الانسان كائن ذو بعدين:بعد جسمي مادي وبعد نفسي روحي,يمثل الحياة النفسية التي اختلفت حولها أراء المفكرين والفلاسفة وتضاربت وجهات نظرهم حول طبيعتها وحقيقتها واذ هناك من ؤدها الى الشعور وحده وهناك من نفى ذلك, الامر الذي يدفعنا للتساؤل هل يمكن اعتبار الشعور المبدأ الوحيد للحياة النفسية ؟وهل يعي الانسان كل تصرفاته؟النظرية ال
يرى بعض الفلاسفة والمفركين أنصار النظرية الكلاسيكية امثال ديكارت وآلان ان الشعور هو المبدأ الوحيد للحياة النفسية فكل اسباب سلوك الانسان يعيها ,فكل ما هو نفسي شعوري, وقد بررو موقفهم بحجج فحواها ان ديكارت أثبت الشعور كأساس وحيد للحياة النفسية من خلال فكرة المعقولية التي تعني ان الانسان كائن عاقل وللعقل القدرة على فهم وعي كل شيء بما في دلك حياته النفسية لذلك قال: تستطيع الروح دوما المثابرة على ذلك وأن تتأمل جميع افكارها ومنه الشعور بكل واحدة منها’’ كما ان القول بوجود اللاشعور فيه تناقض لا يقبله العقل ولا المنطق لان الاقرار بوجود اللاشعور يعني زوال الشعور وهذا غير صحيح
لكن لا يمكن التسليم بهدا الراي لانه لو كان الشعور هو المبدأ الوحيد للحياة النفسية فكيف نفسر صدور بعض التصرفات عن الانسان دون وعي منه من حيث لا يجد لها تفسيرا,كزلات القلم وفلتات اللسان والاحلام والخوف من الحيوانات .
وعلى النقيض من دلك يرى فلاسفة اخرون امثال شاركو وبرنهايم وبروير وفرويد ان الشعور لا يمثل المبدأ الوحيد للحياة النفسية فهذه الاخيرة قوامها الشعور واللاشعور حيث يشكل اللاشعور الحيز الاكبر منها ودليلهم في ذلك ان اطباء الاعصاب امثال:شاركو وبرنهايم أثبتو بداية القرن 19 م امكانية صدور نشاطات عن الانسان دون ان يجد لها تفسيرا, وكان أخصب ميدان لذلك علاجهم لمرض عصابي يسمى الهستيريا بطريقة التنويم المغناطيسي وتتمثل اعراض هذا المرض في التشنج والنسيان والشلل كما حددها شاركو وبيار جاني ومعالجته تكون بطريقة التنويم المغناطيسي حيث ينوم الطبيب او المحلل النفسي المريض مغناطيسيا ثم يسأل الطبيب والمريض يجيب وعندما يتوقف المريض عند بعض الذكريات المخجلة او المحزنة يساعده الطبيب في تجاوزها وعندما سمع فرويد بهذه الطريقة حاول تطبيقها على مرضاه لكنه سرعان ما اكتشف بها عيوبا, حيث ان المريض الذي يشفى بالتنويم المغناطيسي سرعان ما يعود الى حالته السابقة .مرضه. هنا ابتكر فرويد طريقة جديد سماها التداعي الحر حيث يجلس المريض على اريكة ويترك افكاره تتداعى حيث يطلب منه المحلل النفسي التكلم عن اي شيء مهما كان تافها وغير مهم,كما اثبت فرويد وجود اللاشعور من خلال تقسيمه للحياة النفسية الى ثلاث اقسام : الانا والانا الاعلى والهو التي تمثل منطقة لا شعورية تضم مجموع الرغبات المكبوتة.
لكن رغم وجود اللا شعور الا ان دلك لا ينفي مطلقا دور الشعور في حياة الانسان لانه يمضي معظم وقته واعيا لان له عقلا يجعله يعرف ويتعرف على الامور ويميز بينها.
وعليه نستنتج ان الحياة النفسية لا تقوم على مبدأ واحد فقط فهي لا ترجع الى الشعور وحده ولا اللاشعور وانما هي نتيجة تكامل لهذين العنصرين فقوامها الشعور واللاشعور حيث ان الانسان يكون احيانا واعيا بكل شيء وفي احيان اخرى يكون في حالة لا وعي حيث لا يجد لتصرفاته مبررا وتفسيرا.
وختاما نستخلص انه ليس كل حادثة نفسية تعد حادثة واعية ونظرا لوجود وصدور تصرفات عن الانسان دون ان يجد لها تفسيرا مما يدفعنا الى القول ان الحياة النفسية شعورية ولا شعورية, اي قوامها الشعور ولا الشعور كل في مجاله.