عنوان الموضوع : أحكام المسبوق في الصلاة من قبائل الجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسوله الأمين
وعلى الصحب والآل أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
هذه أول مشاركة حقيقة لي في منتداكم العامر ... نفع الله به.
راجياً من الله الا تبخلوا علي بالنصح والنقد،،، جزاكم به الله خيرا.
وهو بحث - كنت قد قمت به قديما - في موضوع طالما احسست انه مهم ومفرق في بطون الكتب وهو بعنوان:
أحكام المسبوق في الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيـد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله...
عملي في هذا البحث:
أولاً الترتيب: قمت بحصر المسائل المتعلقة بصلاة المسبوق، وحيث أن البحث كله في موضوع واحد من الفقه - وهو الصلاة - وفي باب واحد -وهو أحكام المسبوق-؛ لذا جعلت البحث مقسم الي:
تمهيد، ومقدمة، وتعريفات، ومسائل مسلسلة - مرتبة على نحو الترتيب العملي الواقعي صلاة المسبوق - وخاتمة، ومسرد للمراجع، وفهرس.
ثانياً أقوال أهل العلم: تنقسم اقوال أهل العلم في هذه الموضوع الي أقسام منها:
1- أقوال تدور مع الدليل - قوياً كان أم ضعيفاً -.
2- أقوال إجتهادية من غير دليل في مسائل عملية يحتاج اليها.
3- أقوال إجتهادية خلاف الدليل أو أنها إجتهادية تفصيلية في جزئيات خاصة.
فالقسمين الأول والثاني اوردتهما ما دعت اليهما حاجة البحث.
والثالث أعرضت عنه في الغالب -مكتفيا بما ورد فيه الدليل- .
ثالثاً التصحيح: حرصت كل الحرص على الإستدلال بالصحيح والحسن من الحديث، مع ذكر المراجع والمصادر المعتمدة في هذا الشأن.
رابعاً: أعتمدت في الترجيح -متى تيسر لي- علي أقوال المتأخرين من المحققين التي تبين لي فيها الرجحان.
المقدمـة
إِنَّ الحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ -وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ- وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
أما بعد ....
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.
وَبَعْدُ:
فهذا بحث مختصر في أحكام المسبوق، جمعته مما تيسر عندي من مصادر ومراجع. سائلاً الله تعالى أن يوفقني فيه للهدى والحق... انه الهداي الى صراط مستقيم.
سائلاً الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه ويقبله، ولا يجعل لأحد فيه شيئاً، فما كان من من صواب فمن الله تعالى، وما كان من خطاءٍ فمن نفسي ومن الشيطان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
جمعه الفقير الى عفي ربه
منتصر بن حافظ
28 محرم 1428هـ
البـحــث"التّعريف :
المسبوق في اللغة: اسم مفعول, فعله سبق, يقال: سبقه إذا تقدّمه.
والمسبوق في الاصطلاح: مَنْ سبقه الإمام ببعض ركعات الصّلاة أو بجميعها, أو هو الّذي أدرك الإمام بعد ركعة أو أكثر. (القاموس المحيط وقواعد الفقه وحاشية إن عابدين 400/1).
الألفاظ ذات الصّلة:
المُدرك:
والمدرك في اللغة: اسم فاعل فعله أدرك, يقال: أدركه إذا لحقه وتداركوا: تلاحقوا, أي لحق آخرهم أوّلهم, كما في (القاموس المحيط).
ومنه قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً}.
وفي الاصطلاح: هو الّذي يدرك الإمام بعد تكبيرة الافتتاح, أي يدرك جميع ركعات الإمام. كما في (التعريفات للجرجاني).
فالمدرك من لم يفته شيء من ركعات صلاته بخلاف المسبوق" (الموسوعة الفقهية ج 37 ص 160).
مســائل البحث
المسألةالأولى:
كيف يأتي المسبوق للصلاة:
ينبغي أن يأتي المسبوق -أو المصلي- الى الصلاة على هيئة الهدوء والسكينة -غير مسرع في السير- كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة...) متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: (فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة).
فكما أن المصلي في صلاته يكون في خشوع وسكينة، فكذلك يأتي اليها على نفس الهيئة، حتى يفرغ قلبه مما سوى الله عز وجل، وتهدأ جوارحه استعداداً لأفعال الصلاة.
المسألة الثانية:
مبادرة المسبوق بالدخول في الصّلاة:
بيدأ المسبوق -الذي دخل المسجد والإمام يصلى- بالدخول في صلاة الفرض -أي الجماعة- مباشرة، وبذلك أفتى الإمام عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- فقال:
"لا يجوز لمن دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة أن يصلي راتبة أو تحية المسجد، بل يجب عليه أن يدخل مع الإمام في الصلاة الحاضرة لقول النبي: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) خرجه الإمام مسلم في صحيحه..."
من ضمن أسئلة موجهة إلى الشيخ عبد العزيز بن باز، طبعها الأخ / محمد الشايع في كتاب - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الحادي عشر
وقال أيضاً: "السنة لمن دخل والإمام يصلي في الفريضة، أو في التراويح، أو في صلاة الكسوف، أن يدخل مع الإمام مباشرة، ولا يصلي تحية المسجد، لأن الصلاة القائمة تكفي عنها. ولا أعلم خلافاً في هذا بين أهل العلم. والله ولي التوفيق".
(من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من ( المجلة العربية ) - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الحادي عشر)
المسألة الثالثة:
وقوف المسبوق خلف الصف إذا لم يجد فرجة:
أذا دخل المسبوق الى المسجد ولم يجد فرجة في الصف، فهل يسحب أحداً من الصف الذي أمامه حتى يصف معه؟ أم يصلي جوار الإمام؟ أم ينتظر حتى يأتي مسبوق آخر فيقف معه؟ أم يصلي وحده خلف الصف؟
هذه المسألة أختلف فيها أهل العلم علي أقوال عدة:
"المشهور أن صلاة الرجل فذًّا خلف الصف -أو خلف الإمام- لا تصح -مطلقاً- إن صلى ركعة فأكثر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لفرد خلف الصف». رواه الإمام أحمد وابن ماجه (وصححه الالباني). وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة. رواه الإمام أحمد، والترمذي، وحسنه، وابن ماجه، وفي إسناده اختلاف (صححه الألباني صحيح سنن أبي داود برقم 633). إلا أن يكون الفذ امرأة منفردة وحدها، فتصح صلاتها؛ لحديث أنس: أنّ جدَّتـه مُلَيْكَة دعت النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل، ثم قال: «قوموا لأصلي لكم». فقمت إلى حصير قد اسودّ من طول ما لبس، فنضحته بماء. فقام عليه صلى الله عليه وسلم وقمت أنا واليتيم وراءه، وقامت العجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف). صحيح -رواه الجماعة إلا ابن ماجه".
وهذا قول جمع من أهل العلم منهم: الإمام أحمد واللجنة الدائمة والشيخ إبن باز والفوزان... وغيرهم.
والقول الثاني:
فقد "استدل المحققون بهذا الحديث -السابق- على أن الرجل المعذور الذي -أجتهد و- لم يجد له محلا في الصف يقف فيه،.... فأن صلاته فذاً صحيحة، للحاجة؛ لأنه اتقى اللَّه ما استطاع...، وهو الصواب إن شاء اللَّه".
وهو اختيار الجمهور: ومنهم الأئمة الثلاثة مالك وأبو حنيفة والشافعي، وشيخ الإسلام ابن تيميه والشيخ السعدي والألباني والعثيمين وعبد الله بن عقيل، وهو القـول الـراجح، لجمعِهِ بين الأدلة كلها، وعملاً بقاعدة الواجبات تسقط بالعذر والعجز عنها.(ذكرها الشيخ العثيمين) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا امرتكم يأمر فأتوا منه ما استطعتم) رواه البخاري.
وأما "إن ركع الرجل فَذاً؛ لعذر -بأن خشي فوات الركعة- ثم دخل في الصف قبل سجود الإمام، أو وقف معه آخَرُ قبل سجود الإمام، صحت صلاته قولا واحدا؛ لقصة أبي بكرة حين ركع دون الصف، ثم مشى حتى دخل الصف. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «زادك اللَّـه حرصا، ولا تَعُد». رواه البخاري.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : «ولا تَعُـد» دليل على أن هذا الفعل لا ينبغي؛ لأنه ينافي السكينة المأمور" بها. (بتصرف وإختصار من فتوى للشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل).
خلاصة المسالة:
1- ينبغي أن يتعاون المصلون مع المسبوق لإفساح فرجة له، لما ورد في حديث: (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ...) صحيح - رواه أحمد وأبو داود وعند النسائي،وهو في صحيح الترغيب والترهيب.
قال أبو داود: "ومعنى ولينوا بأيدي إخوانكم، إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف".
2- ولا يسحب أحداً من الصف الذي أمامه" فالاحاديث االواردة في هذا الباب كلها ضعيفة لاتقوم بها حجة. وفيه فتح فرجة، وقطع للصف، وهو من الكبائر المنهي لحديث: (من وصل صفاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله) قال الألباني: أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح (حجة النبي ص142).
3- ولا يصلي المسبوق جوار الإمام فذلك خلاف السنة ويسبب حرجاً إذا أتى مسبوق آخر.
4- ولا ينتظر المسبوق، مسبوقاً آخر ليصف معه، بل يشرع في الصلاة مباشرة -ولو منفرداً خلف الصف، بعد ما اجتهد ولم بجد فرجة-.
ولمزيد من التفصيل انظر لزاماً:
فتوي الشيخ العثيمين (هل يجوز أن يصف الرجل وحده خلف الصف) مجموع رسائل وفتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ج 15 برقم 1051).
وانظر كذلك بحث ماتع بعنوان "خلاف العلماء في صحة صلاة المنفرد خلف الصف" منشور الكترونياً.
المسألة الرابعة:
متابعة المسبوق إمامه في الصّلاة:
"ذهب الفقهاء إلى أنّ المسبوق إذا تخلّف في صلاته بركعة أو أكثر فإنّه يتبع إمامه فيما بقي من الصّلاة، ثمّ يأتي بما فاته من صلاته". (الموسوعة الفقهية ج 37 ص 161).
فعن عليٍ ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام) رواه الترمذي وقال هذا حديث غريب (وقال الألباني: صحيح - مشكاة المصابيح).
ولحديث أبي هريرة مرفرعا: (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ...) رواه أبو داود وقال الألباني: صحيح.
المسألة الخامسة:
تدارك المسبوق للرّكعة:
"اتّفق الفقهاء على أنّ المسبوق إذا أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الرّكعة" , لحديث أبي هريرة مرفرعا (من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة) متفق عليه.
وعنه مرفوعا (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة) سبق تخريجه.
"وقال الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة : وهذا إذا أدرك المسبوق إمامه في جزء من الركوع ولو دون الطمأنينة".
(الموسوعة الفقهية ج 37 ص 161).
المسألة السادسة:
أداء المسبوق لما فاته:
"وذهب جمهور الفقهاء "الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة" إلى أنّ ما أدرك المسبوق من الصّلاة مع الإمام فهو آخر صلاته, وما يقضيه أوّلها".
"وقال الشّافعيّة: ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو أوّل صلاته، وما يفعله بعد سلام إمامه آخرها, لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: « فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا »، وإتمام الشّيء لا يكون إلّا بعد أوّله، وعلى هذا إذا صلّى مع الإمام الرّكعة الثّانية من الصبح وقنت مع الإمام، فإنّه يعيد القنوت، ولو أدرك ركعةً من المغرب مع الإمام تشهّد في ثانيته ندباً، لأنّها محل تشهده الأوّل، وتشهده مع الإمام للمتابعة، وذلك حجّة على أنّ ما يدركه أوّل صلاته".
(الموسوعة الفقهية ج 37 ص 161 - 165).
والخلاف نابع من أن الحديث ورد بصيغتين:
الأولى: عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) متفق عليه.
والثانية: (... فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا) أخرجه النسائي وقال الألباني: صحيح.
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: هل مايقضيه المسبوق هو آخر صلاته؟
فأجاب فضيلته بقوله: ما يقضيه المسبوق اختلف العلماء فيه, والصواب أنه آخر صلاته لقوله صلي الله عليه وسلم (وما فاتكم فأتموا)).
وأما قوله: فاقضوا فالقضاء بمعنى الإتمام كما في قوله تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَات) (فصلت: من الآية12) ولهذا إذا أدرك مع الإمام ركعة من الثلاثية أو الرباعية تشهد الأول في أول ركعة يقضيها ولو كان أول صلاته ما تشهد إلا بعد ركعتين.
وقال أكثر العلماء: بل يقرأ السورتين إن لم يكن قرأهما فيما أدرك مع الإمام,والأمر في ذلك واسع.
وقد رجح الشيخ خالد بن عبد اللطيف - حفظه الله - القول الثاني، فقال: "بان ما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاة، وعليه ان يتم الباقي، واستدل بان المسبوق إذا قام -بعد أن سلم الإمام- واتى بتكبيرة الإحرام قضاءاً -لانها فاتته مع الإمام- فان صلاة باطلة بالإتفاق". (من فتاوى الشيخ المباشرة عقب صلاة الجمعة بمسجده - بتاريخ 14 محرم 1428هـ الموافق 2016/2/2م).
أي أن المسبوق يتم على ما بدأه مع الإمام إكمالاً، لا قضاءاً.
المسألة السابعة:
لا حرج في أن يصير المسبوق إماماً:
إذا دخل رجل المسجد بعد تسليم الإمام والمصلين، ولكنه وجد مسبوقًا يتم صلاته، فوقف بجانبه فجعله إماماً له لينال ثواب الجماعة، فذلك صحيح إن شاء الله.
وفي مثل هذا قال الشيخ إبن باز "لا حرج في ذلك إن شاء الله على الصحيح" وقال: يـ "شرع له أن يصلي معه ويكون عن يمين المسبوق، حرصا على فضل الجماعة، وينوي المسبوق الإمامة ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء..." مختصرا من موقع الشيخ ابن باز رحمه الله.
(المصدر: نشرت في ( كتاب الدعوة ) الجزء الثاني ص ( 117) - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الثاني عشر)
المسألة الثامنة:
إستخلاف المسبوق:
يجوز إستخلاف المسبوق بإتفاق المذاهب الأربعة - مع شي من التفصيل بينها -. (الموسوعة الفقهية ج 3 ص 81).
قال الشيخ العثيمين: "أولاً لا ينبغي للإمام أن يستخلف مسبوقاً لما في ذلك من إرباك المأمومين الذين خلفه، وإنما يستخلف من لا قضاء عليه، حتى يسلم بالمأمومين عند تمام صلاة الجميع، لكن إذا وقع مثل هذا الحادث، وكان المستخلف مسبوقاً، فإن هذا المسبوق يتم بهم الصلاة، فإذا أتم المأمومون صلاتهم، استمر هو في صلاته ولكن هم يجلسون -و- لا يتابعونه فيما زاد على صلاتهم؛ بل يجلسون ينتظرونه حتى يكمل صلاته ويسلم بهم. مثال ذلك لنفرض أن هذا المسبوق المستخلف قد فاته ركعتان من صلاة العصر فإنه يصلي بالمأمومين ويجلس للتشهد، وهو في حقه تشهدٌ أول، وفي حق المأمومين تشهدٌ أخير. فيبقون هم، ثم هو يقوم ويأتي بما بقي من صلاته ثم يسلم بهم". (فتاوى نور على الدرب (نصية): الصلاة).
المسألة التاسعة:
إدراك صلاة الجمعـة وقضاءها:
عن أبي هريرة مرفوعا: (من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة) رواه الأثرم ورواه ابن ماجه ولفظه (فليضف إليها أخرى) قال الألباني: صحيح.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة) رواه النسائي والترمذي وقال الألباني: صحيح.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، قالوا: من أدرك ركعة من الجمعة صلى إليها أخرى ومن أدركهم جلوسا صلى أربعاً، وبه يقول سفيان الثوري وبن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.
المسألة العاشرة:
تكبيرات صلاة العيد:
سئـل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ما الحكم لـو أدركت الإمام وهو يصلي العيد وكان يكبر التكبيرات الزوائد، هل أقضي ما فاتني أم ماذا أعمل ؟
فأجاب: " إذا دخلت مع الإمام في أثناء التكبيرات، فكبر للإحرام أولاً، ثم تابع الإمام فيما بقي، ويسقط عنك ما مضى" اهـ . مجموع فتاوى ابن عثيمين (16/245) .
وأما أذا فاتته ركعة كاملة فإنه يكمل على ما أدرك، ويإتي بركعة ثانية بتكبيراتها الخمس.
المسألة الحادية عشر:
المسبوق في صلاة الجنازة:
من جاء وقد حضرت الجنازة وكبر الإمام التكبيرة الأولى أو غيرها انتظر المسبوق حتى يفرغ الإمام من تكبيرته التي هو فيها، وإن كبر المأموم ولم ينتظر فصلاته صحيحة، ولكن لا تحتسب له، وعليه أن يقضي ما فاته من تكبيرات بعد فراغ الإمام من التكبيرة الرابعة؛ وهو قول الجمهور. (الموسوعة الفقهية ج ص ).
المسألة الثانية عشر:
إدراك الركعة في صلاة الكسوف:
قال الشيخ محمد صالح المنجد: "تدرك الركعة في صلاة الكسوف بإدراك الركوع الأول منها وبناء على ما جاء في سؤالك -السائل أدرك الركوع الثاني- فإنك تكون قد أدركت الركعة الثانية فقط مع الإمام فتأتي بعد السلام بركعة كاملة بقراءتيها وركوعيها وسجوديها" (موقع الإسلام سؤال وجواب سؤال رقم 6309).
المسألة الثالثة عشر:
السهـو:
والسهو في الأصل ليس له قاعدة منضبطة وليس أمراً مطرداً، ولذا كان سجود السهو فعلاً زائداً لجبر خلل وقع في الصلاة. لذلك تنوعت وتشعبت فيه المسائل والأقوال، وخاصة في حق المسبوق.
وعليه قمت بإختزال هذا الفصل ليشمل المسائل الرئيسة فقط، مختصرةً:
1- المسبوق الذي يسهو بعد ما سلم الإمام، حكمه كحكم المنفرد، يسجد لسهوه بحسب نوع السهو.
2- المسبوق الذي أدرك مع الأمام مكان السهو، يسجد مع إمامه اذا سجد قبل السلام متابعة لإمامه، ثم يسجد مرة أخرى قبل سلامه لان السجود يكون في آخر الصلاة. وإذا كان السجود بعدي؛ فإنه يقوم لإداء ما فاته، ثم يسجد لاحقاً بعد أن يسلم هو من صلاته. (العثيمين)
3- المسبوق الذي سهى أمامه في ركعة لم يدركها المسبوق، فإن كان السهو قبلي لزمه تبعاً لإمامه. وإن كان بعدي فلا سجود عليه. (العثيمين)
4- من صلي إمامه خمساً سهوا،ً وقد أدرك المسبوق ثلاث أصليات وواحد سهواً. فهل يعتبرها أربع ركعات كاملة ويسلم مع الإمام؟
أختلف في هذا أهل العلم، فقالوا -والخلاف معتبر-:
(أ) يعتد بها لأنه سـ "يزيد ركعة عمداً، وهذا موجب لبطلان الصلاة، أما الإمام فهو معذور بالزيادة، لأنه كان ناسياً فلا تبطل صلاته. اهـ (مجموع فتاوى ابن عثيمين (14/20)).
(ب) لا يعتد بها "لكونها وقعت سهوًا من الإمام في أصح قولي العلماء، وعليه أن يصلي الصلاة كاملة ويسجد للسهو بعد فراغه من قضاء ما عليه، إذا... لم يسجد مع الإمام للسهو، فإن كان قد سجد معه للسهو كفاه ذلك" (مجموع فتاوى إبن باز ج 12).
5- من سلم إمامه عن نقصٍ وقام المسبوق لأداء ما فاته، فإنه "يرجع -مع الإمام- حتى ولو كان قد استتم قائماً ويصلي معه، ثم بعد سلام الإمام يقضي ما فاته، وإنما قلنا إنه يرجع لأنه تبين أن الإمام لم يفرغ صلاته". اهـ (المفتي: محمد بن صالح العثيمين)
وهنالك حالات أخرى لم اتطرق لها بالذكر، لندرتها وللحاجة في إختصار البحث.
الخاتمـه
مما سبق يتبين أن أحكام المسبوق تتنوع وتختلف بحسب حال الصلاة وبحسب إكتمال الصلاة ونقصها مع الإمام. ومما لا يخفى أن مثل هذه المسائل في الفقه، تحتاج الى مزيد بحث وعناية حتى تخرج -الى المصلين الراغبين في معرفة أحكام الصلاة- بصورة تتضح لهم بها جزئيات الفقه، مما لا يستغنى أحد عنه في مثل هذه الأيام.
وكذلك ينبغي لكل مصلي -إبتداءاً- أن يحرص علي التبكير في حضوره للصلاة، لما في ذلك من الأجور العظيمة والدرجات العالية، للمرابطين والسباقين والمبكرين في الحضور اليها، كما جاءت به الآيات والأحاديث والأثار السلفية مستفيضة ومتواترة.
وأخيرا أسأل الله العظيم رب العرش ان يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم... وأعوذ به أن اذكركم وأنسى نفسي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...
وصل الله علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه وسلم.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
بارك الله فيك أخي على المعلومات القيمة جعلها الله في ميزان حسناتك
ومرحبا بك كعضو وأخ بيننا
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :