول آدم سميث إن كل بضاعة معروضة في السوق تتناسب من تلقاء نفسها بصفة طبيعية مع الطلب الفعلي ) ، وما يميز هذا النظام أنه لا يتسامح مع الضعفاء و المتهاونين والمتكاسلين ، و الملكية الخاصة و حب الناس للثروة هو الحافز الأول و الأساسي للإنتاج ، لذلك فإن أكثر الناس حرصا على السير الحسن للعمل لأية وحدة إنتاجية هو مالكها ، بالإضافة إلى أن هذا النظام يحقق نوعا من العدالة الاجتماعية على أساس أنه ليس من المعقول ومن العدل أن يحرم الفرد حيازته على شيء شقا وتعب كثيراً من أجله ، فبأي حق نمنع فردا من امتلاك ثمرة عمله وجهده ؟ .
أن قيمة النظام الرأسمالي إذا نظرنا إليها من زاوية النجاح الاقتصادي لا يمكن أن توضع موضع الشك و التقدم الصناعي و التكنولوجي و العلمي الذي حققته الدول الرأسمالية دليل على ذلك ، ولكن هذا الرأي لم يصمد للنقد وذلك من خلال الانتقادات التي وجهها الاشتراكيون بقيادة كارل ماكس التي يمكن تلخيصها فيما يلي : أولاها أن النظام الرأسمالي لا إنساني لأنه يعتبر الإنسان مجرد سلعة كباقي السلع وثانيها أن النظام الرأسمالي يكثر من التوترات والحروب من أجل بيع أسلحته التي تعتبر سلعة مربحة و الدليل على هذا دول العالم الثالث وفي هذا يقول جوريسكا إن الرأسمالي تحمل الحروب كما يحمل السحاب المطر) ، كذلك يقول تشومبيتر الرأسمالية مذهب وجد ليدمر) ، وثالثها أن النظام الرأسمالي أدى إلى ظهور الطبقية ـ برجوازية وكادحة ـ كما أه نظام لا يعرف فيه الإنسان الاستقرار النفسي بسبب طغيان الجانب المادي على الجانب الروحي كما أن هذا النظام أدى إلى ظهور الإمبريالية العالمية بالإضافة إلى أنه يوجد ظاهرة البطالة وكذا التمييز العنصري في شكل لا يعرف حداً وهذا النظام بدوره يقضي على الرأسماليين الصغار ، وأخيرا فإنه لا يوجد تناسب فيما يخص الأجور وساعات العمل يقول ماركس إن الرأسمالية تحمل في طياتها بذور فنائها) .
وعلى عكس الرأي السابق نجد أنصار النظام الاشتراكي الذي ظهر على أنقاض الرأسمالية وأهم رواده كارل ماكس وزميله انجلز في كتابه ـ رأس المال ـ ويرى ماركس أن المادية الجدلية هي المحرك الأساسي للتاريخ فالنظام الاشتراكي يسعى من خلال توطين الشروط المادية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وحياة اقتصادية مزدهرة وهذا من خلال مبادئ و أسس أهمها : الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج ـ الأرض لمن يزرعها والمصانع للعمال ـ وكذلك التخطيط المركزي بالإضافة إلى اعتماد نظام التعاونيات في الإطار الفلاحي وفتح المجال أمام النشاط النقابي لحماية حقوق العمال وحل مشكلة فائض الإنتاج والصراع الطبقي وكذا اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص ، فالنظام الاشتراكي يعتمد كلية على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وذلك للقضاء على الظلم و استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وبث الروح الجماعية والمسؤولية الجماعية في العمل وتعتبر الدولة هي الرأس المدبر و المخطط الأول و الأخير وهذا للقضاء على التنافس الذي يؤدي إلى الصراع وتحكم الفئة الثرية في المؤسسات الاقتصادية بحكم تعارض المصالح كما فتحت الدولة المجال أمام نظام النقابات وذلك لحماية حقوق العمال وللاشتراكية صور متعددة ما هو شبيه بالرأسمالية ومنها من يقترب من النظام الشيوعي ومنها ما هو وسط بين الطرفين .
لاشك أن النظام الاشتراكي استفاد من بعض عيوب الرأسمالية لكنه لم يستفد من نقاطه أو جوانبه الإيجابية بل رفضه جملة وتفصيلاً وهذا الخطأ الذي ارتكبه المنظرون الاشتراكيون ضف إلى ذلك أنه بالرغم من الغايات الإنسانية التي يسعى إليها النظام الاشتراكي فقد أوجد جملة من السلبيات أهمها أنه فشل في إيجاد حلول لظاهرة التسيب و الإهمال و اللامبالاة وروح الاتكال كذلك أنه أوجد نوعا من التسيير البيروقراطي الإداري بالإضافة إلى ظهور المحسوبية و الرشوة وضعف الإنتاج في ظل غياب المنافسة وكثرة البطالة هذا بالإضافة إلى الخيال النظري الشيوعي الذي أدى إلى سوء تقدير الواقع و النتائج الاقتصادية ، كما أن توجه الدول الاشتراكية في انتهاج سياسة اقتصاد السوق و الانفتاح على العالم وهذا ما يؤكده الواقع المعاش ـ الجزائر ـ .
إن النظامين الاقتصاديين السابقين وإن اختلفا في المبادئ و الغايات الاقتصادية إلاّ أنهما مع ذلك لهما أساس علمي واحد يجمع بينهما فكلاهما ينظر للحياة الاقتصادية نظرة مادية ويقيمها على شروط موضوعية وهذا لا يعني أنهما تجردا من القيم الإنسانية ، غير أن فلسفة الاقتصاد في الإسلام تنظر إلى الحياة الاقتصادية نظرة أكثر شمولاً و تعتني بالنواحي الإنسانية عناية خاصة فقد تضمنت فلسفة الاقتصاد في الإسلام مبادئ وقواعد عامة لتنظيم الحياة الاقتصادية تنظيما أخلاقيا من أجل تحقيق حياة متوازنة بين الفرد و المجتمع وعلى هذا الأساس منحت الإنسان الحرية من من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها )، وقوله أيضاً من أحيالملكية لقوله أرضا ميتة فهي له)، ولكن قيدها بالمصلحة العامة حتى لا تكون أداة لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وجعلها ملكية نسبية(حيث كل شيء لله)، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الإسلام حرم كل أنواع الربا و الغش و الاحتكار وكل ضروب الاستغلال .
وفي الأخير وكحوصلة لما سبق فإن الاقتصاد الحر لا يحقق لا الحياة المزدهرة ولا العدالة الاجتماعية لأنها منبع المصائب والأزمات أما الاشتراكية فإنها رغم فضحها لعيوب الرأسمالية لم يتسن لها تحقيق روح العدل ومن هنا فالنظام الذي يحقق الحياة المزدهرة إنما هو النظام الذي يجمع بين عنصري الاقتصاد و الأخلاق في آن واحد ألا وهو النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يجعل من المال كوسيلة وليس كغاية يقول تعالى المال و البنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا )

=========


>>>> الرد الرابع :

طرح المشكلة:
يعتبر العمل من أهمّ الوسائل التي اعتمدها الانسان لتحقيق حاجياته و السيطرة على الطبيعة؛ وهو يعرف بأنه الجهد الفكري و العضلي الذي يقوم به الانسان لإنتاج أثر نافع على شكل سلع و خدمات، كما أنّ العمل هو وسيلة كسب الرزق و صون كرامة الفرد و حمايته من القلق و التوتر ؛ وأيضاﹰ من الانحراف. لكن الفلاسفة و المفكرين اختلفوا حول الغاية الأساسية للعمل أو الشغل فاعتبر البعض أنّ غايته الأولى هي تحقيق أبعاد اقتصادية و مادية فقط، بينما ذهب فريق ﺇلى أنّ العمل يحقق أبعاداﹰ روحية و معنوية أساسية، من هنا يمكننا التساؤل : هل يحقق العمل أبعادا اقتصادية وحيوية فقط ؟ أم أنه فاعلية اجتماعية و أخلاقية ؟ و بتعبير آخر هل الغاية من الشغل حفظ البقاء أم تحقيق المكانة الاجتماعية و الراحة النفسية ؟
محاولة حل المشكلة:
عرض منطق الأطروحة:يرى هذا الاتجاه الذي يمثله التيار الماديّ أنّ الشغل يهدف الى تحقيق أبعاد مادية حيث أنه السبيل الوحيد لكسب الرزق و تحصيل الثروة و توفير المتطلبات الضرورية لحفظ البقاء و تحقيق الاستمرارية في الحياة، و قد وجدت هذه النظرة المادية للعمل على الخصوص لدى المجتمع اليوناني و فلاسفته الكبار أمثال: أفلاطون( 427-347ق.م) Platon ، و أرسطو(384-322ق.م) Aristote و أيضا الفيلسوف الفرنسي المعاصر ميشال فوكو (1926-1984م) Michel Foucault
الحجج و البراهين: و قد برروا موقفهم بالحجج التالية:
الانسان كائن بيولوجي لذلك فهو مضطر للعمل من أجل إشباع حاجاته و من أجل البقاء لأن الطبيعة لم تقدم له كل ما يشبع حاجاته المتنوعة من أكل و شرب و لباس و مأوى( فالحاجة البيولوجية هي الدافع الأساسي للشغل) فلو وجد الانسان كل شيء جاهزا في الطبيعة لما أقدم على العمل و على بذل الجهد لتغيير الطبيعة أو التأثير فيها و الواقع يثبت أنّ طبقات ترفعت عنه و أكرهت الآخرين عليه خاصة المجتمع اليوناني فقد اعتبر أرسطو أنّ العمل خاص بالعبيد أو كما يسميهم الآلات الحية ؛ و وظيفتهم توفير الحياة الراقية للفلاسفة أو العقول المتأملة و التي وظيفتها إنتاج الفكر النظري، وهو نفس رأي أستاذه أفلاطون نظرا لما في الشغل من إلزام و عناء و قساوة، ولذلك قال الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو : «لم تعمل الإنسانية الا تحت تهديد فكرة الموت » .
ﺇنّ العمل جهد نافع فهو إنتاج أولاﹰ و قبل كلّ شيء؛ و بالإنتاج تلبى مختلف الحاجات و المطالب الضرورية للأفراد و المجتمعات؛ فالعمل إفادة و استفادة و هو السبيل الى تحصيل المال و استثماره و تنمية الثروة؛ و أيضاﹰ السيطرة على الطبيعة فبالعمل أمكننا تشييد البنايات و الطرقات و المصانع و مختلف الآلات لذلك يقول الفيلسوف الفرنسي أوجست كونت Auguste Comte (1857-1798): « الشغل هو التبديل النافع للبيئة الذي يقوم به الانسان ».
كما أنّ العمل هو الوسيلة الوحيدة عند الانسان لتحقيق تطور المجتمعات و ازدهارها و لا قيمة لأيّ تطور ﺇلا بالرخاء الاقتصادي و كثرة الإنتاج كغاية أسمى للشغل، فالشعوب ترقى و تتطور برقي و تطور اقتصادها و تضعف بضعفه، فالشغل يخلص من التبعية الاقتصادية؛ من خلال تنظيم الاقتصاد إنتاجا و توزيعا و استهلاكا .
النقد: صحيح أنّ للدوافع البيولوجية المادية أهمية كبيرة في دفع الانسان للعمل ؛لكنه بوصفه أرقى الكائنات الحية فقد تجاوز الصراع القائم بينه و بين الطبيعة و لم يعد نشاطه موجها ﺇلى سد حاجياته البيولوجية و حسب؛ وإنما أنتج قيما روحية و معنوية للشغل مكنته من إنتاج حضارة متقدمة، فالإنسان إذن ليس كائناﹰ بيولوجيا فقط فهو أيضا كائن اجتماعي و أخلاقي و سياسي؛ بالتالي فهو لا يعمل فقط من أجل العيش و ﺇلا لتوقف عن الشغل بمجرد إشباع حاجاته لكننا نلاحظ أن هناك من يعمل من اجل إثبات الذات أو التحرر مثلا، إضافة ﺇلى أن ربط العمل بالبعد المادي الاقتصادي وحده لا يمكنه تشييد حضارة أو ثروة اقتصادية و ازدهار لأن قوة الحضارة مرهونة بمحيط متكامل من القيم العملية و الثقافية و الأخلاقية، وخير مثال على ذلك الدول المتخلفة في إفريقيا فهي رغم امتلاكها للثروات المادية و غناها بها فهي عاجزة عن تحقيق الرخاء و التطور لغياب القيم الروحية.
عرض نقيض الأطروحة: في المقابل يرى موقف آخر أنّ الشغل له أبعاد معنوية( اجتماعية و أخلاقية و نفسية)، فالإنسان تجاوز بكثير فكرة العمل من أجل الحياة فقط. ولم يعد الدافع البيولوجي سوى وسيلة و ليس غاية، لأنه يحفض الكرامة و يحقق التوازن النفسي و أهم من ناصر هذا الاتجاه علماء الاجتماع أمثال دور كايم (1858-1917) Durkheim و عالم النفس النمساوي فرويد ( 1856-1939) Freud و الفيلسوف الألماني هيغل (1770-1831) Hegel الذي اعتبر الشغل ناقلا للإنسان من مرحلته البدائية ﺇلى المرحلة الحضارية.
الحجج و البراهين: و قد برروا موقفهم بعدة حجج أهمها:
ﺇنّ الشغل وسيلة للعيش الكريم و الحفاظ على كرامة الانسان ؛ فهو يعلم المرء كسب لقمة العيش بطريقة شريفة؛ و عدم ﺇهانة الذات بسلوك طريق التسول أو السرقة، و يكسب صاحبه صفاتا أخلاقية أخرى مثل الصبر و الشعور بالمسؤولية و الواجب و الشرف حيث يقول النبي صلى الله عليه و سلم: «أطيب الكسب عمل الرجل بيده » و يقول أيضا : « خادم القوم سيدهم » ، فقد نظر الإسلام الى العمل نظرة تقديس وتقدير و رفعه الى درجة العبادة التي تغفر الذنوب حيث يقول صلى الله عليه وسلم: « من أمسى كالاﹰ من عمل يده أمسى مغفورا له »
كما أنّ للشغل غايات معنوية أخرى و أبعادا مهمة منها البعد النفسي فقد أثبت علماء النفس و من بينهم فرويد فائدة الشغل في الوقاية من المشاكل النفسية و علاجها حيث اعتبره وسيلة للتعبير عن طاقات الفرد و مكبوتاته و هو نوع من المواجهة بين الأنا و الاخر حيث يقول فرويد : « ﺇن كل مهنة تصبح مصدر مسرات متميزة ﺇذا ما اختيرت اختياراﹰ حرا ».
و يتجلى البعد النفسي للشغل كذلك عندما نقارن بين نفسية البطال و نفسية العامل؛ فالأول يكون محبطا متشائما فاقدا للحيوية على عكس الثاني، فالعمل يقضي على القلق و يؤدي الى التوازن و الاعتدال النفسي و العقلي و الاطمئنان والسكينة لذلك ينصح به في السجون و المصحات العقلية و النفسية؛ فنزلاء المصحات النفسية يكلفون أحيانا بالقيام بأشغال بسيطة تبعد عنهم التوتر و الكآبة، حيث يقول الأديب الفرنسي فولتير (1694-1778م) Voltaire : « العمل يبعد عنا ثلاث آفات : القلق و الرذيلة و الاحتياج » و يقول أيضا : « ﺇذا أردت أن لا تقدم على الانتحار فأوجد لنفسك عملا »
ﺇنّ الانسان كائن اجتماعي لذلك فان للشغل قيمة اجتماعية تتمثل في حصول الفرد على الاستحسان الاجتماعي و التقدير و الاحترام فهو يولد ظواهر اجتماعية مثل التعاون و يشعر الفرد بأهميته كعضو في المجتمع؛ لأن الفرد لا يستطيع أن يكفل كل حاجاته وحده؛ فلا يمكن أن يكون طبيبا و معلما و فلاحا معا فيلزم المجتمع أفراده باختيار مهن مختلفة و لوجود فئات لا تستطيع العمل؛ بالتالي فهو يحقق التكافل الاجتماعي و يحارب الأنانية و الذاتية و هذا ما أكد عليه دور كايم. و هذا ما جعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : « أرى الرجل فيعجبني؛ فأسأل أله صنعة ؟ فإذا قالوا ليست له صنعة سقط من عيني ».
النقد: لكن رغم أهمية الأبعاد المعنوية للعمل الا أنها تحتاج الى القاعدة المادية التي تقوي هذه الروابط المعنوية و خير مثال على ذلك الأسرة فإذا انهارت فيها الوظيفة الاقتصادية المتمثلة في توفير الأكل و الشرب و الملبس للأبناء فان هذه الأسرة لا محالة ستنهار و تتصدع، فالشغل في بدايته دافع بيولوجي؛ و هو لا يعتبر شرفا عند جميع الناس خاصة إذا كانت مهنة يحتقرها المجتمع كعامل النظافة أو حفار القبور أو من يغسل الموتى؛ أو قد يكره العامل نفسه مهنته لوراثته إياها أو لاشتغال بعض الذين يكرههم فيها؛ أو لكونه يجد ازدراء من أصدقائه خارج العمل و يبقى الشيء الوحيد الذي يربطه بها هو الجانب المادي أي الحصول على المال و قضاء الحاجات البيولوجية فهذا الجانب لا يزال فاعلا خاصة في ظل بعض الأنظمة و الدول التي تشغل حتى الأطفال و في سن مبكرة.
التركيب: لقد كان العمل في البداية واقعا بيولوجيا فحاجات الانسان كثيرة و إمكاناته الأولية محدودة فكان همه في الحياة تلبية ضرورياته و المحافظة على وجوده لكنه بعد التحكم في الطبيعة أصبح الشغل دافعا أخلاقيا و اجتماعيا و لم يعد الدافع البيولوجي سوى وسيلة و ليس غاية لذلك فالعمل يحقق أبعاداﹰ مادية ومعنوية معاﹰ.
الرأي الشخصي: لكن من وجهة نظري فالعمل يهدف بدرجة أكبر الى تحقيق أبعاد معنوية و روحية أكثر لأنه يحفظ الكرامة الإنسانية و يحقق إنسانية الانسان، فهو يرفع من قيمة الفرد فكريا و سلوكيا كما له بعد فلسفي يتمثل في كونه يحقق حرية الانسان و يجعله يرتقي من مرتبة الحيوان الذي يكتفي بما تقدمه له الطبيعة الى مرتبة الإنسانية فهو وسيلة التحرر من الطبقية و الاستغلال حيث يقول الفيلسوف الفرنسي جان لاكروا Jean Lacroix : « ليس الشغل علاقة بين الانسان و الطبيعة وحسب؛ و إنما هو علاقة بين الانسان و الإنسانية »، كما أن العمل شرف فقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقول: « المغزل بيد المرأة أحسن من الرمح بيد المجاهد في سبيل الله » و العمل يحفظ الكرامة لقوله صلى الله عليه و سلم: « لأن يحمل الرجل حبلا فيحتطب به ثم يجيء فيضعه في السوق فيبيعه ثم يستغني فينفقه على نفسه؛ خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ».
حل المشكلة: نستنتج من التحليل السابق أن للشغل أبعادا متنوعة : فهو وسلة لإشباع الحاجات البيولوجية المادية و تحقيق الرخاء الاقتصادي و الثروة؛ لكنه يتعداها لتحقيق غايات أسمى: نفسية و أخلاقية و اجتماعية و فلسفية و أيضا دينية حيث يقول النبي صلى الله عليه و سلم: « نحن قوم نأكل لنعيش؛ لا نعيش لنأكل ». كما يقول الفيلسوف الفرنسي ايمانويل مونييه (1905-1950) Emmanuel Mounier : « ﺇن كل عمل يهدف ﺇلى أن يصنع في نفس الوقت ﺇنسانا و شيئا ».

منقول للفائدة

=========


>>>> الرد الخامس :


=========