عنوان الموضوع : الإسلام والأسرة في مجتمع متطور ف الحياة الزوجية
مقدم من طرف منتديات العندليب

الأسرة والمجتمع:
إن الأسرة تشكل جانبًا مهمًا من حياة المجتمع البشري وتتفاعل مع المجتمع بصورة متقابلة فتتأثر بالتطورات الاجتماعية اقتصادية وسكنية وغيرهما، وتؤثر في المجتمع بدورها حيث تنعكس حالات الأسرة وأحداثها على المجتمع الكبير. ولذلك فإن دراسة هذا الموضوع لها بعدان متقابلان: تأثير المجتمع المتطور على الأسرة، وتأثير الأسرة على المجتمع.

4- الإسلام والأسرة:
في رأي بعض الباحثين أن المجتمع في نظر الإسلام يتكون من وحدات، وكل وحدة هي الأسرة، وليست الفرد. كما أن المجتمع ليس الوحدة التي تتجزأ إلى الأفراد أو الأسر أو الطبقات. والحقيقة أن مقام الأسرة وتاثيرها في المجتمع في رأي الإسلام كبير جدًا حتى عند مَن لا يلتزم بهذا الرأي. ويكفي إثباتًا لذلك الحديث الشريف: ﴿ ما بني في الإسلام بناء أحب عند الله من الزواج ﴾.

5- الأسرة في مجتمع متطور:
يمكن تحديد المعالم الأساسية للأسرة في مجتمع متطور معاصر في النقاط التالية:
الأولى: الحاجات المتزايدة في مختلف شؤون الحياة والتي تتطلب مزيدًا من الجهد لأجل تأمينها فيضطر الرجل إلى تطوير عمله أو تغييره، أو النزوح إلى المدينة أو العاصمة أو الهجرة، وتضطر المرأة في بعض الأحيان لأن تعمل.
وهذه العوامل تنعكس بصورة واضحة على حياة الأسرة والعلاقات الأسرية بالإضافة إلى أن مجرد تزايد الحاجات أيضًا من عوامل تغيير هذه العلاقات.
إن الوقت المطلوب لزيادة النشاط، وغياب الرجل في حالات الهجرة أو النزوح، وتغير الظروف عندما تهاجر أو تنزح الأسرة، وهكذا غياب المرأة عن البيت وبقاؤها في أجواء عملها، واستقلالها المادي، وغير ذلك من المؤثرات، لها مفعول عميق في العلاقات الأسرية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة.


6- العلاقات الأسرية وحركات الشبيبة:

إن العلاقات الوالدية تهتز بصورة رهيبة في الظروف المذكورة، حيث إن الطفل الذي يشعر بحاجة إلى الرعاية الدائمة المطلقة، يرى نفسه في رعاية بديلة عن الوالدين (من شخص أو مؤسسة) والرعاية هذه تحصل مقابل ثمن ما. أما رعاية الأبوين فلا تحصل إلا في بعض الأوقات وفي حدود معينة.
إن الطفل يفتقد في مثل هذه الظروف صفة الإطلاق في والديه، وبالنتيجة يرى الوجود العام المتمثل في وجودهما محدودًا نسبيًا وسطحيًا.
ويتقلص مقام الوالدين ومقام الوجود كله في نظر الطفل وفي مشاعره. فيراه الطفل محددًا مثمنًا، وتهتز العلاقات الوالدية، وتهتز العلاقات بين جيل الطفل والجيل السابق من خلاله. وهكذا نجد تفسيرًا للحركات العنيفة التي يمارسها الجيل الصاعد في عصرنا حيث إن الأجيال المتعاقبة كان يرتبط بعضها ببعض لا بالرباط الفكري وبالوحدة العقلانية، إذ أنها كانت دائمًا مفقودة، بل إن هذا التفاوت في التفكير والمنطق هو السبب الأساسي للتكامل والخروج عن الجمود.
ولكن الجيل الصاعد المغاير منطقيًا وعقليًا للجيل الذي سبقه، كان يرتبط به بمشاعر عاطفية متينة حيث كان يجد فيه الإطلاق في العطاء. فكانت الأم مثالاً للعطاء الدائم الشامل العميق، للعطاء اللامحدود، وكذلك الأب والمعلم والطبيب وغيرهم. وكان الطفل ينمو من خلال هذه الصورة الجذابة عن الحياة وعن الماضي، ينمو الطفل مسحورًا مجتذبًا يمتلئ وجوده بمشاعر الحب والاحترام، ويرتبط برباط وثيق من الوفاء والشعور بالمسؤولية.
وهذا الترابط العاطفي القلبي إلى جانب التغاير العقلاني، هو الذي يجعل الأولاد مكملين لدور الآباء. إنهم مجددون، ولكنهم يشكلون استمرارًا لوجود الأجيال السابقة.
وفي الخط الأفقي، حيث العلاقات الزوجية، تظهر المشكلة التي لاحظناها في الخط العمودي وفي العلاقات الوالدية.
إن التباعد الزماني والمكاني، والتهاء كل من الزوجين بعمله الخاص وبأجوائه الخاصة، وتقليص العطاء الزوجي بمعناه الشامل، وما يرافق هذه العناصر من تصرفات وانطباعات، تجعل العلاقات الزوجية مهزوزة، والثقة ضعيفة، والتفاهم قليلاً.
إن نمو الفرد في الأسرة بمعزل عن الآخرين، نموًا عقليًا واجتماعيًا، يجعل التفاوت بين أفرادها ينمو فتحدث هوة تتعمق باستمرار بين الزوجين أنفسهما وبين الأولاد.

7- المشكلة من أساسها:
والحقيقة أن المشكلة هذه لا تقف عند حدود العلاقات الوالدية والعلاقت الزوجية، بل تقتحم العلاقات الاجتماعية كلها فتعطي صورة خاصة عن المجتمع، تقوم العلاقات بين أفراده على أساس عطاء محدود ومثمن. وتجعل التفاعل بين الأفراد، التفاعل الذي هو حقيقة المجتمع، تجعله تفاعلاً آليًا غير إنساني وبلا روح.
والسبب الحقيقي لهذه المشكلة، هو اعتماد المادة والمادية قاعدة لبناء الحضارة، وعزل ما وراء الطبيعة عن التأثير في الحياة كما ارتآه بناة الحضارة الحديثة.
إن المادة لا يمكن أن تكون مطلقة، ولذلك فالعطاء البشري الذي هو صلته ببني نوعه، والذي هو أساس تكوين مجتمعه، هذا العطاء قائم على أساس مادي، فهو نسبي ومحدود حيث ينطلق من دافع مادي ومحدود. فكل فرد يقدم لمجتمعه عملاً يتحدد بنسبة الأجر الذي يأخذه من مجتمعه، وبمقدار المنفعة التي تعود إليه.
إن هذا المجتمع، يعيش كل فرد فيه، غريبًا يرتبط مع الآخرين بحسب منافعه المشتركة معهم، فالمجتمع شركة تجارية كبيرة تضم شركات أصغر منها باسم الأسرة والعائلة والطبقة والصداقة والوطن والأمة.
وفي هذا المجتمع يصبح التباعد الزماني أو المكاني خطرًا على الأسرة، وسببًا لاهتزاز العلاقات، حيث الفتاعل يتقلص، والمصالح المشتركة تتضاءل من أجل مصالح أخرى مشتركة بين أفراد الأسرة والآخرين.

8- رأي الإسلام هنا:
إن المجتمع الذي يقترحه الإسلام هو المجتمع الإنساني الحي، الذي يرتبط الأفراد فيه بعضهم ببعض من خلال عطاء مطلق لا يحدد ولا يثمن.
إن العمل هنا رسالة يجب تحقيقها ببذل كل ما في طاقة الفرد، فهو قطعة من وجود الإنسان ذابَت فتحولت إلى العمل.
والعمل حي مثل الإنسان، عبادة، لا يمكن تجمديه ولا تثمينه. والمجتمع الذي يتكون من هذه الأعمال وهذه العلاقات مجتمع حي كمثل الجسم الواحد على حد تعبير الحديث الشريف.
والعمل بهذه الصورة ينبَغ من الإيمان بالمطلقات وبالقيم التي لا ينفصل الإيمان بها عن الإيمان بالله.

والمؤمن بالله يهدف من خلال عمله إلى هدف أسمى، هو كماله، ولذلك فإن عمله هو حركته التكاملية نحو الأفضل، ولا يقصد من خلاله الوصول إلى الأجر الذي يقدمه له مجتمعه بل الأجر هذا هو واجب مجتمعه تجاهه، وليس ثمنًا لعمله.
وهنا نشعر بالصورة التي يرسمها الإسلام للمجتمع، إنه موجود حي وواحد متماسك الأجزاء، وله شركة وشركاء ومتحالفين.
ومن خلال صورة المجتمع وتبين أدوار جميع الأفراد المطلقة، نتلمس دور الأمومة والأبوة المطلقة. فنصل إلى علاج المشكلة المطروحة.
إن الوالدين اللذين يقومان بدورهما بصورة رسالية ومطلقة، وإلى درجة التفاني في خدمة الطفل - الوالدان هذان- يغمران مشاعر الطفل ويملآن عقله إيمانًا، وقلبه حبًّا، ووجوده رعاية. ويعيش الطفل وينمو في هذا البحر المتدفق مؤمنًا ملتزمًا مكملاً لرسالة والديه وفيًّا لعطائهما ولجيلهما.
والزوجان أيضًا يشكلان وحدة متكاملة خلال العطاء المطلق الرسالي، الذي يقدمه كل منهما للآخر، ويقدماه معًا للأولاد. المهم هو نوعية العطاء، لا حجمه، ولا كميته، فالمشكلة لا تحصل في الأساس.

9- تدابير إسلامية أخرى:
ويضع الإسلام لتطبيق هذا المبدأ أطرًا في باب العلاقات الأسرية، لكي يضمن بقاءها، ويصون الأيديولوجية الاجتماعية العامة التي بحثنا عنها. فيفرض على الوالدين رعاية الأولاد بشكل الحضانة والولاية والتربية، ويؤكد أن تربية الطفل تعادل رسالة الإنسان في حياته حيث يكون الفرد من خلال تربية طفله مثالاً لنفسه يحمل الرسالة، ويوجب على الولد الإحسان والاحترام بالنسبة إلى والديه. ويعتبر بيت المرأة مسجدها، وحسن التبعل جهادها، ويعطي لعملها في البيت ولخدمة أولادها وزوجها طابع القداسة وعنوان السجود وثواب الجهاد. ويصعد الإسلام تشجيع الأم في العطاء حتى يعتبر أن ﴿الجنة تحت أقدام الأمهات﴾.
ويضيف تعاليم لتنظيم العلاقات وتحديد واجبات الرجل تجاه المرأة، ويكرس هذا كله بفرض نفقة الزوج دائمًا، ونفقة الوالد على الولد، والعكس في حالة احتياج أحدهما إلى الآخر.




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

مشكور اخي الكري على المرور
جزاك الله خيرا
تقبل تحياتي
اخوك في الله محمد


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

بارك الله فيك علي المرور اخي محمد

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :